آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:20م

أدب وثقافة


دخان سيجارة(قصة)

الثلاثاء - 19 فبراير 2019 - 06:57 م بتوقيت عدن

دخان سيجارة(قصة)

عدن(عدن الغد)خاص:

كتب/ عصام مريسي:

اكتظت الغرفة بالحاضرين من المراهقين ، تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشر والتاسعة عشرة من الذكور المتسربين من المدرسة وما هي إلا لحظات حتى أخذ دخان السجائر يتصاعد ليعتم ملامح الغرفة التي يتواجد فيها المراهقون بلون رمادي وبروائح متعددة للدخان.

وقف الضيف الجديد متحرج من زملائه الذين قادوه إلى جو ليس يناسبه ولم يعتاد عليه قط مازال وقفاً حتى يدفعه أحدهم للجلوس وهو ضاحكاً ساخراً من حالة الخجل التي يعانيها:
هي اجلس وخذ مكانك , استمتع بالجلوس أمام شاشة النت
مازال مرتبكاً يسير بخطى متعثرة يقطع المسافة ليجلس إلى جوار شلته الجديدة التي اقتادته إلى وكر الدخان ، وما أن وصل إلى جوار شاشة النت حتى بادر بالجلوس على استحياء على الكرسي الخشبي المغطى ببعض الفراء الممزق وهو يختلس نظرات يوزعها على جميع الحاضرين باستحياء مخافة أن يراه أحد اتكأ على مسند الكرسي ومدَّ كلتا يديه نحو الماوس ليحرك اللعبة والعرق يتصبب من جبينة الذي ما استطاع رفعه منذُ دخوله الصالة وإذا بيد تمتد إليه لتمد إليه علبة السيجارة وهو يدعوه:
خذ أنسي همومك يلتقط علبة الدخان ويديه ترتعشان وعيناه تتجول في الصالة تبحث علَّ هناك من يقتنص النظر إليه ويضع العلبة على حافة الطاولة لبرهة يفكر وهو مطأطأ الرأس ، فإذا بجاره في المقعد يهون عليه الأمر:
مُدَّ يدك .. لا تخجل، لن يراك أحد
تم يرفع من وثيرة الإغراء فإذا به يقدم شريط مازال يضم نصف الكمية:
هذه حبوب السعادة .. تذوق واحدة 
يرسل نظرات استعجاب نحو جاره في المقعد ، ثم يمد يديه يسحب الشريط من يدي جاره ويضعه على الطاولة
ويلقي برأسه على الطاولة لبرهة ، فإذا به ينهض يترجل تارك المكان بخطوات متباطئة حتى يقف على عتبة الباب يلقى بنظرات يستطلع الصالة وكل ما يقع على مرمى بصره وهو يرى أصحابه يتهاوون وهم في حالة من الا الشعور يتجاذبون أصابع الدخان ومطحون الشمة وحبات المخدر وصراخهم يضج به المكان ، ثم يستدير يتجه نحو الشارع وهو يتأسف على اللحظات التي قضاها في صالة الضياع ومع رفقة السوء وهو يتمتم :
لن أعود لمثل هذا المكان أبداً .. ولن تكونوا في يوم من الأيام رفاق لي
ويشد الخطى بعيداً عن الصالة دون أن يلتفت خلفه حتى أبتعد عن المكان وبدأ يلوح منزلة ، يقف يتفقد هيئته ويشم رائحة ملابسه علَّ علق بها رائحة الدخان، ثم يضع يده على جرس الباب ، فإذا به يسمع صوت أمه التي طالما أحس معه بالدفيء والاطمئنان :
سوف أفتح الباب
تفتح الأم الباب يلقى الولد العائد رأسه على كتف أمه وهو يقول:
أمي سامحيني .. أريد أن أخبرك بأمر قد وقع معي اليوم
بحكمة الأم تحاول تهدئة ولدها وهي تضع يدها على رأسه وتعيد ضمه إلى صدرها فتشم رائحة الدخان:
أغتسل واستعد لنتناول وجبة الغذاء ثم أستمع إليك 
يشعر الأبن العائد بالراحة بعد حديث أمه ويذهب للاغتسال استعداداً لتناول الغذاء