آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


هل تستطيع روسيا وقف الحرب في اليمن؟

الخميس - 30 يوليه 2020 - 12:11 ص بتوقيت عدن

هل تستطيع روسيا وقف الحرب في اليمن؟

(عدن الغد) خاص: حسام الخرباش

يبدو أن الدور الروسي باليمن يزداد أهمية وسط توافق من أطراف الصراع على أهمية التدخل الروسي لحل الأزمات اليمنية.

 وتمتلك روسيا علاقات متوازنة مع جميع القوى اليمنية، كما تمتلك علاقات تاريخية عميقة باليمن.

 وقد التقى رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك بالسفير الروسي في اليمن فلاديمير ديدوشكين لبحث القضايا المتعلقة بالشأن اليمني على الصعيد السياسي وحول أزمة خزان صافر العائم، وقال عبد الملك إن "الحكومة كانت ولا تزال منفتحة بشكل كامل على كل الحلول التي تؤدي إلى تفريغ خزان صافر النفطي لتجنيب اليمن والمنطقة والعالم كارثة وشيكة، لكن الحوثيين يصرون على ربطه بقضايا ومسارات أخرى".

واتهم رئيس الحكومة الحوثيين بـ"التراجع عن تعهداتهم بالسماح لفريق أممي لمعاينة الخزان تمهيدا لتفريغه، واستمرار المراوغة في القبول بالتفريغ واستخدام الملف للابتزاز والمساومة"، معتبراً "الصمت على ذلك أمراً غير مقبول ولا ينبغي السكوت عنه".

وأعرب عبد الملك عن "تطلعه إلى دور حاسم لروسيا والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والمجتمع الدولي بشكل عام في هذا الملف"، مشددا على "ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفاً حازماً لتفادي أكبر كارثة بيئية في العالم"، محذرا من "أن الكارثة ستطال الجميع".

من جانبه، أكد السفير فلاديمير ديدوشكين، حرص روسيا على وضع معالجات سريعة لقضية خزان صافر النفطي وإيجاد حل سريع جدا لتفادي كارثة بيئية محتملة".

وتصاعدت احتمالات حدوث تسرب للكميات المخزنة في الناقلة الراسية قبالة سواحل الحديدة، غربي اليمن، منذ نحو 5 أعوام، والمقدرة بـ 1.14 مليون برميل من خام مارب الخفيف، خاصة بعد تسرب المياه إلى غرفة المحركات.

وفي وقت سابق اتهم القيادي في جماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي، الأمم المتحدة بمخالفة اتفاق لتقييم وضع ناقلة نفطية متهالكة تُتخذ خزانا عائما في ساحل محافظة الحديدة، غرب اليمن، مؤكداً أن جماعته تريد إشراك طرف ثالث غير مشارك في التحالف العربي.

وقال محمد علي الحوثي، وهو عضو المجلس السياسي الأعلى المشكل من الجماعة في صنعاء، عبر حسابه في "تويتر":‏ أبلغتنا وزارة الخارجية اليمنية بأسفها على مخالفة الأمم المتحدة لما تم الاتفاق عليه معها بخصوص ‎صهريج صافر".

وأضاف: "ومع أن مكتب المبعوث طالب بالملاحظات خطيا إلا أننا نحملهم المسؤولية فقد كنا نترقب المراوغة".

وتابع: "حتى لا نستمر في جدل عقيم، فإننا نطالب بتدخل طرف ثالث دولي غير مشارك بالعدوان تداركا لأي كارثة أو إعاقة".

وكان مجلس الأمن الدولي طالب جماعة الحوثي بتنفيذ إجراءات ملموسة دون تأخير بشان صافر، والسماح لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى "صافر"، في أقرب وقت ممكن.

ويبدو أن أي تدخل روسي لحل أزمة صافر سيكون مقبولاً لدى الحوثيين.

وقال الناطق باسم الجماعة، محمد عبد السلام: “يمكن لروسيا أن تلعب دورا إيجابيا في الملف اليمني، ولكن نحن نعتقد أن هناك إشكالية ربما لدى الجانب الروسي في قراءته لأهمية ما يجري في اليمن أو انعكاس ذلك عليه”. وأضاف “نعتقد أن الموقف الروسي خاصة في السنتين الأخيرتين هو موقف أفضل مما كان في السابق، ولدينا تواصلات استثنائية وخاصة مع الطرف الروسي، ونتبادل الكثير من الأفكار التي لها علاقة بالشأن اليمني، وإذا استمر هذا التطور في الموقف الروسي سيكون إيجابيا وسيخدم الاستقرار والسلم في المنطقة”.

وتابع عبد السلام: “نحن نعتقد أن التحرك إيجابي وإن لم يكن بالشكل المطلوب، والمؤمل أن يكون لروسيا دور إيجابي فيما يخدم السلام”.

واستطرد: “عندما نتحدث عن أدوار دولية في اليمن لا نقصد بذلك إلا دعما لوقف العدوان ودعما للاستقرار، لا دعما لأي اعتداء على أحد من اليمنيين، وإنما نطالب بأي مواقف لفك الحصار وإنهاء العدوان ودعم الحوار السياسي في اليمن”.

كما أكد عبد السلام أن “روسيا قادرة بما لديها من علاقات وحضور في مجلس الأمن أن تطرح كثيرا من الأفكار المتعلقة بإيجاد قرارات دولية جديدة لليمن تفرض وقفا للعدوان وفكاً للحصار وفرضاً لحوار سياسي بين اليمنيين”.

ووجه الناطق باسم الانقلابيين انتقاداً للأمم المتحدة بالقول إنها “كمؤسسة لم يثبت أنها استطاعت منذ إنشائها أن تخرج عن العباءة الأمريكية والبريطانية لأنها صنيعة الدول التي انتصرت بعد الحرب العالمية الثانية وبعد الحرب الباردة ما بين معسكر الغرب مع الاتحاد السوفييتي”.

وتابع قائلا: “الأمم المتحدة تتحرك بشكل أو بآخر منسجمة مع المشروع والسياسة والرغبة الأمريكية في كثير من المناطق الحساسة في العالم خاصة الشرق الأوسط”.

وفي 14 أكتوبر/تشرين أول 2019، وصل إلى العاصمة السعودية، الرياض، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إطار جولة له تشمل العاصمة الإماراتية، أبو ظبي، وهذه الجولة مدرج ضمن نقاشاتها الوضع في اليمن.

وفي وقت سابق، قال معھد أمريكي للأبحاث إن روسيا طرحت مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن.

وأوضح معھد “میدل إیست”، إن المقترح الروسي يكشف عن اھتمام  روسی متعاظم في الیمن.. منوها إلى وجود رغبة روسية متصاعدة لتأسيس قاعدة عسكرية جنوب اليمن.

ولفت المعهد إلى أن روسيا بدأت باستغلال علاقاتها السياسة المتوازنة مع جميع أطراف الصراع اليمني داخليا و خارجيا.

وقال المعهد في تقرير حديث له: “في أواخر یولیو ٢٠١٩، التقى مسؤولون روس برئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك سعید وممثلي المجلس السياسي الأعلى للحوثیین، لمناقشة سبل حل الحرب الاهلية اليمنية.

وأضاف: أكدت ھذه اللقاءات قدرة روسيا على موازنة علاقاتها الجيدة مع كل من الحكومة اليمنية المعترف بھا دوليا والحوثيين.

وتابع: أبدت موسكو رؤية رئيس الوزراء عبد الملك لحل سياسي للحرب، كما أبدت بعد خمسة أيام  تفاهما مشتركاً مع رؤية الحوثيين التي انتقدت الانتشار العسكري الأمريكي الأخير في الخليج العربي.

ولفت إلى أن قدرة روسيا على الحفاظ على علاقات إيجابية مع كلا الفصائل المتحاربة الرئيسة في اليمن هو نتاج لسياسة عدم الانحياز الاستراتيجية في اليمن.

ونوه إلى أنه حتى اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر/كانون أول 2017 ، حافظت روسيا على موظفيها الدبلوماسيين في عدن وصنعاء.

وأضاف: كانت روسيا الدولة الوحيدة التي امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2216 في أبريل/نيسان 2015 ، حيث اعتقدت موسكو أن القرار سيصعد الحرب الأهلية  اليمنية من خلال فرض عقوبات على الحوثيين.

وأوضح التقرير أنن تمسك روسيا الثابت بسياسة عدم الانحياز الاستراتيجي في اليمن يعزز  مصالحها الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ويتركها في وضع جيد يؤهلها لتولي دور مهم في إنهاء الحرب الأهلية اليمنية،

 مؤكدا أن موسكو تولي اهتماما كبيرا باليمن وموقعها على مفترق طرق الملاحة الدولية بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، وتريد بناء قاعدة عسكرية في جنوب اليمن  لتوسيع نفوذها في منطقة ذات أهمية جيوسياسية متنامية.

وقال: لقد برزت التطلعات الروسية لإنشاء القاعدة البحرية على السطح في خطاباتها الرسمية بشأن اليمن منذ أعلن رئيس المجلس الفيدرالي، سيرجي ميرو نوف، عن اهتمام موسكو المحتمل في إقامة قاعدة في عدن في عام 2008.

 

وأكد تقرير المعهد الأمريكي أن هذا يرتبط ارتباطا وثيقًا برغبة موسكو في توسيع نفوذها في القرن الأفريقي.

وتابع: نظرا لأن عدن قد تعرضت ومنذ بداية الصراع في اليمن للسيطرة من قبل مختلف القوات (القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وقوات الحوثيين وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي)، فإن سياسة عدم الانحياز الاستراتيجي تضمن لروسيا بقاء مصالحها آمنة، على الرغم من التحولات في ميزان القوى الداخلي في اليمن.

وأشار إلى أن عدم الانحياز الروسي في اليمن قد سمح لموسكو بموازنة العلاقات الإيجابية مع المملكة العربية السعودية وإيران، حيث يمكنها أن تدعم وتنتقد بشكل انتقائي سياسيات كلا البلدين.

ونوه إلى أن معارضة روسیا لجھود الحوثیین لتعطیل صادرات النفط التي تمر عبر مضیق باب المندب قد أدت إلى تعزیز فعالیة اتفاقیة تنظیم أسعار النفط بین موسكو والریاض، على النقیض من ذلك، فإن انتقاد روسیا لدعم الولایات المتحدة للتدخل العسكري السعودي في الیمن قد عزز قوة محور موسكو- طھران ضد التدخلات العسكریة التي تدعمھا الولایات المتحدة.

وجاء في التقرير: مع اقتناع المجتمع الدولي حول الحاجة إلى تسویة سلام في الیمن، عززت روسیا موقعھا كطرف معني بالصراع، لتعزیز استراتیجیتھا لحل النزاعات.

 وأضاف: تتمثل الخطوة الأولى لاستراتیجیة روسیا لإنھاء الحرب الأھلیة في الیمن في دعمھا لوقف فوري للغارات الجویة السعودیة في الیمن.

وتابع: خلال المراحل الأولى من النزاع شككت روسیا في مشروعیة قرار المملكة العربیة السعودیة بالتدخل في الیمن دون موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ودعت إلى “ھدنة إنسانیة” تفرضھا الأمم المتحدة لوقف الغارات السعودیة. لافتا إلى أن المكون الثاني يتمثل في الاعتراف بإیران كطرف معني وبنّاء في الصراع.

وطبقا لما في التقرير: في فبرایر/شباط 2018، اعترضت روسیا على قرار للأمم المتحدة كان من شأنه إلقاء اللوم على إیران في إمداد الحوثیین بالصواریخ البالیستیة، وفي دیسمبر/كانون أول، أحبطت موسكو الجھود الأمریكیة في الأمم المتحدة لإدانة إیران كطرف داعم للحوثیین.

وصرح وزیر الخارجیة الروسي سیرجي لافروف أيضا بأن الحوار بین المملكة العربیة السعودیة وإیران شرط أساسي للسلام في الیمن، و أن موسكو تتشاور بانتظام مع طھران بشأن عملیة حل النزاع.

وبحسب التقرير: بما أن روسیا تسعى إلى توسیع تعاونھا الدبلوماسي مع إیران خارج سیاق سوریا وتعزیز رؤیتھا للأمن الجماعي في الخلیج العربي، فمن المرجح أن تواصل موسكو الدفاع عن سلوك طھران في الیمن.

وقال التقرير: الجانب الثالث من خطة السلام الروسیة ھو تركیزھا الكبیر على حل الانقسامات المناطقیة في الیمن. وفي ھذا الصدد، یقول عدد من الخبراء الروس في الیمن، مثل نیكولاي سوركوف من معھد (IMEMO) بأنه "لا یمكن حل الحرب الأھلیة الیمنیة إلا من خلال مشاورات مكثفة بین الأطراف الدولیة المعنیة وزعماء الفصائل والقبائل الذین یمثلون مناطق محددة في الیمن".

وأشار التقرير إلى أنه وفي الوقت الذي حافظت روسیا باستمرار على علاقات إیجابیة مع جمیع الفصائل الرئیسیة في الیمن وأوضحت نھجا ملموسا لإنھاء الحرب، لا یزال من غیر الواضح كیف ستحول موسكو ھذه الأفكار والروابط الدبلوماسیة إلى رافعة حقیقیة في الیمن.

وحول ھذه النقطة تكھن بعض المحللین، مثل بیتر سالزبوري من معھد تشاتام ھاوس، بأن المملكة العربیة السعودیة یمكن أن تستخدم روسیا كوسیط خلفي للحوار مع الحوثیین أو تطلب مساعدة روسیا لوقف معركتھا في الیمن.

وعلى الرغم من أن ھذه التكهنات لم تتحقق، إلا أن ركود محادثات السلام التي توسطت فیھا الأمم المتحدة في الیمن قد یوفر فرصة مواتیة لروسیا للعمل كوسیط للحوار والمساعدة في تنفیذ شروط اتفاقیة استكھولم في دیسمبر/كانون أول 2018.

وأشاد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الیمن مارتن غریفیث باستراتیجیة التوازن الروسیة خلال زیارته لموسكو في 1 یولیو/تموز 2019، قبل زیاراته إلى عُمان والإمارات العربیة المتحدة.

ومع استمرار الأعمال العدائیة بین المملكة العربیة السعودیة والحوثیین بلا ھوادة، وتعمیق الانقسامات المناطقیة في الیمن، يقول التقرير إنه یمكن لروسیا توسیع أدوارھا الدبلوماسیة في الیمن في الأشھر المقبلة.