آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-07:29ص

ملفات وتحقيقات


حكومة المناصفة بين الانتقالي والشرعية سيطر عليها المؤتمر.. وهذا السبب!

الثلاثاء - 11 أغسطس 2020 - 10:35 ص بتوقيت عدن

حكومة المناصفة بين الانتقالي والشرعية سيطر عليها المؤتمر.. وهذا السبب!

(عدن الغد)خاص:

تقرير يرصد نشاط المؤتمر الشعبي العام بين الضعف والقوة من ثورة الشباب
2011 إلى اتفاق الرياض 2020

المؤتمر بعد مقتل صالح من الضعف والانقسام إلى القوة.. كيف؟!

هل أعطى الانتقالي بطاقات عبور لرجالات المؤتمر؟!

تعدد أجنحة المؤتمر أعادته للمعترك السياسي.. كيف؟!

حكومة المناصفة بين الانتقالي والشرعية سيطر عليها المؤتمر.. وهذا السبب!

المؤتمر.. العودة من الباب الكبير! 

المؤتمر الشعبي العام والعودة من الباب الكبير

تقرير/ محمد حسين الدباء - عبدالله جاحب:

المؤتمر الشعبي العام هو تنظيم تأسس بقيادة علي عبدالله صالح في 24 أغسطس 1982م، وسيطر على الساحة السياسية اليمنية رسمياً حتى عام 2011، وكان يفوز في جميع الانتخابات ويشكّل الحكومة في كل مرة، وهناك تمثيل لعدد كبير من الفصائل الحضرية والقبلية في المؤتمر الشعبي العام.

لكن المؤتمر الشعبي العام يفتقر إلى إيديولوجيا وبرنامج سياسي واضح، وانضم العديد من المستقلين إلى المؤتمر بعد انتخابهم في الانتخابات الثلاثة الأخيرة، كما ينضم أعضاء من المعارضة إلى المؤتمر الشعبي العام في بعض الأحيان، لكونه يكاد يكون الوسيلة الوحيدة لممارسة النفوذ في السياسة اليمنية.

وبعد أن كان حزب المؤتمر أكبر الأحزاب اليمنية لعقود من الزمن سجل تراجعا كبيرا ابتداء من العام 2011 بعد اندلاع ما سمي بالثورة الشبابية والتي اطاحت بالرئيس علي عبدالله صالح بعد أكثر من 33 عاما في حكم اليمن.

ومنذ العام ٢٠١١ تراجع نشاط حزب المؤتمر الشعبي العام بشكل كبير وصولا الى حالة من الغياب التام مؤخرا، ومنذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في العام 2017 على يد الحوثيين، شهد حزب المؤتمر انقساما واضحا
بصفوف قياداته.

ومن شأن عودة الحزب الى الواجهة أن يعيد القيادات المؤتمرية التي تصدرت المشهد السياسي سابقا وهو ما يعني العودة الكبيرة لحزب المؤتمر.

بعد صالح.. من الضعف إلى القوة!

اعتمد صالح في آخر مراحل التشكيل المؤتمري على شخصيات جنوبية مؤتمريّة (كانت غالبا من كوادر دولة اليمن الديمقراطي) لإدارة شؤون المؤتمر، ولإعطاء انطباع بوجود توازنات مناطقية في السلطة، منهم عبدالقادر باجمّال وأحمد عبيد بن دغر وعلي مجوّر وعارف الزوكا، وقد استمرت هذه الصيغة منذ
إعلان حكومة باجمّال وحتى مقتل صالح.

بعد تنحي صالح عن الحكم وتشكل حكومة الوفاق الوطني، بدأت محاولات صالح لاختلاق صفة مؤسسيّة في حزب المؤتمر، بل وحتى على المستوى الرمزي أُجريت بعض الإزاحات، مثل الاحتفاء سنويا بذكرى تأسيسه.

ولهذه الممارسة الأخيرة دلالة رمزيّة؛ فقد كان إعلام النظام يحتفي كل عام بذكرى تولي صالح الحكم بينما هُمشت ذكرى تأسيس المؤتمر، في تطابق بين واقع توازن القوى والخطاب المعبر عنه، ولكن بعد تنحي صالح، ورغم بقاء كل مراكز القوة بيده؛ فإنه احتاج لإنعاش المؤتمر كمؤسسة حزبيّة لكونه هو مدخله الشرعي الوحيد للممارسة السياسيّة.

ولكن أكبر اهتزاز أصاب المؤتمر قياداتٍ وقواعدَ هو تحالف صالح مع الحوثيين.. صحيح أن نظام صالح هو أحد أكثر الأنظمة فسادا بين الجمهوريات العربية، إلا أن التحالف مع الحوثي كان القشة التي قصمت ظهر خيل المؤتمر.

بمقتل صالح ظن الجميع وجزم الكثير بأن المؤتمر الشعبي العام تحول إلى ذكرى سياسية، ورجالات تبكي على القائد الوحيد له منذ نشأته، وبمقتل القيادي البارز فيه عارف الزوكا تلقى ضربة كبرى أخرى، وحتمية إيجاد خلف بمواصفات إخلاص الزوكا الذي كان ينظر له بوصفة الاقدر على خلافة صالح
وتوحيد الحزب أو الجسم الأساسي فيه.

وذهب الكثير لطرح احتمالية أن الحوثيين تعمدوا تصفية الزوكا مع صالح لضمان عدم وقوف الحزب على قدميه بعد صفعة مقتل صالح، وعدم الوصول لنتيجة إعادة توحيد الحزب مرة أخرى، لكن المنعطف الأهم والابرز والامتحان الصعب كيف سيتماسك المؤتمر بعد مقتل صالح.

وبعد صالح تغيرت معادلة اللعبة السياسية في دهاليز المؤتمر الشعبي العام وتماشى الحزب مع الواقع بعيدا عن كابوس الصدمة وآثار فاجعة مقتل صالح، ليخلق فيما بعد واقعا جديدا، حيث توسع نفوذ الحزب في الآونة الأخير ليهيمن رجالات المؤتمر الشعبي على مفاصل المشهد السياسي بصيغته الجديدة
(اتفاق الرياض).

المؤتمر وأجنحته المتعددة

بعد مقتل صالح، انتهى حزب المؤتمر الشعبي العام كما نعرفه منذ 1982 لتظهر لنا ثلاثة أجنحة في المؤتمر على الأقل: 1- جناح الرئيس هادي: وهو حاليًا الأقوى من الناحية الرمزية لكونه يتفق مع الصفة التاريخية للمؤتمر كحزب سلطة، ولأن أغلب رموزه مسئولون سابقون في عهد صالح، ولكنه عمليا ضعيف لعدم تمكن سلطة هادي من فرض نفسها على شكل بيروقراطية ذات كفاءة ومؤسسات أمنيّة وسياسية فعّالة.

2- جناح صنعاء: وهو الجناح الذي انتخب مطلع يناير/كانون الثاني الجاري- تحت سلطة الحوثيين- صادق أبو راس رئيسا لحزب المؤتمر، وأبدى بيانُه دعمًا للحوثيين دون الإشارة إلى مسؤوليتهم عن مقتل رئيس الحزب وأمينه العام
عارف الزوكا!.

إن موقف هذا الجناح يُفسّر بعدة أمور، أهمها الخوف من قمع حركة طائفيّة لم تكتفِ بتصفية صالح- وهو قائد لقوات عسكرية في نهاية المطاف- بل وأعدمت شخصية سياسية مدنيّة (الأمين العام لحزب المؤتمر).

ولا يبدو رفض هذا الجناح لضغوط الحوثيين واردا، لأن الحركة الحوثيّة شنت- منذ بدء الاشتباكات مع قوات صالح- حملات تخوينية لحزب المؤتمر، جعلتها مقدمة تبريريّة لقمع أي تحرك سياسي مؤتمري يخالف السياسات الحوثيّة.

كما أن في المؤتمر قطاعًا يعتقد أن الحوثيين سيحتاجون إلى الحزب على الأقل كشريك سياسي ديكوري أمام القوى الدوليّة، وهذا أفضل المُتاح. وفي الحزب كذلك قطاعات ذات نزعات جهويّة وطائفيّة ترى في الحركة الحوثيّة
قيادة مقبولة.

3- جناح الخارج: هناك جناح ثالث لحزب المؤتمر، وأغلب الهاربين المؤتمريين من صنعاء- بعد مقتل صالح- ينضوون تحت لواء هذا الجناح.

رجالات المؤتمر.. العودة إلى الواجهة

كان صالح ذكيا في اختيار رجالات المؤتمر الشعبي العام، وكان حريصا في عملية انتقاء أعضاء المؤتمر الشعبي العام في جنوب اليمن أو شماله، وعمل منذ هيمنته وسيطرته على الحكم والمشهد السياسي والعسكري والاقتصادي في اليمن على تربع رجالات المؤتمر الشعبي العام مناصب الدولة ومؤسسات ومرافق الحكم في البلاد.

تعمل اليوم كل الأنظمة والتكوينات والأحزاب المتصارعة في المشهد السياسي على إعادة تكرار سيناريو صالح من خلال إعادة تجربة رجالات المؤتمر الشعبي العام في قيادة المرحلة الحالية سواء من خلال الاتفاقيات أو المرحلة الانتقالية للحكم.

فقد تسارع الجميع من قوى النزاع السياسي والعسكري في الشمال أو الجنوب بالظفر بخدمات رجالات المؤتمر الشعبي العام من خلال عمليات الزج بهم في قيادة المرحلة السياسية الحالية.

فقد شاهد الجميع كل الاختيارات من الأسماء في اتفاق الرياض في حكومة المناصفة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا وإقليميا التي سيطر عليها رجالات المؤتمر في كلا الطرفين.

وكانت اختيارات المحافظين ومدراء الأمن جلها من نصيب رجالات المؤتمر الشعبي العام الذين تربعوا على التصنيف الأول في كل الترشيحات، وهذا يؤكد عودة رجالات المؤتمر إلى الواجهة وبشكل قوي في المناصب والوزرات في الشمال أو الجنوب، وهو دليل قاطع على ثقل حجم ووزن تلك القيادات المؤتمرية التي عادت بقوة إلى المشهد السياسي في الشمال والجنوب على حد سواء.

هل أعطى الانتقالي بطاقات عبور للمؤتمريين؟!

شكل المجلس الانتقالي الجنوبي في تكوينه السواد الأعظم من رجالات المؤتمر الشعبي العام، وكان الحضن الذي سارع المؤتمريون الجنوبيون إلى الارتماء إليه في مرحلة مفصلية وحرجة من تاريخ تلك القيادات المؤتمرية.

اليوم ومع (اتفاق الرياض) تعود تلك القيادات المؤتمرية من بوابة الانتقالي، وهي التي شكلت مرحلة طويلة الأجل في الدولة، وخاضت رحلة العمل المؤسسي والسياسي مع الراحل (صالح).

فهل كان المجلس الانتقالي الجنوبي بوابة العبور لرجالات المؤتمر الشعبي العام، والعودة إلى كرسي الحكم؟!.