انتقل إلى جوار ربه الشاعر الشعبي الكبير ناصر بن ناصر عرجان, بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال.
الشاعر من مواليد مديرية حالمين, وقد عُرف عنه موهبته الشعرية الغزيرة. فقد تفجرت قريحته الشعرية منذ نعومة أظافره, وكان يقول الشعر في جميع المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية, وقد امتلك أيضا ذاكرة قوية وصحيحة, مكنته من تذكر واسترجاع كل قصيدة قالها.
كان شعره ينساب بالرقة والعذوبة, كما تميز شعره أيضا باللون السياسي, فقد لامس بالكثير من قصائده المنعطفات السياسية الصعبة, والمؤامرات التي تعرض لها بلده الجنوب.
لقد عاش شاعرنا حياة بسيطة ومتواضعة للغاية, عنوانها الفقر وضيق الحال وقساوة العيش, كما تعرض للإهمال المتعمد من قبل السلطات الحاكمة في المديرية والمحافظة طوال فترة حياته الطويلة, ولم يُلتفت إليه حتى في مرضه ووفاته أخيرا.
قبل عام التقيت به وهو في وضع صعب, وطلبت منه كعادتي أن يسمعني بعض قصائده, لكنه اعتذر وقال بقلب مكسور منذ طفولتي وأنا أقول الشعر لكنه شعري هذا لم يفدني بشيء, وهأنا اليوم مريضا وطريح الفراش لم أجد من يقف بجواري أو يساندني, لقد قرأت في عينيه خيبة أمل كبيرة وحزن عميق لمواقف الخذلان والنكران التي تعرض لها خلال حياته.
فأقل ما يمكن أن نقدمه لشاعرنا اليوم بعد وفاته, هو الاحتفاظ بأشعاره وتدوينها وتداولها.
من هنا فأنني أدعو القائمين على مكتب الثقافة بمحافظة لحج, بتحمل مسئولياتهم والاضطلاع بواجباتها تجاه هذه القامة الشعرية الكبيرة التي خسرتها حالمين بل ومحافظة لحج بشكل عام.
رحم الله الشاعر ناصر ناصر عرجان, وأسكنه فسيح جناته.
إنا لله وإنا إليه راحعون.
*من وليد ناصر الماس
