برزت في الآونة الأخيرة مع تنامي المساعي الدولية لانهاء الصراع في اليمن حركة نشطة في الجنوب تتحدث عن ضرورة التوافق الجنوبي لايجاد ممثل سياسي للجنوب على طاولة الحوار . المعضلة الجنوبية في التشرذم والتفريخ مستمرة في ظل حالة من الاحتقان والأزمات المتتالية فلازال الشارع العدني يتطلع الى معرفة اسم محافظ المدينة الجديد ومدير الامن بعد ان دار حديث مستفيض حول هذا طوال الأسابيع الفائتة الا ان الجميع بقي رهن الانتظار بلا طائل ، وفي المهرة شرقا تتزايد اللغة العدائية بين رجال القبائل والسعودية قائدة التحالف وادى ذلك الى حدوث صدامات مسلحة بعد ان تعالت النبرة المناهضة لدور التحالف العربي في محافظة تحظى باهتمام إقليمي ودولي كبير.
اما شبوة فلازال الجيش يحكم قبضته على كامل محيطها باسناد كبير من قوات تدين بالولاء لحزب للإصلاح قدمت من مأرب قبل اشهر.
التراشق الالكتروني بين انصار المجلس الانتقالي و السعودية طغت الاسبوع الماضي على المشهد بعد ان تحدث البعض عن ضغوط سعودية لاخلاء عدن من القوات الموالية للمجلس وادخال قوات تتبع الشرعية مما ادى الى تنظيم تظاهرة من قبل انصار الانتقالي رددت شعارات مناهضة للمملكة خطاب المجلس الانتقالي بقي محتفظا بالعتب في اعلى سقوفه والتأكيد على اهمية الاحتفاظ بعلاقة راسخة بالرياض متهما الشرعية وفي طليعتها حزب الإصلاح بمحاولة استقدام عناصر إرهابية الى عدن .
وعبر ناطق الانتقالي نزار هيثم عن مشاعر طيبة يحملها المجلس الانتقالي تجاه الوساطة السعودية ونفى صلة المجلس باي تظاهرات او خطابات متشنجة ضد المملكة .
حديث دوائر واطر إقليمية ودولية عن ازوف لحظة الاتفاق السياسي وايقاف نيران الحرب كان لها صداها جنوبا من خلال حراك لانهاء الانقسام الجنوبي وضرورة تمثيله بشكل موحد في اية مفاوضات قادمة . حيث عاد الانتقالي للحديث عن الحوار الجنوبي والقيام بتشكيل لجنة للتواصل مع بقية الإطراف للخروج بصيغة تشمل الخطوط العريضة التي يمكن ان تكون اسس مشتركة للفصائل الجنوبية .
ردود افعال المكونات الجنوبية على دعوات الحوار وتشكيل " جبهة " موحدة لم تكن متحمسة فمجلس الحراك الثوري فصيل فؤاد راشد دعا على لسان رئيسه الى اعتراف الانتقالي بالأخطاء التي ارتكبها وسببت ما اسماه بالتصدع الخطير في الجسم الجنوبي قبل الانخراط في أية جولات حوار .
وعكس هذا عمق ازمة الثقة بين الاطراف رغم ان ملتقى التوافق الذي يراسه علي المصعبي قد دشن مساعيه لتوحيد الصف من خلال اقتراح تشكيل جبهة وطنية برئاسة الانتقالي تقوم بمهمة تمثيل الجنوب وتضم الاطراف الفاعلة . وهو الامر الذي رفضه عبدالكريم السعدي عضو الائتلاف الوطني مؤكدا ان الامر يستهدف الى " مبايعة " الانتقالي حسب وصفه مشككا في جدوى الامر برمته .
محذرا من ان هدف التحركات هو قطع الطريق على استحقاق اكثر الأهمية وهو الحوار الجنوبي القائم على التمثيل المتساوي .
ورغم الجدل المحتدم الا ان حالة من التفاؤل تسود بان الايام القادمة ستشهد ميلاد التوافق والظهور بفريق واحد يحمل قضية الجنوب بعد ان دار حديث في الكواليس ان الرياض ترعى التقارب بين الجنوبيين وتشدد على ضرورة انجازه وتعتبره مقياس لانطلاقة قوية في الجنوب .
ويرى صالح بامقيشم عضو الامانة العامة للانتقالي ان " التوافق الجنوبي اصبح ضرورة ملحة في هذا الظرف مهما كانت صيغة ذلك التوافق ، وهذا سيسهم في حالة من الاستقرار وتجفيف منابع الاستقطابات والأجندة الخارجية المؤذية " مشددا على متانة علاقة الاطراف الجنوبية بالمملكة العربية السعودية واهمية ان ترعى الرياض المساعي الرامية الى وحدة الصف الجنوبي.
فيما يعتقد عدنان السيد مستشار وزير الداخلية ان الجنوب بحاجة الى انهاء ثقافة الاستقواء والغلبة واستعادة الثقة بين الاطراف الجنوبية وبدون هذا سيبقى الحال على ماهو عليه .
وأضاف : ان التخوين والاقصاء وعدم القبول بالراي الاخر سيمثل عقبة كبيرة لكن الشعب يستحق ان يتنازل الجميع ويغادروا التمترس خلف الشعارات الفارغة فلايمكن ان يكون هناك وطن سوى بجميع أبناءه .
ربما الايام القادمة كفيلة باماطة اللثام عن مدى ماحققته جهود اخراج الجنوب من الحال الذي يعيشه على كل الاصعدة بعد ان اصبح هناك شبه اجماع على الانخراط في عملية سياسية تبدأ بتشكيل حكومة تشارك فيها الاطراف الجنوبية الفاعلة في اطار تسوية شاملة للصراع في اليمن ككل .
ورغم ان الخطاب المفخخ الذي يستدعي الحزازات المناطقية يزدهر في الاجواء مع كل تصعيد الا انه سرعان مايخبو بعد ان سادت قناعة راسخة بعدم جدوى الصراعات الأهلية مما يمنح مؤشرا على ان الجنوب قد تجاوز الماضي وينطلق للمستقبل .
