آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-03:20م

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. معين عبد الملك ومهمة الإنقاذ الأخير

الخميس - 21 نوفمبر 2019 - 01:53 م بتوقيت عدن

(تقرير).. معين عبد الملك ومهمة الإنقاذ الأخير

تقرير / محمد الدباء - عبدالله جاحب

في أول خطوة تنفيذية لبنود اتفاق الرياض عاد رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، الإثنين الماضي، إلى العاصمة المؤقتة عدن قادما من الرياض، برفقة (5) من وزراء حكومته.

وفي أول لقاء لرئيس الوزراء الدكتور معين مع قيادة السلطة المحلية وأعضاء المجلس المحلي والمكتب التنفيذي لمحافظة عدن في العاصمة المؤقتة عدن أكد أن "مدينة عدن اليوم باتفاق الرياض أمام فرصة تاريخية لاستعادة مكانتها ودورها".. لافتا إلى ضرورة "أن تتحول عدن إلى ورشة عمل خصوصا في البنية التحتية، ولتكون مكان جاذب للاستثمار ومستقطب للرأسمال المحلي والدولي".. مشددا على أهمية "أن يعمل الجميع من أجل استقرار عدن وأمنها، وأي مشاريع أو رؤى لا تدرك ذلك تضيع الفرصة على عدن وتهدر مستقبل أبناءها".. ناقلا إليهم تحيات فخامة رئيس الجمهورية الفريق الركن عبد ربه منصور هادي، ورسالته بأن الدولة بكل قياداتها وأجهزتها تضع تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي وتحسين الخدمات في مدينة عدن على رأس أولوياتها باعتبار عدن العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية ومركز ثقلها الاقتصادي والسياسي، ونظرا لما تمثله عدن من نموذج ملهم في التاريخ اليمني الحديث كمركز للالتزام بالنظام والمدنية والتعايش والثقافة والفنون.

وأكد الدكتور معين أن الحكومة أعدت مصفوفة تدخلات عاجلة لمعالجة المشكلات التي تراكمت منذ أغسطس الماضي، وستعمل مع السلطة المحلية في عدن على تنفيذها خلال الأشهر الثلاثة الأولى.. داعيا الجميع لشحذ الهمم والعمل الجاد من اجل أبناء عدن، وان الحكومة ستكون معهم دائما.

 

ملفات ساخنة على طاولة معين

ملفات شائكة وعالقة مازالت تقلق مضاجع تحركات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا بقياده رئيس دولة الوزراء معين عبد الملك، كل تلك الملفات التي ترمي بظلالها على طاولة رئيس دولة الوزراء معين كانت نتيجة إرث مزمن من التراكمات التي حذفت بها معطيات ومنعطفات وأحداث وتقلبات المراحل السابقة والأوضاع الراهنة في الآونة الأخيرة.

جاءت حكومة الشاب معين لتجد نفسها أمام حزمة من المعضلات والمنعطفات التي فرضتها حالة عدم التوازن السياسي والعسكري والاقتصادي في البلاد.

وقال رئيس الوزراء الشاب معين: "ترتيبات عودة الحكومة إلى عدن هي المهمة الأولى، والعودة يجب أن ترتبط بخطة لاستعادة الخدمات وتخفيف معاناة الناس، واستعادة انتظام وعمل دوائر ومؤسسات الدولة. وضعنا قائمة أولويات لتطبيع الأوضاع في مدينة عدن وحزمة إجراءات وتدابير عاجلة تلامس حياة المواطنين وتعيد حضور الدولة. لدينا إدراك لحجم التحديات وطبيعة الصعوبات والمخاطر، ولدينا ثقة بقيادة فخامة الرئيس عبد ربه منصور، ودعم المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

 

ملف (الخدمات):

لم يكون أكثر المتابعين تفاؤلا يتوقع أن يكون طريق حكومة الشاب معين مفروش بالورود، ويعلم الجميع أن طريقها معبد بالكثير من المنغصات والعقبات ولن يكون بالسلاسة إطلاقا.. فملف الخدمات والذي يعتبر من الصواعق التي تضرب المواطن وتقلق مضاجعة يحتاج إلى كثير من تذليل العوائق مدفوعاً في إعادة الاستقرار بطريقة سلمية وحضارية أمام الحكومة الشرعية اليمنية من أجل إزالة العوائق التي قد تعترض الحكومة على أرض الواقع الافتراضي.

إن ملف الخدمات من كهرباء ومياه وصرف صحي وترميم وإصلاح الطرقات وبنية تحتية صحيحة يحتل الهم الأعظم التي تحاول الحكومة إزالة العوائق والأشواك من طريقة من أجل تقديم الحوافز الملموسة التي تجعل من المواطنين في عدن وبقية المحافظات المحررة أن تلمسه وتحس به.

إن تحسين مستوى الخدمات في عدن وبقية المناطق  والبدء في إعادة الإعمار والسير في هذا الاتجاه ضامن وكفيل في سد أية فراغات قد تتسلل فقدان الثقة بين الحكومة والمواطن مجددا.

 

معترك  (المرتبات)

المرتبات من أشرس وأصعب الامتحانات التي تمر بها كل الحكومات التي تتوالى في اليمن بين حقبة وأخرى، وتعتبر مشكلة المرتبات من الكوابيس المتكررة في الحكومات السابقة،  وكان آخرها حكومة أحمد عبيد بن دغر في سبتمبر 2016م الذي تعهدت بحل وضبط هذه الإشكالية الكبيرة لكافة موظفي الدولة، ولكنها لم تستطع الإيفاء بوعدها، ورغم طباعة الحكومة عبر شركة روسية لمبالغ ضخمة من العملة إلا عوائق ومعضلات وصراع ونزاع حال دون استمرار ضبط إيقاعات موعد المرتبات.

وبعد أحداث أغسطس والمواجهات المؤسفة بين وحدات عسكرية من الطرفي الصراع والنزاع في العاصمة المؤقتة عدن  تعود إلى الواجهة كابوس ومشكلة المرتبات ما تزال مرتبات القطاعيين العسكري في وزارة الدفاع والداخلية هي الورقة التي يتحكم فيها القوى المتصارعة والمتنازعة في المشهد والساحة في المحافظات الجنوبية المحررة.

تعتبر مشكلة المرتبات سلاح ذو حدين في التحكم وتحشيد الشارع على أي طرف في أي لحظة.

واليوم أمام حكومة الشاب معين ملف شائك مفخخ بالكثير من العراقيل المفتعلة والتي تحتاج قوة فولاذية حديدية قيادية لتذليل تلك الصعوبات والمعوقات والعراقيل، فهل تملك وتحمل حكومة الشاب معين تلك القوة لتفكيك وتذليل الملف الأكثر تعقيدا والأكثر أهمية والذي بمقدوره إرسال رسائل تطمئن إلى المواطن في هذا الوطن.

 

اتفاق الرياض حدث عابر أم إنجاز مهما

وقال رئيس الوزراء الشاب معين "إن اتفاق الرياض لم يكن حدثا عابرا أو مهمة يسيرة، بل كان إنجازا مهما يعيد توحيد الجبهة الداخلية للشرعية، ويعيد ترتيب أولوياتها بطريقة تحافظ على سلامة البلاد وتلبي المطالب المشروعة للقوى الوطنية كافة، وتصوب مسارات المعركة لمواجهة ميليشيات التمرد الحوثي وقطع الذراع الإيرانية في اليمن، ويضع خريطة طريق لإصلاحات تصوب مختلف المجالات، فمثلاً في الجانب الأمني والعسكري نص الاتفاق على دمج التشكيلات المسلحة كافة داخل بنية مؤسسات الدولة، بحيث تستعيد وظيفتها الوطنية في حفظ الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، وضمان سلامة وحرية المواطنين واستكمال معركة استعادة الدولة".

وأكد رئيس الوزراء أن اتفاق الرياض "لم يغفل الاتفاق الجانب الاقتصادي، ونص على موجهات لإجراء إصلاحات سيكون إثرها الاقتصادي والمؤسسي إيجابياً على حياة المواطنين في المناطق المحررة وفي بقية مناطق اليمن، ولولا حكمة فخامة رئيس الجمهورية والجهد الأخوي الصادق الذي بذلته المملكة لم نكن لنصل إلى هذه المرحلة".

 

هل يكون تطبيقا شكليا

عاد رئيس الوزراء بخمسة من وزرائه هم: وزير المالية سالم صالح سالم، وزير الكهرباء محمد العناني، وزير التعليم العالي حسين باسلامة، وزير الأوقاف أحمد عطية، وزير الاتصالات لطفي باشريف، فضلا عن نائب رئيس الوزراء سالم الخنبشي، وتبين أن عددا من أعضاء الحكومة اليمنية مُنعوا من العودة إلى عدن، حيث قال وزير التربية والتعليم بعد ساعات من عودة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء إلى عدن، إنه تم منعه من العودة قائلا، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك،: "منعونا اليوم من العودة إلى الوطن!"، ولم يشر الوزير إلى الجهة التي منعته.

وهو ما اعتبره مراقبون أنها عودة منقوصة، وإخلال بأحد أهم بنود اتفاق الرياض، قد ينذر بانهياره، خاصة وأن وزير التربية والتعليم يعد مسئولا على أكبر قطاع.

وأكد المراقبون أن الوزير لملس من الوزراء القلائل الذين يظل يعمل من أرض الوطن منذ تعيينه ولم يغادرها إلا لمهام تتبع وزارته وهو ما أثرا تساؤلات حول منعه من العودة .. مشيرين إلى أن هذا يعد مؤشرا ينذر بفشل اتفاق الرياض الذي نص على عودة الحكومة كاملة لمباشرة مهامها.

ويرى الكاتب الصحفي ومدير تحرير صحيفة "المصدر" علي الفقيه، أن العودة المنقوصة للحكومة اليمنية إلى عدن تعني أنها عودة "شكلية" بهدف حفظ ماء الوجه وتوجيه رسالة بأن اتفاق الرياض نجح وأنه في طريقه للتنفيذ.

ويرجح الفقيه، في حديث للأناضول، أنه لن يترتب على هذه العودة أي شيء سوى أن تصبح الحكومة مسؤولة أمام المواطنين عن توفير الخدمات باعتبارها موجودة، لافتا إلى أن موضوع انعدام الرواتب والخدمات كان يحرج القوة المسيطرة على الأرض "المجلس الانتقالي الجنوبي".

 

العودة.. دلالاتها وتحدياتها

أكد الكاتب عادل الأحمدي أن العودة تحمل أكثر من دلالة بالنظر إلى الظروف التي سبقت اتفاق الرياض وتحديداً أثناء وبعد أحداث أغسطس والمواجهات المؤسفة بين الوحدات العسكرية التابعة للطرفين في عدن".

وأشار إلى أن التحدي يتمثل في ترجمة الاتفاق على أرض الواقع وإزالة العوائق التي قد تعترض تنفيذ بعض البنود بحكمة وبحنكة، وهو ما يفرض على الحكومة والانتقالي والأشقاء، أن يواصلوا السير بنفس الروح التي قادتهم إلى يوم التوقيع، وأن يتم تجاهل كافة الأصوات التي تحاول وضع الأشواك في طريق التنفيذ، وأن تحرص الحكومة ورعاة الاتفاق، على تقديم الحوافز الملموسة التي تجعل من المواطنين في عدن وبقية المحافظات، حرّاساً لهذا الاتفاق، ومنها تحسين مستوى الخدمات في عدن وبقية المناطق، والبدء في إعادة الإعمار، وتسوير الاتفاق بتنسيق الجهود باتجاه العدو الحقيقي الذي لايزال يسيطر على أجزاء غالية من تراب الوطن وفي مقدمتها العاصمة صنعاء ومناطق الثقل السكاني في الوسط، علما أن توحيد الجهود في هذا الاتجاه، ضامن شديد الأهمية في اطّراد التماسك، وسدّ أية فراغات قد تتسلل منها بذور الخلاف مرة أخرى".