آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-06:51ص

فن


حكايتنا مع أيوب

الإثنين - 16 ديسمبر 2019 - 03:40 م بتوقيت عدن

حكايتنا مع أيوب

(عدن الغد) خاص

  لنا اليوم  أن نتوقف  عن الشعور بالغربة

 فكيف نشعر بها وأيوب الوطن حاضرٌ بيننا

حاضر بيننا كما كان حاضرا في كل تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة من قبل  

ففي طفولتنا مثلا

 حين كانت أمهاتنا يوقظننا من النوم لتناول وجبة الإفطار

تعودنا أن يقدمن لنا طبقاً ممتلئاً بأغانيه الشهية قبل تقديمهن لأطباق الطعام

فتتفتح شهيتنا على أنغامه كزهرة برية

كنا نتناول الطعام وكان أيوب يغني لنا

 فنتذوق في قرص الخبز سنابل الحقول التي سقتها أغانيه

ونطعم في كاسات الشاي نكهة الصباح الذي تشرق شمسه كأغنية من فمه 

كنا نتناول الطعام على أنغام أغانيه بنهم حتى نشبع

 نشبع من تناول الإفطار  

ولكننا لا نشبع من أغاني أيوب

بعد الانتهاء من تناول الطعام كانت جداتنا رعاهن الله  يقمن باصطحابنا إلى حقول القرية من أجل الحصاد وكان أيوب يرافقُنا

وفي الحقل يغني لنا 

يا حاملات الشريم والطل فوق الحشايش

معطرات الزنان فوق الصدور الزراكش

هيا اسبقين الطيور وغردين في الغباشش

لوين حشيش البكور واطوين سبول عالمحاجش

ومن ندى الغيم رشين قليبي ولهان عاطش

 

كبرنا وأدخلنا آباؤنا المدرسة

وهناك كان أيوب أول من يستقبلنا

نقف في طابور المدرسة الصباحي، ويغني لنا

 رددي أيتها الدنيا نشيدي

ردديه وأعيدي وأعيدي

 فنردد من خلفه وصوته الشجي يهز قلوبنا فترفرف كعلم البلاد اعلى سارية المدرسة

كبرنا أكثر وانتقلنا من الريف إلى المدينة وكان أيوب حاضراً معنا كعادته

يذكرنا بأيامنا الخالية في القرية، حتى لا ننساها في زحام المدينة، ب

ذكرنا بتغاريد عصافيرها حتى لا تتوه أرواحنا في ضجيج السيارات وضوضاء الأسواق

يغني

فتنساب السواقي من خيالنا على اسفلت المدينة كأغنية تنساب من أوتار عوده

 

كبرنا أكثر

وأصبحنا شبابا بقلوب ضامئةٍ للحب 

حينها كان أيوب معنا كما عودنا دائما 

يسقي قلوبنا بالأغاني فتنمو كزهر الأودية وتفوح منها مشاعرنا كعطر المشاقر في جدائل الراعيات

وحين وقعنا في الحب كان أيوب معنا يلقي علينا دروس الغرام يعلمنا ابجدياته ويلقننا مفرادته فنرد كالتلاميذ الصغار وراءه

حبيت حبيت

 ماشي حلمت أو ترايت

ولا تمنيت يا ريت

حبيت يا ناس حبيت

وانا مع الحب في بيت

فقطفنا أغاني الحب  كباقة ورد من فمه أغنيةً أغنية، وردةً وردة، وقدمناها هدايا لحبيباتنا

وحين غبن عنا وشعرنا بالشوق إليهن كان أيوب الى جوارنا يغني

مهما يلوعني الحنين

 شاصبر واراعي لك سنين

 واعطيك كل العمر

ما دامك على عهدك أمين

 

وعند لقائهن كان أيوب حاضرا يغني لنا

أنا ومحبوبي وثالثنا الصباح

وكان هو رابعنا

 

وخلال  اللقاء كانت حبيباتنا يسألننا كم نحبهن؟،

فيغني أيوب على شفاهنا

لك أيامي وأشواقي وحنيني

لك آهات فؤادي وشجوني

أنت روحي أنت ما لملمته

من منى العمر وأحلام السنين 

 

تقدمنا في العمر أكثر وصارت لنا أحلام منها تكوين أسرة

ومن أجل ذلك قررنا الاغتراب

وكان أيوب كعادته معنا يرافقنا في طريق السفر يحمل الحقائب معنا  ويغني:

بالله عليك ومسافر

لا لقيت الحبيب

 بلغ سلامي إليه

وقله كم بتغيب 

وحين وصلنا إلى المنفى ظل يذكرنا بأحبتنا الذين تركناهم خلفنا

فيعاتبنا نيابة عنهم، ويغني:

 

ما اشاش مكتوبك ولا الصدارة

قصدي  تعود حتى ولو زيارة

 

فيزيد نار أشواقنا اشتعالا

وحين تنهكنا الغربة ويتعبنا الركض خلف الرزق في شوارع المنفى يغني لنا:

جوال جوال وانا غريب جوال

جوال جوال

جوال  هنا وهناك

في عيوني طيف آمال

يخبرنا أن كوخ الوطن ادفئ من قصور المنافي

وأن كسرة الخبز في تنور الحطب اشهى من الذبائح المرشوشة بالتوابل على الاطباق المزخرفة في المهجر

 فيغني

دايم زماني انا بين ام جفا وام غلايب

ما ذفت طعم ام سعادة

ميانله امز من فارق ديار ام حبايب

وكيف يهناه زاده

 

فنحاول الصمود أمام أغانيه ومقاومة الشعور بالغربة الناتج عنها

فيحثنا على العودة

 ارجع لحولك كم دعاك تسقيه

ورد الربيع من له سواك يجنيه

 والزرع أخضر والجهيش بالاحجان

 فنعود

نعود لنتزوج حبيباتنا  فيكون أيوبُ  أولَ الحاضرين في افراحنا

يزفنا ويغني

عروسنا بين الحلي

لو اللواحظ تبتلي

اتعوذي ألا بسملي

محوطة لا تخجلي

يزفنا الى باب منزلنا الجديد

وحين يأتي الضيوف في اليوم التالي لتهنئتنا  يفتح الباب لهم ويغني

أي شيء قدره قدر ضيوفي

غير تاريخي وامجاد سيوفي

وفي ليالي الحب كان يشعل الشموع لنا ويغني

ما اهنى حبيبي وسط داري يحوم

كأن عندي كل ضوء النجوم

 

كبرنا اكثر وصار لنا أولاد

..وكنا نراهم يكبرون في بلاد غير تلك البلاد الجميلة التي غنى لها ايوب

حينها قررنا البحث عن ذلك الوطن الذي عشقناه وعرفناه من خلالها 

فثرنا

 وحين خرجنا الى الشوارع كان ايوب في الصفوف الأولى معنا

بل كان هو من  يقودنا

يهتف  ويغني

 هذه أرضي أسيرُ في ضحاها

فنسير كالضوء خلفه

وحين يصيبنا التعب ينعش أرواحنا بأغنية 

مواكب الزحف نحو المجد زيدينا

وثباً اليه وزيدي من تحدينا

وذكري متناسينا وناسينا

انا على الدرب لازلنا يمانينا

فنزحف الى المجد معه

 

يسقط الشهداء في صفوفنا

نشيعهم ويشيعهم ايوب معنا

 يوصينا ألا ننسى دمهم ويصدح

من حق كل شهيد أكد القسما

ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺪﺍ ﻭﺳقى أﺭﺽ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺩﻣﺎ

أﻥ ﻻ ﻧﻀﻴﻊ ﻟه ﻋﻬﺪﺍ ﻭﻻ ﺫﻣﻤﺎ

ﻭأﻥ ﻧﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺳﻤﺎ

 

لنستمر بالثورة في وجه الظالمين

لقد كان أيوب حاضراً معنا  في كل تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة

في الحب والثورة

في الشوق واللقاء

في الغربة والوطن

وآن الأوان لأن نبادله الوفاء ونكون معه