آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:26ص

ملفات وتحقيقات


وزارة التعليم العالي تتوارى معايير الكفاءات بالابتعاث .. أمام سلطة المال وحضور الجاه والنفوذ

الثلاثاء - 23 يوليه 2019 - 10:53 م بتوقيت عدن

وزارة التعليم العالي تتوارى معايير الكفاءات بالابتعاث .. أمام سلطة المال وحضور الجاه والنفوذ

(عدن الغد)خاص:

تقرير / الخضر عبدالله : 

على مقربة من وزارة التعليم العالي  يزدهر نشاط سماسرة التعليم العالي وتجار المنح الدراسية حيث يقايض مستقبل وطن بحفنة من المال الرخيص لصالح بعض المنتفعين.

وهناك في أروقة وزارة التعليم العالي ومحيطها حيث تلتقي المصالح وتبرم الصفقات تتوارى معايير الكفاءة والجدارة بالابتعاث أمام سلطة المال وحضور الجاه والنفوذ.

بعض تلك الفرص تذهب لذوي القرابة والمسؤولية والمصالح المشتركة وبعضها تباع لذوي الدرجات الدنيا وبعض المتعثرين على حساب كثير من المستحقين.

أعذار ووعود : 

يقول مصعب (وهو اسم مستعار): في الوقت الذي كانت الوزارة تتعهد بعدم اجتماع اللجنة للبت في طلبات الاستمرارية أصدرت العشرات من قرار ابتعاث لبعض الطلاب بشكل مباشر وبدون الحاجة لأي لجان .. مصعب واحد من أولئك المستحقين الذين لم تلحظهم عين الوزارة ، إذ لم يشفع له تخصصه العلمي الدقيق وتفوقه في الماجستير بتقدير امتياز من الحصول على قرار الاستمرارية لتحضير الدكتوراه ،باستمرار منحته إلا أن مماطلته استمرت ومعاناته طالت وتكررت الوعود الزائفة من شهر لآخر.

خيبة أمل : 

يختلف الحال كثيراً بالنسبة لمعاناة عصام (وهو اسم مستعار أيضاً) إذ لم ينفعه تحصيله العالي وتخصصه الدقيق وإلى جانبهما توجيهين أحدهما بقلم الوزير والآخر من وكيل قطاع البعثات للحصول على قرار الاستمرارية حتى اللحظة.

لائحة أسعار : 

يتحدث (عصام ) عن وجود سماسرة من داخل الوزارة ومن وزارات أخرى للمتاجرة بالمنح الدراسية واستخراج قرارات الابتعاث في غضون فترة وجيزة ولكن لكل شيء ثمنه ـ كما يقال ـ ويذكر أن إجراءات روتينية مملة وطويلة توضع أمام المتقدمين لاستيفائها ، فيما يماطل المختصون في إكمال معاملات الطلاب ويبتكرون الأعذار الواهية وقد تضيع وثائق الطلاب أو حتى ملفاتهم وأحياناً تخلو مكاتب الوزارة من المختصين . ووسط تلك المتاهة يتطوع أحدهم بالمساعدة فيهمس قائلاً: كم تدفع لترى معاملتك النور؟.

واللافت في الأمر أن عمليات السمسرة والمتاجرة بالمنح الدراسية تتم تحت سمع وبصر الوزارة والأجهزة الرقابية الممثلة فيها ، إذ لا أحد ينكر حدوثها ، والأغرب من ذلك أنه بات للمنح الدراسية تسعيرة خاصة في عالم السمسرة متعارف عليها لدى الجميع.

وبحسب مصادر مسؤولة في الوزارة فإن أسعار المنح تتفاوت بحسب بلد الدراسة حيث تصل قيمة المنحة الدراسية , كما تختلف أيضاً أسعارها بحسب نوع قرار الإيفاد ، فإن كان القرار ينص باعتماد المساعدة المالية مع الرسوم الدراسية فإن المبلغ المطلوب يتراوح ما بين (5-8) ألف دولار أما إذ أكان ينص باعتماد المساعدة المالية فقط فإن المبلغ المطلوب هو 3 آلاف دولار فقط وهو الحد الأدنى.

ويقتضي الأمر من طالب المنحة أن يدفع مبلغاً تحت الحساب قبل صدور القرار وآخر عند استلامه.

عروض مهمة : 

ويؤكد (مصعب وعصام ) تلقيهما عرضاً بمنحهما قرار  ابتعاث مقابل دفعهما ثلاثة آلاف دولار - ويعلق مصعب على الأمر بقوله: لا توجد سلطة أو قانون داخل الوزارة أقوى من المال ، فالفلوس كل شيء إن معك ستستكمل معاملتك ، ما لم ستبق محلك حتى ولو كنت الأول.

أحد المترددين على الوزارة ـ امتنع عن ذكر اسمه خوفا من تعثر معاملته ـ تحدث بمرارة عن مرور عامين متتاليين دون حصول قريب له على المساعدة المالية رغم حصوله على مقعد مجاني من إحدى الدول واستيفائه شروط استحقاق المساعدة المالية . وأخبرنا أنه بسبب كثرة المماطلة اضطر مؤخراً للاعتماد على سمسار نافذ له علاقاته في الوزارة يعرف بالشيخ لاستخراج قرار المساعدة المالية مقابل ألفي دولار.

مخالفات ومكافآت : 

مصدر بوزارة التعليم العالي  لم يعرف عن اسمه " أكد صراحة وجود من يقوم بأعمال تخص القطاع ، مخالفة للنظام والقانون ، ويتم التغاضي عنهم وعن تلك المخالفات والتجاوزات مكافأتهم باعتماد قرارات صادرة من خارج القطاع بدون وجه حق في إشارة إلى وجود فاسدين محميين يقومون بالإيفاد العشوائي.

مسالة اكتشاف الفاسدين ليس امر صعب :

مصادر مسؤولة في الوزارة أكدت لنا أن لوبي الفساد من تجار المنح وشبكات السمسرة وأعوانهم بالوزارة معروفون لدى قيادة الوزارة وممثلي الأجهزة الرقابية فيها وأن مسالة اكتشافهم ليست بالأمر الصعب ولا تحتاج إلى معجزة بقدر ما تحتاج لوجود نية لإيقاف فسادهم وعبثهم بمستقبل الوطن.

الابتعاث العشوائي : 

وتظهرالكثير من   المخاطبات الرسمية بمن استفحال عمليات السمسرة والابتعاث العشوائي وانعكاساتها السلبية على سمعة الوزارة ، حيث اشتكى مسؤول بوزارة التعليم العالي  لــ(عدن الغد ) من صدور قرارات إيفاد من خارج القطاع لم تعرض أولياتها عليه للمراجعة والتوقيع عليها بحسب قواعد العمل ، وطالب بتشكيل لجنة لمراجعة القرارات الصادرة وإلغاء القرارات المخالفة.

متفوقون يشتكون : 

يوجد  عشرات الطلاب والطالبات   من خريجي الثانوية بتقديرات عالية تتراوح ما بين 90-96 بالمائة لم يتمكنوا من الحصول على فرصة ابتعاث للدراسة في الخارج.

تحايل لا فساد : 

لايختلف أثنان ا بوجود تجاوزات محدودة بشأن ابتعاث طلاب بمعدلات متدنية لكنهم لم يعتبروه شكلاً من أشكال الفساد والتلاعب بالمنح الدراسية لأنهم كما يقول أحد فلاسفة وزارة التعليم العالي   هم طلاب يمنيون وابتعاثهم للدراسة في الخارج سيكون في الأول والأخير لمصلحة الوطن ولتأهيل الكوادر اليمنية، مؤكدا تفوق أولئك الطلاب وتميزهم في دراستهم.

وقال: أثبتت الأيام أن بعض ذوي المعدلات الصغيرة كانوا من أوائل الجامعات التي التحقوا بها وبتقديرات امتياز مع أنهم كانوا في الثانوية ستينات.

ملحقيات ضحك على الدقون :

وتكشف وثيقة أخرى ابتعاث طلاب للدراسات العليا في الخارج بدون ملفات أو بملفات ناقصة إذ تتبين يمذكرة رسمية صادرة غن الملحقية الثقافية باحدى السفارات اليمنية  بتوقيع المستشاريين الثقافيين عدم وجود ملفات لبعض المبتعثين أو وجود نقص في وثائق بعض الطلاب .

ختاماً :

وحتى اللحظة ما تزال جماعات السمسرة  تحوم حول وزارة التعليم العالي للابتعاث . وما زال عشرات الحالمين بالابتعاث متفوقين ومعيدين يجوبون شوارع مدينة عدن  بحثا عن مسؤول يستمع لهم، وما زالت الدولارات تتدفق إلى شبكات السمسرة وتسيء لسمعة الوزارة مثلما لازال لوبي الفساد في الوزارة ضميرا مستترا تقديره هو.