آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-12:06م

أدب وثقافة


وكان الحب (قصة قصيرة)

الأحد - 06 أكتوبر 2019 - 06:01 م بتوقيت عدن

وكان الحب (قصة قصيرة)

كتب/ عصام مريسي

في الحي الشعبي لمدينة كريتر وفي بيت العروس أجتمع كل الجيران لمباركة حفل الغسل ( يوم يسبق ليلة الزفة) وترتفع الزغاريد والتبريكات وتمتلأ العمارة المتواضعة بضجيج الحضور وحركة الأطفال الذين ينتظرون الحافلات التي ستقل الحضور إلى قاعة الحفل لتناول وجبة( الزربيان) المشهورة في عدن في حفلات الزواج والتي هي خليط للأرز واللحم إلا منزل واحد كان غير مدعو لحضور الحفل هو بيت الشاب الذي كان خاطب للعروس قبل أن يتفرقا وترد إليه كل الهدايا المتواضعة  التي قدمها خلال الخطبة ، ما زال في الغرفة التي يجتمع فيها كل أفراد أسرته وفي أحد الأدراج تجتمع كل تلك الهدايا يعود إليها كلما أراد أن يتذكر أيام الوصال بمحبوبته وقبل أن ترد إليه خاتم الخطوبة:

خذ هذا خاتم الخطوبة وكل الهدايا التي أحضرتها.

ترتسم في عينيه دهشة وتعجباً شديداً وقبل أن يبادرها بالسؤال عن أسباب الفرقة وقبل ان يستفيق من حال ذهوله وحيرته تجيب حتى تطوي زمن اللقاء وتنصرف:

خلال الأسبوع القادم  ستتم مراسم زواجي وسوف أغادر إلى الخليج

يضع يده على رأسه ويتكأ على جدار البيت العتيق وهو يرفع عينيه ليحدق في ملامح خطيبته ويبحث عن الأسباب:

بهذه السرعة تخليتي عن أحلامنا وتناسيت كل الحب الذي جمعني وإياك

تجيب بمنطق الذي لا يضع للعواطف مثقال في ميزان مشاعره  وهي في عجلة وقبل أن تنصرف :

لو انتظرتك حتى تتحقق أحلامنا ربما نحتاج إلى عمر طويل ، أنت تعلم كم مضى من يوم تخرجنا ولم نتحصل على عمل وأنت تعمل عامل في محل ربما لا يكفيك لتوفير أقل ما تحتاج من حاجات شخصية فكيف بمصاريف الزواج.

تنصرف وتترك الشاب الغارق في دهشته ما يزال واقفاً في مكانه وبعد أن اختفت ملامح الفتاة يستعيد الشاب قدرته على التفكير ويترك المكان الذي كان يقف فيه وينصرف وعليه غبار الجدار المهترئ الذي كان يستند عليه ينفض ما عليه من غبار بكلتا يديه ويستدير متجه نحو منزله في الدور الثاني وهو يلملم المه مع الأشياء المسترجعة ويتلكأ في صعود سلم المنزل حتى يصل إلى الدرج كي يخفي الأشياء قبل أن تراها أمه ، التي كانت ترقب المشهد وهي تتحسس مجريات الأمور تقترب من ولدها وهي تحاول ضمه متمتمه:

كل شيء نصيب يا ولدي .. وربما ترزق بمن هي أحسن منها

يمرر كلتا يديه على رأسه ويطلق ما بصدره من الم بزفير متقطع وأمة تمسح على رأسه وتقبل جبينه محاولة مواساته :

غداً سيكون أفضل

يستفيق الشاب من ذكرياته المؤلمة على أصوات المزامير وأبواق السيارات ، يقف من خلف النافذة ليرقب المشهد الذي يزيد من جرحه والمه فلا يحتمل الموقف فيحمل جسده الموجوع ليغادر المنزل إلى مكان بعيد حتى تنتهي مراسم الزواج