آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-11:39ص

أدب وثقافة


لا شيء(قصة)

الثلاثاء - 26 نوفمبر 2019 - 07:17 م بتوقيت عدن

لا شيء(قصة)

أقصوصة/ عصام مريسي:

لا شيء  يعرفه , ولا شيء يناسبه، جمع أوراقه وجواز سفره متجه نحو السفارة لم يروقه كل ما راه وهو في طريقه نحو سفارة بلاده في موسكو ، النساء شبه كاسيات  والحانات مملوءة بمرتاديها وقناني الخمر صدى صريرها حين  تتقاذفها أيدي الباعة والمريدين لها على الطاولات الزجاجية يبعث في نفسها الغثيان والاشمئزاز ‘ قرر العودة إلى أرض الوطن، تجاوز البوابة وجسده تعتريه رعشة خوف وقلق من اتخاذه قرار مصيري مثل هذا:

سيدي السفير علي العودة إلى أرض الوطن

يترك السفير قلمة فيسقط دون شعور من بين أصبعيه ويرفع رأسه من على كومة الورق التي كان يراجعها وهو يستمع لقرار ذلك الشاب الذي لم يعجبه شيئا في بلاد العجم:

ما أسمعه كلام غير منطقي وغير مقبول .. أنت تهدم مستقبلك بكل سهولة

ينهض الشاب من مقعده وأصابعه تتشابك دون شعور منه وهو في حالة من الرجفة والقلق يتلفظ بألفاظ غير واضحة:

لن أستطيع مواصلة الحياة في هذه الأرض

يصرخ السفير في حالة من الانفعال:

أنت لا تفكر إلا في نفسك .. الدولة تكلفت الكثير من اجل أن تحجز لك مقعد للدراسة في مثل هذه الجامعة

يقدم الشاب طلب العودة وانهاء فترة الدراسة للسفير وهو مصرُ على العودة:

إنه قراري ولن أتراجع عنه

يترك المكان ويستدير نحو بوابة الغرفة يمد يده نحو مقبض الباب يشعر بحالة من القشعريرة من شدة برودة المقبض الحديدي فيتراجع ثم يعاود الامساك بالمقبض , يفتح الباب ثم يغادر والسفير ينادي عليه:

متى تراجعت عن قرارك مزق الأوراق وعد إلى مقاعد الدراسة لمواصلة دراستك

يغادر الشاب متجه نحو المطار فلا شيء في تلك البلاد قد استساغه , يصعد سيارة الأجرة التي كانت في انتظاره متوجه نحو المطار يصعد الطائرة العائدة نحو الوطن بعد اتمام الاجراءات تنطلق الطائرة لتحلق في الفضاء يسند ظهره على كرسيه ويطلق لبصره العنان نحو التأمل في الفضاء وهو يبحث عن سبب يقنع والديه في سبب عودته وقطع رحلة الدراسة وواليه يصرخان:

أنت فاشل .. لم تستطع اكمال الدراسة

ووالده يصرخ في وجه:

كنا ننتظر عودتك تحمل شهادة الدكتوراه ونفتخر بذلك

يستفيق من نعاسه الذي كان يساوره خلاله هواجس اللوم والعتاب من الوالدين والاصحاب على صوت المضيف:

لقد وصلنا بالسلامة .. استعدوا للنزول

يجمع اغراضه وينزل فالجميع هناك من ينتظرهم إلا هو لا يوجد أحد في انتظاره  فقد عاد لا يحمل شيء