تقرير: يوسف حمود
بعد مرور أكثر من 5 سنوات من الحرب الملتهبة في اليمن، يبدو أن هناك بوادر تلوح في الأفق لوضع حد لهذه الحرب، التي أشعلتها مليشيا الحوثيين بدعم من إيران في مارس 2015، ضد الحكومة اليمنية المدعومة من تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية.
ترغب الرياض في الخروج من مأزق الحرب في اليمن من خلال الاتفاق مع الحوثيين والضغط عليهم للقبول بقرارات مجلس الأمن، لكنها في المقابل تتخوف من تمدد نفوذهم في اليمن، خصوصاً بالقرب من خاصرتها الجنوبية، التي تشهد هجمات بين الحين والآخر.
وباتت المفاوضات تمثل خياراً استراتيجياً للسعوديين مع الحوثيين، لا سيما لناحية دعم تسويات سياسية متصلة بصنعاء، على غرار "اتفاق الرياض" الذي رعته المملكة لاحتواء أزمة الحكومة و"المجلس الانتقالي الجنوبي" في العاصمة المؤقتة عدن، بالتزامن مع ترحيب حوثي بأي مفاوضات معها.
تأكيد خليجي لإنهاء الحرب
ويبدو أن هناك اتفاقاً خليجياً على أن من الضروري إنهاء الحرب في اليمن، الذي يعد البوابة الجنوبية الغربية للمجلس، وهو ما أكده الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، الذي قال إن المجلس يجدد موقفه الثابت بضرورة إنهاء الأزمة اليمنية من خلال الحل السياسي.
وأضاف الحجرف، خلال الاجتماع الافتراضي الذي عقده عبر الفيديو كونفرانس مع رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك سعيد، في 11 يونيو 2020، أن حل الأزمة اليمنية يجب أن يكون "من خلال الحل السياسي المستند إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216".
وأشار إلى الشراكة الوثيقة القائمة بين مجلس التعاون واليمن، وأهمية تفعيل الأطر التي تم الاتفاق عليها في إطار تلك الشراكة بجميع المجالات.
وأعرب الحجرف عن تقديره للجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية لتعزيز الاستقرار والتنمية في المحافظات المحررة، وما حققته من إنجازات ملموسة في هذا المجال.
الحرب انتهت عسكرياً
يعتقد الباحث والكاتب السياسي اليمني د.عادل دشيلة، أن الحرب في اليمن لم تنتهِ، إلا من جانبها العسكري، أما في جانبها السياسي فيقول إنها ما زالت مستمرة حتى الآن.
ويوضح "دشيلة" في سياق حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الحرب سياسياً ما زالت مستمرة، ولذلك في نهاية المطاف سيكون هناك حوار سياسي شامل للأطراف كافة، ولا يستبعد أن تملي الرياض شروطها على الجميع، وتبحث عن تيار يدير دفة الأوضاع في اليمن بحيث يكون تقليدياً موالياً لها وخليطاً من الأطراف كافة، إلا أنه مستبعد في الوقت الراهن".
ويرى أن السعودية ومجلس التعاون يريدان إنهاء الصراع في اليمن، مضيفاً: "ليس من مصلحتها بهذا الشكل، خصوصاً الرياض التي تدير الحوار مع الأطراف كافة، ومن ضمنها الحكومة والانتقالي والحوثيون، وإن لم يكن عبر وسائل إعلام".
وفيما يتعلق بإعلان الحوثيين موافقتهم على الحوار، يقول "دشيلة": "جماعة الحوثي مستعدة للذهاب إلى الرياض إذا كان الحوار في مصلحتها، وهي ليست المرة الأولى التي تصرح فيها جماعة الحوثي بأنها ستذهب للسعودية، بل قد ذهب ممثلون عن الجماعة إلى هناك أكثر من مرة وفي ظهران الجنوب بالمملكة، وفي مسقط بعُمان".
وتابع: "إذا كان الحوار سيفضي إلى حل سياسي جذري ويكون لها نصيب الأسد من الكعكة، فالجماعة المتمردة مستعدة للذهاب إلى أبعد من الرياض".
ترحيب حوثي
في 13 يونيو 2020، أعربت مليشيا الحوثي عن استعدادها للذهاب إلى الرياض لوقف الحرب الدائرة في البلاد؛ إذا قبل التحالف الذي تقوده السعودية بإجراء حوار علني.
وقال محمد علي الحوثي، رئيس "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين، في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC): "إن الاتصالات مع دول التحالف ما تزال في مرحلة الجدل، ولم تصل إلى مرحلة التفاوض الذي يفضي إلى حل ووقف حقيقي لإطلاق النار والحرب ورفع الحصار عن اليمن".
وأوضح الحوثي أنه ليست لدى جماعته أي قيود أو أجندة تخاف كشفها، وأنهم "مستعدون لحوار علني مع دول التحالف؛ من أجل وقف إطلاق النار ورفع الحصار الذي يفرضه التحالف على اليمن منذ 5 سنوات".
وقال في هذا الصدد: "نحن مستعدون للذهاب للعاصمة السعودية (الرياض) شريطة وجود حوار علني مع التحالف يفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار في البلاد".
تناقضات في التصريحات
المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي،يرى أن التصريحات التي أطلقتها جماعة الحوثي والمجلس الخليجي "متناقضة، لأن مجلس التعاون يريد العودة إلى المرجعيات الثلاث التي تضع الحوثيين باعتبارهم أحد الأطراف باليمن وليس الطرف الوحيد، وهو ما يقتضي أن يتخلى الحوثيون عن السلاح والقبول بتسوية سياسية تجمع الأطراف باليمن، والحوثيون يريدون أن يكونوا طرفاً واحداً".
ويضيف: "هم دائماً يحاولون إبراز أن ما يحدث في اليمن ينحصر بينهم (الحوثيون) وبين السعودية التي يرونها تعتدي على اليمن"، لافتاً إلى أن الحوثيين "لم ييأسوا بعدُ من الدفع باتجاه المحادثات السياسية الثنائية بينهم وبين السعودية، وهذا يعني استثناء الشرعية التي تزداد ضعفاً واستبعاد الأطراف الأخرى".
ويشير في سياق حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الحوثي قال إن المحادثات مع السعودية لا تزال في مرحلة الجدال، أي إنها لم تصل إلى مرحلة الانسجام في المواقف بين الطرفين، ولكن الجديد هو الطرح العلني من قِبل محمد علي الحوثي، حسب قوله.
وأضاف: "على أرض الواقع ليس هناك ما يدل على أن "هناك انفتاحاً حقيقياً حتى وإن كانت السعودية ترغب في تسوية لحماية حدها الجنوبي وإنهاء التهديدات، ولكن ليس القبول بالحوثيين ليكونوا مصدر تهديد لها، ولكن ما يحدث من خصومة وتوتر وعدم الثقة بين السعودية وحلفائها قد يدفع إلى توقع الوصول لأسوأ الصيغ فيما يتعلق بتسويات الحرب باليمن".
الخروج من مأزق الحرب
فيما يرى الناشط السياسي اليمني كمال السلامي، أن الجديد في تصريح الحوثي هو "إعلانه الصريح رغبة الجماعة في الذهاب إلى الرياض للتفاوض لإنهاء الحرب"، مشيراً إلى أن ذلك "لا يعني أنهم لم يفاوضوها من قبل، فالمباحثات بين الجماعة والرياض لم تتوقف يوماً".
ويتحدث السلامي لـ"الخليج أونلاين"، عن أسلوب الحوثي، الذي قال: إنه "يلعب على تململ السعودية وتيهها في الحرب"، موضحاً أن الحوثيين يسعون للحصول على "سلام بنكهة الانتصار، وقد وصلوا إلى قناعة بأنه سواء ذهبوا إلى الرياض أو فاوضوا السعودية في مكان آخر، فإن الرياض قد أصبح لديها استعداد للتنازل كثيراً مقابل الخروج من مستنقع اليمن".
ويؤكد أن كثيراً من المؤشرات تدل على أن جميع الأطراف في اليمن تسعى للخروج من مأزق الحرب التي طالت، وزادت تكلفتها المادية والإنسانية، حسب قوله.
وأضاف: "جماعة الحوثي مستفيدة من أي سلام قادم، لأسباب عدة، منها ضياع البوصلة لدى التحالف في عملياته باليمن، وضعف الشرعية اليمنية، وبروز انقلابات جنوباً، وأيضاً الخلافات البينية الخليجية، كل هذه تجعل موقف المملكة ضعيفاً، إضافة إلى الملف الإنساني الذي بات أداة بيد المنظمات الدولية لمهاجمة المملكة".
مباحثات سابقة
وتراجعت خلال الأشهر الماضية، الغارات السعودية في اليمن بشكل كبير، وهناك ما يدعو إلى التفاؤل بشأن التوصل لحل قريب.
وسبق أن كشفت وكالة "رويترز"، في أكتوبر من العام الماضي، عن مصادر، قولها: إن "السعودية فتحت اتصالاً مع رئيس المجلس السياسي للحوثيين (مهدي المشاط) عبر طرف ثالث".
وفي مارس 2018، كشف دبلوماسيون يمنيون عن وجود مباحثات سرية تجري بين السعودية ومليشيات الحوثي في سلطنة عُمان، دون علم الحكومة الشرعية.
وفي 9 سبتمبر الماضي، كشف ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى، لأول مرة، عن محادثات ستجري مع الحوثيين بشكل مباشر، معلناً أنها بهدف إيجاد حل مقبول من الطرفين للحرب اليمنية.