آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

أخبار وتقارير


قوة الولايات المتحدة تتقهقر امام الإجتياح الكاسح للفيروس التاجي.

الخميس - 02 أبريل 2020 - 06:40 م بتوقيت عدن

قوة الولايات المتحدة تتقهقر امام الإجتياح الكاسح للفيروس التاجي.

تقرير / محمد مرشد عقابي

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريق عمل البيت الأبيض لمواجهة تفشي كورونا من الأميركيين الإستعداد لأسبوعين عصيبين للغاية على حد وصفه في مواجهة ذروة وباء فيروس كورونا المستجد.

وقال ترامب في المؤتمر الصحفي المنعقد أمس في البيت الأبيض "سيكون الأسبوعان القادمان عصيبين للغاية وسنبدأ برؤية النور في نهاية النفق"، مشيراً إلى أن الأعداد ستزداد بكثرة في هذه الفترة، مطالباً الأميركيين بالصبر.

واضاف : صبرنا سيختبر لكننا سنواجه هذا بعزم من حديد وعلى الأميركيين أن يعملوا سوياً ويلتزموا بالإجراءات الوقائية، مؤكداً أنها "مسألة حياة أو موت"، وتوقعت منسقة فريق مكافحة الأزمة الدكتورة "ديبورا بريكس" وفاة ما بين مئة ألف ومئتي ألف أميركي خلال الأزمة، وقالت بانه يتم تقييم النماذج المختلفة وتطورات الأزمة وأعداد الإصابات والوفيات في الولايات المختلفة مثلما يتم تقييم تجارب الدول الأخرى والتطورات في إيطاليا الأكثر تضرراً لنعرف ما قد نحتاج إليه في المستقبل لمكافحة التزايد في عدد الإصابات.

وقال ترامب : إذا عملنا جيداً والتزم الأميركيون فربما يكون العدد أقل ونعمل على ذلك، وأصبحت الولايات المتحدة الأولى عالمياً من حيث عدد الإصابات المسجلة بفيروس كورونا المستجد والتي وصلت إلى اكثر من 184 ألف حالة تعافى منها أكثر من ستة آلاف شخص وتوفي 3756 آخرون، لأفتاً إلى أن الأزمة الحالية تعلم الناس عادات صحية جيدة ستستمر معنا في المستقبل مثل عدم المصافحة وغسل اليدين باستمرار والإبتعاد عن بعضنا البعض، مثمناً دور العاملين في المجال الصحي وقال بإنهم يذهبون لأعمالهم في خضم ظروف صعبة فتعمل مع زميلك ثم تسأل عنه بعد يومين فيقولون لك إنه دخل في غيبوبة أشياء لم نرها أبداً تحدث إلا حالياً، معلناً أن شيكات المساعدة المالية للأميركيين ضمن الحزمة الإقتصادية الثالثة بقيمة 2.2 تريليون دولار يتم العمل عليها من أجل إرسالها بسرعة وأن طلبات الإعانة سيتم البدء في تلقيها يوم غداً الجمعة 3 أبريل، مؤكداً أن إدارته تعمل على تزويد الولايات المختلفة باحتياجاتها من الأسرة والأدوات الوقائية، منوهاً الى انه قد تم ارسال الكثير من الأدوات إلى نيويورك ونيوجيرسي ولويزيانا وميشيغان وكاليفورنيا.

وكان هذا الأسبوع قد شهد العديد من المبادرات الحكومية في الولايات المتحدة وأوروبا لتحفيز الإقتصادات ودعم الأفراد جراء ما سببه التفشي العالمي لفيروس كورونا (كوفيد- 19) من شلل لجوانب الحياة المختلفة حيث أُرغم نحو ثلث سكان العالم على البقاء في منازلهم لوقف انتشار الفيروس القاتل، ومع استمرار تراجع اقتصادات العالم في ظل هذه الأزمة تشير الكثير من التوقعات لحدوث تدهور أكثر حدة خلال الأسابيع المقبلة في مشهد أكثر فوضوية من الركود الإقتصادي الكبير الذي وقع عام 2008م، ففي الولايات المتحدة أقر الكونغرس الأميركي بعد اتفاق مع البيت الأبيض خطة تحفيزية للإقتصاد بما يزيد على تريليوني دولار هي الأكبر على الإطلاق في تاريخ البلاد والتي تهدف إلى عدم خسارة العمال وظائفهم حسبما أعلن دونالد ترمب وتنطوي الحزمة على تخصيص 250 مليار دولار للمدفوعات المباشرة للأفراد والأسر من خلال منح شهرية للفرد تبلغ 1200 دولار و 250 مليار دولار لإعانات التأمين ضد البطالة والتي ستتراوح بين 200 و 500 دولار للفرد أسبوعياً فضلاً عن 350 مليار دولار قروض للمشروعات الصغيرة و 500 مليار دولار كقروض للشركات المتعثرة، وفي ألمانيا تبنى البرلمان خطة تدابير شاملة بقيمة 1100 مليار يورو تشمل قروضاً بـ 156 مليار يورو لدعم الشركات والموظفين ونظام الصحة ومئات المليارات كضمانات للقروض المصرفية الممنوحة للشركات، كما قدمت حكومات أوروبية أخرى خطط دعم للأفراد والعائلات من بينها الحكومة البريطانية التي أعدت خططاً لمساعدة مليونين تقريباً من بين 5 ملايين شخص يعملون لحسابهم الخاص حيث يرى العديد من الخبراء بان هذه التحركات أثارت جدلاً واسعاً في معاقل الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة ومنحت الفرصة أمام اليسار المتشدد للترويج مجدداً للحاجة إلى مزيد من الإشتراكية، ويقول "بيرني ساندرز" المرشح الديمقراطي المحتمل لإنتخابات الرئاسة الأميركية والذي ينتمي إلى الجناح التقدمي إنه كان يمكن احتواء الفيروس بسهولة أكبر إذا كان لدى الولايات المتحدة نظام تأمين صحي للجميع تغطيه جهة واحدة منتقداً نظام الرعاية الصحية الذي تديره الشركات بإعتباره يفاقم تهديد الوباء.

وأشار البعض إلى أن الوباء والأزمة الاقتصادية في 2008 وعواقب أسعار النفط المنهارة جميعها تكشف عن الظلم والتفاوتات الشديدة في النظام الإقتصادي والإجتماعي مما يؤكد الحاجة إلى ثورة مجتمعية والإتجاه نحو مزيد من الديمقراطية الإشتراكية، فيما تساءل آخرون "هل ستجعلنا هذه الأزمة ندرك الحاجة إلى اعتمادنا المتبادل مما يدفع إلى تبني نوع السياسات الإقتصادية أو الإجتماعية التي لا يتم العمل بها في الأوقات العادية بسبب حساب المصلحة الذاتية؟

وهل ستستثمر الحكومات في الرعاية الصحية والإسكان والتعليم والتدريب للمواطنين الذين تركتهم قوى العولمة؟"، واعتبر البعض هذه التعليقات بانها محاولة من أولئك الذين يدفعون نحو الإشتراكية لإستغلال أزمة فيروس كورونا لتنفيذ أجندتهم، وبعيداً عن الأيديولوجيات السياسية يقول "جيمس تراوب" الخبير في مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك إن أزمة وباء كورونا يمكن أن تعيد إحياء مفهوم دول الرفاه من خلال صعود فكر التضامن السياسي حيث تطرح تساؤلاً جاداً بشأن أي ظروف سياسية يمكن أن تجعل الدول توافق على معالجة عدم المساواة وتوفير السلع العامة المعززة عن طريق زيادة الضرائب على الأغنياء، بينما شبه الكاتب الأميركي "دان مكلوغين" في مقال بمجلة (ناشونال ريفيو) التدخل الحكومي الحالي من خلال الحوافز المالية لدعم الإقتصاد برجل الإطفاء وليس اشتراكية،

موضحاً أنه عادة ما يكون رجال الإطفاء من بين المسؤولين الحكوميين الأكثر شعبية لأنهم يظهرون عند الحاجة وينهون العمل ثم يغادرون ولا يوجد تناقض في ترحيب الأميركيين بهؤلاء عندما يصلون إلى مكان الحريق ولكنهم يفضلون مغادرتهم عندما ينتهون فجوهر الرؤية التقدمية الإشتراكية للحكومة هو أن رجال الإطفاء لا يغادرون أبداً، ويضيف أن الحكومة لها دور في منع الحريق من اجتياح حي بأكمله، ويتطلب هذا الدور بنية تحتية أكثر ديمومة في المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان لكنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على القدرة التطوعية للقطاع الخاص الواسع والمبدع من الأطباء والممرضات ومصنعي الأجهزة الطبية وشركات الأدوية فحشد الطاقات على أساس وطني في وقت الأزمات ليس مثل تحويلهم إلى جيش دائم من موظفي الخدمة المدنية، ويشير "مكلوغين" إلى أن الموارد التي يمكنهم الإعتماد عليها الآن لن تكون موجودة إذا حققنا الحلم التقدمي بإستنزاف معظم أو كل دافع للربح والتنوع المحلي من قطاع الرعاية الصحية لدينا، بينما يقول "بيل شير" المحلل السياسي الأميركي إنه في حين يرى بعض الإشتراكيين داخل الحزب الديمقراطي أن حرص الجمهوريين على تبني التحفيز الحكومي الضخم كعلامة على أن الرياح قد تحولت لصالحهم لكن الأمر لا يعدو كونه استجابة لأزمة اقتصادية مفاجئة،

مضيفاً بان الدمار الذي أحدثه فيروس كورونا يدفع الناس في جميع أنحاء العالم إلى التساؤل عما يجب أن يحدث لكي يكون كوكبنا صالحاً للعيش والحياة وبالتأكيد لدى الإشتراكيين فرصة للإسهام في هذه المحادثة ولكن بالنسبة إلى معظم الناخبين فإن الأمر أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، فنحن بحاجة إلى قادة يعرفون كيف يمنعون الأوبئة، ويتابع "لا تتعلق هذه الأزمة بالأيديولوجيا، الأمر يتعلق بالكفاءة" فاثنتان من الدول الأوروبية اللتان تتبنيان نهج ساندرز في الرعاية الطبية تشهدان انهياراً للنظام الصحي في ظل الأزمة الحالية في إشارة إلى إيطاليا وإسبانيا، ويلفت شير إلى حاكم نيويورك "أندرو كومو" وهو ديمقراطي براغماتي تعرض لمعارضة من الجناح اليساري المتشدد في الحزب لكنه يحظى باستحسان حتى من منتقديه من خلال مؤتمراته الصحافية لإدارة الأزمات،

وأشاد بن سميث من صحيفة "نيويورك تايمز" به قائلا "يعقد كومو مؤتمرات صحافية مليئة بالحقائق والأرقام (الدقيقة) كل يوم تقريباً حيث يشرح الأنظمة والتحديات وصنع القرار بطريقة يفتقر إليها ترمب"، مضيفاً بان كومو قرأ الوضع بشكل أفضل من ساندرز وزملائه الإشتراكيين بصفتهم أيديولوجيين، حيث يرى الإشتراكيون الديمقراطيون أزمة ويتحركون على الفور لإستغلالها من أجل تعزيز أيديولوجيتهم لكن معظم الناس في خضم الأزمة يريدون فقط من قادتهم معالجتها وليس استغلالها وتوظيفها لأهدافهم السياسية.