آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-10:24ص

ملفات وتحقيقات


ذكريات مواطن عدني ..زماميط عدن .. والحجة فطوم

الأحد - 16 أكتوبر 2011 - 01:52 م بتوقيت عدن

ذكريات مواطن عدني ..زماميط عدن .. والحجة فطوم
نظرت إلي الحجة فطوم بعزم وإصرار وقالت سيعود المجد لعدن عاصمة الجنوب العربي.. ثم غنت: يا ميناء التواهي .. يا قلبي اللي ساهي .. وعيال الحوافي .. لابسين الكوافي

عدن ((عدن الغد)) خاص:

 كتب/ محمد أحمد البيضاني

يا حجة فطوم .. عندما تقام مدينة تقوم روح فوق المدينة تشكل روح الناس .. وأقيمت مدينة عدن بروح خلاقة تحمل قيم وحضارة شعب عدن الجنوبية العربية .

سكن في عدن كثير من الناس من غير أهلها وأحضروا معهم عاداتهم وثقافتهم ، وبروح الانفتاح الحضاري تقبل أهل عدن كل الناس وبل شاركوا معهم في احتفالاتهم ومشاعرهم.

 

أذكر زمن طفولتي في عدن وأنا في السادسة من عمري يأتي إلى عدن أفواج من الحجاج الباكستانيين ويعسكروا أمام مسجد الهاشمي ، ثم يخرج البعض منهم إلى كريتر والمعلا والتواهي ، ويحضروا معهم ألعاب وبضائع وحلويات لبيعها للناس في عدن وخاصة الأطفال.

يا حجة فطوم تتحول عدن إلى زيارة – كرنفال ملون وفي الليل يعودوا إلى الشيخ عثمان للنوم في الساحة. ضحكت الحجة فطوم وقالت أذكرهم في طفولتي وخاصة لبيعهم زماميط – أي بالونات ملونة مختلفة عن ما هو موجود عندنا.قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست وبا أجيب لك عواف كعك عدني بالتمر وقهوة مزغول.


 يا حجة فطوم زماميط عدن كانت محدودة بلون واحد وحين تنفخ تكون كروية الشكل ، أما زماميط الباكستاني الذي يأتي إلى حارتنا – حارة القاضي العريقة ، كانت هذه الزماميط جميلة جدآ وملونه بكل الألوان وتأتي علي شكل مواسير طويلة ، ويحمل هذا الرجل بمب حق السياكل – أي نافخ الإطارات.

 

 تكون طول الزماطه حوالي متر ، ثم يقوم بتشكيلها بيده على شكل زهور أو صور عديدة . يا حجة فطوم كنا ننبهر في طفولتنا من الزماميط الجميلة ، وكان الرجل يمر في حارتنا وهو يغني أغنية بلغته وصوته جميل ، و لا أعرف كيف أحفظ هذه الأغنية التي لا أعرف معناها ولكنها نقشت في عقلي وضميري وذكرياتي وحبي لوطني وطفولتي الجميلة - مضت 60 سنه من عمري وأنا أتذكرها.

 

يا حجة فطوم يقول علماء النفس إن الأشياء الجميلة تنطبع في قلب الطفل إلى الأبد. تقول الأغنية التي يغنيها صاحب الزماميط : قال سيدتي – سادي يداته .. سادي يداته – سروته سروات – وكانت أمي تضحك كثيرآ عندما تسمعني أغنيها و لا أحد يعرف معانيها ، ويغنيها كل العيال في الحارة.


 يا حجة فطوم سألت نفسي متى أختفى حضور الحجاج الباكستانيين إلى عدن ؟ ولماذا أختفى حضورهم ، هؤلاء يذهبوا إلى الحج في مكة المكرمة سيرآ على الأقدام من أجل البركة بل البعض منهم كانوا أغنياء يطلبوا البركة في الحج سيرآ.

 

لقد اختفى حضورهم إلى عدن في 1962 حين قام أحدهم بقتل صديقه وحوكم في عدن وأعدم في سجن عدن المركزي ، والتوقف من قدومهم إلى عدن ليس بسبب هذا الحادث الإجرامي الفردي ، ولكن كما يبدو إن السعودية قررت تنظيم وصول الحجاج إلى مكة المكرمة بطريقة سليمة فمنعت الدخول على الأقدام وسمحت بالوصول بحرآ أو جوآ بطريقة نظامية.

 

 أيضآ يوجد سبب آخر لمررهم على عدن وهو شراء البضائع من ميناء عدن والمنطقة الحرة – أكبر ميناء في الجزيرة العربية ومقصد لكثير من الناس .

نظرت إلي الحجة فطوم بعزم وإصرار وقالت سيعود المجد لعدن عاصمة الجنوب العربي.. ثم غنت: يا ميناء التواهي .. يا قلبي اللي ساهي .. وعيال الحوافي .. لابسين الكوافي .


 جلست الحجة ضاحكة وقلت لها إلى اللقاء في محزايه أخرى تحكي تاريخينا ، ولكن قولي لي ايش آخر مثل عدني – قالت : يا عبده قعايد .. كيف أنتقلت من قعايد الكُوتن - إلى كلام الفتن.


كاتب عدني ومؤرخ سياسي كوبنهاجن