آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


أرض الصومال.. الهروب من وحدة القهر إلى بناء دولة حديثة

الجمعة - 24 مايو 2019 - 12:55 ص بتوقيت عدن

أرض الصومال.. الهروب من وحدة القهر إلى بناء دولة حديثة
الوفد الإعلامي برفقه مسؤولين من وزارة خارجية أرض الصومال

هرجيسا (عدن الغد) الفريق الإعلامي:

الثامن عشر من مايو، يوم فاصل ومحوري في تاريخ أرض الصومال، معه تعانق شمس الاستقلال، وترتدي أجمل أثوابها؛ لتظهر بأبهى حللها، فكل ذكرى سنوية تمر على ذلك اليوم، تودع سنوات من الظلم والقهر والتهميش، وتؤكد العهد على بناء دولة مدنية حديثة، وتجدد الدعوة إلى الاعتراف بها أرضًا وإنسانًا، والمؤشرات إلى ذلك تبدو أدنى للتحقق، لا سيما بعد ما شهدته الاحتفالات بالذكرى الـ 28 هذا العام، من استعدادات محلية، وحضور ممثليّ 11 دولة والصحافة العالمية، كما شارك فريق إعلامي من مدينة عدن؛ للاطلاع على تجربة أرض الصومال، وما حققته خلال السنوات الماضية.

 

خلفية تاريخية

أرض الصومال كانت محمية بريطانية، في الجزء الشمالي من الصومال الحالي، وهي منطقة حكم ذاتي تقع في القرن الإفريقي، على شاطئ خليج عدن.

وأعلنت أرض الصومال استقلالها من طرف واحد، وتحديدًا في 18 مايو 1991، وأصبح يمتاز بدرجة عالية من الاستقرار والأمن، مقارنةً بجنوب الصومال، وتحتفظ حكومتها بعلاقات غير رسمية مع بعض الحكومات الأجنبية، التي أرسلت وفودًا بروتوكولية إلى العاصمة هارجيسا.

 

ومنذ ذاك الوقت تعمل أرض الصومال على تطوير نفسها كدولة مستقلة، بالرغم من غياب الاعتراف الرسمي بها، ببعديه القانوني والدولي، لكنها تمتلك سيادة كاملة على أراضيها وحدودها، ولديها حكومة وجيش وعلم ونشيد وطني خاص بها.

 

يعود الأساس القانوني لقضية أرض الصومال إلى عام 1960، بعد نيلها استقلالها  من الاحتلال البريطاني، حيث كانت معترفًا بها، ولكن وبعد خمسة أيام دخلت بوحدة مع جنوب الصومال، أدت إلى سيطرة الجنوب على الشمال، وتهميش واقصاء أبناءها.

 

من مظاهر الاحتفال

حرص شعب أرض الصومال، على المشاركة الفاعلة لإحياء عيد الاستقلال منذ الساعات الأولى للصباح، متدثرون بعلم الوطن، نساءً ورجالًا وأطفالًا، تجمعوا على جانبيّ الشارع الرئيسي الذي يشق العاصمة هارجيسا، وشهد العرض الاحتفالي الرسمي، الذي تضمن عروضًا عسكرية شاركت فيه وحدات رمزية من القوات المُسلحة والأمن والبحرية، إلى جانب قطاعات تمثل مختلف مكونات وشرائح المجتمع، جميعها رسمت لوحات فنية، جسدت هوية وتاريخ أرض الصومال.

 

رافقت العروض موجات من التصفيق الحار والزغاريد والهتافات، لازمت العروض المتحركة على امتداد شارع الاحتفال.

 

الأمن المحلي والإقليمي

لمس المتواجد في العاصمة هارجيسا عشية الاحتفال وما تخلله من فعاليات مختلفة، دورًا فاعلًا للأجهزة الأمنية في تأمين العاصمة والوفود الدولية المشاركة، وذلك من خلال إجراءات سلسة وهادئة، ساندها بشكل كبير الوعي المجتمعي.

 

عملت أرض الصومال قيادةً وشعبًا، بشكل تدريجي في بناء سلامها الداخلي، مستفيدةً من نتائج النزاعات المحلية سابقًا، واعتماد آليات ناجعة لترسيخ أعمدة العدالة بين مواطنيها، التي مهدت الطريق إلى تأسيس مجتمع يتمتع بالأمن والاستقرار، كما هي عليه اليوم، من جانب آخر تبني علاقاتها الخارجية على مبادئ التعايش السلمي وتوطيد التكاتف والتعاون مع دول الجوار؛ لتلعب دور محور مفصلي في جهود الحفاظ على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي.

 

انطباعات

يلاحظ الزائر إلى العاصمة هارجيسا منذ الوهلة الأولى لوصوله المطار وأثناء تجواله في شوارعها، انعدام تام لمظاهر التسلح في أوساط المواطنين وحضور رمزي لرجل الأمن ما يضفي شعورًا بالطمأنينة والاستقرار.

رغم أن معظم الطرقات تُرابية وغير مُعبدة، إلا أنها تخلوا من تكدس أكوام القمامة وتجمع مياه المجاري، كذلك في حوارٍ وأسواق شعبية ما يعكس مستوى وعي المواطن في الحفاظ على البيئة المحيطة والمظهر الحضاري.

 

يرفض المجتمع عدد من الصور والممارسات في مرحلة يعتبرها الأهم في بناء الدولة التي يرجونها، ومنها مضغ القات في الأماكن العامة، وحمل السلاح.

 

تشهد البلاد حركة تجارية نشطة ومتنامية يشارك فيها رأس المال الوطني والعربي والأجنبي، من خلال المشاريع الصغيرة وعدد محدود من الشركات الاستثمارية العالمية، حيث أن الدولة تعمل على جذب واستقطاب الاستثمار بتقديمها تسهيلات أبرزها منح الأرض مجانًا والإعفاء من الضرائب لثلاث سنوات.

 

التعاملات المالية سواء الصغيرة أو الكبيرة تتم عبر برنامج يُدعى (زاد) تابع لشركتيّ الاتصالات، حيث يستطيع المواطن أو التاجر شراء (إبرة أو عمارة) من خلاله، بتحويل المبلغ المستحق إلى حساب الطرف الآخر، وهنا صارت شركتيّ الاتصالات بديلًا عن البنوك.

 

الشباب والمرأة

يسجل الشباب والمرأة حضورًا لافتًا ودورًا محوريًا، في كافة مستويات السلطة ومفاصل الدولة، بدى ذلك واضحا من خلال اللقاءات التي مع الوفود على هامش الاحتفال، منذ مراسم الاستقبال في المطار، وعلى مدار الفعاليات، إلى حفل الاستقبال الختامي على شرف الضيوف، الذي توج في دار الرئاسة.

 

ميناء بربرة

لم تأتِ إشارة رئيس أرض الصومال موسى بيحي عبدي بدور دولة الإمارات العربية المتحدة، في النهوض بالوضع الاقتصادي وتحقيق التنمية في البلاد من فراغ ، فقد خلقت فرص عمل للشباب بعد ابرام الحكومة اتفاقية شراكة وتعاون ثلاثية مع شركة موانئ دبي العالمية لإعادة تأهيل وتطوير ورفع كفاءة ميناء بربرة منتصف عام 2016 بقيمة إجمالية بلغت حوالي 442 مليون دولار، كما تتضمن الاتفاقية إنشاء مركز تجاري إقليمي على ساحل البحر الأحمر.

 

تجمع مينائيّ بربرة وعدن، روابط تاريخية قديمة في الحركة التجارية، وفي مقدمتها تجارة المواشي، ويشهد الصوماليون بهذه العلاقات المشتركة في تنشيط الممر الملاحي بين الميناءين، حيث لا تزال محفورة في أذهانهم، يستعيدونها في تجارب شخصية وقصص ناجحة، نُسجت أهم تفاصيلها على دكة "المعلا"، التي كانت مركز وصول زعائم وشُحنات المواشي.

 

مساعٍ

رغم إشراك القطاع الخاص في توفير وإدارة الخدمات الأساسية ومشاريع البُنى التحتية، إلا أن حكومة أرض الصومال تبذل جهودًا على محاور مختلفة ذات علاقة، منها رفع الغلاء عن كاهل المواطنين والحفاظ على صرف العملة المحلية "الشلن" مقابل الدولار الأمريكي، وتسعى إلى انجاح خططها المستقبلية الخاصة بإنشاء مشاريع كبيرة للبُنى التحتية.

 

مساحة من الديمقراطية

في أرض الصومال، المعارضون يلقون خطاباتهم قبل الرئيس، هذا ما حدث في حفل الاستقبال، الذي أُقيم في القصر الرئاسي على شرف المناسبة والوفود حيث فُوجئ الحضور بإلقاء كلمتيّ رئيسيّ حزبيّ المعارضة "وطني" و"أعد"، قبل كلمة الرئيس موسى بيحي عبدي، رئيس الحزب الحاكم "كلميه"، الذي أعلن للمعارضين الاستعداد التام والجاهزية الكاملة لإقامة الانتخابات البرلمانية ومجالس البلديات القادمة ووجه دعوة إلى المشاركة فيها.

 

تميزت خطابات الرئيس وقادة المعارضة يومها، بالدعابة السياسية، وتوجيه رسائل مباشرة لبعضهم البعض، تعالت معها ضحكات وتصفيق الحضور في أجواء أظهرت مدى مساحة الديمقراطية في البلاد والتقارب بين الرؤى والأيدولوجيات السياسية، رغم التباين في الخلفيات الفكرية على الساحة المحلية.

 

كما حرص رأس السلطة وقيادة المعارضة على تبادل التحايا والأحاديث تحت راية واحدة وانتماء واحد، يسعون جميعهم إلى إعادة بناء دولة مدنية حديثة مستقلة وذات سيادة وانتزاع الاعتراف الدولي بها.

 

المشاهد كثيرة قد لا يكفي المجال لسردها ولكن ماهو مؤكد ان جمهورية ارض الصومال وشعبها وبالرغم من عدم الاعتراف بها الا انها تخطو خطوات جادة، وان كانت بطيئة الا انها ثابتة نحو تحقيق الاهداف التي ناضلوا من اجلها، منذ الاستقلال الاول من بريطانيا والاستقلال الثاني في 18 مايو.

 

الفريق الاعلامي ضم : أ.عيدروس باحشوان، أ.محمد باشراحيل ، أ.نادرة عبدالقدوس، عاد نعمان ، دنيا فرحان.