آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-04:08م

ملفات وتحقيقات


(تقرير): آثار ومعالم عدن المدمرة.. الحوثيون مروا من هنا

الأحد - 28 أبريل 2019 - 12:53 م بتوقيت عدن

(تقرير): آثار ومعالم عدن المدمرة.. الحوثيون مروا من هنا

تقرير / بديع سلطان:

أدركت المليشيات الحوثية الإيرانية أن الحقد الدفين الذي تكتنزه لليمنيين لن يحقق أهدافه، إلا من خلال تدمير كل ما له علاقة بالماضي، وعلى رأسها الآثار والإرث المادي الذي دُمر ونُهب، واستباحت حرمته.

المؤسسات المعنية وثقت ورصدت 120 موقعاً أثرياً طالتها أيادي الناعقين على أطلال الخراب، منذ تاريخ انقلابهم في عام 2014، بحسب مركز السلم الاجتماعي ومنظمة سام الدولية للحقوق، وتحالف رصد لانتهاكات حقوق الإنسان.

عدن.. كانت صاحبة النصيب الأكبر من الضرر في هذا القطاع باعتبارها مدينة سياحية وأثرية بالدرجة الأولى، وبلغ عدد المواقع المتضررة بها 8 مواقع مهمة من إجمالي 15 معلمًا وموقعًا أثريًا وسياحياً، بينها المتحف الوطني ورصيف السفن الأثري وساعة بج بن وأجزاء من قلعة صيرة وصهاريج عدن.

 

انتهاكات بالمئات

(دمّر الحوثيون كل شيءٍ تقريباً يحمل تاريخاً أو صبغةً من الماضي العريق؛ في كل محافظةٍ مروا خلالها)، هكذا يلخص الراصد والباحث في شئون الآثار، الدكتور عارف رامي اليافعي، أفعال المليشيات الحوثية.

العزاني أكد في تصريحٍ (لمركز عدن للإعلام) أن مئات الانتهاكات تم رصدها بحق الآثار اليمنية، والمكنوزات التاريخية، خلال الفترة من 2015 وحتى 2018.

مشيراً إلى أن عام 2015 وحده فقط سجل أعلى تلك الانتهاكات التي طالت نحو 70 موقعاً أثرياً، في جميع المحافظات اليمنية التي وطأتها أقدام الكهنوتيين، منوهاً إلى أن ذلك العام وصل فيه التوسع الحوثي أوجه، ناهيكم عن بقية السنوات الأخرى.

 

صمتٌ دولي

الأكاديمي اليافعي لم ينسَ صور التفجيرات الحوثية للمساجد التاريخية في كل محافظة دخلوها، بالإضافة إلى قصفهم الممنهج والمنظم للمتاحف دون مراعاةٍ لخصوصيتها وقيمتها الحضارية، وفق وصفه.

ويضيف: المشكلة ليست في سلوكيات وتصرفات هذه الجماعة، فمن المعروف للجميع وحشيتها ودمويتها، ولكن المشكلة تكمن في الصمت الدولي للمنظمات المهتمة بالشأن الثقافي والتاريخي.

 

تواطؤ المنظمات الدولية

ويؤكد العزاني، الباحث في شئون الآثار، أن هناك تواطؤاً من منظمات دولية معنية، تعمل على إخراج القطع الأثرية من الدول التي تشهد نزاعات وصراعات مستمرة، كسوريا والعراق، وترويجها في سوق سوداء عالمية تكسب منها ملايين الدولارات.

ولم يستبعد العزاني أن تقوم تلك المنظمات - والتي رفض تحديدها بالاسم - بالتنسيق مع الحوثيين في تهريب الموروث المادي والمكنوزات الأثرية إلى خارج اليمن، وهو ما يبرر صمتها تجاه جرائم الحوثي بحق هوية وتاريخ شعب.

 

تأكيدات دولية

تلك الوقائع تم تأكيدها دولياً، وفق ما أدلت به صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قبل شهرين تقريباً، بعد نشرها مقالاً مشتركاً لكل من مدير منظمة "تحالف حماية الآثار" ديبور لير، وسفير اليمن في الأمم المتحدة أحمد عوض بن مبارك، يدعوان فيه لوقف تهريب المقتنيات الأثرية وبيعها في الأسواق الأمريكية.

وهو ما يسعى وزير الثقافة اليمني في الحكومة الشرعية، مروان دماج، إلى منعه، بعد إعلان وزارته مؤخراً التوقيع مع الأمريكيين على تأسيس شراكة مستدامة للتصدي لبيع وتداول القطع الأثرية اليمنية في الولايات المتحدة بطرق غير مشروعة.

 

تهريب مخطوطات

وزير الثقافة مروان دماج أكد في تصريحاتٍ لوسائل إعلامٍ عربية، قيام الحوثيين بتهريب مخطوطات تاريخية، من بينها نسخ عتيقة وعريقة للقرآن الكريم خارج اليمن.

كما أكد قيام الحوثيين بتهريب مخطوطاتٍ يمنية إلى إسرائيل، بالتعاون مع منظمات دولية، حيث تم تهريب أقدم نسخة من التوراة في التاريخ إلى إسرائيل، وكانت موجودة في اليمن.

وحمّل دماج الحوثيين مسئولية ما وصل للإسرائيليين من آثار ومخطوطات، مؤكداً أنه لم تخرج أي قطعة أثرية دون علم الانقلابيين.

 

تقاعس المنظمات الدولية

وطالب وزير الثقافة، الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو بتعاونٍ أكبر في مجال رصد تداول الآثار اليمنية في السوق الدولية.

وانتقد دماج، خلال المقابلة، المنظمات الدولية، نظراً لعدم فعاليتها في زمن الحرب، حد وصفه، من خلال عدم تكيفها وضعف توظيف إمكانياتها لمواجهة الحالات الطارئة كتهريب الآثار.

 

التاريخ.. الخاسر الأكبر

دفعت عدن ثمناً غالياً من تاريخها بسبب همجية سكان الكهوف، وكان تاريخها بالفعل هو الخاسر الأكبر، بعد تدمير المعالم الأثرية الدينية، التي اشتهرت بها المدينة وعُرفت من خلالها بانفتاحها، وطالتها أيادي التخريب الحوثي، كالمعابد اليهودية والهندية والبوذية، والكنائس والمساجد، خاصة أن عدن معروفة بأنها كانت حاضنة لثقافات وأعراق متعددة.

مبنى كنيسة ماري جاريسن، أو ما يعرف حالياً بالمجلس  التشريعي، بضاحية كريتر، أنشأت عام 1867 خلال الاحتلال البريطاني لعدن، وبنيت بحسب  الطراز الفيكتوري، وكانت تسع لحوالي 350 شخصاً، وحولت لاحقاً مقراً للمجلس التشريعي لحكومة الجنوب قبل الاستقلال، وبقيت بعد ذلك كمعلمٍ أثري مهم، وعندما سيطر الحوثيون على كريتر كانت ثكناتهم على مقربة منها، فطالتها قذائفهم، ودمروا المنطقة المحيطة، وأصبحت تسكنها الخفافيش بدلاً من السياح.

ذات الدمار تكرر مع كنيسة سان أنتوني أو كنيسة الصخرة، على مدخل مديرية التواهي، التي أنشئت بتبرعاتٍ ومساهماتٍ عام 1864، وكانت تقع في كهفٍ تحت مقر المكتب الرئيسي للجيش البريطاني، وبعد إعادة بنائها في الستينيات أبقت الكنيسة على صخرة الكهف ثم طالها التخريب والدمار.

كما امتد الدمار إلى كنيسة سان جوزيف، التي بُنيت عام 1850م وتقع في حي البادري بكريتر، على طريق الملكة أروى.

بالإضافة إلى العديد من المعابد اليهودية ومعابد الهندوس والفرس، التي كانت موجودة في عدن وضواحيها، وخرب الحوثيون الكثير منها، كمعبد النار الفارسي أنشأه رجل أعمال فرنسي عام 1883، ومعبد الصمت الذى بني فوق هضبة بالقرب من جبل شمسان، وبالنسبة للمعابد اليهودية فكان بها أكثر من 10 معابد أشهرها معبد نجمة أفراهام.

 

قلعة صيرة

المعلم المميز لمدينة عدن، قلعة صيرة، كانت إحدى ضحايا التخريب الحوثي، كانت قبلة السياح وأبناء عدن، فدمر الحوثيون أجزاء من مبانيها، كما استخدموها كثكنة عسكرية للقناصة، الذين يطلقون النار على المنطقة وقتذاك.

وقلعة صيرة موقع عسكري أثرى يقع على جزيرة صيرة الصخرية البركانية، وبنيت القلعة في القرن الحادي عشر الميلادي، حيث أنشأها الحاكم التركي على عدن الأمير عثمان التكريتي، ثم واصل البريطانيون تطوير القلعة بعد وصولهم في عام 1839، وكان الجيش اليمنى يستخدمها بعد ذلك، إلى أن دخل الحوثيون خور مكسر وكريتر، وحولوها لثكنة عسكرية.

 

صهاريج عدن

من أشهر معالم عدن، صهاريجها الشهيرة، تقع أسفل مصبات هضبة عدن المرتفعة حوالى 800 قدم عن سطح البحر، وهي عبارة خزانات استخدمت لتخزين مياه الأمطار لاستخدامها في الزراعة والشرب، ولدرء خطر السيول، وتتكون من 55 صهريجاً يتبق منها سوى 18، بها أجزاء قليلة أصابها الدمار من أطرافها منذ دخول الحوثي لعدن.

شيدت الصهاريج على أيدي الحميريين، وكانت تعد من أبرز المعالم التاريخية والسياحية، التي يحرص على زيارتها السياح الوافدون إلى عدن.

 

المتحف الوطني

وفي وسط سوق كريتر يربض مبنى تاريخي، تعلوه ملامح الخراب، لا يحمل من التاريخ سوى الاسم وتفاصيل الماضي البادية عليه، فقد أصبح مجرد مبنى خاوٍ على عروشه، إنه المتحف الوطني، كان واحداً من أكبر متاحف اليمن، لكنه الآن بات خاويا إلا من الخفافيش التي تسكنه، رغم أنه وقبل عام 2015 كان مصدراً مهما للدخل السياحي.

أنشيء عام 1917 في عهد السلطان فضل بن علي العبدلي، تاريخٌ تسبب الحوثيون بتدميره، وتدمير مقتنياته الثمينة قادراً ومكانةً.

 

رصيف السياح

في مديرية التواهي، افتتحت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، ذات نهارٍ عدني، رصيفاً لسفن السياح والزائرين الوافدين للاستمتاع بأجواء عدن، كان يدعى (رصيف ويلز)، أو رصيف السياح، غير أن صواريخ الحوثي نالت منه، ومن مظهره الأثري، الذي لم يتبقى منه إلا الأطلال.