آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-12:22م

اليمن في الصحافة


حضور باهت في الشارع اليمني بذكرى 30 عاماً على الوحدة

السبت - 23 مايو 2020 - 07:10 ص بتوقيت عدن

حضور باهت في الشارع اليمني بذكرى 30 عاماً على الوحدة
هادي يعترف بتعرضها للاستغلال ويتمسك بالمشروع «الاتحادي»

الشرق الاوسط

باستثناء برقيات التهاني الرسمية، وخطاب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وبيان عدد من الأحزاب المؤيدة له، مرّت الذكرى الـ30 للوحدة بين شمال اليمن وجنوبه والتي صادفت أمس (الجمعة) مرور الكرام في الشارع اليمني لاعتبارات عدة، من بينها تصاعد الصراع الدائر في المناطق المحررة بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وكذا تداعيات تفشي فيروس «كورونا المستجد»، إضافة إلى تركيز الحوثيين من جهتهم على الاحتفاء بالمناسبة الخمينية المعروفة بـ«يوم القدس العالمي».

 

ففي الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات في الجنوب من بعض الفصائل اليمنية لاستعادة الدولة الشطرية التي كانت قائمة قبل مايو (أيار) 1990، اعترف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في خطابه بالمناسبة، بأن «الوحدة» تعرضت للاستغلال - بحسب تعبيره - لكنه أكد أنها تمثل الحدث الأبرز والمنجز العظيم على المستوى الوطني والعربي.

 

وبخلاف الدعوات التي ترى عدم وجود أي قواسم مشتركة بين شمال اليمن وجنوبه، قال هادي في خطابه الذي بثته المصادر الرسمية: «إن إعلان الوحدة لم يكن سوى تجسيد لحقيقة راسخة في التاريخ، تشير إلى شعب واحد منذ الأزل، ثقافة وهوية ولغة وتاريخاً وجغرافيا».

 

ووعد الرئيس اليمني بأن اليمن سيبقى موحداً، ولكن ضمن مشروعه الجديد الذي أطلق عليه «اليمن الاتحادي»، وفق نظام الأقاليم الذي كان مؤتمر الحوار الوطني قد أقره قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية.

 

وفي اعترافه بالأخطاء التي رافقت سنوات الوحدة الماضية، أشار هادي إلى أن الوحدة تعرضت للاستغلال والابتزاز وللاعتداء، من قبل أطراف لم يسمها.

 

وقال إن بعضهم «حول الوحدة لمكاسب خاصة، ملأها بالأنانية والإقصاء والتهميش وسوء استغلال الثروة والسلطة، والبعض الآخر صنع من الوقوف ضد الوحدة قضية للابتزاز وادعاء البطولات الزائفة، مدفوعاً بالذاتية حيناً، وبالاستجابة للمشروعات الخارجية حيناً آخر، بينما رأى آخرون في الوحدة الوطنية خطراً حقيقياً على مشروعاتهم الضيقة وأفكارهم السلالية ومشروعاتهم الصغيرة، ليعلنوا عملياً تقسيم البلاد عبر مصادرتهم للدولة والهجوم على المدن واستباحة الدماء».

 

وأوضح هادي أن الوحدة «بالأساس مفهوم يجب أن يخلق القوة، ويعزز صلابة المجتمع، ويقوي قدرة الدولة لتصنع الرفاء والخير والسعادة، لا أن تتحول لتجلب الصراع والحرب والشقاء والبؤس والحرمان».

 

واتهم من وصفهم بـ«أصحاب المصالح الأنانية والأهواء الذاتية والمشروعات التدميرية» بمحاولة نسف إنجاز مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وما أقره المؤتمر من تأسيس لليمن الاتحادي، الذي قال إنه «هو الطريق الآمن» للشعب.

 

وتوعد الرئيس هادي من يحاول المساس بالوحدة اليمنية بالهزيمة، وقال: «لن نسمح لأحد - مهما ظن في نفسه القدرة وتوهم في شعبنا الضعف - بجر البلاد نحو مشروعات التقسيم والتجزئة والفوضى والعنف والإرهاب، سواء كانت هذه الدعوات والمحاولات داخلية أو خارجية».

 

وأضاف: «نبذل كل ما نستطيع من جهد لاستعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب بكافة أشكاله، والتمرد بكل صوره، في شمال الوطن وجنوبه (...) فهناك تحديات كثيرة وعراقيل واسعة توضع أمام مسار استعادة الدولة، ولكننا مصممون على القيام بواجبنا في الحفاظ على وحدة البلاد واستقلالها، وسيادة وسلامة أراضيها، واستعادة الدولة ومؤسساتها».

 

وعن تعامل الشرعية مع دعوات السلام والمبادرات الإنسانية، قال هادي: «جاءت جائحة (كورونا)، وتداعى العالم كله للبحث عن فرص السلام، وتقدم الأمين العام للأمم المتحدة بمبادرة لوقف إطلاق النار، والتي أعلنَّا مباشرة موافقتنا عليها، ثم تقدم المبعوث الخاص بمبادرة لإعلان وقف إطلاق النار، وفتح الطرقات والمطارات، وتعاملنا معها بكل مسؤولية وبكل جدية. وأعلن تحالف دعم الشرعية مبادرته من جانب واحد لوقف إطلاق النار، وأعلنَّا أننا معها، ولم نترك فرصة للسلام ولا للتخفيف عن شعبنا إلا وكنا معها وسباقين إليها».

 

واتهم الرئيس اليمني الميليشيات الحوثية بعدم التعامل بمسؤولية مع دعوات السلام ومبادرات التهدئة، وأشار إلى قيام الجماعة بمهاجمة كل الجبهات في نهم والجوف ومأرب والبيضاء والضالع وتعز، وإلى تنصلها من الاتفاقات المؤقتة التي رعاها المبعوث ومكتبه بخصوص إيرادات الحديدة.

 

وفي حين أشار إلى تبعية الجماعة الحوثية لإيران و«حزب الله» اللبناني، أكد أنها «ترفض السلام وتصر على الحرب، وتعتبر الحرب مشروعاً استثمارياً يعود عليها بالعوائد والأرصدة والمنافع الخاصة».

 

وفيما يتعلق بالتطورات في المحافظات الجنوبية، أشار هادي إلى الخطوات التي سلكتها الشرعية في مواجهة تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي - دون أن يشير إليه بالاسم - وصولاً إلى توقيع اتفاق الرياض، وما تبع ذلك من إعلان «الانتقالي» الشهر الماضي «الإدارة الذاتية» في المحافظات الجنوبية.

 

وفي عبارات اتهامية تشير إلى «الانتقالي»، قال هادي: «هناك من لا يريد لهذا الشعب أن يستقر، ولا لهذه السفينة أن ترسو إلى بر الأمان، فإذا بهم بدلاً من تثمين الجهود واحترام إرادة الناس، وتقدير جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية، والأصدقاء في المجتمع الدولي، ذهبوا في طريق الغواية، وقاموا بمواصلة التمرد بممارسات عملية رافضة للاتفاق، ومحاولات متكررة للسطو على الدولة ومؤسساتها، وإعاقتها عن القيام بمهامها، ومنع تنفيذ اتفاق الرياض، وصولاً إلى ما سمي إعلان الإدارة الذاتية، والبدء في مهاجمة الجيش الوطني في أكثر من محافظة».

 

وتابع بالقول: «لقد رفض اليمنيون جميعاً هذه الخطوات المتهورة، ورفضه الإقليم، ورفضه المجتمع الدولي؛ لأنه لن يرضى أحد بهذه الممارسات التي تسعى لتقسيم البلاد واغتصاب السلطة، واستعادة دورة العنف والفوضى».

 

وفي حين دعا الرئيس اليمني «الانتقالي الجنوبي» إلى حقن الدماء، أكد أن «اتفاق الرياض لا يزال حتى اللحظة خياراً متاحاً وممكناً، ومخرجاً حقيقياً لهذه الأحداث».

 

وقال: «عليهم فقط أن يجنحوا للحق، وأن يتنازلوا عن العناد، وأن يتراجعوا عن الإجراءات التي أعلنوها، ويتوقفوا عن السطو على مؤسسات الدولة، وانتهاك حقوق أبناء محافظة عدن ولحج والضالع، ووقف عمليات النهب لموارد الدولة، وحملات الاعتقالات التعسفية، واستهداف الجيش»، في إشارة إلى قادة «الانتقالي».

 

إلى ذلك، كشف هادي عن موافقته على تشكيل لجنة مشتركة للطوارئ على مستوى اليمن، بما فيه من مناطق سيطرة الحوثيين، لمواجهة جائحة «كورونا»؛ إلا أن كل المبادرات - بحسب تعبيره - «ذهبت أدراج الرياح، بفعل الأنانية واللامسؤولية وعدم الاكتراث».

 

وقال هادي إنه «يتابع الحكومة لتتجاوز كافة العراقيل المفروضة أمامها، والوصول للناس بكافة الطرق لتقديم الخدمات ومواجهة الكوارث»، داعياً في الوقت نفسه «المجتمع الدولي والمنظمات المختصة والدول المانحة، لمساعدة الشعب ومساعدة الحكومة في إنقاذ الناس ومواجهة المخاطر».

 

وأبدى ثقته بقدرة شعبه على تجاوز التحديات الماثلة، وجدد توعده لأعداء الشرعية الذين وصفهم بـ«المأزومين والحالمين بعودة الماضي بصراعاته ودمويته وفوضويته».

 

وتابع: «سننتصر على الكهنوت والتخلف، وسننتصر على المقامرين ودعاة التقسيم، وسننتصر على الوباء بالوعي والتلاحم الاجتماعي والتراحم والتعاون والإخاء والتسامح، وسننتصر على كل ذلك باستعادة الدولة وهزيمة الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة على كل ذرات التراب الوطني».

 

يشار إلى أن عدداً من الأحزاب اليمنية المؤيدة للشرعية يتصدرها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» الموالي لهادي، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح». أصدرت من جهتها بياناً لمناسبة الذكرى الـ30 للوحدة، أكدت فيه على وجود «أخطاء» جاء مؤتمر الحوار الوطني لإصلاحها.