آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-11:27ص

ملفات وتحقيقات


مهمشات على مشانق الحرمان

الثلاثاء - 15 أكتوبر 2019 - 02:20 م بتوقيت عدن

مهمشات على مشانق الحرمان

عدن(عدن الغد)خاص:

لا لذنب إلا أنها وجدت نفسها محاطة بسياج التقسيم الطبقي في مجتمع لا يجيز لها حتى التفكير بتخطيه للوصول إلى أدنى حقوق إنسانيتها .. فها هي خلود تزيل بمكنستها رواسب الأتربة من أفنية إحدى  مدارس عدن الأهلية وتعجز عن محو آثار الفوارق المجتمعية الملتصقة بجدران قلبها المفطور عمر يفنى وتشقى فيه خلود التي تتمنى لو كانت تمسك قلما تخط فيه عنوان وجودها أو أوجاعها المرمية على هامش الحياة .

ينقلها / علي الصبيحي – إيمان صالح:

خلود عبده  واحدة من عشرات آلاف المهمشات اليمنيات اللواتي حرمن من إكمال تعليمهن أو الالتحاق  بالمدارس بسبب الفوارق المجتمعية التي يعاني منها مجتمع المهمشين البالغ عددهم بحسب إحصائيا  رسمية نحو ثلاثة مليون نسمة في عموم محافظات الجمهورية اليمنية يتجمعون في مناطق معزولة ويعمل غالبيتهم في النظافة والأعمال اليدوية .

التصنيف :

ذكر عدد من الباحثين أن المفهوم العام للمهمش هو كل من يقصى بشكل متعمد من نسق إنساني  اجتماعي وثقافي غالب على الفضاء المكاني والزماني الذي يتحرك به الفرد، في المهمش معزول عن  قصدية تقف خلف هذا الغياب وهو حاضر ولكنه يغيب عن ذهن المجتمع لأسباب عدة، و عدم الإحساس بأهمية هذا الفرد.

 مصطلح المهمشين:

يشير إلى تلك الفئة الاجتماعية التي لم تسمح لها قدراتها ومواقفها النفسية السلبية تجاه ذاتها  بالمشاركة الفعالة في إدارة موارد المجتمع وبلوغ مواقع القرار السياسي.

المهمشون في اليمن:

بحسب   تقرير المنتدى الاجتماعي الديمقراطي 25 يوليو 2006م  فإن المهمشين مواطنون يمنيون يتميزون عن أغلبية سكان البلاد بملامحهم الأفريقية وبشرتهم السوداء، ويعتبرون أدنى الطبقات  الاجتماعية غالبيتهم من أصول إثيوبية وصومالية ومن دول القرن الأفريقي ويتعرضون للتمييز وهضم الحقوق، كما يعيشون أوضاعاً صعبة وفي  عزلة عن بقية شرائح المجتمع اليمني، ويعملون في مهن دونية أبرزها تنظيف الشوارع .

مــهـمشـــو عـــدن:

 في عدن يعيش غالبية من «المهمّشين» يتوزعون على  مناطق محددة ولهم أحيائهم الخاصة المعروفة في كل من مديريات دار سعد، الشيخ عثمان، كريتر، التواهي، والمعلا. و لا توجد إحصائية رسمية لعددهم  الفعلي في عدن، وبحكم الإرث التاريخي والتمايز الطبقي ارتضت هذه الفئة العيش على هامش المجتمع و سرعان ما يتركون فصول الدراسة للالتحاق بالعمل نظرا للظروف القاسية التي يعانونها . أما تواجدهم  في عدن يعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد المهمشين في عدن بلغ 120 ألفاً بعد الوحدة اليمنية، يتوزعون على 7 مديريات, وبحسب ناشطين تحتضن مديريتا دار سعد والشيخ عثمان نحو 70 ألف  نسمة من هذه الفئات ما يعني نصف عددهم في عدن قاطبة.

القهر المكبوت:

 تنتمي خلود ....  ذات الخمسة عشر ربيعا  لإحدى الأسر المهمشة القاطنة منطقة السيلة بمديرية

 الشيخ عثمان محافظة عدن يعمل والدها حمالا بينما تمتهن والدتها مهنة التنظيف تعمل الأسرة جاهدة لتعيل ستة أفراد وتعيش العائلة  في غرفة واحدة في شبه منزل يسكن فيه أبناء عمومتها .

تقول خلود :

 انتقلت وأسرتي للعيش   في منطقة البساتين الواقعة شمال غرب عدن  في منزل أختي المتزوجة بسبب المضايقات التي لاقتها 

الأسرة جراء الفقر  في بيت العائلة الصغير .

تأخذ خلود تنهيدة  كبيرة مصحوبة بكثير من الألم المكبوت وتواصل حديثها والدموع 

تترقرق في عينيها قائلة : " 

درست إلی الصف الثاني الابتدائي وعزفت عن  المدرسة لأننا من المهمشين الذين يدفعون فاتورة التمييز الاجتماعي والاقتصادي وكأننا لسنا بشرا ممن خلقهم الله ولنا حقوق  إنسانية كبقية أفراد المجتمع اليمني . 

وأضافت خلود :" واجهت أسرتي صعوبات في الحاقنا بالمدارس بسبب الفقر والمرض الذي انهك  جسدي النحيل نظرا لسوء التغذية ، وكنت دائما ما أتعرض لنكسات مرضية متفاوتة لكن شغفي وحبي للتعليم دفعني  بعد اعوام للعودة إلى مقاعد الدراسة واكملت عامين آخرين رغم الفقر ومشقة 

الوصول إلى المدرسة الواقعة   في مديرية الشيخ عثمان لكن شدة المعاناة أجبرتني لترك المدرسة  بكثير من الأسى فالفقر والحرب أثرا على عمل والدي الذي لم يعد يجد شيء يحمله  ليسد افواه

 أطفاله الجياع . واضطررت 

وأمي إلى النزول للشوارع مدينة عدن علنا نجد من يرى فينا  ضنك الحياة ويتصدق علينا بريالات حقيرة نتسلمها بكثير من الذل والامتهان .

صراع الوجود

تقول خلود :

 ما أن  تحصلت أمي  على عمل في إحدى المدارس الأهلية  كمنظفة فيها قررت انا الالتحاق بدور  محو الأمية واكملت المستوى الأول بنجاح ولكن سرعان ما تبددت فرحتي وعزفت مجددا  عن محو الأمية لسوء وضعنا المادي وفضلت ادخار وقتي بعمل يقيني وأسرتي سؤال الناس ويسد جوع أخوتي وعملت بجد لمساعدة  والدتي في المدارس وبيوت الناس حتى حصلت على وظيفة منظفة في مدرسة أهلية بمبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع. 

أحلام من أحزان :

تتعالى أنفاس خلود مجددا  لتكمل حكاية بؤسها :" ما بدأت عملي في المدرسة شعرت  بنوع من الارتياح الوقتي الذي لا أكاد استجمع فيه أحلام سعادتي حتى يساورني كابوس واقعي وتتزاحم في  داخلي مشاعر مختلطة نصفها فرح والآخر أحزان لكن أملا ظل بداخلي ظننت أنه سيكون المنقذ لي فقد وعدتنا منظمة إحدى المنظمات بإلحاق بالمدارس  وصرف معاشات شهرية إلا أن تلك الوعود لم تتجاوز حيز أحزاني و لم نر شيئا منها تحقق غير مرات معدودة وبعدها سقطت اسم عائلتي من كشف الحياة .

الأمل  المفقود :

تقول  خلود :" أعشق الرسم وهو أكثر ما يجعلني أهرب من عالمي المخيف فأنا كثيرا ما أرسم لنفسي سعادة افتراضية أتوهم معها أنني طبيبة يمنية تضع سماعتها على صدر مريض تتحسس مصدر الألم منه وتارة أجدني معلمة تقلب صفحة كتاب تسير على نهجه الأجيال ومرة أراني محامية قانون ادافع  عن حقوق إنسان في محكمة أكساني قضاتها حلة الوقار ... تصمت خلود وتنقطع بصمتها رسومات خياله تفاجئنا بجملة أخيرة زلزلت أعماق قلوبنا بعد أن ختمت خلود حديثها بصوت خافت :" لكنني 

من فئة قيل عنها  مهمشة أحيا فيها بنصف آدميتي أتحرك وأتنفس به والنصف الآخر مفقود الهوية غريب الانتماء لا اعرف نسبا لي فيه سوى التمييز العنصري القائم على الطبقة واللون أقصاني  من إنسانيتي التي صرت معها لا أعدل موجودات الحياة . 

امتداد الأسى: 

تشابهت معاناتهن وتبعثرت أحلامهن وكما لم تكن خلود شيئا مذكورا في قاموس المجتمع اليمني تلك  نور علي حزام التي تحكي معناة سبعة عشر عاما من عمرها قضتها في خندق التهميش قسرا بعد أن غادرت فناء المدرسة في الصف السادس الابتدائي وتخلت عن حلمها لتخفف العبء عن عائلتها المهمشة المحرومة من أدنى متطلبات الحياة الضرورية وانعكس سلبا على صحتها كما تحكي نور   : حالتي الصحية حرجة نتيجة سوء التغذية الناتج عن حالة عائلتي المكونة من سبعة أفراد، والتي تعيلها أمي بعملها في تنظيف المدارس وبيوت الناس براتب بخس لا يكفي لإطعامنا ثلاثة وجبات في اليوم والليلة ، لذا كنا نكتفي في معظم الأيام بوجبة واحدة لا تسد رمق العيش، في حين يصارع أبي  يوميا مرض الكلى وعناء إيجاد ما يعمله كي يجني ريالات بخسة قد تخفف الآلام عن أخي الأكبر الذي يعاني من صفار في الكبد ، الأمر الذي جعله طريح الفراش منذ زمن وأمام هذا الوضع عانيت من مشقة الذهاب إلى المدرسة بسبب بعدها عن منطقتي (المناكيب) الواقعة شمال غرب عدن، ستة أعوام من عمري  كنت اشق الم الطريق ببطن فارغة وحذاء مرقع أحمل حقيبتي على ظهري الهش و بداخلها حلمي الأكبر و قد لا يأتي يوم ارتدي فيه لباس ملائكة الرحمة لكن فاجعة الواقع المؤلم كان الأقرب إلي من أحلامي التي تطويها مع كل لفافات الورق التي أكنسها يوميا من فصول المدرسة الأهلية وهي التي كنت أظنها   محراب الخلاص لنا نحن المهمشين للخروج من دائرة التهميش القسري.

رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للحقوق والحريات وعضوا الجمعية المصرية للقانون 

الدولي هاني الصادق تحدث قائلا :  

"حاليا أكثر من 35 مليون فتاة  في الوطن العربي لا يذهبن إلى المدرسة  ثلثا هؤلاء الشابات هن من الأقليات العرقية.

 والعديدات يتم استثناؤهن بسبب الحرمان الاقتصادي، وموقع المدرسة، أو وضعه العائلي. 

إلا أن ثمة  عوامل أخرى: واحتمالات قيامهن بأعمال بدون مقابل في المنزل تزيد كثيرا عن الفتيان،  بما فيها الطبخ والتنظيف وتقديم الرعاية. وتقل احتمالات أن يلحقهن آباؤهن بالمدرسة. كما أن الآباء والمدرسين والمرشدين غالبا  لا يدعمون بشكل قوي المشاركة الأكاديمية للفتيات بما يجعلهن أكثر عرضة للتسرب من المدرسة. وحتى داخل المدرسة، فقد تجد الفتيات أنفسهن معرضات للعنف والتحرش فضلا عن الشعور السائد بأنهن لا ينتمين إليها."

وأضاف الصادق :  مديرة المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة لأوروبا الوسطى والشرقية  في جنيف ماري بيار بوارييه أكدت أن أهم الحواجز التي تعوق حصول الفتيات على التعليم الابتدائي والثانوي في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء هي المناهج العمياء التمييزية والممارسات التعليمية،  والعنف القائم على نوع الجنس والممارسات التقليدية الضارة، والبيئات غير الكافية وغير الآمنة، ونظام التعليم الذي لم يصل إلى معظم الأطفال الضعفاء الذين يعيشون في خطر .

إقصاء شهيد وأنين أرملة:

في بينها الذي لا يشبه المنازل المحيطة به في مديرية الشيخ عثمان شمال غرب عدن   تحاول الأرملة جليلة غالب كفكفة دموع أبنائها السبعة وهي لا تجد ماتسد به خواء بطونهم وهم كل ماتبقى لها من ذكرى زوجها الشهيد الذي ضحى بنفسه دفاعا عن الوطن في حرب العام 2015 ضد جماعة الحوثي  ولم تجد جليلة سوى النكران والجحود لدماء زوجها الذي تركها تكابد بؤسها في وطن لم يمنحهم حتى الاعتراف بآدميتهم فهم من الأقليات ( المهمشين ) الذين لا هوية لهم . تقول جليلة .. استشهد زوجي في العام 2015 في مديرية المنصورة وهو يدافع عن وطنه مع شباب المقاومة... وبدلا من  أن أعيش أنا وأولادي في كرامة نحن اليوم محرومون من القوت الضروري فأنا اضطررت لسؤال الناس في الشوارع لتأمين قوت أولادي .

وأضافت جليلة .. راتب زوجي انقطع بعد استشهاده وحرمتنا لجنة الشهداء والجرحى من التعويض الذي يقدر بعشرة الف ريال سعودي رغم اكتمال كل الإجراءات والوثائق وإلى اليوم مرت أربع سنوات وأنا وأولادي نتجرع مرارة العذاب في كل المكاتب والكل يصرف نظره عنا لأننا مهمشين .

الخيار المرير:

تقول جليلة غالب اضطررت لأن أزوج ابنتي وهي قاصر بعد أن أغلقت الأبواب في وجهي فأنا امرأة ضعيفة ولا أستطيع حمايتها أو تأمين احتياجاتها هي وأخوتها وتركتها تواجه مصيرها المجهول واليوم أولادي جياع لا يملكون أدنى المتطلبات وأنا لا أملك إلا أن أندب حظي العاثر وليس بمقدوري تلبية حاجتهم وليس لهم مأوى يقيهم الحر والبرد سوى هذا الذي نغطيه بالقش ولا يحمينا  والله وحده يعلم أننا عند نزول الأمطار نضطر أنا وأولادي الخروج منه والوقوف تحت جدران المنازل المجاورة .. وتابعت جليلة بكثير من الآهات .. أولادي ليس لهم شهادات ميلاد ولا نصيب لهم في التعليم وليس لهم من إنسانيتهم سوى جلودهم العارية وأمعائهم الخاوية .

د. ذكرى  محمد الأديب  أستاذ مساعد علم اجتماع أسري كلية الآداب جامعة عدن أوضحت قائلة  إن أسباب التمييز الطبقي القائم ضد بعض فئات المجتمع مصدره الرئيسي  غياب العدالة الاجتماعية التي تضمن حقوق الفقراء والمحتاجين والفئات الدنيا في مقابل حصول أصحاب الفئات العليا على حقوق أفضل من غيرهم. ومن ثم المعتقدات  لدى أفراد المجتمع بوجد أفضلية لعرق أو لون أو للجنس وهي معتقدات رسختها العادات والتقاليد والثقافة المجتمعية الجهل والأمية.. فالجاهل يؤمن بمثل هذه الممارسات ويتبناها بينما يكون وجودها محدوداً لدى الفئات المتعلمة والمثقفة الأمر الذي ولد الشعور بالدونية والاحتقار نتيجة وجود شخص ينتمي لفئة أقل، هذا الشعور ينعكس على طبيعة المعاملات الحياتية التي يمارسها مع من حوله والتي تؤكد لهم صدق ما يؤمنون به وبالتالي لابد من إعادة بناء الثقة بالنفس أولاً لدى أفراد هذه الفئات أو المنتمين لها.

تصحيح المفاهيم:

فيما يخص  تصحيح المفاهيم المجتمعية تجاه الفئات المهمشة في اليمن تقول د.ذكرى الأديب لابد من إيجاد شراكة مجتمعية تعمل على إدخال الفئات المهمشة في القطاعات المختلفة التابعة للدولة أهمها قطاع التعليم لرفع مستوى الكفاءة لديهم وعمل دورات توعوية وتثقيفية لهذه الفئات وأيضاً لأفراد المجتمع حول أحقية هؤلاء في الحصول على حياة سوية قائمة على المساواة والعدالة الاجتماعية والحث  على تقبل هذه الفئات مجتمعياً وجعلها تتشارك أماكن السكن العامة مع غيرها من فئات المجتمع وعدم تخصيص أماكن سكنية خاصة بها وإبراز النماذج الإيجابية من أفراد هذه الفئات والتي استطاعت تجاوز واقعها المعاش والدفع بها نحو مصاف الحياة الاجتماعية والاقتصادية ودعم هذه الفئات ورفع مستوياتها الاقتصادية من خلال تخصيص مبالغ مالية لمساعدة الأسر المهمشة تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية. 

الحق الاجتماعي:

وعن  الحق الاجتماعي لفتت  د. ذكرى الأديب إلى أن   لهذه الفئة الحق في حصولها على ميزات وأدوار اجتماعية أسوة ببقية أفراد المجتمع بعيداً عن الفوارق المجتمعية الوضعية فهناك العديد من الحقوق التي كفلها الدين والقانون والدستور أفراد هذه الفئات ولكن قلة الوعي والجهل الذي تعيش فيه هذه الفئات جعلها غارقة في الظلام والقهر والاستعباد والاستبداد الاجتماعي الذي يمارس بحقهم والذي عُزز تواجده في المجتمع منوهة إلى أن  أهم الحقوق الاجتماعية التي يجب أن تكفل لهؤلاء حق الحياة الكريمة والعيش بسلام مع بقية أفراد المجتمع حياة تكون قائمة على العدل والمساواة والشراكة وبعيد عن ثقافة الإقصاء والاستبعاد و الحق في إشراكهم في الحياة المجتمعية من خلال المناسبات الاجتماعية والمجتمعية، بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل كريمة لهؤلاء المهمشين .

وأضافت ذكرى : من  المؤسف أنه حتى عندما تم توفير فرص لهم تم اختيارهم للعمل في أكثر مهمة تقلل من شأنهم وقدرهم "خدمات النظافة" الأمر الذي يعكس مستوى الاستهزاء والسخرية حتى من واضعي السياسات العامة التي تقدمها الدولة لذلك في ظل وضع مثل هذا لا نستغرب وجود هذه النظرة الدونية أو حالة الانتقاص والامتهان الذي يعيشه أفراد هذه الفئات المهمشة يوماً بعد يوم.

الحق في التعليم

لماذا لا يحصل المهمشون على حقهم في التعليم ?

 أشار الأستاذ  علي علوي مدير مكتب التربية والتعليم مديرية المنصورة محافظة عدن  إلى أن عدم حصول المهمشين على حقهم في التعليم ما يزال أزمة قائمة موضحاً أن من  الأسباب التي تمنع المهمشين من الحصول على حقهم في التعليم الظروف الاقتصادية الحرجة  لأسرهم فالعديد من العائلات تعاني الفقر ولا تستطيع توفير مصاريف الدراسة مثل النقل واللوازم المدرسية  وتعتمد على عمل الأطفال بدلا من إرسالهم إلى المدرسة, مناشدا وزارة التربية دعم التعليم بما يشمل توسيع المدارس الحكومية وإعادة تأهيلها وتعيين عدد أكبر من المدرسين ودعم النقل لهؤلاء الطلاب للمدارس او بناء مدارس في الأحياء القريبة من مواقع سكنهم وتغيير السياسات التي تمنع المهمشين من التسجيل ودفعهم إلى الانقطاع عن المدرسة. 

داعيا  مدراء المدارس إلى  تسهيل إجراءات التسجيل والقبول لإتاحة الفرصة   أمام توافد أكبر عدد من الفئات المهمشة و فيما يتعلق بالمخاوف المتعلقة  بفارق السن التي قد تكون عائقا أمام التحاقهم بالتعليم أشار علوي إلى أنه بالإمكان  توفير أكبر عدد من الاختصاصيين الاجتماعيين في المدارس لاحتواء هؤلاء الأطفال.

هل ترى  سيأتي اليوم الذي يرى فيه مجتمع المهمشين قانونا يجرم التمييز على أساس النسب أو  العرق أو اللون ؟ ومتى ستشهد هذه الفئة المقصية قبولا لدى بقية فئات المجتمع اليمني دون 

انتقاص من أقدارهم و آدميتهم ؟ 

وهل سينعم المهمشون يوما  بحقوق المواطنة المتساوية ويتاح لهم الوصول إلى التعليم والصحة والمسكن والرعاية من الاجتماعية بما يضمن لهم العيش في كنف حياة كريمة ؟