آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-06:05م

ملفات وتحقيقات


جيل تويتر.. شباب الربيع العربي يعيد صياغة مستقبله

الخميس - 27 أكتوبر 2011 - 02:45 ص بتوقيت عدن

جيل تويتر.. شباب الربيع العربي يعيد صياغة مستقبله
يشير أداء «جيل (تويتر)» الحيوي في الربيع العربي إلى أن تأثيره على المجتمعات العربية سيكون مهما، جزئيا، نظرا للتغيرات التي يخلقها الإعلام الاجتماعي على مستخدميه الشباب

المجلة

جذب «تويتر»، و«أخواته» من وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك ويوتيوب وغيرهما، الأنظار إليه خلال الربيع العربي، حيث أرجع إليه المعلقون جانبا كبيرا من الفضل في إثارة الانتفاضات الشعبية وتأجيجها، وما لا شك فيه أن هناك جيلا جديدا في الشرق الأوسط يستخدم الإعلام الاجتماعي للتعبير عن نفسه، وتشكيل مجتمعاته والعالم من حوله، حيث تنظر وسائل الإعلام بشكل عام والمجتمع ككل إلى هذه الظاهرة الإعلامية الاجتماعية باعتبارها شريكا جديدا مهما، ولكن إلى أي حد يعمل ذلك الجيل الجديد على إعادة تشكيل الشرق الأوسط؟

 

يمكن رصدهم بسهولة في فصل ديبورا ويلر بالجامعة الأميركية بالكويت، فهم يفضلون ارتداء التيشيرتات ذات الألوان البراقة والشورتات والصنادل، ويحملون في بعض الأحيان جهازي آي فون وبلاكبيري في الوقت نفسه ويرسل كل منهم من 20 إلى 30 رسالة نصية خلال محاضرة ويلر.


 تقول ويلر: «إنهم بارعون في الانتباه وإرسال الرسائل في الوقت ذاته، حتى أنني لا ألحظ ذلك إلا بعد فوات الأوان، وكان لدينا قاعدة هنا وهي أنه إذا ما رن الهاتف أو إذا ما اكتشفت أنهم يرسلون الرسائل، يكون عليهم أن يحضروا لي شوكولاته في اليوم التالي، ولكنني كنت أزداد سمنة، فقررت أنه يجب علي إدراك أن هذا الجيل مدمن لتلك التكنولوجيا».

 

لنأخذ أحمد شهاب الدين على سبيل المثال، ففي اللحظة التي تنحى فيها الرئيس المصري محمد حسني مبارك، كان شهاب الدين يشاهد الحدث التاريخي أثناء ركوبه القطار السريع من واشنطن إلى نيويورك، ولم يكن يستطيع إخفاء فرحته وهو يشاهد الصور الحية لميدان التحرير التي كانت تبثها قناة «الجزيرة» على اللاب توب، كان يرسل رسائل نصية لأصدقائه في الميدان من خلال هاتفه الجوال، يقول شهاب الدين (27 عاما): «ذلك هو معنى أن العالم أصبح قرية صغيرة، إذ يمكن أن تكون مسافرا بسرعة 85 ميلا في الساعة بالقطار وفي الوقت نفسه تكون قادرا على أن تشارك كمستقبل ومنتج للمعلومات والأخبار».


جيل تويتر

لقد استخدم هؤلاء الشباب الشبكات الاجتماعية للتواصل مع الأصدقاء ومشاركة الملفات الموسيقية وتتبع المشاهير وتبادل الصور، ولكنهم أظهروا أخيرا كيف يمكن لتلك الأدوات أن تصبح ذات قيمة في صناعة التاريخ، حيث استخدموها في الربيع العربي لقيادة التغير الاستثنائي للأنظمة السياسية في المنطقة.


 يقول تقرير الإعلام الاجتماعي العربي: «شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2011 ما يمكن أن نصفه بأنه تغير أساسي في استخدام العالم العربي للإعلام الاجتماعي.. والحشد الاجتماعي والمدني من خلال شبكة الإنترنت.. لتنظيم المظاهرات (سواء كانت موالية أو مناهضة للحكومة)، ونشر المعلومات من خلال الشبكات وتعزيز الوعي بشأن الأحداث الجارية سواء محليا أو عالميا».

 

وربما يكون التقرير الذي أصدره برنامج الحوكمة والإبداع في كلية دبي للإدارة الحكومية في مايو (أيار) الدراسة الأكثر شمولا للإعلام الاجتماعي في العالم العربي.

أثار ارتفاع مكانة الإعلام الاجتماعي عددا من الأسئلة حول من يستخدمه ودوره في الربيع العربي وعلاقته بوسائل الإعلام بشكل عام وتأثيره على المجتمعات العربية.

يعد «تويتر» أحد وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي كان لها أهمية بالغة خلال الربيع العربي، إذ يقول ديفيد فارس الأستاذ المساعد بجامعة روزفلت بشيكاغو والذي قضى أربع سنوات يدرس كيف يستخدم المصريون الإعلام الاجتماعي: «يستخدم (تويتر) لأغراض مختلفة في أماكن مختلفة، ولكن في سياق سلطوي مثل مصر، فإنه يعد أداة للمعارضة وهم يستخدمونه لذلك الغرض بلا هوادة».

 

وتعد جيليان يورك، مديرة حرية التعبير الدولية بمؤسسة الجبهة الإلكترونية بسان فرانسيسكو، من مستخدمي الإعلام الاجتماعي المخلصين ولديها العديد من الأصدقاء في الشرق الأوسط الذين التقت بهم من خلال شبكة الإنترنت.

تقول جيليان: «لقد كان استخدام (تويتر) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر ابتكارية من أي مكان آخر في العالم».
قليلون لكنهم بالملايين

يعد مستخدمو الإعلام الاجتماعي فئة ضئيلة في العالم العربي، حيث إن القدرة على الوصول إلى الإنترنت ومستويات الوعي الرقمي ما زالا منخفضين، ولكن عدد الأشخاص الذين يتصلون بالإعلام الاجتماعي في المنطقة يتزايد بسرعة، فقد تزايدت تلك الظاهرة في الربع الأول من العام الحالي بخاصة في الدول التي وقعت فيها المظاهرات، وفقا لما قاله تقرير الإعلام الاجتماعي.

 

كما يعد «فيس بوك» من أكثر أدوات الإعلام الاجتماعي شعبية في العالم العربي حيث بلغ عدد مستخدميه 2,7711,503 في أبريل (نيسان) 2011. وهو تقريبا ضعف العدد الذي كان في شهر أبريل/نيسان 2010، عندما كان يبلغ عدد مستخدميه 1,479,1972 كما أفاد التقرير، وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2011، ازداد مستخدمو «فيس بوك» في العالم العربي بنسبة 30 في المائة حيث كان معظم المنضمين الجدد من مصر في تلك الفترة ويبلغ عددهم مليوني مستخدم.

أما بالنسبة لـ«تويتر»، فيقدر التقرير أن هناك نحو 6.5 مليون مستخدم في العالم العربي من بينهم 1.5 مليون مستخدم دائم لـ«تويتر». وتعد الدول التي لديها أكبر عدد من مستخدمي موقع «تويتر» هي الإمارات تليها قطر، ثم مصر والمملكة العربية السعودية ثم الكويت. وفي المملكة العربية السعودية، ازداد عدد التويتات بنسبة 400 في المائة في عام واحد (وكان متوسط الزيادة في الفترة نفسها في باقي أنحاء العالم يصل إلى نحو 90 في المائة).

 

ويتألف مستخدمو الإعلام الاجتماعي في الغالب من الشباب، فنحو 70 في المائة من مستخدمي «فيس بوك» في العالم العربي بين 15، و29 عاما، ونظرا لأنهم يعيشون في منطقة يوجد بها نحو 60 في المائة من السكان تحت الثلاثين، فإن نشاطهم من خلال الإعلام الاجتماعي يرتكز على التأثير على مجتمعاتهم.


 ولكن وصف تلك الظاهرة الجديدة بأنها «جيل (تويتر)» ليس بالأمر السهل. وبالطبع ليس لدينا أفضل من شهاب الدين، أحد مقدمي برنامج «ستريم» بـ«الجزيرة» الإنجليزية، وهو برنامج إخباري حول الإعلام الاجتماعي يربط بين مجتمعات الإنترنت وجماهير التلفزيون. وكان شهاب الدين الذي يعيش حاليا في واشنطن قد قضى نصف حياته في العالم العربي مع والديه الفلسطينيين.

وعندما طلب منه أن يصف أقرانه قال: « هم متهورون، مباشرون، واعون، يتميزون بالدقة، ومهتمون بالتواصل، حتى إن لم يكن لديهم شيء مهم يقولونه. ولكن في المجمل، فإن أول شيء يتبادر إلى ذهني، هو الشجاعة وللأمانة فإن ذلك الانطباع تكون عن طريق الناس الذين أتابعهم إلكترونيا والحوارات التي قررت أن أبدي لها اهتماما».

كما تقول يورك: «إن التعميم بشأن (جيل تويتر) ليس أمرا سهلا ولكن ما رأيته كان عددا كبيرا من الشباب المولعين بالتكنولوجيا. وهم من مستويات تعليمية مختلفة فبعضهم حاصل على درجات جامعية أو على الأقل حاصل على شهادات ثانوية. وهم أناس يستخدمون الأدوات الرقمية ليس بالضرورة كأداة للنشاط السياسي، كما أن هناك العديد من الناس الذين يحبون فقط فيس بوك».

 

ويشبه ذلك النتائج التي توصل إليها استقصاء 2010 الذي تم برعاية معهد عصام فارس الجامعة الأميركية ببيروت واليونيسيف وأداره جاد مالكي، الأستاذ المساعد بالإعلام الاجتماعي بالجامعة الأميركية ببيروت. حيث وجد ذلك الاستقصاء أنه «نادرا ما يوجد شباب عربي يستخدم الإعلام الاجتماعي للنشاط السياسي؛ فقد كانوا يستخدمونه أساسا للتسلية، وللتواصل مع الأصدقاء، وللاطلاع على المعلومات بشكل أساسي وليس لإنتاجها».

ولكن ذلك الاستقصاء تم عمله قبل الربيع العربي، عندما تم أخذت آراء نحو 2744 شابا تتراوح أعمارهم بين الثالثة عشرة والثامنة والعشرين يعيشون في لبنان والأردن والإمارات، وعندما فحص فارس من جامعة روزفلت استخدام الإعلام الاجتماعي في مصر وجد صورة مختلفة وهو ما ساعد على فهم دور تلك الأدوات خلال الانتفاضات الأخيرة.

إعلام بلا حدود

لقد كان هناك جدل واسع حول دور الإعلام الاجتماعي في الربيع العربي، ولكن هناك إجماعا ناشئا يفيد بأن الثورات في تونس ومصر وغيرها من الدول جاءت نتيجة للظلم الممتد الذي تعرضت له قطاعات واسعة من سكان تلك الدول وكان سيحدث في كافة الأحوال في مرحلة ما، ولكن الإعلام الاجتماعي لعب دورا حيويا في العديد من الجوانب.

ولا: جهز الأرضية للثورات عن طريق التأثير على الرأي العام وخلق شبكات على الإنترنت تضم الناس المتشابهين في طريقة التفكير؛ فقبل سنوات من اندلاع مظاهرات 25 يناير (كانون الثاني) في مصر، يقول فارس إن النشطاء الرقميين كانوا يستخدمون الإعلام الاجتماعي «لجمع الناس الذين يحملون وجهات النظر نفسها حول النظام وينظمون المظاهرات ويبنون حركة يمكن نشرها في أوقات الأزمات لمواجهة النظام». وكان معظم هؤلاء الناشطين، الذين كانوا يكتبون المدونات في البداية، يخلقون «فضاء عاما بديلا» يمكن عن طريقه المعارضة ومشاركة المعلومات «كوسيلة لمناورة بنى الدولة السلطوية»، وفقا لفارس.

 

وكان لـ«فيس بوك» أهمية خاصة في كل من تونس ومصر. فقد كانت صفحة «فيس بوك» التي تم تأسيسها في 2010 «كلنا خالد سعيد» والتي أنشأها وائل غنيم، المدير التنفيذي بشركة «غوغل» لتخليد ذكرى مصري ضربته قوات الشرطة حتى الموت عاملا أساسيا في حشد الرأي العام وتمهيد الطريق لأحداث يناير (كانون الثاني) 2011، وفقا للعديد من المراقبين.

وفي المراحل الأولى للمظاهرات في كلا البلدين، تم استخدام الإعلام الاجتماعي بوصفه وسيلة فعالة لحشد الجماهير وتسريع إيقاع الأحداث حتى وصلت إلى مرحلة حرجة، وفي تلك المرحلة، جاء دور «تويتر»، وفقا لفارس حيث يقول: «عندما انتقلت الحركة إلى الشارع أصبح (تويتر) أكثر أهمية فيما يتعلق بمشاركة المعلومات حول مكان حدوث المظاهرات». فقد خلق هاشتاج مجتمعا موحدا على الفور، ويقول «كان يجمع كل من لديه قدرة على الدخول على الإنترنت والمشاركة في تلك المظاهرات».

 

وكانت ويلر، أستاذ العلوم السياسية بالأكاديمية البحرية الأميركية بأنابوليس بماريلاند والتي تدرس التنمية البشرية بالعربية في الجامعة الأميركية بالكويت كل صيف تدرس تأثير الإنترنت على المجتمعات العربية لأكثر من عقد. فتقول ويلر: «لم يكن كل من ذهب إلى التحرير لديه القدرة على الوصول إلى الإعلام الاجتماعي ولكن كان هناك عدد كاف لحشد الناس والتواصل بطريقة مفتوحة».

وأخيرا، فإن الإعلام الاجتماعي، كان أساسيا في نقل ما يحدث سريعا إلى للعالم الخارجي، حيث يقول شهاب الدين إنه بعد يومين من حرق محمد بوعزيزي نفسه: «كانت هناك مظاهرات للتضامن في برلين، وإيطاليا، ومصر» لأن الناس قرأوا الخبر من خلال (تويتر) ولم يكن الخبر منشورا في وسائل الإعلام الرئيسية».


 وفي تونس، جمع النشطاء على الإنترنت المعلومات التي نشرها المتظاهرون من خلال الإعلام الاجتماعي ونشروها في مقال يمكن للأجانب الوصول إليه وفهمه خاصة الصحافيين على الموقع الإلكتروني nawaat.org وهو الموقع الذي تم إنشاؤه في 2004 للمقالات المعارضة لنظام بن علي السابق مما ساعد التونسيين في ثورتهم من خلال نشر تسريبات «ويكيليكس» حول الفساد الحكومي.

وفيما كان مالكي يتفق مع ذلك الدور للإعلام الاجتماعي في الانتفاضة بشكل عام، فإنه يؤمن بأن هناك مبالغات حول تأثيره ومدى استخدامه. فيقول: «لا أعتقد أنه بذلك القدر الذي يتحدث عنه الناس في وسائل الإعلام».

وكان فارس أكثر تحديدا. «يجب أن نعطي لـ(فيس بوك) و(تويتر) حصتهم الحقيقية فيما حدث. حيث إن هذين التطبيقين كان لهما أهمية خاصة في بدء أحداث 25 يناير (كانون الثاني) ولكن فور بدئها لم يعد لهما نفس الأهمية.

 

ويضيف فارس: «إن ما أجبر مبارك على التنحي لم يكن (فيس بوك) أو (تويتر) أو حتى الاحتجاجات في التحرير، ولكنه كان الإضراب العام الذي بدأته الحركات العمالية المنظمة والذي بدأ في 8 فبراير (شباط)». فقد أصاب الإضراب الذي شمل العاملين بالسكة الحديد والمواصلات العامة، وقطاع الكهرباء، وقناة السويس والعديد من المصانع المختلفة البلاد بالشلل.

 

شركاء جدد

أثار الدور الرئيسي للإعلام الاجتماعي في الربيع العربي وزيادة استخدامه بين الشباب، سؤالا حول ما إذا كانت وسائل الإعلام التقليدية قد أصبحت منقطعة الصلة بالحاضر. ويشير تحليل لما حدث قبل وخلال الربيع العربي إلى أن كلا النوعين من الإعلام بحاجة إلى بعضهما البعض.
 يقول فارس: إن العديد من المدونين المشاهير والذين لهم جماهير عريضة كانوا من الصحافيين أو لهم صلات وثيقة بالصحافيين؛ وبالتالي، فإن المواد التي ينشرونها خاصة في القضايا الحساسة مثل التعذيب والاحتجاز القسري كانت دائما ما يتم نشرها في الصحف ومحطات التلفزيون المستقلة. ويقول: «ذلك تغير جوهري نظرا لأنه يعني أن الدولة لم يعد لديها سيطرة على صناعة الخطاب».

 

وعندما بدأت الانتفاضة في تونس ومصر، تعمقت تلك الشراكة، ونظرا لمنع كاميراتها من التصوير في تونس، بدأت «الجزيرة» التنقيب عن مقاطع الفيديو والمعلومات والمصادر عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.
 يقول مالكي: «في تونس، عندما كان الناس يضعون مقاطع فيديو على (يوتيوب)، كانت الشكوك تحيط بمصداقيتها حتى يتم نشرها على موقع Nawaat.org فتأخذها (الجزيرة) وتبثها على قنواتها، وكان التونسيون يشاهدون تلك المقاطع مما يمنحها المزيد من المصداقية، وقد ساعد ذلك التفاعل بين تلك الكيانات الثلاثة في إسقاط حاجز الخوف».

 

كانت يورك تتابع الاحتجاجات التونسية أول الأمر على «تويتر»، وتقول إنه عندما بدأت «الجزيرة» في تغطية الأحداث «بدأ العالم بأسره يسمع عما حدث، أي كل من لم يسمع عما يجري عبر (تويتر)».
 وعندها انتقلت الدعوة إلى مصر تقول يورك: أعتقد أن ظاهرة تساقط قطع الدومينو يرجع الفضل فيها إلى الإعلام الاجتماعي، موضحة أنها أعطت الإعلام التقليدي محتوى لم يكن باستطاعتها الحصول عليه بنفسها، «كان التلفزيون سيغطي ما يحدث في كافة الأحوال ولكنه لم يكن باستطاعته التغطية بنفس السرعة والبساطة والفعالية دون الاستعانة بالإعلام الاجتماعي، بالإضافة إلى الاطلاع على ما يحدث من الداخل والوصول إلى المصادر».


جيل يصنع الأحداث

يشير أداء «جيل (تويتر)» الحيوي في الربيع العربي إلى أن تأثيره على المجتمعات العربية سيكون مهما، جزئيا، نظرا للتغيرات التي يخلقها الإعلام الاجتماعي على مستخدميه الشباب.

وكما يفيد التقرير، «تشير الدلائل الظاهرية إلى أن نمو الإعلام الاجتماعي في المنطقة والتغير في توجهات استخدامه قد لعب دورا محوريا في الحشد وتمكين وتشكيل الآراء والمساهمة في التغيير، فهناك عدد كبير من الشباب والمستخدمين الفاعلين للإعلام الاجتماعي في العالم العربي في الوقت الراهن.. وهناك شيء واحد مؤكد وهو أنه مع ارتفاع أعداد الشباب في المنطقة وتزايد معدلات الوعي، يلعب الإعلام الاجتماعي دورا متناميا في التطورات السياسية والمجتمعية والاقتصادية في العالم العربي».

إذن ما الذي يفعله الإعلام الاجتماعي في المستخدمين الشباب؟


 الأكثر أهمية، إنه، كما يقول مالكي: «يترك لهم خيارات لم تكن متاحة من قبل». كما يوفر الإعلام الاجتماعي «سبلا جديدة للناس كي يعبروا فيها عن أنفسهم بعيدا عن وسائل الإعلام التي تديرها الدول»، وفقا لما يقوله زكي سفر (27 عاما)، مهندس الكهرباء بشركة «أرامكو» السعودية، ويضيف: «لم يعد تدفق المعلومات تحت السيطرة وبالتالي فإنه يغير مراكز القوة، حيث عادت للشعب وهو ما يجب أن يكون».

بالإضافة إلى ذلك، سواء أكان الأمر يخص تعليقا ينشر على «يوتيوب»، أم إعادة إرسال (تويت) على موقع «تويتر»، فإن الشبكات الاجتماعية تمنح الشباب الثقة بالذات، وهو ما يناقض تجاربهم الاعتيادية والتي عادة ما يتم تجاهلها حيث يقول سفر: «عندما يرد الناس على تغريدتي في تويتر، أدرك أنني لست وحدي وأنني لست فردا يصرخ في الصحراء لا يسمع سوى صدى صوته».

وكان سفر أحد منظمي حملة مطالبة بقيادة النساء للسيارات والتي أمكن نشرها عبر «فيس بوك» و«تويتر». فقد أنشأ المؤيدون صفحة على «فيس بوك» باسم «Women2Drive» لترويج الحملة، وقد رفعت النساء اللاتي شاركن في 17 يونيو (حزيران) مقاطع فيديو على «يوتيوب» تصورهن وهن يقدن سيارتهن، كما أنهن أرسلن تغريدات حول مشاركتهن تحت هاشتاج #W2drive وهو ما سمح للصحافيين بالحصول على عدد دقيق للسائقات في اليوم الأول، بالإضافة إلى أن مستخدمي صفحة «تويتر» W2drive أصبح الآن نحو 11 ألف تابع.

 

وتعد تلك التجارب على الإنترنت مشجعة، إذ تقول إيمان النفجان المدونة من الرياض: «أصبح للجميع الآن منفذ يتحدثون من خلاله. وعندما تدرك أن جارك لديه نفس الآراء التي لديك تشعر بأنك شجاع بما يكفي للحديث عما يجول بخاطرك. فالأمر معد حقا».
 مما لا شك فيه أن الحكومات تراقب «فيس بوك» و«تويتر» كما أنها تستخدمه أيضا للتأثير على الرأي العام، وسرعان ما يكتشف المستخدمون كاتبي التغريدات الحكومية الذين ينعتون بـ«البيض» نظرا لأنهم لا يضعون صورهم الشخصية إلى جانب تغريداتهم، ويبقون بدلا منها الصورة الرئيسية لـ«تويتر» والتي تحمل رمزا بيضاويا.

 

كما أن الإعلام الاجتماعي يحطم الجدران والحدود، يقول شهاب الدين: «ربما يكون الشيء الأكثر أهمية هو أنني أختار أن أقضي الوقت وطاقتي في الحفاظ على العلاقات مع الناس الذين لا أعرفهم بالضرورة والذين ربما لم ألتق بهم شخصيا من قبل ومع ذلك فإنني أشعر بأنهم مقربون لي». وأضاف أن العديد من أقرانه «يتزايد وعيهم بكيفية انغماسهم في النسيج الاجتماعي لأنهم يتواصلون مع أناس لم يتواصلوا معهم من قبل، نحن نعيش حاليا في عالم أصبح فيه لا معنى للحدود ولا لحركة الأفكار، كما تجلى في سياق الانتفاضات العربية».

وما زال التأثير الكامل لتلك الهجمة الجديدة للإعلام الاجتماعي لم يكتمل، فتقول ويلر إن كافة تلك التجارب على شبكة الإنترنت في تزايد مستمر وتخلق بثبات واقعا جديدا في الحياة الجمعية في العالم العربي، وتضيف: «أعتقد أن الشباب الذين يتواصلون مع تلك التقنيات لديهم وعي عميق بما يحدث من حولهم ولديهم وعي بما يحدث في مجتمعاتهم ولديهم وعي بالسياسة الخارجية الأميركية ولديهم آراء بشأن ما يحدث» وهو ما يشاركونه مع «الناس في المجتمع العالمي ومجتمعاتهم المحلية، وأعتقد أننا في عصر جديد لا يستطيع السياسيون أن يختبئوا فيه».

 

كاريل مورفي

من هي كاريل مورفي: صحافية مستقلة تقيم في السعودية. عملت لفترة طويلة مراسلة لصحيفة واشنطن بوست وحازت جائزة بوليتزر للمراسلين الدوليين عام 1991 ، وجائزة جورج بولك للمراسلين الأجانب عام 1990 عن تغطيتها لأخبار الكويت بعد الغزو العراقي وما تلاه من حرب الخليج عامي 1990 – 1991. وألفت كتاب» الشغف بالإسلام« الذي يناقش الصحوة المعاصرة للإسلام وجذور التطرف الديني في الشرق الأوسط. ويتناول الكتاب، الذي نشرته دار» سكريبنر «ظهور الإسلام من جديد من منظور مصري، حيث عاشت ميرفي خمسة أعوام هناك. "