آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:56م

أخبار وتقارير


عندما تتحول الحياة الزوجية إلى مأساة بسبب التعنيف ، ( ن . س) "أنموذجا" للمعاناة !

الأحد - 12 يوليه 2020 - 07:34 ص بتوقيت عدن

عندما تتحول الحياة الزوجية إلى مأساة بسبب التعنيف ، ( ن . س) "أنموذجا" للمعاناة !

تقرير / مرفت الربيعي

في ريعان شبابها تنسج الفتاة خيوط أحلامها الذهبية بانتظار فارساً يقتحم أسوار حياتها الخاصة لتمتطي صهوة جواده إيذاناً بالانطلاق نحو حياة زوجية رسمها خيالها الآسر على بساط حب أبدي تزين تفاصيل يومياته أسارير سعادة ومودة ووفاء.

حلم تنتظر واقعه كل فتاة لتبتدي معه رحلة التحول هذه،حيث تتماهى باكورة تلك اللحظات الاستثنائية أمام ناظريها،وهي تتراقص فرحاً بظفيرة زفاف ذهبية تعتلي شعر رأسها المنفوش، وتزين جسدها المنقوش ، لتعيش بفستانها الأبيض نشوة تحقيق حلم العمر كله ، بعد طول ترقب وانتظار.


ثم ماذا بعد...!!!
فصول التراجيديا المؤلمة تتصاعد مشاهدها تدريجياً ، وتتلاشى رويداً رويداً لحظات الغرام والانسجام،لتبتدي معها رحلة الصعود المبكر نحو الأسفل..!

حب تزعزع جدرانه خلافات متعددة وتفكك تماسكه تفاصيل بسيطة، تتعاظم شيئاً فشيئاً حتى تشكل حاجزاً من البغض والكراهية،وتزيد من توسع دائرة الجدل اللا متناهي الذي يصل حد " التعنيف " الشديد حينما يتخلى الزوج عن كل قيم الرجولة والإنسانية ويتصرف بكل عدوانية تجاه من تقاسمت معه كل شيء بحلوه ومره، ومنحته أغلى ما تملك في سبيل وضع لبنة أولى لحياة أسرية مثالية، كما هو الحال مع قصة "ن .س ".

في عقدها الثالث تطوي (ن .س ) سنوات عمرها حسرة ًوتندماً على شبابها المتهالك قبل أوانه كإحدى اليمنيات المعنفات أسرياً .
( ن . س ) التي دوما يذكرها وشم جسدها بمرارة الأيام التي قضتها في إحدى المحافظات اليمنية تحاول نسيان ماضيها المنقوش على جبين الدهر مع زوج لم يكن لها سكناً ووجداً ولم يصن الود الذي حبته أياه إذ بلغ منه العنف دروته .

 

بعد أيام علقمية تجرعتها استقرت (ن . س ) وعائلتها في إحدى المحافظات اليمنية وماتزال تخيط ظلام الليل الحالك شروداً وعيناها الواسعتان تكتحل الانكسار وخط الحزن على ملامح وجهها بعض من قسوته وكانت ملامحها كفيلة بترجمة الحكاية واختصارها .


التقينا بها في مكان عملها بإحدى المحافظات اليمنية وعن قصة حياتها تقول ( ن .س ) :-
ما أن اكملت تعليمي الجامعي حتى تقدم لخطبتي زميلي في الجامعة للتو وافقت عليه ، أحببتة كثيراً للحد الذي جعلني أعلو بحبه حد السماء .
حددنا موعد الزواج وسكنت في منزل عائلة زوجي كونه كان لا يمتلك منزلاً مستقلا ً .
أيام قليلة تلك التي غمرتني سعادتها وعانقتني فرحتها ماهي إلا ايام وبدأت تظهر عصبية زوجي تباعاً رويداً رويداً حتى بدأ كل شيء مكشوفاً كما لو كنت لم أعرفه من ذي قبل ومع ذلك كنت أحبه كثيراً فقد كان حبة طوق نجاة بالنسبة لي .
في هذه الأثناء كان لا بد أن يبحث زوجي عن عمل ليوفر متطلبات المنزل وكان لابد من أن أشاركه العمل كوني أحمل مؤهلا جامعياً في تخصص زوجي نفسه، فجاء رده قاس ٍ بعدم الخروج من المنزل للعمل للوهلة الأولى ظننت أنه سيعزف عن قراره وبعد نقاش طويل ، استجبت لأوامره .
لم يكن هذا فحسب بل إن قراره كان يشمل منزل أهلي ولكن هذا مارفضته ونشبت بيننا خلافات إثر ذلك تصل إلى الضرب ومن هنا انقلبت حياتنا جحيماً.


نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد بسبب الحروب ، التي بدورها أثقلت كاهل المجتمع كانت ل( ن .س ) وزوجها نصيباً من المعاناة كزوجين في مقتبل حياتهما تقول ( ن . س) :- لم نستطع توفير مبلغاً مالياً إيجار السكن ، فعرضت عائلتي علينا السكن معهم في المنزل .
اقمت في منزل أهلي ولأنهم كانوا يوفرون لنا كل مانحتاج دفع ذلك زوجي إلى الركون وعدم العمل مما سبب لي إحراجاً من بقائه عاله على غيره وإن كانوا أهلي .

توغل الطمع في نفس زوجي فحاول السطو والأستيلاء على المنزل فشرع بالتوسع والبناء وعندما حاولت منعه من ذلك شب خلاف بيننا وإنهال عليّ ضرباً ثم تم أخراجة من المنزل فاستأجر لنا منزل آخر .
لم يكتف ِ زوجي بهذا فقد قام بأخذ ذهبي دونما علم مني ، عندها نشب صراع بيننا ثم قام باحضار الشرطة النسائية بتهمة أنني من سرق الذهب وأنني سيئة الأفعال وتلفظ بكلمات جارحةمخلةللآداب أمام مسمع الجميع ، علم أهلي بذلك فوكلوا لي محامي للترفع عن القضية فتم أخراجي من السجن .

بعد صمت عقيم وغصة تكاد تخنقها وتنهيدة طويلة قالت بصوت يملؤه ألم وبحة لم يكن الألم الذي في جسدي أكثر ألم من واقعة السجن التي عقبها كلمات تطعن خاصرة شرفي فنظرة المجتمع إزاء ذلك وقعها أشد ألماً من تلك الندوب التي تتوشم جسدي والكلمات الجارحة التي صارت بالنسبة لي كلكمات فكيف لي أن أنسى ذلك .
في ذات السياق تقول ( ف . ش) : وهي إحدى زميلات المعنفة"عانت (ن .س ) كثيراً وتحملت كل أصناف العنف التي رافقتها طيلة زواجها فقد كان زوجها عصبياً جداً وكانت حياتها تعتريها الخلافات والنزاع على أصغر الامور اختتم زوجها ذلك باحضار الشرطة لها كيف لها أن تتحمل تصرفاتة الهمجية .


اسباب العنف ومخاطرة...

يرجح البعض اسباب العنف إلى أسباب تدهور الحالة الاقتصادية وأنتشار البطالة مما يؤدي إلى ضغوطات كبيرة لرب الأسرة أو اسباب نفسية تشكلت في شخصية الزوج وهذا ما اشارت إليه الأخصائية النفسية لبنى الصلوي حد قولها ، ومهما كانت الاسباب إلى أن ذلك سيترتب عليه مخاطر جسيمة ، وماتعرضت له (ن . س) من عنف قد يسبب لها مضاعفات نفسية كبيرة كاكتئاب وغيره .

الشيخ صدام علي الحاج أشار إلى أن مهما ساءت الظروف وتعددت الاسباب تبقى للمرأة حقوق يجب عدم انتهاكها .

فيما يقول المستشار الأسري صالح الديلمي/المملكة : أن من عجيب أمر الزواج أن فيه من الغموض والتظالم والتجني والشح الشيء الكثير في بذل الحق وعندما يقال أن الرجال قوامون على النساء لا يعني ذلك التعنيف بحق المرأة .

المحامي محمد علي الطريزي تحدث قائلاً :العنف مجرم في قانون العقوبات ، كما أن القانون يجرم البلاغات الكيدية بقصد الاساءة للمرأة والأضرار بها ومشروع دستور 2015 المنبثق عن مؤتمر الحوار والذي لم يتم التصديق عليه حدد مواد تعنى باالمساواة امام القانون وعدم الاستغلال الجسدي ومن حق المرأة اللجؤ إلى القضاء عند تعرضها للعنف .


مؤشرات عالمية للعنف...

واشار الدكتور أحمد الكيالي/ فلسطين : إلى أن العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية حيث تشير الدراسات التي قامت بها الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية إلى أن امرأة واحدة من بين خمس نساء على نطاق العالم تتعرض للعنف ، وعلى الرغم من التزايد لحالات العنف في بلداننا العربية إلا أنه مايزال هامشياً بسبب ثبات القيم والمعتقدات الإسلامية واهم اسباب العنف هو النظرة الدونية للمرأة وعدم اعتبار خصائصها الأنسانية وملكاتها العقلية، كذلك الفقر بسبب الحروب التي نشبت في مجتمعاتنا العربية والمخاطر البيئية التي تعود كلها إلى انتشار الفردانية وقد صادقت الأمم المتحدة في 20 ديسمبر 1993م على الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وفي17ديسمبر1999م قررت أن تجعل يوم 25 نوفمبر من كل عام اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة وهو القرار 134/54 الذي دعا فيه هذا المنتظم الدولي الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في العالم والسبل الكفيلة لإنهائها.

وتحدثت القاضيةإكرام العيدروس قائلة : العنف ضد المرأة يمارس منذ عصور سحيقة وبطريقة متنامية حيث يأخذ أشكالاً عديدة متدرجاً من العنف البسيط إلى الشديد والذي بكل صوره يتنافى مع أبسط قواعد الإنسانية ،، تعرض الزوجة لعنف جسدي ونفسي من خلال الإعتداء عليها بالضرب .. فمن حق الزوجة أن تلجأ إلى القضاء عن طريق تقديم شكوى إلى النيابة التى بدورها تتبع الإجراءات وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية وبعد ثبوت فعل الإعتداء يتم تكييف الفعل وفقاً لقانون العقوبات اليمني ثم تقديم الملف بعد إستكماله إلى المحكمة التي سوف تفصل في القضية وتصدر حكمها بعد السير في إجراءات التقاضي ..
واضافت إلى أن الدولة ووفقاً لإلتزاماتها الدولية الناشئة عن مصادقتها على الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومنها إتفاقية القضاء على العنف ضد المرأة والتي تهدف إلى توفير الحماية للمرأة يجب عليها أن تصدر قانون ( حماية المرأة ) من العنف ..


ختاماً ...
تظل ( ن . س ) واحدة من بين ألآف اليمنيات المعنفات جسدياً ونفسياً اللاتي لم يتم انصافهن وإلى أن يتم الالتفات لها وإظهار ملف قضيتها ستظل في تلك الزاوية تقبع في دوامة أكتئاب وتصارع ظلمة الليل ألماً .

انتهاكات مستمرة...
لم نتوصل إلى احصائيات دقيقة للعنف الجسدي والنفسي ضد المرأة غير تلك التي تم رصدها من قبل التحالف اليمني لرصد الانتهاكات والتي تشير إلى أن 2869 امراة تتعرض لانتهاكات متعدة منذ سبتمبر 2014 وحتى مايو 2019 .

صدام الحاج

الكيالي 

الديلمي