آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-11:28م

ملفات وتحقيقات


تقرير يرصد ما يدور في أروقة الشرعية.. اجتماع الرياض.. هل يكون بداية لتوحيد أجنحة الشرعية؟

السبت - 27 يونيو 2020 - 07:01 ص بتوقيت عدن

تقرير يرصد ما يدور في أروقة الشرعية.. اجتماع الرياض.. هل يكون بداية لتوحيد أجنحة الشرعية؟

تقرير / بديع سلطان:

تقرير يرصد الخلافات التي تعصف بأجنحة الحكومة الشرعية وتأثيراتها على تماسكها في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية..

ما الذي يدور في أروقة الشرعية؟

استدعاء قيادات حكومية إلى الرياض.. بماذا يوحي؟

بيان عدد من الوزراء بإنهاء دور الإمارات.. ما دوافعه؟

هل هناك حقاً اجتماعٌ مرتقب وهام؟

هل الحكومة منقسمة بين الصقور والحمائم؟

كيف تعاملت الحكومة مع سقوط سقطرى.. وهل انتهى دورها بإصدار بيان؟

 

لم يعد خافيًا على المراقبين ما يعانيه معسكر الحكومة الشرعية اليوم من استنفار، وتحركاتٍ لافتة، بعد استدعاء مستشاري الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى العاصمة السعودية الرياض.

ففي الوقت الذي تواجه الشرعية تحديات عملاقة، على الأرض في أكثر من رقعة صراع في الداخل اليمني، يبدو تماسك الشرعية مهدداً بالتشظي؛ عقب العديد من الخلافات التي عصفت ببنيتها؛ نتيجة استياء بعض أجنحتها من العلاقة "غير المتكافئة" مع أطراف إقليمية ومكونات محلية.

فثمة قيادات شرعية لم يعجبها تعامل الحكومة وصمت رئيس البلاد تجاه قضايا مصيرية وسيادية، تصدرت المشهد اليمني مؤخراً، ولم يكن ذلك ناتجا عما حدث في سقطرى قبل أسابيع، أو ما يدور في أبين من تعثر تقدم قوات الحكومة صوب عدن، ولكنه يعود إلى ما قبل تلك الأحداث بكثير.

ولم يكن سقوط سقطرى بيد خصوم الشرعية المحليين، أو معارك أبين- التي لم تحظَ بدعم السعودية كما انتظرت الشرعية- إلا "القشة" التي قصمت ظهر "البعير".

وباتت المواقف التي تبناها ما يطلق عليهم "صقور الشرعية" عقب أحداث ومواجهات أغسطس 2019، تمنحهم مصداقيةً أكثر على حساب من يوصفون بأنهم "حمائم الشرعية" المعتدلين، خاصةً بعد سيطرة الانتقالي على سقطرى، وعدم تحقيق ما يذكر في معارك أبين.

وفي ظل غموضٍ تتصف به علاقة صقور وحمائم الشرعية، وعلاقة مكون الشرعية بكل أجنحتها مع التحالف العربي؛ تتخذ أية تحركات تشهدها أروقة الحكومة الشرعية ودهاليزها أهميةً بالغة، خاصةً وأن المراقبين يسعون إلى معرفة ردات فعل الحكومة تجاه القضايا الأخيرة التي عصفت بموقف الشرعية وهزّت بمكانتها.

ولعل حقيقة وخفايا الاجتماع، الذي من أجله تم استدعاء مستشاري الرئيس اليمني ونواب رئيس البرلمان ورؤساء الكتل البرلمانية من العاصمة المصرية إلى نظيرتها، تحظى بالكثير من الاهتمام والتركيز.

فما سينتج عن هذا الاجتماع سيُجلي أي غموض أو تخبط قد بدا واضحاً على مواقف الحكومة الأخيرة تجاه أحداث مست سيادة البلاد ووحدته واستقراره، بحسب ترقب المعسكر المؤيد للشرعية والمناهض لخصومها.

 

هل هناك اجتماعٌ حقاً؟

غير أن الأنباء الين تحدثت عن اجتماع مرتقب في الرياض، صادمتها أخبار صحفية سعودية نفت وجود أية استعدادات لعقد اجتماع بين الرئيس اليمني مع قيادات الشرعية.

وقال صحيفة عكاظ: إنها تواصلت مع عدد من مستشاري الرئيس هادي المتواجدين في الرياض، مشيرة إلى أنهم أكدوا أنهم لم يتلقوا أي طلب لعقد اجتماع حتى اللحظة، وليس لديهم أي معلومات حول طبيعة الاجتماع وأهميته.

وأشارت عكاظ إلى أن الاوضاع الصحية وانتشار وباء كورونا كانت عائقاً أمام انعقاد اللقاء بين الرئيس وقيادات الشرعية.

غير أن وزراء وقيادات في الحكومة الشرعية والبرلمان اليمني أكدت خلال اليومين الماضيين، وتحديداً أمس الجمعة، انعقاد الاجتماع، واعتبرته محطة مهمة في سبيل توحيد صف الشرعية، والدعم السعودي لها في مواجهة المشروع الإيراني الحوثي.

 

أسباب الاستدعاء

تضاربت التحليلات والتكهنات حول أسباب استدعاء مستشاري الرئيس اليمني من قاهرة المعز إلى رياض نجد، فثمة من يقول إن الاستدعاء جاء لاستكمال توافق أجنحة الشرعية المتصارعة حول بنود اتفاق الرياض، خاصةً الملف السياسي من الاتفاق.

وبعض التحليلات أشارت إلى أبعد من ذلك، حين ألمحت إلى الاستدعاء جاء على خلفية ترتيب وهيكلة الكيان الشرعي، عقب تسريبات حول صحة الرئيس اليمني لم يتم التثبت منها بعد.

فمن المحللين من يرى أن الرئيس عبدربه منصور هادي هو من استدعى بنفسه قيادات الحكومة الشرعية المقيمين في العاصمة المصرية القاهرة إلى الرياض؛ وذلك بهدف التشاور حول تشكيل حكومة مرتقبة بالمناصفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.

وكانت (عدن الغد) قد نقلت تغريدةً لوزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أكد فيها: أن طائرة سعودية خاصة وصلت، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة لنقل رئيس البرلمان سلطان البركاني ونواب رئيس المجلس وعدد من المستشارين السياسيين للرئيس إلى الرياض.

وفقاً لتغريدة الوزير اليمني فمن المقرر أن يعقد الرئيس هادي اجتماعاً بهيئة مستشاريه وبحضور نائب الرئيس ورئيسي البرلمان والحكومة؛ للتشاور حول التطورات الأخيرة، وتحديداً سيطرة المجلس الانتقالي على محافظة أرخبيل سقطرى، بالإضافة إلى آلية تنفيذ اتفاق الرياض.

وتوقعت تقارير صحفية غربية، اطلعت عليها (عدن الغد) أن الاجتماع سيناقش الأسماء المرشحة من قبل الحكومة لشغل 12 حقيبة وزارية فقط، هي حصة الشرعية من الحكومة المرتقبة، التي نص اتفاق الرياض على تشكيلها بالمناصفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.

في المقابل يرى محللون آخرون، أن استدعاء المستشارين وقيادات مجلس النواب لم يكن لغرض تشكيل الحكومة، بل إن هذا الاستدعاء وبهذه الطريقة "غير العادية" يوحي بأن ثمة ما هو أكبر وأخطر من مناقشة الملف السياسي لاتفاق الرياض.

ويعتقد معتنقو هذا التحليل أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قد وافته المنية، وأن منصبه أصبح شاغراً؛ نتيجة وفاته، وأن استدعاء مستشاريه جاء بهدف التوافق على الطريقة المناسبة للخروج من هذا المأزق السياسي والدستوري.

وفي كلا التحليلين تظل الأوضاع في أروقة ودهاليز الحكومة الشرعية غير مستقرة، فكلا الأمرين، سواء كان تشكيل الحكومة الجديدة أو وفاة الرئيس سيؤديان إلى مزيد من التصدع في بنية الشرعية، في ظل عدم إقفال العديد من الملفات الشائكة مع التحالف العربي والمجلس الانتقالي، وفي مصير علاقة الصقور والحمائم والصوت الذي يجب أن يكون عالياً ويعبر عن موقف الشرعية.

 

التوافق لن يكون سهلاً

العلاقات المتباينة مع الأطراف الإقليمية والمحلية، وحتى مع اللاعبين الدوليين تختلف داخل الحكومة الشرعية ذاتها.

وهذا ما يؤكد أن ثمة ما يدور داخل الشرعية ويهدد تماسكها، ومواقفها خلال تعاملها مع خصومها أو حتى من يفترض أن يكونوا حلفاءها.

فحتى قضية تشكيل حكومة وفاق جديدة، بحسب الشق السياسي لاتفاق الرياض، لن يكون أمراً سهلاً، فهناك أطراف كانت موقفها حادة في التعامل مع أو القبول بالمجلس الانتقالي الجنوبي مثلاً، كما أن تصريحاتها كانت ندية مع التحالف.

وبرأي مراقبين فإن أمثال هؤلاء لا يمكن أن يقبل التحالف باستمرارهم في أي حكومة مقبلة، وهنا يكمن مربط الفرس في الخلافات التي يمكن أن تعصف بقوة وهيبة الشرعية، أو هكذا يعتقد مناصروها ومؤيدوها.

وفي حالة صدقت تكهنات وفاة الرئيس اليمني، فإن عدداً من السياسيين يعتقدون أن التوافق في هذه القضية لن يكون أسهل من تشكيل الحكومة، بل من المؤكد أن يكون أكثر تعقيداً.

فالانقسام الذي يعتري الأطراف السياسية الواقعة في أتون الصراع والتجاذبات الإقليمية، وحالة الحرب التي تعصف بالبلاد، ورغبات القوى الإقليمية والدولية المؤثرة سيُضاعف من تشظي أجنحة الحكومة الشرعية وربما يضع حداً لوجودها كطرف أصيل وأساسي في الأزمة اليمنية.

 

تعامل الحكومة مع أحداث جسيمة

كما تحدثنا سلفاً، أن الانقسامات الحكومية وتفرع أجنحتها إلى أجنحة مواجهة صادمة "صقور"، وأخرى معتدلة "حمائم" كان سببه تباين وتفاوت التعامل مع الاحداث والقضايا الكبرى والجسيمة.

وبسبب هذا الانقسام داخل الشرعية، رأى مراقبون أن الحكومة باتت ضعيفة وغير مؤهلة لتمثيل البلاد، خاصةً وأنهم وصفوا التعامل الحكومي مع العديد من القضايا الجسيمة التي عصفت بالبلاد بأنه غير مرضٍ.

واعتبر المراقبون البيان الأخير لعدد من الوزراء في الحكومة الشرعية بأنه "هزيل ومترنح"، خاصةً وأنه لم يأتِ بجديد.

 

فرصة لتجاوز الانقسامات

ووسط الأنباء المتضاربة حول حقيقة انعقاد اجتماع مستشاري الرئيس وقيادات برلمانية في الرياض، خرج رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني بالتأكيد على أن الاجتماع يعد "فرصة لطي صفحة الخلافات بين قوى الشرعية اليمنية وتجاوزها".

البركاني كان يتحدث لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية حين شدد على ضرورة تجاوز الاختلافات بين قوى الشرعية.

واعترف رئيس البرلمان اليمني أن الخلافات بين اجنحة الشرعية قضية رئيسية تؤرق الجيران، وتهمنا نحن كيمنيين؛ بأن نعمل على تجاوزها وحلها بشكل سريع، ولن نعود من الرياض إلا وقد تجاوزنا هذا الخطر، وتم تنفيذ اتفاق الرياض بحذافيره ونصوصه وبنوده على واقع الأرض وعادت المياه إلى مجاريها.

ويحلل مراقبون حديث البركاني عن اتفاق الرياض بأنه يأتي كتأكيد على الأنباء التي أشارت إلى أن الاجتماع سيناقش تشكيل حكومة جديدة تحتاج إلى توافق من مختلف عناصر وفرقاء الحكومة الشرعية.

ويرى البركاني أن اتفاق الرياض يعالج ما يخص المحافظات الجنوبية والشرقية والخلاف مع المجلس الانتقالي، وهو اتفاق باركه العالم ولم نعد بحاجة لتوقيع اتفاقات أخرى كما يشيع البعض، لكننا سنعمل مع القيادة السعودية على ترجمته على أرض الواقع ومع القيادة الشرعية برئاسة الرئيس هادي والحكومة، وستتم لقاءات من أجل ذلك، وليس في ذلك ضرر أبداً.

البركاني ضرب بعرض الحائط كافة التأويلات التي دارت حول أسباب الاجتماع، وأشار إلى أن زيارة أعضاء البرلمان أمر طبيعي وليس فيها ما يدعو إلى الشك لدى البعض الذين حاولوا التأويل والتفسير، نحن حلفاء وذهابنا إلى المملكة من أجل مصلحة اليمن التي تعمل الرياض ليل نهار من أجله.

 

توحيد الشرعية.. بداية لمواجهة الحوثي

في قراءة لحديث رئيس مجلس النواب اليمني مع الصحيفة اللندنية، يتضح تأكيد البركان أن أولى خطوات مواجهة المشروع الإيراني الحوثي في اليمن يعتمد على توحيد وتقوية جبهة الشرعية.

كما أكد البركاني أن الجميع سيعمل كفريق عمل واحد من أجل تحقيق ما تم الاتفاق عليه وتنفيذه وتحويله إلى واقع عملي، ومن أجل ترجمة التحالف لمواجهة الحوثيين والمشروع الإيراني. هذه القضايا التي سنبحثها والتي سنعمل من أجلها.

 

تقدير الحكومة

يعتقد محللون، اطلعوا على تصريح البركاني لـ(الشرق الأوسط)، أن رئيس البرلمان اليمني استشعر حجم السخط الشعبي تجاه تخبط الحكومة الشرعية ومواقفها الهزيلة تجاه قضايا وطنية كبيرة؛ لهذا سارع للكشف عما يبذله ويعانيه مسئولو وقيادات الشرعية.. مطالباً أبناء الشعب اليمني بتقدير الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأنها في وضع استثنائي تماماً ولسنا في وضع طبيعي حتى نطلب المستحيلات.

وأضاف: العتاب نقبله لكن لا نقبل الاتهامات والتجريح والتشهير وسوء الظن، فالحوثي مهيمن على جزء كبير من البلد ومعظم السكان، ولديه دولة ترعاه هو وإرهابه وتحاول أن يكون لها موطئ قدم في المنطقة وتكون السيد بأذرعها في لبنان وسوريا واليمن وتريد الخليج والقرن الأفريقي.

ورأى أن على اليمنيين أن يقدروا حجم هذا الخطر... التحالف والأشقاء عملوا معنا ولا نجحدهم، والمملكة عملت بشكل صادق مع اليمن ومرتبطة بشكل أخوي مع اليمن ويهمها أمنه واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه، ولن يُفرَط بشبر واحد من الأراضي اليمنية لا من قريب ولا من بعيد.

وقال: أرجو ألا يساء الظن بقيادة الدولة ولا البرلمان ولا الحكومة لأنهم جادون في إسقاط المشروع الحوثي وإعادة اليمن لإطاره العربي والدولي، وسيتحقق ذلك.. نحن في وضع صعب لكننا سنتجاوز ذلك بفضل الرجال ووقفة الأشقاء معنا.

ولعل البركاني من خلال كلمته تلك يحاول أن يطمئن اليمنيين أن الحكومة الشرعية بمختلف أجنحتها لن تصمت حيال ما يحدث من انتهاك لسيادتها أو مناطق سيطرتها، وأن ما تقوم به ليس بالضرورة يصل إلى كل مواطن.

 

ما هو الحل؟

يرى محللون أن الشرعية تقف أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول إيجاد شراكة توافقية بين اليمنيين أنفسهم، أما الخيار الثاني فهو إيجاد شراكة "فوقية" مفروضة عليهم من قبل المتصارعين الإقليميين، وهذا الخيار الأخير هو ما نعيشه اليوم.

ويزعم سياسيون أنه من الصعوبة بمكان أن يتمكن اليمنيون ممثلين بالشرعية من فرض الشراكة التوافقية؛ نظراً لغياب الإرادة الحقيقية لدى مختلف المكونات السياسية؛ ولتبعية هذه القوى لأطراف إقليمية مختلفة المصالح.

خلاصة ما يمكن أن يطرحه المحللون من الخبراء والسياسيين أن الخلل في الشرعية هو خلل بنيوي مؤسسي، في صلب تركيبة السلطة منذ قيام الوحدة على أقل تقدير، إن لم يكن من قبل ذلك، حيث لم تتغير الوجوه المسيّرة لشئون البلاد، فبعضها يملك السلطة من داخل الشرعية والبعض الآخر يملكها من خارج الشرعية، لهذا يصبح من الصعوبة تجاوز هذا الصراع.

لكن الأمل يمكن أن يبقى على قيد الحياة، وقد يصبح ممكناً باحتمال ضعيف؛ عند تحول الشراكة إلى مصلحة إقليمية ودولية، تفرضها الدول واللاعبون المؤثرون على أدواتهم المحلية في الداخل، وهو ما قصدناه بالشراكة "الفوقية" وليست الشراكة "التوافقية".