آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:46ص

ملفات وتحقيقات


محمود الدرة .. حكاية شهيد بعمر الزهور

الإثنين - 11 نوفمبر 2019 - 11:19 ص بتوقيت عدن

محمود الدرة .. حكاية شهيد بعمر الزهور

(عدن الغد)خاص:

 كتبه/ داوود احمد:

حينما تصدا الشعب في عدن للغزو الحوثي العفاشي عام 2015م، كان محمود الدرة أو ( محمد فيصل أحمد ناصر ) في العشرين من عمره، ﺷﺎﺑﺎ ﻓﻰ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻣﺤﺒﻮبا من أهله ورفاقه واخواته ، حيث لم ير على وجهه غضب بل ابتسامة لا تفارق محياه وهدوء طيب لا يشوبه سخط أو غضب، كان يحلم.. يرسم تفاصيل مستقبله مثله مثل باقي اقرانه الذين في عمره.. محمود كان شابا مليئاً بالنشاط والعنفوان، يعشق مدينته عدن للحد الذي يقدم روحه رهننا لذلك الحب والوفاء. سنحاول جاهدين عبر هذه الكلمات أن نحكي الحكاية كاملة عن شهيد بعمر الزهور.

  ففي صبيحة ذلك اليوم المشؤوم والذي سعت فيه المليشيات الغازية إلى اغتيال الحياة في عدن، واستبدالها بشعارهم القائم على الموت، أبت عدن كعادتها وبطبيعة البحر الرافضة للموت، إلا أن تلفظهم وأفكارهم الرجعية ، وتقذفهم بعيداً عبر أمواجها لتنتصر للحياة والإنسان، تصدت عدن للغزاة بشيبها وشبابها لينهار حلم الغزاة التوسعي سريعا و مدويا على أبوب صيرة وسفوح جبال شمسان، كان محمود ( الدرة ) أحد أولئك الشباب الذين تصدوا للمليشيات العابرة بأجنداتها من خارج الحدود، لبس جعبته وأخذ سلاحه، مُتَحَدِيا بذلك كل الصعاب، متصديا للمليشيات بسلاح بسيط إلا أنه كان سلاحاً كبيرا بالعزيمة والايمان .

  للشهيد محمود ( الدرة ) أختان هو الاخ الاصغر والوحيد لهن، ينحدر من أسرة عدنية عريقة تسكن منطقة المعلا تعرف بعائلة ( عبدالسلام باعيون )، يقول والد الشهيد: " ابني رحل عن الدنيا من ساحة الشرف، وأنا اليوم لم أفقد ابني بل الله سبحانه وتعالى اختاره ليكون في الدار الأخرة مع الشهداء الذين يعتز بهم الوطن " ويقول عن محمود أيضا: "رغم حداثة سنه إلا أنه حين يتحدث معك يشعرك بأنه رجل كبير، عارك الحياة وأخذ منها الدروس والعبر".. و عن غيابه يقول : "كان له أثرعميق على العائلة حيث أصبح البيت بلا صوت وخيم الحزن الممتزج بالفخر على الجميع، فقد كان الكل في العائلة والجيران والأصدقاء يكن له المحبة والإحترام"

  وعلى مقربة من أبيها كانت تحدثنا اخته الكبرى والحزن يخيم على الاثير «روح محمود لم تفارقنا يوما، كان يحبنا و يخاف علينا هو اخونا وهو الولد الوحيد ، و بفقده اليوم نفقد العزوة والقوة التي كنا نواجه بها صعوبات الحياة ولكن عزاؤنا أنه في مقام عال وإن تباعدت الأجساد.. روحه ستظل قريبة منا » .

  الشهيد محمود كان من أوائل المقاتلين الذين توجهوا جبهة جعولة بعزيمة وقوة.. انضم للقتال، راغباً للشهادة، متمنياً اللقاء برفاق الكفاح الذين سبقوه إلى الجنان، في أمنيته كانت الشهادة والدفاع عن الدين والوطن وعن المدينة التي أحبها، حيث لم تفارقه يوما أمنية الشهادة...كُتبت لمحمود تلك الأمنية و التي لطالما انتظرها طويلا، فقد مضى شهيداً في إحدى المعارك صبيحة يوم السبت الموافق 28/3/2015 ، صعدت روحه هنيئةً إلى السماء، وجسده تخضّب بالدماء، وكان له ما أراد.. رحل محمود، لكن بقيت بسماته في ذاكرة عدن المتخمة بالنصر والكفاح .