آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-12:42م

أخبار وتقارير


تأثير ظاهرة الغباء الناجمة عن الجهل والأمية في تأخير عجلة رقي وتقدم الشعوب

الجمعة - 15 مارس 2019 - 12:50 ص بتوقيت عدن

تأثير ظاهرة الغباء الناجمة عن الجهل والأمية في تأخير عجلة رقي وتقدم الشعوب

عدن (عدن الغد ) خاص :

تقرير/محمد مرشد عقابي:

تعد قضية الجهل والأمية والغباء من ابرز قضايا الساعة التي تعاني منها معظم شعوب العالم الثالث المتخلف (الدول النامية) ومن بينها اليمن وهو ما يتسبب في إعاقة تقدم هذه الدول وبعدها عن مواكبة التطورات التي يشهدها العالم المتقدم عن هذا الموضوع كان لنا النقاش التالي مع عدد من المختصين حيث تحدث بهذا الخصوص أ.جهاد سيف صائل قائلاً : قضية الجهل والأمية التي تتسبب بنشر درجة الغباء بين صفوف الكثير من أبناء المجتمعات ومنها المجتمع اليمني هي قضية مستفحلة وخطيرة وفي هذا المقام نستحضر انه في عام 1976م نشر أستاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا في بيركلي بالولايات المتحدة كارلو شيبولا مقالاً يبرز القوانين الأساسية لقوة يعدها التهديد الأكبر للوجود الإنساني وهي الغباء حيث بين شيبولا أن الأغبياء يتشاركون عدداً من السمات المميزة فهم كثيرون وغير عقلانيين بمعنى سذج ويوقعون الآخرين في مشاكل واحراجات دون أن يستفيدوا شيئاً واضحاً وهذه التصرفات البلهاء من جهتهم تؤدي الى التقليل من سعادة المجتمع بكامله، كما اعتبر شيبولا (البروفيسور ذو الأصول الإيطالية الذي توفي عام 2000م) أنه لا توجد تحصينات ضد الغباء والطريقة الوحيدة للمجتمع كي يتجنب الوقوع تحت وطأة الحمقى من أفراده هي أن يكون المجهود المبذول من غير الأغبياء كبيراً بما فيه الكفاية ليعوض الخسائر التي يسببها إخوتهم الأغبياء.

وأضاف : الجميع يستخفون دائما بعدد الأغبياء المحيطين بهم بغض النظر عن عدد الأفراد المصابون بالحماقة الذين تعتقد أنك محاط بهم فإنك في الحقيقة تستهين بمجموعهم وتتفاقم المشكلة من خلال الافتراضات المتحيزة التي تجعل بعض الأشخاص أذكياء بناءً على عوامل سطحية مثل الوظيفة ومستوى التعليم وغيرها من الصفات التي نظن أنها بعيدة عن الغباء وهي ليست كذلك وهذا يقودنا إلى احتمالية أن يكون شخص ما غبياً لا علاقة لها بصفاته الشخصية الأخرى.

ومضى يقول : يفترض شيبولا أن الغباء متفاوت لكن تظل نسبته ثابتة لدى جميع الشعوب التي تعاني منه، ففي أي فئة يمكن للمرء أن يتصورها من حيث النوع أو العرق أو الجنسية أو مستوى التعليم والدخل وهناك نسبة ثابتة من الأغبياء بينما هناك أساتذة جامعيين أغبياء بالإضافة الى ان هناك أشخاص أغبياء في دافوس وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة حسب ما قال، كما ان هناك أناس أغبياء في كل دولة على وجه الأرض.

اما مجاهد عوض البحسني يقول : الشخص الغبي هو الذي يتسبب في خسائر لشخص آخر أو لمجموعة من الأشخاص في حين أنه لا يجني أية مكاسب بل ربما يتكبد خسائر ويعرف هذا بالقانون الذهبي للغباء فالشخص الغبي بحسب تعبير العديد من الخبراء هو الذي يتسبب في مشاكل للآخرين دون أية فائدة واضحة تعود عليه ولا يترك اي بصمة ايجابية في بناء وتنمية المجتمع بقدر ما يؤخر ذلك.

وأضاف : هناك الذكي الذي تنفع أفعاله نفسه والآخرين،

 وهناك اللص الذي يعمل لنفسه على حساب الآخرين،  وأخيراً من لا حول له ولا قوة (قليل الحيلة) الذي يثري الآخرين على نفقته الخاصة، وهناك اصناف أربعة غير أغبياء هم مجموعة معيبة وغير منتظمة فأحياناً نتصرف بذكاء وفي بعض الأحيان نكون لصوصاً أنانيين وأحياناً نتصرف بغير حيلة ونُستغل من قبل الآخرين، وأحياناً اخرى نكون خليطاً من ذلك كله.

وتابع قائلاً : الأغبياء هم من مظاهر الاتساق على عكس من سبقهم ويتصرفون في جميع الأوقات بحماقة صلبة لا تتغير ومع ذلك فالحماقة المستمرة هي الشيء الوحيد الثابت حول الغباء والجهل والأمية، وهذا ما يجعل الناس الأغبياء خطرين جداً فالغباوة ظاهرة خطرة ومدمرة لأن العقلانيين الأسوياء يجدون صعوبة في تصور وفهم السلوك غير العقلاني او المنطقي (للغبي)، وقد يفهم الشخص الذكي منطق اللصوص وقطاع الطرق فإن تصرفات العصابات تتبع نمطاً من العقلانية تسمى العقلانية الشريرة ولكن مع ذلك فهي عقلانية قد يريد اللص من خلالها زيادة ثروته على حساب الآخر نظراً لأنه ليس ذكياً بما يكفي لاختراع طرق للحصول على الزيادة المالية له ولغيره في نفس الوقت، عوضاً عن ذلك فإنه يبني ثروته عن طريق السرقة من حسابات الآخرين، كل هذا سيء لكنه عقلاني (يتبع نمطاً منتظماً) والأذكياء هم من يستطيعون التنبؤ بمثل هذه الاعمال والممارسات، كما يمكنهم توقع أعمال اللصوص والخارجين عن القانون ومناوراتهم السيئة وطموحاتهم القبيحة وغالباً يمكنهم اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة لمثل تلك الحالات الطارئة، اما الشخص الغبي فيستحيل عليه ذلك كما بيّنا في سياق الشرح السابق، الكائن الغبي سيضرك بغير سبب ولغير فائدة تعود عليه وبغير تخطيط مسبق وفي المكان والزمان غير المتوقعين نهائيا كما انه يطل عالة على محيطه وبيئته ومجتمعه، وليس لديك طريقة عقلانية تتوقع بها كيف ومتى ولماذا يؤذيك الشخص الأحمق والجاهل، وعندما تواجه شخصاً غبياً فأنت تحت رحمته بشكل كامل كل ذلك يقودنا إلى هذه القاعدة وهي ان دائما ما يستهين غير الأغبياء بالقوة المدمرة للأفراد الأغبياء وينسون باستمرار أن التعامل أو التعاون مع الأغبياء في أي وقت وتحت أي ظرف دائماً يتحول إلى خطأ فادح باهظ الثمن ومكلف.

واستطرد : نحن نقلل من شأن الغباء ونفعل ذلك على مسؤوليتنا الخاصة وهو ما يقودنا إلى شيء مفاده ان الشخصية الغبية هي أخطر أنواع الشخصيات وهذا يؤدي إلى أن يكون الشخص الغبي أخطر من قطاع الطريق والخارجين عن القانون لان داء الحماقة داءً عضال يصعب ويستحيل معالجتة وهي الوعكة التي أعيت من يداويها، فلا يمكننا أن نفعل شيئاً حيال هذا الغباء المستفحل في عقول وأفئدة الكثير من الناس، والفرق بين المجتمعات التي تنهار بسبب نفوذ مواطنيها الأغبياء وتلك التي تتجنب ذلك هو ترتيب ومكانة غير الأغبياء في المجتمع، هؤلاء الذين يحرزون تقدماً مع غبائهم لديهم مجموعة كبيرة من الذين يتصرفون بذكاء ويعوضون الخسائر التي يتسبب بها الأغبياء عن طريق جلب المكاسب لأنفسهم ولزملائهم لكن للأسف هذا الصنف لايتوفر في اليمن.

 كما ان لدى المجتمعات المنهارة النسبة نفسها من الأغبياء لكنهم يُعامَلون كأشخاص ناجحين ولديهم أيضا نسبة مرتفعة من العاجزين قليلي الحيلة، ولو نظرنا الى الظواهر الناجمة عن الغباء والحماقة سنجد من بينها الانتشار المرعب لقطاع الطرق مع نسبة عالية من الغباء والفتوة والفهلوة، فتغيير كهذا في تركيبة السكان غير الأغبياء كفيل بمضاعفة القوة المدمرة لنسبة الأغبياء في المجتمع المتعلمة والمتحضرة لذا يمكن القول بأنه الجهل والأمية هي من العوامل والأسباب الرئيسية من وجهة نظري التي تقف وراء تفشي وانتشار ظاهرة الغباء بنسبة كبيرة في مجتمعات العالم الثالث مم بينها اليمن.