آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-06:05م

ملفات وتحقيقات


أزمة المحروقات تخلق فرص عمل وتضخ الحياة بمركبات متهالكة

السبت - 17 سبتمبر 2011 - 11:43 م بتوقيت عدن

أزمة المحروقات تخلق فرص عمل وتضخ الحياة بمركبات متهالكة
تسببت الطوابير الطويلة في صناعة اتفاقات بين رفقاء أو ملاك سيارات وسائقين مستأجرين للتناوب على قيادة بعض المركبات في الطابور-الصورة من محطة سبأ بالمعلا-عدن الغد

عدن ((عدن الغد )) خاص:

ربما توفر فرص عمل خلقتها أزمة المحروقات بمدينة عدن نظرة إيجابية وأمنيات باستمرارها لدى العشرات من الفتية والشبان الذين انتشلتهم الأزمة من على أرصفة الشوارع وأوجدت مداخيلاً مالية يومية حسنت أوضاعاً معيشية متردية عانوا منها طيلة سنوات من بطالة متفاقمة عجزت الحكومات اليمنية المتتالية على إنهائها.

 

وفي محيط محطات التزود بالمحروقات تنتعش آمال العاطلين بفرص العمل التي خلقتها الأزمة, وتنتصب على بعد أمتار قليلة أسواق سوداء تبيع لترات البترول والديزل بأسعار مضاعفة حولت الكثيرين إلى باعة مستديمين يوفرون صفيحة البترول بأسعار تزيد عن ضعفي الثمن الأصلي وتصل أحياناً إلى خمسة أضعاف.

 

ولا أحد يستطيع على الأرجح تقويض مثل هذه الأسواق التي باتت بؤراً جاذبة للكثيرين, أو إقناع القائمين عليها بأضرار اقتصادية واجتماعية تترتب على وجود هذه الأسواق, ويقول "خالد" وهو أحد الباعة في سوق سوداء بمديرية كريتر, أنهم في هذه الأسواق لا يقومون بأي تجاوزات شرعية أو قانونية "نحن نبيع بهذه الأسعار لمن لا يريد الوقوف في طوابير طويلة, المال مقابل راحة البال".

 

وأمام محطات الوقود تصطف طوابير طويلة من المركبات, وتعرقل في مرات كثير حركة المواصلات, ولا تنتهي مثل هذه الطوابير التي تتجدد بمركبات جديدة في كل مرة بعضها تمارس أعمال البيع في السوق السوداء, ويتناوب على قيادتها رفقاء بمقابل مادي.

 

ويضيف خالد "إذا جاءنا شخص على عجلة من أمره, يريد أن يسافر, وسيدفع أي ثمن, هذه فرصة لا تعوض".

 

ولا تخلو معظم الأسواق السوداء من أطفال أو فتية يتنافسون أمام المشترين أو البائعين لإقناع صاحب القرار بقدرتهم على سحب وشفط الوقود من خزانات المركبات عبر أنابيب صغيرة, ويلوح بعضهم بيديه بأحجام مختلفة من الأنابيب ويتبارون لإثبات الأصغر حجماً منها والأقدر على تجاوز شبكة تقف عائقاً في منفذ الخزان, وبمقابل مادي زهيد يتم تسليمه بعد رؤية سريان الوقود من الأنبوب.

 

ولم تؤثر أنباء عن إصابة بعض ممارسي مهنة شفط الوقود بالسرطان وأمراض الصدر على استمرار هذه المهنة, ويبرر المتمسكون بها استمرارهم بوقوف جهات خلف هذه الأنباء لا تريد بقاء هذه الأسواق التي تدر أموالاً على الكثيرين.

 

ومن بين فرص العمل التي خلقتها الأزمة السماسرة ورجال الحراسة في المحطات, ولا تقتصر أعمال ضبط الأمن على رجال الأمن العام, وتمتد لتشمل عناصر من الدفاع الشعبي يقول بعضهم أنهم مسجلون في لجان أهلية تشكلت لحفظ الأمن خلال الشهر الأول من الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في المدينة منتصف شباط (فبراير).

 

ولا يعتبر رجال ضبط الأمن أن الأموال التي يتقاضونها للتعديل في ترتيب طابور المركبات سمسرة أو خرقاً للطابور, ويصرون على أنها مكافئات مقابل ممارسات بدوافع إنسانية لتسهيل حالات طارئة أو عاجلة, وقد يؤدي هذا الأمر إلى إطلاق أعيرة نارية لإنهاء حالة من الفوضى قد تعم المحطة بعد اتهامات بالتجاوز.

 

وخلال الأشهر الماضية تسببت أزمة المحروقات بضخ الحياة في مركبات متهالكة ظلت مرمية لسنوات أمام منازل مالكيها, وخلقت الأزمة فرصاً للاستفادة من خزاناتها فقط.

 

وبات من المألوف رؤية فتية يدفعون أمامهم سيارات قديمة, ويضعونها في مؤخرة طابور أمام محطة وقود, ويتناوبون على الدفع بها إلى الأمام خلال ساعات طويلة من الانتظار, ويبيعون عقبها محتوى الخزان في سوق سوداء قريبة من محطة الوقود, ثم يتقاسمون العائد المادي بنسب متفق عليها, ويعودون إلى مؤخرة الطابور.

 

وتسببت الطوابير الطويلة في صناعة اتفاقات بين رفقاء أو ملاك سيارات وسائقين مستأجرين للتناوب على قيادة بعض المركبات في الطابور, ينتهي دوام كل شخص بساعات قليلة يصاحبه فيها رفيق آخر قد يشترط لبقائه نسبة من النسبة المتفق عليها مع مالك السيارة.

 

ولا تقتصر الفائدة من استمرار هذه الأزمة على هذه الفئات من المستفيدين المستحدثين, وتمتد أمنيات استمرار الأزمة إلى شريحة سائقي مركبات الأجرة الذين نجحوا في تثبيت زيادات غير رسمية في أجرة الراكب, رغم شرائهم لترات الوقود بأسعارها الاعتيادية السابقة للأزمة, ويبررون التمسك بالزيادة بتعطل أعمالهم لساعات طويلة تنقضي في طوابير لاتنتهي أمام محطات الوقود, أو للتعويض عن خسائر بسبب شراء الوقود من أسواق سوداء بأسعار مضاعفة.

 

ولم تساعد شحنات وقود متتالية تبرعت بها بعض دول الخليج العربي وضختها إلى مرافئ ومصافي مدينة عدن الجنوبية الساحلية في إنهاء الأزمة لكنها خففت جزءاً كبيراً منها, وأكدت الحكومة اليمنية أن هذه المساعدات حدّت من انهيار الاقتصاد اليمني.


 

من أنيس البارق