آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:59ص

ملفات وتحقيقات


(عدن الغد) ترصد تأثير القنوات الفضائية المرئية على المشاهد اليمني

الثلاثاء - 16 أبريل 2019 - 05:06 م بتوقيت عدن

(عدن الغد) ترصد تأثير القنوات الفضائية المرئية على المشاهد اليمني

عدن (عدن الغد) خاص:

 باحثون : القنوات التلفزيونية الرقمية تسببت في إنحراف أخلاق الكثير من الشباب..

 

طوال عدة عقود من القرن الماضي وقعت شرائح من الشباب العربي والمسلم فريسة لغول بعض الظواهر الممارسات السيئة والشاذة التي قضت على اعداد منهم ودفع بقيتهم الباقية الى الإنقطاع عن المجتمع وتسبب بحرمانه من سواعدهم، واذا كانت بعض وسائل الإعلام قد حاولت خلال تلك الفترة التصدي لهذه الظواهر الخطيرة كالإدمان على المخدرات والقتل والسرقات الا ان الدراسات الإجتماعية كشفت خللاً في معالجة هذه الوسائل وعلى رأسها التلفزيون بل ان بعض هذه الدراسات لعبت دوراً بارزاً في زيادة اعداد المنحرفين وتعليمهم مهارات جديدة في ممارسة هذا الانحراف وفنون الاختفاء عن اعين السلطات والمجتمع عن هذه القضايا الحية فتحت الصحيفة في هذه الحلقة باب النقاش امام عدد من الباحثين والمهتمين في هذا المجال فكانت هذه هي الحصيلة.

 

 

تقرير/محمد مرشد عقابي:

 

 

الباحث ماهر عبد الحي سالم العوسجي يقول : هذه الازمة التي تقع فيها القنوات التلفزيونية تعود بشكل اساسي الى الإزدواجية التي تعاني منها سياسات البث فيها والنظرة الجزئية التي تتعامل بها مع مشاكل وقضايا المجتمعات التي توجه رسالتها الإعلامية اليها ومنها المجتمع اليمني، حيث ان بعض تلك الرسائل لا تراعي المفاهيم الاجتماعية والنفسية والاقتصادية للمتلقي او المشاهد، وتقوم هذه الازدواجية على الفصل الحاد بين ما تقدمه البرامج التلفزيونية المخصصة لمواجهة قضايا اجتماعية ومناقشتها وبث برامج ومواد أخرى موجهة للجمهور العام، ففيما تقوم البرامج المخصصة لمواجهة قضية من القضايا الي تعاني منها معظم المجتمعات من خلال شرح سلبياتها وتقديم صورة متكاملة عنها وكيفية معالجتها او إجتنابها فان بقية البرامج تقوم بعكس بدور عكسي اما بتقديم صورة مغرية لسلوك مسلك اجتماعي خاطئ او بتعزيز الاسباب الدافعة لارتكاب الجريمة او للاستمرار في ممارسة الظواهر الشاذة.

واضاف : من اهم الاسباب التي تقف خلف ممارسة ثقافة الغير الدخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية وخاصة مجتمعنا اليمني هو الهروب من مشاكل قاسية كالبطالة والفقر والطبقية والفروق الواسعة في مستويات الدخل والفشل العلمي والتعليمي والاجتماعي والفساد المالي والإداري حيث يحاول من يسلك الطريق المنحرف الذي تعلمه من خلال مشاهدة افلام ودراما التلفاز الرقمي الذهاب الى عالم الأحلام واللذة الكاذبة وارتكاب المعاصي احياناً كتقليد مكتسب واعمى وهذا السبب الذي يفسر لجؤ الكثيرين ومن الجنسين للسير في هذه الطرق والمسالك المخلة بالآداب والقيم والأخلاق، كما ان التقليد والمحاكاة تعد من الاسباب كونها تعبر عن الرغبة التي تدفع كثيراً من الشباب وحديثي السن الى تقليد ثقافات شباب المجتمعات الاخرى غير المسلمة والدافع هنا هو الحرص على إثبات الرجولة بالنسبة للفتيان واثبات النضج بالنسبة للفتيات، ضف الى ذلك الدافع الجنسي والذي يعد من اهم الاسباب حيث يسود الاعتقاد ان مشاهدة المسلسلات الهندية او التركية اوغيرها المعروضة على الشاشات الفضيه سبيلاً من سبل تعلم طرق ووسائل الحب والرومانسية بينما هي في الواقع نواة لارتكاب المعصية وربما الفاحشة اذا ما سمح الله، فهناك الكثير من قنوات التلفزة في الفضاء الرقمي بالمدار الذي يصل بثه الى اراضي اليمن تعرض مقاطع او مشاهد فاضحة ومخزية في سياق مسلسلاتها او افلامها فهذه لها يد في تنشيط وتحفيز الناحية الجنسية بل ان هناك برامج مخصصة للإعلان عن المحفزات الجنسية واساليب الجماع والإتصال الجنسي يتم استقبالها على مدار نايلسات ومدار عرب سات والياه سات، ومثل هذه القنوات لها تأثير كبيراً وتعد سبباً لدفع الشباب لارتكاب المخالفات.

 

الباحث وسيم نعمان سالم يقول : في حقيقة الأمر هناك الكثير من القنوات الفضائية المنتشرة في مختلق اقمار البث الرقمي للاتصالات المرئية والتي يصل نطاق بثها الى مناطقنا العربية والإسلامية تقوم بتوجيه رسالتها الإعلامية المدمرة الينا وهذه مشكلة عويصة، وهذه القنوات الفضائية التي تعمل وفق منظمومة متكاملة لغزو عقولنا وبث سموم اليهود والغرب الينا لم تكتفي بالإساءة للإسلام والمسلمين وإشعال نار الفتن والصرعات والحروب في اراضينا العربية  بل انها تعمل جاهدة ليل نهار لافسادنا أخلاقياً من خلال بث وعرض مواد هابطة ولا أخلاقية وتوجيهها صوب مناطقنا ومن جهلنا وغبائنا اننا نظل نتسمر عليها لمشاهدتها ومتابعتها حباً منا لمعرفة ثقافة هؤلاء، فلو نظرنا الى ما يجب ان تقدمه الوسيلة الإعلامية المرئية من اعمال ترتقي بمستوى وعي المشاهد فهذه النظرة لن نجدها في الفضائيات اليوم بل سنجد بان هذه الوسائل قد تحولت الى ادوات لهدم وتدمير القيم والأخلاق والعادات والتقاليد واستبدالها بأخلاق وقيم وعادات وتقاليد الآخرين، ومن المعلوم ان مثل هذه الوسائل تعنى في حل ومعالجة المشكلات الاجتماعية ويجب ان تؤدي رسالتها على هذا المنوال لكن للأسف الشديد ان رسالة معظم الفضائيات الاجنبية حالياً تكرس لتهييج الشارع وغرس الافكار الغريبة والغير سوية وتشجيع مبدأ الشعور بالقهر الاجتماعي ودعم ارتكاب الجريمة بمختلف صورها واشكالها.

ومضى يقول : ويزيد التأثير السلبي لبرامج الشباب في التلفزيونات العربية انها لا تقدم النماذج الجادة الصالحة لان تكون قدوة ولكنها تقدم النماذج الأكثر تأثراً بالسياق الاجتماعي الغربي وهو السياق الذي افرز كثيراً من حركات التمرد على الواقع بالانعزال عنه والبحث عن عالم جديد خيالي من بين ذلك على سبيل المثال استخدام انواع المخدرات وعلى رأس هذه الحركات الهيبيز في الستينات اما الاعمال الدرامية من مسلسلات وافلام ومسرحيات فقد شجعت على كسر حواجز الحياء والخجل وحفزت على ارتكاب المحظور والفواحش حيث نجد غالبية مايتم عرضة على التلفزيون من هذه البرامج خالية من المضمون الهادف، بل ان الكثير من القنوات الفضائية قدمت الأدمان على المخدرات والخمور وفعل الجريمة والقتل وارتكاب الفاحشة كوسيلة للتغلب على المشكلات فالبطل حين تواجهه مشكلة لا يعرف كيف يتعامل معها يلجأ الى بار الخمر او غرزة المخدر ومن ثم الذهاب الى قتل النفس في او المضاجعة في الحرام بدلاً من اللجوء الى الله او استشارة اصحاب العقل والدين، فمثل تلك المشاهد تتعاطى بهذا الشكل في بث احداث المادة المرئية والمسموعة وهي تفرط في تصوير الحالة المزاجية السعيدة للمدمن بعد تعاطيه بصورة تجعل كثيراً من الذين يتعرضون لضغوط يشعرون بان هذا المخدر سواء كان من مادة طبيعية كالبانجو او الحشيش او الأفيون او مادة مصنعة كالهيروين والكوكايين او من مادة كيماوية كالماكستون فورت وغيره هو الوسيلة الوحيدة للتغلب على حالة الاكتئاب والآلم التي يعاني منها وللإنطلاق الى عالم السعادة واللذة.

واردف : آفة تعاطي المخدرات ترتبط في الأفلام والمسلسلات غالباً بجلسات الانس والمرح الغائبة عن الواقع والتي يطمح اي مشاهد حتى لو لم يكن مدمناً الى ان يكون فيها لبعض الوقت كما ان تعاطي الخمور والمخدرات في الأفلام والمسلسات التي تعرض مشاهدها في الكثير من القنوات الفضائية على المدارات الواصلة الينا تقترن بممارسة الجنس والإباحية (الرذيلة) في الكثير من الأعمال الدرامية الخليعة وهو الامر الذي يحفز العديد من الشباب الى دخول عالمها لانه ولوج الى عالم اللذة والمتعة المحرمة شكلاً ومضموناً بكل انواعها.

 

الباحث فؤاد عاطف وهيب يقول : كثير من الأفلام والمسلسلات تشجع على الإدمات وسلوك الطريق الشاذ والخاطئ فهي تقدم المدمن او الشاذ في صورة بطل هدفاً منها لاغواء المشاهد العربي وتجعل الجمهور يتعاطف معه الى درجة التوحد كما انها تقدمه في صورة سوبر مان ولا تتعرض النقد الشديد لشخصيته المرتبكة نفسياً واجتماعياً وقد يدفع هذا التوحد بالجمهور او كل من يشاهده الى سلوك مسلكه.

واضاف : رغم ان بعض الاعمال التي تعرضت لعالم المخدرات عاقبت في نهاية الامر مدمن المخدرات الان ان هذه العقوبة بدت باهته امام ساعات المتعة والنشوة وارتكاب الجرائم والمحظورات التي قدمتها للجمهور المشاهد طيلة فترات العرض وهو ما يجعل هذه العقوبة سريعة النسيان لدى المتلقي الذي يلتفت فقط الى اللذة التي عاشها في فقرات ذلك المسلسل او الفلم الذي يعر ادنى اهتمام للآثار الاجتماعية والنفسية والعملية الخطيرة التي رسخها في ذهن وعقل المشاهد والذي لا شك انه ومع مرور الوقت سوف يقوم بتطبيقها على ارض الواقع لاظهار نفسه بمظهر القوة والشجاعة والبطولة او كاسلوب يخطيه نحو ارتكاب المعاصي وما حرم الله.

واستطرد : الاشد خطورة مما سبق ان بعض الاعمال الدرامية قدمت للشباب من الجنسين وسائل مبتكرة للتغلب على رقابة الأهل ورقابة المجتمع والسلطات وجعلتهم في مأمن يمارسون طرق الاغواء على بعضهم البعض كمشاعر الحب والعشق الرومانسي الوهمي الكاذب الذي يؤدي في النهاية الى إنتهاك حقوق الله وهتك الاعراض او المساس بما هو معصوم يصاحب ذلك فن ومهارة في الهروب والاختفاء عن الانظار وكثير ممن وقعوا في الزناء او العشق المحرم او السرقة او قتل النفس ذكروا بانهم تعلموا هذه الاساليب من خلال مشاهدتهم للقنوات الفضائية، ولو نظرنا الى اغاني الفيديو كليب سنجدها مليئة بالغث والسمين من محفزات الانحراف الاخلاقي والجريمة فغالبية تلك الاغاني تتعارض من قيمنا ومبادئنا الاسلامية فبعضها يظهر التبرج والتعري ويشجع عليه وعلى الانحلال الاخلاقي وعلى العنف والجريمة والخمور والمخدرات والشهوانية والبعض الآخر يصور مشاهد ساخنة مخزية وفاضحة وطقوس عبدة الشيطان وملابسهم مما ينتج عنها اخراج اجيال لا تتصل بإصول ومبادئ الدين الإسلامي بقدر اتصالها بالقيم والاخلاقيات المنحرفة والمنحلة.