آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:34ص

أخبار وتقارير


عدن تنهار على كافة الأصعدة والمستويات أمنياً واقتصادياً وخدماتياً

السبت - 01 فبراير 2020 - 12:25 م بتوقيت عدن

عدن تنهار على كافة الأصعدة والمستويات أمنياً واقتصادياً وخدماتياً

(عن الغد)خاص:

المحافظ غادر المدينة وتركها بلا مسئول والحكومة مقيدة داخل قصر معاشيق

 

رغم تفاؤل المواطنين إلا أن شيئاً لم يحدث!

 

من يقف خلف تدهور الأوضاع. ولماذا؟

 

لماذا توقف تطبيق اتفاق الرياض؟

 

أين محافظ عدن الجديد ومدير أمنها؟

 

لا ينبغي التقليل من قدرات المحافظ الجديد

 

هل مازال الملف الأمني يشكل عائقاً؟

 

ما الذي يحدث في عدن؟

 

القسم السياسي بـ(عدن الغد):

 

كنا قد بنينا أحلامًا وردية، وبالغنا في التفاؤل، قبل أسابيع، عند حديثنا

عن البدء في تنفيذ اتفاق الرياض بعد إقرار مصفوفة الانسحابات العسكرية

المتبادلة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

 

واسترسلنا في توقعاتنا بحياة أفضل داخل مدينة عدن، عقب إبداء كل طرف نية

حسنة- حينذاك- في تنفيذ اتفاق الرياض الذي يكمل شهره الثالث دون أي تطبيق

حقيقي على الأرض.

 

غير أن المراقب للواقع حالياً في عدن، يرى أن الأوضاع لم تزدد إلا سوءا،

ويتأكد لكل حصيف ومتابع لتطورات الأمور في المدينة أنها تسير نحو

الانهيار في مختلف المجالات.

 

ومرد كل ذلك يعود إلى غياب المؤسسات المسئولة عن تسيير شئون المدينة،

وانعدام وجود جهة تتحمل مواجهة أعباء ومتطلبات المواطنين، الباحثين عن

الاستقرار والخدمات العامة.

 

فالمدينة بلا محافظ منذ ما يزيد على شهرٍ، وهو ما انعكس سلباً على الحياة

التنموية والخدمية، وفجأة وبلا مقدمات تولى القيام بمهام محافظ عدن

الأمين العام للمجلس المحلي، الذي بدا نشيطاً على غير العادة.

 

في المقابل، يبقى الفريق الحكومي المصغر الذي عاد منتصف نوفمبر الماضي

إلى عدن، وفق ترتيبات اتفاق الرياض، مقيدًا وعاجزًا عن فعل شيءٍ يُذكر،

في بيئةٍ ومحيطٍ رافضٍ لتواجد كل ما له صلة بالحكومة الشرعية.

 

فما الذي يحدث في عدن؟ وإلى متى ستظل المدينة تنحدر نحو مزيد من التدهور

الخدمي والاقتصادي والأمني؟ وهل يمكن للمجلس الانتقالي الجنوبي تولي مهمة

إدارة المدينة بحكم سلطة الأمر الواقع التي يمتلكها، وفي ظل غياب وضعف

الحكومة؟ وما الذي يمكن أن تقوم به الحكومة أمام هذه التطورات؟. سنحاول

الإجابة عن هذه التساؤلات فيما يلي من سطور.

 

ما الذي يحدث في عدن؟

 

لم تمر مدينة عدن بحالةٍ كالتي تعيشها اليوم، منذ عقود تقريباً، فمختلف

المجالات والقطاعات الحياتية فيها إما متوقفة بشكل كامل، أو تعاني من

إشكاليات وتعثر، وهو ما لا يختلف عليه اثنان.

 

كما أن الاختلافات تتلاشى عند الحديث عن الوضع المعيشي في عدن، فالمرتبات

تعاني حالة عسرٍ مزمن كل شهر حتى يتم صرفها للموظفين المدنيين أو منتسبي

السلك الأمني والعسكري، بالتوازي مع ارتفاع أسعار الصرف؛ والذي يعقبه

تلقائياً ارتفاعات في أسعار المواد الغذائية الرئيسية، حتى باتت حياة

المواطنين المعيشية في غاية الصعوبة.

 

يأتي ذلك في ظل ركودٍ اقتصادي، وجمود في حركة النشاط التجاري الطبيعي،

فميزان التجارة مختلٌ في عدن لمصلحة الاستيراد الاستهلاكي على حساب

التصدير المنعدم للسلع والبضائع المصنعة محلياً.

 

وهو ما يجعل الواقع الاقتصادي وآفاق تطور هذا الواقع مستقبلاً غامضاً

وضبابياً، في ظل غياب رؤية اقتصادية، ومؤسسات مشلولة ومتوقفة، بسبب غياب

الحكومة وتخلي السلطات المسئولة عن مسئولياتها.

 

هذا الوضع الاقتصادي والمعيشي الراكد، يوازيه وضع أمني منفلت ومتوتر،

فالتشكيلات العسكرية والأمنية غير مستقرة في المدينة، وحوادث الاغتيالات

عادت في الآونة الأخيرة، فصارت المدينة بين فكي رحى الخوف والجوع.

 

الأزمات تتوالى على عدن، فتارةً تغيب خدمات المياه والكهرباء، وتارةً

أخرى تتأخر المرتبات ولا تصرف إلا بشق الأنفس، مع أنباء عن ضعف السيولة

مع اختلال الميزان التجاري، بالإضافة إلى التوتر الأمني والعسكري الذي

يرشح الوضع في عدن إلى مزيد من الصراعات والنزاعات، التي تتكرر مؤخرًا

بين وقتٍ وآخر.

 

غياب المحافظ

 

لا نسعى للتهويل أو المبالغة، ولكن لا يختلف أحد على أن الوضع في عدن

يتفاقم، ويتزايد تدهورًا يوماً عن آخر في مختلف المجالات.

 

وما يزيد من تفاقم كافة الأوضاع؛ غياب محافظ لمدينة عدن يعمل على توفير

الخدمات الأساسية، وتطبيع الأوضاع المعيشية، خاصةً فيما يتعلق بالكهرباء

والمياه، ومواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

 

كما أن ما يتسبب بزيادة معاناة مواطني عدن عجز الحكومة عن تقديم أي شيء

يذكر، أو القيام بمسئوليتها الحكومية تجاه شعبها، كونها حكومة مقيدة داخل

أسوار قصر معاشيق، ويبدو أن خروجها منه يمثل مخاطرة كبيرة.

 

لهذا يبدو أن تعيين محافظ لعدن، على أقل تقدير بعيدًا عن الحكومة، سيعمل

على تحريك الجمود الذي تعيشه معظم القطاعات والمجالات الحياتية في

المدينة.

 

ويرى مراقبون أن تأخير هذا الاستحقاق من شأنه أن يؤدي إلى "فراغ خدماتي"،

قد يتسبب بمزيد من المعاناة والتردي في الخدمات.

 

الملفات العسكرية والأمنية.. هل ما زالت تشكل عائقاً؟

 

كان طرفا الصراع في عدن- الحكومة والانتقالي- يلقيان باللائمة على ملفاتٍ

شائكة، حالت دون تنفيذ بنود أخرى كثيرة في اتفاق الرياض، وعلى رأسها

محافظ عدن ومدير أمن للمحافظة.

 

ورغم تمسكه بضرورة تعيين محافظ ومدير أمن قبل الخوض في أي بنود أخرى؛ إلا

أن المجلس الانتقالي الجنوبي كان يُلقي باللوم على عدم انسحاب قوات

الحكومة من محافظتي شبوة وأبين، واعتبر رفض الحكومة سحب قواتها دليلاً

على نوايا عرقلة الاتفاق.

 

في المقابل كانت الحكومة اليمنية تُصر على تنفيذ الانسحابات قبل الولوج

في أي ملفات سياسية أخرى، وهو ما تم- ولو جزئياً- في شبوة وأبين، ولم يتم

حتى اليوم في عدن.

 

ولهذا يستغرب متابعون من تأخر تعيين محافظ لمدينة عدن، يتولى مسئولية

مهام المدينة الخدمية والمعيشية والأمنية؛ خاصةً بعد تنفيذ جانب من

الملفات الأمنية والعسكرية، في محافظاتٍ مثلت خط التماس بين الطرفين.

 

 ومن هنا تبرز الكثير من مبررات كل طرف، في تعليل أسباب تأخر تعيين محافظ

لعدن، وهي مبررات قد تبدو مجرد ممحاكات سياسية أكثر منها حقائق مقنعة أو

واقعية.

 

ومن هذه المبررات ما هو ما زال متعلقاً بالملفات العسكرية والأمنية، فرغم

تأكيدات كل طرفٍ بأهميتها، إلا أن الحكومة الشرعية مثلاً تُصر على انسحاب

قوات الانتقالي من مؤسسات الدولة ومرافق الحكومة في مدينة عدن تحديدًا.

 

في حين أن الانتقالي لا يبدو أنه مستعد لتنفيذ ما تريده الحكومة، خاصةً

وأنه الطرف المنتصر في مواجهات أغسطس الماضي، وهو من يفرض سيطرته على

المدينة، وليس من السهل التفريط بنصرٍ كهذا، وإعادة المدينة إلى "حكومة

الفساد"، وفق توصيف الانتقالي.

 

الانتقالي يتولى المهمة

 

ووسط هذا الجدل الشبيه بالجدال "البيزنطي" العقيم، يسعى المجلس الانتقالي

للانتقال إلى الاستحقاق التالي، والمتمثل بتعيين محافظ لمدينة عدن ومدير

أمن، ما دامت الانسحابات قد تمت في مناطق المواجهات بشبوة وأبين.

 

ولهذا خرجت قيادات المجلس الانتقالي قبل أسبوعٍ من الآن تقريباً، تبشر

وتنذر بتولي الشئون الخدمية والأمنية في عدن في الخامس من فبراير الجاري،

ولعل هذا القرار صدر تحت ضغط الكثير من العوامل.

 

أول تلك العوامل والمبررات التي ساقها قادة الانتقالي كانت انتهاء مهلة

تنفيذ اتفاق الرياض، والتي يرى الانتقالي أنها مرهونة بتسعين يوماً،

بدءًا من تاريخ التوقيع على الاتفاق، وتنتهي في الخامس من فبراير.

 

وهي المهلة التي رفض قائد قوات التحالف العربي بعدن العميد ركن طيار

مجاهد التعيبي الاعتراف بها، حين قال: إن الاتفاق ليس مرهوناً بفترة

زمنية أو مهلة معينة، مؤكدًا التزام التحالف وحرصه على تنفيذ كامل بنوده.

 

أسباب تأخير التعيينات

 

تسير عملية تنفيذ اتفاق الرياض ببطءٍ شديد، لا يخفى على كثيرين، لكن ثمة

العديد من العوامل والمتغيرات التي طرأت على الساحة اليمنية حالت دون

تنفيذ البنود المتعلقة بتعيين محافظ ومدير أمن عدن.

 

من تلك العوامل هو اشتراط الجانب الحكومي ضرورة تسليم قوات الانتقالي

مؤسساته العامة، ومرافق الدولة التي يسيطر عليها، بحسب تصريحات الشرعية.

 

كما أن ثمة تفاصيل كثيرة تغيب عن الجماهير، ولا يتم الكشف عن علناً، وهو

ما يستشعره المتابعون من تصريحات المعنيين وقيادات كل طرف من أطراف

الصراع في عدن، وهي تفاصيل تتعلق بالترتيبات الأمنية، وربما بتقاسم الحصص

بين كل طرف.

 

حيث يُحتم التقاسم والمحاصصة بين الطرفين إلى فرض أسماء ورفض أخرى، فإذا

كان منصب المحافظ منصبًا سياسياً إلا أن حساسية منصب مدير أمن عدن تفرض

على الطرفين سياسة المساومة، ومحاولة الفوز بأكثر من فائدة ومصلحة على

الأرض.

 

بالإضافة إلى أن المستجدات الميدانية على عددٍ من جبهات القتال سواء على

الضالع أو الحديدة، أو على جبهات شرق صنعاء في نهم ومأرب، تؤثر بتطوراتها

على سير تنفيذ بقية بنود اتفاق الرياض، وعلى رأسها تعيين المحافظ ومدير

الأمن.

 

تحديات أمام المحافظ ومدير الأمن الجديدين

 

ويُجمع المراقبون على أن الأمور لن تكون سهلة على من يقع عليه الاختيار

في تولي المهام الجسيمة في مدينة مليئة بالتناقضات والاختلافات التي تصل

حد الاقتتال.

 

فالمحافظ الجديد تواجهه مسئوليات على درجة كبيرة من الأهمية، تمس حياة

المواطن البسيط، ويذهب مراقبون إلى أنه بمجرد تعيين محافظ لعدن فإن مهمته

ستكون محفوفة بالمجازفة؛ عطفاً على الأوضاع المعيشية والخدمية التي

استعرضناها سلفاً.

 

كما أن مهمة مدير أمن عدن لن تكون أقل خطورة من مهمة المحافظ، انطلاقاً

من أن الملف الأمني في عدن لا ينقصه التوتر ولا الخطورة.

 

لهذا ينظر مراقبون إلى أن التأخير في تعيين محافظ لعدن أو حتى مدير أمن

مرده إلى البحث عن شخصيات تتناسب والمرحلة الحرجة التي تعيشها عدن على

مختلف الأصعدة.

 

وبناءً على ذلك فإن المدينة تحتاج إلى شخصيات مقبولة من جميع الأطراف حتى

يستمر وينجح أي محافظ قادم، وأي مدير أمن آتٍ.

 

كما أن مواصفات الانفتاح على الجميع، والحرص على المدينة ومواطنيها،

وتوفير الخدمات العامة والأساسية، وضبط الأمن واستجلاب الاستقرار، جميعها

متطلبات في المحافظ المنشود ومدير الأمن القادم، وتقديم جهودهما إلى هذه

المدينة الباحثة عن الهدوء وتنفس الصعداء.

 

المسئولية المشتركة تجاه عدن

 

وسط كل تلك التباينات والمخاطر، يرى محللون أن الحياة في عدن لا يمكن أن

تعود إلى طبيعتها من خلال انفراد طرفٍ بإدارة شئون هذه المدينة أو تلك.

 

ويؤكد المحللون أن المرحلة الحالية لا تحتمل مزيدًا من التهميش لهذا

الطرف أو ذاك، وعلى جميع الأطراف تشبيك وتنسيق الجهود لإخراج البلاد إلى

بر الأمان، ومغادرة مربعات التوجس والتردد وعدم الثقة التي يتمترس خلفها

الجانبان.

 

وتأكيدات المحللين لم تكن تستهدف مكونا سياسيا دون آخر، ولكنها تشدد على

ضرورة أن تكون المسئولية مشتركة بين جميع المكونات السياسية، وحتى

الأمنية والعسكرية؛ لتنعم البلاد وعدن تحديدًا بخيراتها، وتدور عجلة

الحياة والتنمية فيها.

 

وذلك لن يكون إلا من خلال نبذ ثقافة الإقصاء والعنف التي تصدرت المشهد

العدني والجنوبي واليمني بشكل عام طيلة العقدين الماضيين، ومنذ 2011

تحديدا.

 

عدد من الناشطين الإعلاميين طالبوا بأن تحظى مدينة عدن بمحافظٍ يضع

الجانب التنموي والخدمي على رأس أولوياته. كما يعمل على تركيز جهوده حول

ما يُجمّع ولا يُفرق بين أبناء المحافظة الواحدة، وتجاوز أية اختلافات قد

تعرقل مسيرة الحياة في عدن.

 

من أجل عدن

 

ليس من مصلحة عدن التشكيك بقدرات أي مسئول يُقدم على القبول بالمهمات

الجسيمة التي تنتظره، بل أن على جميع الأطراف مساندة جهود أي شخصية لتولي

منصب المحافظ، بالإضافة إلى مدير الأمن.

 

فالتعاون والالتقاء على كلمة سواء بين المتصارعين من شأنه أن يعيد عدن

إلى مكانتها التي كانت عليها، مدينة للسلام، وللتنمية والاستقرار.