آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-07:36م

أدب وثقافة


قصة قصيرة:قصور الطين ( الأولى)

الجمعة - 06 ديسمبر 2019 - 05:53 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة:قصور الطين          ( الأولى)
تعبيرية

عدن(عدن الغد)خاص:

بقلم: عصام مريسي

في فناء القصر السلطاني بأدواره السبعة المبنية من الطين  وقفت الشابة الحسناء تقلب بصرها في كل أرجاء الفناء وهي في حالة من الاضطراب والقلق والخوف من انكشاف أمرها ووصول الخبر إلى والدها حارس القصر السلطاني وهي لا تجرؤ حتى على السؤال عمن تبحث وكلما اقتربت من باقي الخدم أمرت للقيام بعمل من أعمال قصر الطين التي لا تنتهي فالمواقد في الطابق الأرضي بالقرب من سكن الخدم لا تنطفئ نيرانها فالموائد عامرة بأصناف الطعام من خبز الطاوة ( معدن مسطح من الحديد يطبخ عليه الخبز) والأدخنة لا تنقطع خيوطها وهي تتصاعد من الموفى ( موقد مصنوع من الفخار يطبخ عليه الخبز الملوح والخمير اللحجي الذي يطبخ من الطحين الابيض ) والسكوع ( الخبز المصنوع من أنواع مختلفة من الحبوب) , فكلما انجزت عمل أسرعت إلى بغيتها تبحث في كل منافذ القصر علّها تجد الأمير المتعجرف العابث التي طالما حلمت كلما اقتربت منه أن تصير يوماً من نساء قصر الطين ذي الأدوار السبعة ومن حولها الاميرات يرحبن بوجودها ويتفعلنَّ مع حضورها وهي تتقلب في نعيم القصر ومن حولها الجواري والخدم وجارات القصر التي يحاولن كسب ود كل من في القصر علَّهن يحظين  بشيء من متاع القصر والوصيفات يلحقنها :

هل بقي شيء أيتها الأميرة نقدمه لك

وهي تتمنع حتى من الاجابة وتتعامل مع الاخريات بكثير من الترفع والغرور ، فهي الحالمة بأن تصل إلى مرتبة السلطانة بعد رحيل السلطان الكبير ويصل من سلمته قلبها وجسدها إلى دفة السلطنة فيصير السلطان وهي ما زالت غارقة في طغيان أحلامها العبثية:

أيتها السلطانة لقد وصلت حشود المهنئين

من خلف شرفة القصر الخشبية المطرزة بالزجاج الملون على نحث صور السنابل والنخيل والشمس بخيوطها الذهبية منعكسة بالوان الزجاج الملون تلمح الفارس في ظل المزارع السلطانية المحيطة بالقصر يداعب بعض جواري القصر ووصيفاتها والمزارعات اللاتي يعملن بالأجرة وهن مستجلبات من القرى والمدن المحيطة بسلطنة لحج وبعضهن من الجوار الذي يخضع لدولة الامامة الزيدية قد الجأتهن قسوة العيش وقلة الرزق للوفود غلى سلطنة العبادل في لحج لطلب الرزق والعمل ، ما أن تلمحه حتى تهرول لتطوي سلالم القصر الطيني نحو المزرعة لتقف أمام مَن سلب لبها وغابت في بحر احلامها في ظل قربها منه لتخبره بأنها تحمل مولود منه قد يكون ولي للعهد بعد عمر طويل:

لقد اثمرت علاقتنا  بحمل لربما يكون ولد

ما أن، يسمع الخبر حتى يتبدل مزاجه ويرفع صوته غاضباً:

عليك أن ترحلي , وتغادري السلطنة قبل  أن يتوضح الحمل وتبدو علاماته عليك ، فلا تشعري أحد حتى والدك

بعد تنكسر أحلامها وتعلم أنها كانت مجرد متعة عابرة ولن تحظى بشيء من أحلامها تطأطأ الرأس وهي تسأل في انكسار عن الحل :

وما الحل ؟ وهذا الأمر لا يخفى

بصوت متشنج ومرتعش يجيب:

عند الفجر ستغادرين السلطنة إلى عدن وستعيشين في منزل معد لك كأنك أرملة لأحد عساكر السلطنة وسوف يصلك المصروف الشهري عبر السائق

تجهز حاجاتها لترحل عند حلول الفجر إلى الوجهة التي حددها وهي تحمل العار ومصير والدها عندما يعلم بخبر رحيلها واختفائها