آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-06:10ص

ملفات وتحقيقات


جهات حكومية رفضت تحمل المسؤولية.. خفر السواحل يوقف شحنة من الأسمدة الممنوعة ويحذر من كارثة بيئية

الأحد - 10 نوفمبر 2019 - 05:24 م بتوقيت عدن

جهات حكومية رفضت تحمل المسؤولية.. خفر السواحل يوقف شحنة من الأسمدة الممنوعة ويحذر من كارثة بيئية

عدن (عدن الغد) خاص:

تقرير: جعفر عاتق

 

توطئة

تمكنت خلال الأيام الماضية فرقة تابعة لقوات خفر السواحل اليمنية من إيقاف ثلاث سفن صغيرة، تعرف باسم "زعيمة" في المياه الإقليمية اليمنية قبالة جزيرة ميون التي تتوسط أهم مضيق بحري في العالم "باب المندب".

 صحيفة "عدن الغد" وفور وصول خبر احتجاز السفن الثلاث بادرت بالتواصل مع مسؤولي قوات خفر السواحل للاستعلام أكثر ومعرفة ما خلف تلك الشحنة، فكان تجاوبهم متميزا تقديرا منهم للواجب الوطني الكبير الذي يقومون به.

 قامت صحيفة "عدن الغد" بالنزول الميداني ومعرفة معلومات كافية ومفصلة عن الشحنة وقصة ايقافها ونقلها إلى عدن وما حصل عقب ذلك.

 

بداية القصة

تبدأ القصة من خلال رصد ومتابعة فريق التشكيل البحري التابع لقوات خفر السواحل في جزيرة ميون بقيادة النقيب هشام سنان حيث رصدت دورية تابعة للفريق دخول السفن المياه الإقليمية اليمنية ومرورها بمحاذاة الجزيرة.

 وفور تلقي البلاغ وعقب التواصل مع عمليات قوات خفر السواحل في العاصمة عدن وبالتنسيق مع قوات التحالف العربي قام الفريق بقيادة النقيب هشام سنان بتنفيذ دورية احترازية وايقاف السفن الثلاث بعد تكتيك فني في عرض البحر.

 وتمكن الفريق البحري بقوات خفر السواحل من ايقاف السفن الثلاث والسيطرة عليها ليجدوا فيها مالم يكن في الحسبان، في منظر يهتز منه الضمير البشري والإنساني.

أصغر ما تم إيقافه كان مركبا بداخله عشرات المهاجرين الأفارقة بينهم نساء وأطفال في ظروف معيشية صعبة وافتقار المركب لأدنى جوانب الأمن والسلامة مع احتمال حدوث انقلاب للقارب والذي سيؤدي إلى فقدان العشرات من البشر لحياتهم.

 السفينتان الأخريان كانتا تحملان على متنهما سموما تكفي لإغراق البلاد بكلها في كارثة ستعاني منها أجيال عديدة لسنوات طويلة.

 

نقل السفن إلى عدن

وعقب تمكن الفريق البحري بقيادة النقيب هشام سنان من السيطرة على السفن الثلاث بدأ بعملية نقلها الى العاصمة عدن بالتنسيق مع قوات التحالف.

 وعقب وصولها إلى العاصمة عدن تولى كلا من الأمن البحري والتشكيل البحري التابعان لقوات خفر السواحل مهمة إنزال اللاجئين الأفارقة وتأمين الزعيمتين الآخرتين اللتين تحملان الأسمدة الممنوعة.

 تعامل أفراد قوات الأمن البحري والتشكيل البحري بكل مهنية وواجب وطني وانساني مع المحتجزين الافارقة وكذا مع البحارة الذين كانوا يقودون السفن الثلاث.

 

تفاصيل الحادثة

التقت صحيفة "عدن الغد" بعدد من قيادات وضباط وأفراد قوات خفر السواحل بالعاصمة عدن والذين أوردوا تفاصيل خمسة أيام من المعاناة مع المحتجزين من المهاجرين وتحملهم مسؤولية تأمين وحماية شحنة الأسمدة.

 في بداية اللقاء رحب منتسبو قوات خفر السواحل بصحيفة "عدن الغد" مؤكدين بأنها الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي زارتهم واستطلعت عن تفاصيل الحادثة التي تعد انجازا كبيرا في ظل فوضى كبيرة تعيشها البلاد.

 وقالوا أن كمية الأسمدة المحتجزة بلغت "194" طنا، فيما بلغ عدد المهاجرين "108" بينهم 77 رجل و31 فتاة في ريعان شبابهم.

 وأكدوا أنهم قاموا باحتجاز المهاجرين الأفارقة في الشرطة البحرية التابعة للأمن البحري ورصيف السواح الواقعان بمدينة التواهي بالعاصمة عدن.

 

تهرب من المسئولية

وأشاروا إلى أنهم فور وصول السفن الثلاث إلى رصيف التشكيل البحري بدأوا بالتواصل مع الجهات المختصة والمنظمات الدولية العاملة في مجال اللاجئين إلى أنهم لم يجدوا تجاوبا من أحد.

 ولفتوا إلى إصدار مذكرات إلى كلا من وزارة الزراعة ومصلحة الجمارك والسلطة المحلية بمحافظة عدن وإدارة أمن عدن والسلطة المحلية بمديرية التواهي وكذا العديد من المنظمات الدولية العاملة في عدن والتي تدعي حماية وتأمين اللاجئين وتوفير الغذاء والمأوى لهم.

 وخلال الأيام الماضية تحمل منتسبو قوات خفر السواحل مسؤولية تأمين وتغذية اللاجئين وتوفير أماكن إيواء لهم بحسب مقدرتهم ولضعف التموين قاموا بإعطائهم التغذية المخصصة لهم من واجب وضمير وطني وإنساني عقب رفض المنظمات الدولية والجهات المسؤولة التجاوب معهم.

 قيادات في قوات خفر السواحل أكدوا للصحيفة بانهم تواصلوا مع وزارة الزراعة لمعاينة شحنة الأسمدة وكذا مع مصلحة الجمارك للقيام بمصادرتها واتخاذ الاجراءات القانونية.

 وقالت قيادات قوات خفر السواحل أن وزارة الزراعة انزلت فريقا لأخذ عينات من السماد وحتى اليوم لم يقوموا بإصدار تقرير مفصل عنها.

 وأضافوا أن مصلحة الجمارك رفضت النزول لتحريز المواد المحتجزة من الأسمدة الممنوعة والسامة حيث بلغت نسبة اليوريا في أصنافها 46% وهو ما يخالف القوانين المنظمة لاستيراد تلك المواد كما أنها مهربة ولم تمر على النظم القانونية للبلاد.

 

تحذيرات من كارثة بيئية

ودعا منتسبو قوات خفر السواحل كافة الجهات المسؤولة وفي مقدمتها وزارة الزراعة ومصلحة الجمارك للقيام بدورها في اتخاذ الإجراءات القانونية وتحريز المواد المحتجزة السامة التي قد تؤدي إلى كارثة كبيرة لا يحمد عقباها تضر المواطن في المقام الأول.

 ونوهوا إلى أن الأسمدة السامة التي تبلغ "194" طنا لا تزال محملة في زعيمتين تقفان أمام رصيف السواح بالعاصمة عدن محذرين في الوقت ذاته من حدوث تسرب مياه إليهما يؤدي إلى غرق تلك الزعيمتين وذوبان الأسمدة السامة في مياه البحري والتسبب بكارثة كبيرة للأحياء البحرية المتعددة.

 وخلال الزيارة الاستطلاعية لصحيفة "عدن الغد" أكد منتسبو قوات خفر السواحل معاناتهم من ضعف الدعم المقدم من جانب الحكومة الشرعية وكذا عدم وجود أي دعم من جانب التحالف العربي.

 

شكر وتقدير

من جانبهم قدم منتسبو قوات خفر السواحل شكرهم وتقديرهم لرجال الخير الذين قدموا الغذاء والملابس للمهاجرين الأفارقة كما شكروا الدور الكبير لمؤسسة موانئ خليج عدن.

 

خاتمة

إن المهمة الوطنية الكبيرة التي قام بها منتسبو قوات خفر السواحل والمتمثلة بإيقاف شحنة من المواد السامة المهربة تستحق كل كلمات الشكر والتقدير للجنود المجهولين الذين يقومون بحماية أمن البلاد البحري والسهر لأجل تأمين المواطنين.

 ومن هذا المقام نرفع لأولئك الجنود المجهولين الشكر والتقدير على كافة جهود وقيامهم بواجبهم الوطني والإنساني في التعامل مع الشحنة السامة من الأسمدة الممنوعة وكذا توفير ظروف معيشية ومعاملة جيدة للمهاجرين الأفارقة الذين احتجزوا في المهمة ذاتها.

 وندعو الجهات المسؤولة في الحكومة والسلطة المحلية بالعاصمة عدن وكذا المنظمات الدولية للقيام بواجبه على أكمل وجه للتقليل من حجم الخسائر التي قد تنجم في حال استمرار اللامبالاة والتهرب من تحمل المسؤولية.