آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:27م

ملفات وتحقيقات


الانتقالي.. المجلس الذي ربط مصيره بالإمارات! (تقرير)

الأحد - 23 فبراير 2020 - 07:11 م بتوقيت عدن

الانتقالي.. المجلس الذي ربط مصيره بالإمارات! (تقرير)

تقرير / ناصر عوض لزرق:

القضية الجنوبية، قضية عادلة لا تقبل أن يتم تمثيلها من قبل مجلس لا يتعدى عمره الـ 3 سنوات ويرى نفسه الآمر الناهي والمفوض الرسمي لهذه القضية التي تحمل على ظهرها آمال وطموحات الملايين من الجنوبيين الذين أشعلت ثوراتهم السلمية المحافل الدولية.

 

يظن ثوار ما بعد 2015م أن المجلس الانتقالي هو الوحيد الذي يمثل القضية الجنوبية، وما سواه ليسوا سوى عملاء وخونة يخدمون أعداء القضية، متناسين كل تلك القيادات والنشطاء والشعب الذي ظل لسنوات يكافح في سبيل نجاح مطالبهم في استعادة دولتهم .

 

أوصلت العنجهيات التي مارستها قيادات المجلس الانتقالي واعضائهم إلى باب صار الكل فيه عدوهم، سواء بقصد أو بغيره، بعد أن خونت وسبت وهاجمت كل من هو ليس معهم أو يملك مكون أو فصيل جنوبي آخر.

 

الثورة الجنوبية

بدأت الثورة الجنوبية بالانطلاق في العام 1994م وانطلقت ثورتها على الساحة في العام 2007م لتستمر إلى يومنا هذا، واستطاعت قيادات ومسؤولين جنوبيين سابقين في إدارة دفة القيادة من خلال التعاون والسير نحو هدف واحد وموحد لا يهدف إلى تخوين الأخر ولا خلق صراع جنوبي جنوبي في سبيل استعادة الدولة الجنوبية.

 

استمرت الثورة الجنوبية وبسلميتها تصارع القمع والتنكيل والقهر والاستبداد، وصمدت ووقفت أمام جميع التحديات بواحدية القرار والعمل، واستمرت بذلك حتى بداية العام 2015م المرحلة التي شهدت فيها اليمن ككل بشمالها وجنوبها إلى انقلاب حوثي كل جميع مفاصل الدولة.

 

توحدت القوى الجنوبية وعمل الكل على مواجهة المليشيات الحوثية من منطلق ديني وسياسي، واستطاعت القوى الجنوبية وبالتعاون مع السلفيين والمواطنين من جميع أحزابهم وتوجهاتهم من دحر تلك المليشيات من المحافظات الجنوبية وبمساعدة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

 

انحراف البوصلة

حملت مرحلة ما بعد التحرير من الحوثيين انخراط القيادات الجنوبية في صفوف الحكومة الشرعية، ونالت تلك القيادات مناصب رفيعة في الشرعية من وزراء ومحافظين ووكلاء وغيرها من المناصب، واستطاعوا بذلك أن يكونوا المتحكمين في أروقة الشرعية.

 

استطاع الرئيس عبدربه منصور هادي من تمكين القيادات الجنوبية من مفاصل الشرعية وصاروا هم المتحكمين فيها، غير أن صراع المصالح الخارجية كانت لها أبعاد وواقع أخر، أضفا بعض المتغيرات التي قادت إلى عزل قيادات جنوبية من مناصبها في الشرعية وتعيينها في مناصب أخرى.

 

قادت الإمارات القيادات التي أقيلت من الشرعية وشكلت منهم مجلساً أطلقت عليه (المجلس الانتقالي الجنوبي)، برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي (محافظ عدن المقال)، وتعيين الشيخ هاني بن بريك نائباً له (وزير شؤون الدولة المقال)، وقيادة الأستاذ أحمد حامد لملس (محافظ شبوة المقال)، واللواء أحمد بن بريك (محافظ حضرموت المقال)، والأستاذ فضل الجعدي (محافظ الضالع المقال)، والدكتور ناصر الخبجي (محافظ لحج المقال)، وعدد آخر من القيادات والأعضاء.

 

اتخذت هذه القيادات من القضية الجنوبية مساراً للضغط على الرئيس هادي والحكومة الشرعية للاستجابة لمصالح الإمارات وقادت إلى مواجهات مسلحة وإسقاط المحافظات الجنوبية إلى مستنقع الفوضى وتشكيل قوات مسلحة غير رسمية لا تخضع للدولة.

 

هاجمت قيادات الانتقالي كل ما هو جنوبي لا تتفق مصالحه مع المجلس وخونته وقادته إلى الخروج إلى خارج الوطن، وحاربت المكونات والفصائل الجنوبية الأخرى واتهمتها بالعمالة وخيانة الجنوب وقضيته، مؤكدة أن لا ممثل رسمي للجنوب وقضيته سوى المجلس الانتقالي وجعلته حكراً عليها فقط.

 

دعمت الإمارات الانتقالي بشقيه السياسي والعسكري وساندتهم في الانقلاب على الحكومة الشرعية مرتين، وقدمت لهم الدعم المالي والعسكري، ومدتهم بالسلاح وتمكنت من طرد الحكومة من العاصمة المؤقتة عدن في يناير 2018م وفي أغسطس 2019م.

 

 مصير الانتقالي

ربط المجلس الانتقالي مصيره بمصير دولة الإمارات وجعل تمثيله للقضية الجنوبية تمثيل ينتهي بما يؤل إليه مصير الإمارات في حربها في اليمن، وقدمت نفسها كأداة تنفذ مصالح الغير، ولا تملك هدف لها تناضل من أجله غير تقديم ما يمليه عليها الممول لها.

 

تخبط الانتقالي ظهر جلياً بعد الأحداث الأخيرة (أغسطس) وخسارتها للمحافظات التي كانت تحت سيطرتها وإبقاء عدن المحافظة الوحيدة التي تسيطر عليها، وجعلها تذهب للحوار مع الحكومة الشرعية في جدة وإصرارها على التوقيع على اتفاقية الرياض.

 

سحبت الإمارات معداتها وقواتها من عدن واليمن جلها، وترك المجلس الانتقالي وحيداً يصارع الشرعية والسعودية، والذي بدأت الأمور تخرج عن سيطرتها بعد تولي المملكة لملف المحافظات المحررة واليمن ككل.

 

وافقت قيادات الانتقالي أن تعود إلى مكانها في صفوف الحكومة الشرعية كما بدأت به بعد حرب 2015م ووقعت ووافقت على الحصول على حقائب وزارية في الشرعية وقدمت الكثير من التنازلات، غير أن كل هذا لم يكن شفيعاً لها أمام المملكة العربية السعودية.

 

دخل المجلس الانتقالي في مهاترات مع قيادة العسكرية السعودية وهتف مناصرون له الهتافات المسيئة للملكة، واتهمتها بتمويل الإرهاب، وهددت بنقض اتفاقية الرياض والحشد العسكري، ناهيك عن التمرد على قراراتها ورفض الانصياع لها.

 

ربط الانتقالي مصيره بالإمارات فصار اليوم قريباً من النهاية الوشيكة، بعد أن تركت الإمارات اليمن ورحبها وسحبت قواتها ومعداتها، وبقي الانتقالي يصارع وحيداً.

 

تنتهي صلاحية المجلس الانتقالي الجنوبي بانتهاء المصالح الإماراتية في اليمن أو بفشلها في تنفيذ أي من المصالح التي جاءت إلى اليمن من أجلها.