آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-03:15م

أدب وثقافة


طائرة من ورق (قصة قصيرة ) الأولى

الأربعاء - 17 يوليه 2019 - 04:18 م بتوقيت عدن

طائرة من ورق  (قصة قصيرة )  الأولى

كتب/عصام مريسي

وقبل أن تضع الشمس شرشفها المكتسي بحمرة مائلة إلى الصفار وتودع تلك الرقعة لتسمح لخيوط الليل تتسلل إلى المدينة لتكسوها بالسواد , كان أبناء الحي يلعبون بطائراتهم الورقية يرسلونها إلى الفضاء لتحلق وهم يمسكون بنواصيها بخيوط الصوف حتى تلبدت السماء بالغيوم وامتلأ الفضاء بالغبار وحجبت الرؤية ولم يعد أحد يرى شيء والأطفال يصرخون:

طائراتنا لا ترى , لقد غابت بين السحب

ويصرخ اّخر :

ربما تعلقت الطائرات  بالصحون الفضائية

ترتفع ضحكات الأطفال وهم يعلقون على صرخات صديقهم قائلين:

أنت مسكين , هل صدقت أفلام الكرتون . ليس فضائيين إنما هو الخيال العلمي

تنقشع السحب السوداء وتمسك الرياح عن الهبوب لتوقف عبثها بحبات الغبار التي حجبت الرؤية لبعض الوقت حتى تعاود السماء تشع بريق والشمس تتوسط كبد السماء معلنة المغادرة  حتى يملأ الضجيج فضاء المدينة الصغيرة والصغار يتتبعون مصدر الضجيج فإذا بالفضاء قد حجب برتل من الطائرات التي تجوب فضاء المدينة والصغار يصطرخون:

لقد تحولت طائراتنا الورقية إلى طائرات حقيقية.. شيء لا يصدق

ويطلق الصبي الذي ضحك أصحابه من تفسيره لاختفاء الطائرات الورقية قائلاً:

ألم أقل لكم أن الفضائيين احتجزوا طائراتنا وها هم يستبدلونها بطائرات حقيقية

يطلق الأطفال ضحكاتهم البريئة على تعليق صاحبهم:

ما زلت تصدق بوجود الفضائيين

تشع الفضاء ببريق الطائرات المحلقة حتى يغدو ليل المدينة نهار وينأ الصغير الذي رأى الطائرات للوهلة الأولى عن الضوضاء الحاصلة في المدينة وجموع سكان المدينة تندفع نحو البريق الذي ذهب بأبصار أهل المدينة وهم يتمتمون حتى صار الهمس ضجيج :

من أين أتت هذه الطائرات ؟

ومن بعيد يدوي صوت رئيس المدينة:

ايها السكان ابتعدوا أيها المواطنين فربما تقذف الطائرات بسموم أو أشياء لا نعرفها تكون ضارة

مازال الصغير يرقب الموقف من بعيد وهو مختبئ في سرداب قديم في المدينة ومن فوهة السرداب يراقب عن كتب ما يدور وأصدقائه يحلقون نحو الفضاء يرمون الطائرات النفاثة بأبصارهم  ويزداد العجب حين تبدأ الطائرات بالهبوط على ساحة المدينة, يتدافع الناس فارين بأنفسهم وهم يصرخون وصرخاتهم ترج أروقة المدينة ’ وقائد المدينة يأمر السكان:

عودوا إلى بيوتكم .. التزموا الحذر

الأطفال ما زالوا في حال اندهاش وحيرة هل طائراتهم الورقية تحولت حقاً إلى طائرات نفاثة محلقة في الفضاء وهي تهبط على ساحة المدينة, يقترب الأطفال من الطائرات وقبح أن تفتح الطائرات أبوابها يقترب الأطفال يتلمسون الطائرات , فيرفع أحدهم صوته:

إنها طائرات معدنية حقيقية

يرتفع صوت قائد المدينة عبر مكبر الصوت منادياً الصغار:

عليكم الابتعاد عن الطائرات الغريبة

الطفل المختبئ يحاول الوقوف في أعلى السرداب مناديا رفاقه:

أيها الرفاق .. ابتعدوا .. ابتعدوا

وهو يلوح بكلتا يديه ، لكن الغبار المتصاعد عن هبوط الطائرات يحجب الرؤية   

تفتح الطائرات أبوابها ، يهبط رجال غرباء مدججين لكل صنوف الأسلحة والذخائر ، وانظار سكان المدينة نحوهم في دهشة وانبهار وتوجس