آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-04:01م

ملفات وتحقيقات


الاطفال بين البراءة وقسوة الحياة والظروف المعيشية

الأربعاء - 13 مارس 2019 - 05:45 م بتوقيت عدن

الاطفال بين البراءة  وقسوة الحياة والظروف المعيشية

كتب/محمد مرشد عقابي:

في اليمن يوجد عديد الاطفال الذين يتركون مدارسهم ليتفرغون للبحث عن عمل يكفل لهم الدخل الذي يستطيعون  من خلاله توفير لقمة العيش لأسرهم الفقيرة، في اليمن توجد اكبر نسبة من الاطفال المحرومون من حقوق الطفولة بين باقي دول المنطقة والخليج، الاطفال في اليمن استبدلوا التعليم والعيش الرغيد بالعناء والمشقة والتعب والعمل على الارصفة وفي المحال والطرقات بأرخص الاثمأن، في اليمن يقوم الأطفال بأعمال فوق طاقتهم عن هذه القضية كان محور نقاشنا في هذه الحلقة فالى تفصيل ماورد.

سامي عبد الحبيب ياسين يقول : تعتبر عمالة الاطفال في بلادنا ناتجة عن تحديات ناجمة عن الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية وظروف الحروب والصراعات والتحولات الاقتصادية التي اسهمت في انتشار وتوسع رقعة الفقر والبطالة، وتشير الجهات الرسمية الى انه يوجد اكثر من 325759 طفل يمني عامل ينتمون للفئة العمرية 10---14 سنة نسبة الذكور 55.8% والاناث 44.2% وهؤلاء الاطفال يعملون ليس لذنب اقترفوه او لمخالفة قاموا بها وانما بسبب الفقر والعوز والحاجة هذه العوامل هي التي ادت الى خروجهم الى الشارع بحثاً عن عمل ليس رغبة منهم ولكن الظروف اجبرتهم واكثر من يعملون اما ان يكونوا ايتاماً فيعملون لكي يوفروا لقمة العيش لهم ولاخوانهم واما ان يكون والدهم حي ولكن معاق او مريض فيعمل الطفل لكي يوفر القوت والدواء او يكون من ضحايا الحرب اي من تلك الاسر التي شردتها الحرب او تسببت بقتل عائلها او افقادها مصدر دخلها.

واضاف : تمثل عمالة الاطفال مشكلة كبيرة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية وحقوق الانسان وتقدر منظمة العمل الدولية بانه يوجد حوالي 300 مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشر يعملون في الدول النامية وحدها محرومين من ابسط الحقوق من بينها حق التعليم المناسب والتأمين الصحي اللازم والحريات الأساسية ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمناً فادحاً لهذه المعاناة حيث ان حوالي 50% منهم او ما يقدر 150 مليون طفل يعملون كل الوقت اي محرومون من الدراسة بينما العدد الباقي يدمجون بين العمل الشاق والدراسة، ويعمل هؤلاء الاطفال حوالي 80% تقريباً اعمال خطرة وهناك من بين العدد الكلي هذا حوالي 50---70 مليون طفل بين سن الخامسة والحادية عشر ممن يعملون في ظروف يمكن اعتبارها قاتله نظراً لصغر سنهم وهشاشة قدراتهم، حيث ان اتفاقية الحد الادنى للسن رقم 838 لعام 1973م المعيار الدولي الاساسي لعمالة الاطفال حيث ان عدد الدول في السنوات الاخيرة بتزايد في المصداقة على هذه الاتفاقية وبلغ عدد هذه الدول 75 دولة بما فيها اليمن التي صادق مجلس الوزراء فيها على هذه الاتفاقية في 2000/2/15م بقرار رقم 43 لسنة 2000م وتهدف هذه الاتفاقية للقضاء الفعلي على ظاهرة عمالة الاطفال الذي تضمنه الاعلان الدولي على اساس الاخذ بتوصيات منظمة العمل الدولية بشأن التدابير والاحتياطات اللازمة والمطلوب اتباعها للحد من انتشار وتوسع هذه الظاهرة، كما تم اعتماد اتفاقية تتعلق ايضاً بالقضاء على اسوأ اشكال عمل الاطفال في يونيو 1999م وهي الاتفاقية رقم 182 وتوصياتها رقم 190 ويعكس هذا النهج التدرجي الاعتراف بان عمل الاطفال يمثل مشكلة معقدة تتأصل جذورها في الفقر وانعدام فرص التعليم والصحة.

عبد القدوس خالد الشميري يقول : هناك صكان هما اتفاقية وتوصية تم اعتمادهما في مؤتمر منظمة العمل الدولية في دورتها السابعة والثمانون عام 1999م وهما المعنيان بوضع الحلول الكفيلة بانهاء كل الصور التي تسيء الى صحة وسلامة الطفل او تخدش في اخلاقياته وأيدت هذه الاتفاقية والتوصية العديد من دول العالم من بينها بلادنا التي صادقت عليها في ديسمبر من العام 1999م بينما بدأ سريانها في نوفمبر من العام 2000م وهذه التصديقات تدل على الاهتمام الواسع لدى الدول والمنظمات والهيئات العالمية بالقضاء على عمل الاطفال.

واضاف : ظاهرة عمالة الاطفال في اليمن لاتختلف عن الظاهرة في بلدان العالم بوجه عام والبلدان النامية بوجه خاص وهي ناجمة عن ما شهدته وتشهده البلاد من اختلالات سياسية واقتصادية واجتماعية متراكمة ونزاعات وصراعات مسلحة وظروف التحولات والتشكلات الاقتصادية التي ينتج عنها توسيع لدوائر الفقر ومساحة البطالة والفاقة، ولو نظرنا الى احوال الاطفال الذين يعملون في بلادنا لوجدنا ان الاسباب متقاربة اما ان يكون والدهم متوفي ويعملون من اجل ان يعولوا اسرهم وانفسهم فيتركون كل مقومات الحياة السعيدة الكريمة التي يفترض ان تتوفر وتتهيئ لهم وتضمن لهم رغد العيش حتى يتسنى لهم التمتع بعمر طفولتهم في كنف وظل اسرهم ومجتمعهم الذي يحترم رغباتهم ويسعى جاهداً لتوفيرها لهم من اجل بناء جيل واعد، لكن للأسف ان هذه المعادلة تتغير في اليمن بل تنقلب رأساً على عقب حيث ان الاطفال يعيشون في بلادنا بكنف الشوارع والطرقات والارصفة وفي الورشات وفرزات الباصات وبالقرب من النقاط العسكرية المنتشرة في الخطوط العامة محرومون من السعادة ومن احلى ايام اعمارهم في الدنيا وهي ايام الطفولة فهذه مصيبة وكارثة بل جريمة بحق الطفل اليمني الذي رمت به الاقدار في هذا المصير الذي يحمل فيه هم يفوق طاقته وسط بيئة وزمن ومجتمع لا يرحم او يقدر المسئوليات الكبيرة.

درهم حمادي الجابري يقول : بدأت ظاهرة عمالة الاطفال في اليمن بالانتشار منذ بداية تسعينات القرن الفارط هذه الحقبة الزمنية التي رافقتها العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة واعترافاً بأهمية مواجهة هذه التحديات التي تعوق برامج التنمية في البلد فقد صادقت الجمهورية اليمنية على العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الطفل خاصة في العام 1991م التي تنص في المادة رقم 32 منها بحق حماية الطفل من اي استغلال اقتصادي او سياسي او عسكري واعفاءه عن اداء اي عمل قد يسبب له الخطورة والاذى او يؤدي الى اعاقة الطفل عن التعليم او يكون ضاراً بصحة ونفسية ومعنوية الطفل ويؤثر على عملية نموه الجسدي والعقلي والروحي والاجتماعي، وفي قانون العمل اليمني رقم 5 لعام 1995م في المادة 49 يحظر تشغيل الاطفال دون موافقة من اولياء امورهم ويجب عند استلام الموافقة ان يسجل الاطفال لدى مكتب العمل حتى مراقبة ظروف عملهم ويحظر ايضاً تشغيل الاطفال في المناطق البعيدة ويلزم رب العمل ان يوفر بيئة صحية وآمنة للعمل طبقاً للشروط المنصوص عليها من قبل وزارة العمل.

ومضى يقول : في بحث للاحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية يشير الجهاز المركزي للأحصاء بناء على نتائج التعداد العام في 1994م بانه يوجد اكثر من 235----685 طفلاً عاملاً ينتمون للفئة العمرية مابين 10---14 سنة نسبة الذكور 48% في حين ذكرت مسوحات التشغيل في 1991م والتعداد العام في العام 1994م الى ان ظاهرة عمالة الاطفال في اليمن تنتشر وتتضاعف بشكل رهيب وان تدفق الاطفال الى سوق العمل قد تزايذ بمعدل نمو قدرة 3 اضعاف خلال نفس الفترة ومن المحتمل ان يكون هذا العدد قد تضاعف عما كان عليه في السابق نتيجة ما شهدته البلاد وتشهده من حرب وظروف اقتصادية ومعيشية غاية في الصعوبة، كما ان هناك دراسات اعدها بعض المختصين في هذا الجانب بدعم من المنظمة السويدية لرعاية الطفولة اشارت الى ان الاطفال الذين يعملون لدى الاسر تقدر نسبتهم بنحو 82.9% كما ان الاطفال العاملون خارج اطار الاسرة حوالي 17.1 وهؤلاء هم من يتعرضون لمخاطر كثيرة باعتبارهم خارج نطاق الرقابة العائلية، وهناك دراسات ميدانية كثيرة اكدت ان اماكن عمل الاطفال تنطوي على عدة اخطار وان اعمالهم غالباً ما تكون مضنية وقد سجلت تلك الدراسات ارتفاعاً عالياً في معدلات اصابة الاطفال بالعهاهات المستديمة والإعاقات الدائمة والامراض المختلفة والمتنوعة، كما حددت تلك المسوحات بعض الاخطار المعينة في اماكن عمل محددة للأطفال العاملين وهذا يدل على عدم وجود منظومات في اليمن تهتم بحق الطفولة وكذلك عدم الاهتمام من قبل الحكومة بالاطفال وعدم توفير الرعاية الكاملة لهم من حيث توفير المعيشة لهم ولأسرهم وكذا ادخالهم الى المدارس للتعليم.