آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-09:09م

ملفات وتحقيقات


من أعاد علم الوحدة إلى الجنوب ؟!

الإثنين - 06 يناير 2020 - 02:58 م بتوقيت عدن

من أعاد علم الوحدة إلى الجنوب ؟!
نقطة أمنية في شبوة

تقرير / ناصر عوض لزرق:

ظن الجنوبيون أن حرب الحوثيين هي الفاصلة في فك الارتباط عن الشمال وبداية انفصالهم واستعادة دولتهم التي فقدوها في العام 1990م بسبب صراعات الأخوة الأعداء حينها في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وما قادت إليه من تسليم الدولة الجنوبية على طبق من فضة لـ(علي عبدالله صالح).

 

إهدار الفرص

مكن الرئيس هادي الجنوبيين بعد الانتصار على الحوثيين ودحرهم من المحافظات الجنوبية من بسط نفوذهم على محافظاتهم، والإمساك بزمام الحكم والمناصب الوزارية والإدارية والأمنية والعسكرية، غير أن كل هذا التمكين السياسي والعسكري والأمني وظف من قبل القوى الجنوبية التي خولت بمسؤولياته ومهامه بعكس ما يخدم النهوض بالجنوب واستقراره وتعزيز حضور الدولة وأجهزتها وتأهيل مؤسساتها ومرافقها بما يخدم أهالي المحافظات الجنوبية وينهي معاناة مريرة عاشوها لسنوات طوال في ظل تردي جميع مناحي الحياة.

 

سنوات التيه الجنوبي

انقضت خمسُ سنوات من السيطرة الجنوبية منذ تحرير الجنوب في العام 2015م، إلا أنها لم تكن ناجحة وكانت سنوات عجاف على الجنوبيين وحملت ما هو أشد من المعاناة التي كابدوها سابقا، والأفدح أنها أفضت إلى الكثير من الصراعات (الجنوبية - الجنوبية)، حيث ذهب كل مكون جنوبي إلى الارتباط بقوى محلية وخارجية ساهمت في تشتيت وتدمير البيت الجنوبي.

تفاقم الصراع (الجنوبي - الجنوبي) حتى وصل حد الاعتقالات والاغتيالات والتهجير، وتفننوا في تخوين واقصاء ومعاداة بعضهم البعض، متناسين (التصالح والتسامح)، وتاركين "عدوهم الشمالي" الذي انقلب على الدولة وغزا الجنوب قبل خمس سنوات يعيد تنظيم قواته من داخل عدن.

 

مخطط تفتيت الجنوب

لم يعد خافيا على أحد أن اطرافا خارجية ودولية غذت صراعات (جنوبية - جنوبية) وقامت باستقطاب قيادات وقوى جنوبية، وصار كل منهم يخول نفسه بأحقية تمثيل القضية الجنوبية دون غيره، حيث سارع المجلس الانتقالي إلى ادخال قيادات شمالية شاركت في غزو الجنوب، متحججا بشعارات وهمية.

وقفت قيادة الانتقالي، الذي لا يزال في عامه الثاني من التأسيس، على منصة واحدة، وادعت عبرها أن المجلس الممثل الوحيد للقضية الجنوبية ومن سواه لا يمثلون الجنوب وقضيته، معتبراً إياهم خونة وعملاء ضاربا عرض الحائط بنضالات وتضحيات مكونات وقيادات الجنوب التي حملت على عاتقها (القضية الجنوبية) منذ لحظة ولادتها الأولى في 7/7/2007م تحت زخات رصاص قوات الأمن المركزي التابعة لنظام (صالح)، والذين اكتظت بهم سجون صنعاء.

في المقابل اندمجت قوى ومكونات جنوبية بارزة بالحكومة الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، وعبروا عن أهمية الوقوف على كافة الأحداث والمستجدات في المحافظات الجنوبية وضرورة تكاتف الجهود التي تتطلبها المرحلة الراهنة.

 

تناقضات كارثية

وفقا للمنطق بل وحتى الحد الأدنى من الوعي السياسي، كان المفترض بالقوى الجنوبية التي مكنها الرئيس عبدربه منصور هادي من قيادة وإدارة عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى تسخير جهودهم الإدارية في انتشال عدن والجنوب وتحقيق تطلعات المواطنين، على الأقل الأساسية منها، كالأمن والخدمات والحفاظ على الاستقرار الذي تحقق لصرف المرتبات للموظفين والمتقاعدين في القطاع العام المدني والعسكري.. وتوظيف جهودهم السياسية لتعزيز مكاسب الجنوب وفق المستجدات الراهنة التي لا يقر الممسكون دوليا بالملف اليمني بالخروج عليها.

وعلى النقيض من ذلك ذهبت القيادات الجنوبية وبعد وقت قصير من قسمها اليمين الدستورية أمام الرئيس (هادي) إلى تأزيم الأوضاع في عدن والمحافظات المجاورة وتحويل العاصمة المؤقتة إلى ساحة صراع سياسي يرفع في ظاهره علم الجنوب وشعارات استعادة الدولة الجنوبية وفي باطنه يدرك بأنها أمور مستحيلة التحقق وكذبة تقود الجنوبيين إلى متاهة من الصراعات المدمرة ولا مستفيد منها إلا الرعاة الخارجيون.

جراء ذلك أعيقت أعمال وتحركات الحكومة الشرعية والقوى الجنوبية الموالية لها، وعرقل كل ما يمت بصلة لتحسين حياة الناس بعدن وما جاورها، مما خلق جوا من الصراع الجنوبي، لم يلبث أن تحول إلى مواجهات مسلحة قادتها القوات التابعة للانتقالي على الشرعية وطردتها من العاصمة المؤقتة عدن.

انقسم الجنوبيون إلى قسمين، حيث ذهب المجلس الانتقالي في طريق معاداة الحكومة الشرعية، فيما القسم الثاني اعترض على ما يقوم به المجلس من قمع كل من يعارضه أو ينتمي لفصيل جنوبي آخر.

 

مواجهة جنوبية فاصلة

اشتد الصراع الجنوبي وامتدت المواجهات بين الشرعية والقوات التابعة للانتقالي إلى محافظة شبوة وكانت نقطة فاصلة في مصير الجنوبيين من المصير الذي أوصلهم إلى ما هم عليه اليوم.

وصول المواجهات إلى شبوة وهزيمة الانتقالي هناك من قبل جيش الشرعية ووصولهم إلى المدخل الشرقي لعدن كانت ضربة موجعة تلقاها المجلس.

هذه الأحداث كانت كفيلة بتعريف الجنوبيين بحقيقة ما يجري التخطيط له في الجنوب من قبل قوى إقليمية وأدوات محلية، وما سيترتب عليه من تدمير للجنوب وتمزيق لنسيجه الاجتماعي وضياع مكتسبات القضية الجنوبية.

 

ملامح الدولة تعود إلى الجنوب

أيقن الجنوبيون أن لا حل إلا بوجود الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والمدنية التي تحفظ للمواطن حقه، حيث عادت هذه الملامح للدولة في أبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى ورفع فيها علم الدولة اليمنية.

وحسمت محافظات حضرموت وشبوة وأبين والمهرة وسقطرى أمرها بإغلاق باب الصراع (الجنوبي - الجنوبي) ونبذ منفذيه من قوى جنوبية وجهات إقليمية تقف من خلفها، وفتحوا أبوابهم للدولة اليمنية الاتحادية وتسخير ما قدمته لهم من صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظاتهم وتنميتها وتطويرها.

وحدها عدن وما جاورها من محافظات لازالت تجتر المعاناة، ورغم إقرار القوى المتصارعة فيها باستحالة الانفصال وباعتراف علني من رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلا أن دعوات وتحركات التصعيد بعدها في تواصل دون الالتفات إلى معاناة المواطنين الذين بلغ بهم سوء الحال في عدن حد التظاهر في الشارع طلبا لشربة ماء!.

 

                                    صورة لنقطة أمنية في لودر