آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-11:56م

ملفات وتحقيقات


يَـمَـنُ الثمانينيات يعود إلى الحياة في لوزان!

الثلاثاء - 24 ديسمبر 2019 - 06:24 م بتوقيت عدن

يَـمَـنُ الثمانينيات يعود إلى الحياة في لوزان!
صورة مرأة بزي يمني تقليدي

بقلم ثائر السّعدي، لوزان

مونيك جاكو، مصورة وصحفية سويسرية زارت بشكل متكرر اليمن بين عامي 1982 و1992 ووثقت المعالم العمرانية والثقافية والحياة اليومية هناك. واليوم، قد تساعد أعمالها المعروضة في لوزان في التخفيف من قسوة صور الدمار الذي عـمّ البلاد.. أو في تأجيج الحنين إلى الأيام الخوالي.

اهتمت مكتبة الكانتون الجامعية في لوزان بأعمال المصورة ونظمت لها معرضاً خاصاً يستمر من 10 أكتوبر 2019 إلى 1 مارس 2020رابط خارجي، واستضافتها في لقاء خاص تحدثت فيه مونيك جاكو عن أسباب زيارتها لليمن وعن "سقوطها في حبّ هذا البلد" الذي أنهكته حرب عبثية تدور فوق أراضيه منذ سنوات. في المقابلةرابط خارجي، تحدثت مونيك جاكو عن أعمالها التصويرية في اليمن، مشيرة إلى أنّ سبب زيارتها الأولى لم يتعدّ الاهتمام بفنّ العمارة هناك حيث تجولت سنة 1982 في العاصمة صنعاء، وتنقلت في أجمل القرى والبلدات مع ثمانية سياح تعرّفت عليهم في الطائرة.

المصورة الصحفية السويسرية تعرف بلدانا عربية أخرى كالأردن وفلسطين ولكنها "سرعان ما سقطت في حبّ اليمن الذي أصبح يمثل وطناً لها". ومنذ تلك اللحظة وعلى مدى عشرة أعوام، ظلت جاكو تتردد على هذا البلد العربي رفقة مجموعات من السياح بداية ومن ثمّ بمفردها يقودها الفضول وحبّ الاستكشاف، وقد جمعت الصور التي التقطتها بين الاهتمام بفنّ العمارة والتوثيق للأشكال المتنوعة والملونة للبيوت اليمنية والحياة الاجتماعية وعادات السكان هناك وتقاليدهم.

خارج السرب

كما يُمكن للمرء أن يتخيل، لم يكن من السهل على جاكو الأجنبية التنقل بحرية ولا تصوير ما يحلو لها، فكانت تسافر من مكان إلى آخر في مجموعة مكونة من ثلاثة إلى أربعة أشخاص، وبالنظر إلى أن المناطق التي أرادت زيارتها، ووضعتها على أجندتها أثناء تخطيطها للرحلة في سويسرا، لم تكن مناطق سياحية بل كانت موصدة بوجه الأجانب، فقد كان عليها الارتجال في كل لحظة وتغيير مسار الرحلة باستمرار.

تصوير الناس والأماكن المأهولة كذلك لم يكن بالأمر السهل لصحفية ومصورة لديها أخلاق مهنية وترفض التقاط صور الآخرين خفية، كما تؤكد قائلة: "لا أستطيع فعل ذلك، لم أرد فعل ذلك"، فكانت تطلب الإذن من الناس وإذا ما رفضوا تعدل عن التقاط الصورة، وإن كان "ذلك مُحزنا في بعض الأحيان"، كما تقول.

أمّا بالنسبة لتصريح السفر الرسمي إلى اليمن بغرض السياحة، فقد كان يفرض على السائح تحديد وجهة سفره النهائية ويحصره بين المدن الكبرى، لذا سمحت جاكو لنفسها بالتحايل عليه، فكانت تحدد وجهتها الأولى والأخيرة وبعد ذلك تتنقل بين هاتين النقطتين سالكةً طرقا صحراوية بصحبة سائق تدله هي على الطريق، وذلك للوصول إلى الأماكن التي خططت لزيارتها مُسبقا، حيث كانت تلك المناطق بالنسبة للسلطات هناك "إمّا ممنوع زيارتها، أو ليست سياحية"، ولكن المصورة والصحفية السويسرية تؤكد في المقابلة التي أجريت معها على أهمية تلك الأماكن للأعمال التي أنتجتها، وتشيد بجمالها.

معرض فرسكو (جصيّ) اليمن

في مكتبة الكانتون الجامعية في لوزان، تُعرض أعمال جاكو في غرفة صغيرة خُصّصت للصور القادمة من اليمن، وكأنها متحف صغير مستقل، وفي منتصفه نجد النسخة الوحيدة من كتاب مصور صُنع يدوياًرابط خارجي، والذي كان أصل فكرة المعرض، كما تقول الكسندرا فيبر برني الوسيطة الثقافية في المكتبة.

يحتوي هذا الكتاب بالإضافة إلى الصور الجصية التي أنتجتها جاكو بنفسها، على نصوص شعرية انتقتها من كتاب "قصائد الثورة اليمنيةرابط خارجي" الذي نُشر بالفرنسية في عام 1979، واشتمل على العديد من القصائد من بينها قصيدة "الموت والحب والحرية" لمحمد شلتامي. وتصف فيبير برني المعرض والكتاب بالـ "المشروع الشاعري"، وتشدد على أن "لا علاقة للمعرض ولا للكتاب بما يحدث في اليمن اليوم".

عشق الصحفية والمصورة السويسرية مونيك جاكو لليمن جليّ في الصور التي التقطتها قبل أربعين عاماً تقريباً، ويظهر في الطريقة التي تتحدث فيها عن البلد في المقابلة التي أجرتها معها مع مكتبة الكانتون الجامعية في لوزان في 10 أكتوبر 2019، ورغم المحاولة، لم تتمكن swissinfo.ch من مقابلتها شخصيّاً من جديد، لاستطلاع رأيها حول ما يحدث اليوم في اليمن.

مونيك جاكو

ولدت في نوشاتيل في 19 أغسطس 1934، ودرست التصوير في كلية الفنون والحرف في مدينة فيفي Vevey بين عامي 1953 و1956.

كمصورة شابة، عملت في العديد من المجلات قبل أن تصبح مراسلة ومصورة فوتوغرافية مستقلة، ونشرت تقاريرها ومقالاتها في العديد من المجلات في سويسرا وفرنسا، بما في ذلك (L'Illustré) و (Schweizer Illustrierte) و (Elle) و (Réalités) و (Vogue) وغيرها.

أنجزت أوّل قصة مصورة لها لفائدة منظمة الصحة العالمية في عام 1963رابط خارجي، حيث عملت لمدة 10 سنوات تقريباً، واهتمت بتوثيق مجموعة واسعة من المواضيع عن طريق صورها، من التمريض إلى السكن الحضري إلى التربية الجنسية، ونُشرت أعملها هذه في مجلة الصحة العالمية في عدد من المناسبات.

اهتمت أيضاً بقضايا النساء وكرّست لها تقارير خاصة تناولت حركات الاحتجاج النسوية في سويسرا، وأنجزت تحقيقات حول عمل النساء في المصانع، وعن العاملات في المجال الزراعي، كما أجرت مقابلات مع العديد الفنانين والكتابرابط خارجي وقامت بتقديم سيرهم الذاتية عبر صورها. إضافة إلى ذلك، اهتمت بالقانون وبالولايات المتحدة وبالسفر بشكل عام وبفن التصوير الفوري وتحويل الصور إلى لوحات جصّ، وخرج عن أعمالها العديد من الكتب.

آخر كتاب أصدرته كان حول اليمن ونُشر تحت عنوان "لوحات جدارية يمنية" (Fresques yéménites)، ولم تُطبع منه سوى نسخة واحدة اقتنتها مكتبة الكانتون الجامعية في لوزان.