آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-06:52م

ملفات وتحقيقات


"عدن الغد" ترصد آراء وانطباعات المواطنين حول قضيتي الفقر والفساد في اليمن (2---2)

الثلاثاء - 12 فبراير 2019 - 04:38 م بتوقيت عدن

"عدن الغد" ترصد آراء وانطباعات المواطنين حول قضيتي الفقر والفساد في اليمن (2---2)
تعبيرية

عدن(عدن الغد)خاص:

 

 

 

تقرير/محمد مرشد عقابي:

 

 

 

هناك علاقة وثيقة بين الفقر والفساد في المجتمعات العربية التي تعاني من هذه الظواهر من بينها المجتمع اليمني، تتفاوت هذه الظاهرة من حيث الانتشار والتوسع من بلد الى آخر ويبرز ذلك التفاوت من خلال اختلاف شكل ومضمون الفساد الذي قد يكون مالياً او اقتصادياً اورسياسياً او ادارياً ا  حتى اجتماعياً مع الاتفاق الذي يوحد الجميع في الفقر، والمتأمل يجد ان الفساد يزداد تغلغلاً وتفاقماً مع وجود سياسات الانفتاح الاقتصادي واتساعه.

عبد الرب محسن فاروق محمود يقول : مكافحة الفساد تقتضي الدعوة الى اقامة الندوات والمؤتمرات المستمرة حول هذا الموضوع الشائك والمعقد ووضع الابحاث والدراسات التي تفضح الطرق والاساليب الشيطانية التي يلجأ اليها المفسدون وهي اساليب مبتكره في غالب الاحيان وذكرت منظمة الشفافية الدولية على لسان رئيسها ان حجم الخسائر التي تلحق بالاقتصاد العالمي نتيجة انتشار ظاهرة الفساد باشكالها المختلفة يقدر باكثر من اربعمائة مليار دولار سنوياً، كما اوضح ان ظاهرة الفساد اصبحت من المظاهر الرئيسية التي تهدد جميع اشكال التطور التي يشهدها الاقتصاد العالمي وتؤثر سلباً في مسيرة الدول الاقتصادية وسعيها لتحقيق اعلى معدلات النمو، ورأى ان الفساد في العديد من دول العالم ينطلق احياناً من ضعف السلطة السياسية او نتيجة اغفال تطبيق القوانين، ويؤدي الفساد الى نتائج سياسية واقتصادية في غاية الخطورة فهو يؤدي اولاً الى الانخفاض في مستوى الآداء الحكومي ويشيع اجواء من عدم الثقة وينشر احساس بالظلم وتالياً يؤدي الى تقويض الشرعية السياسية للدولة، ويترافق الفساد مع تشوهات يوجد المسئولون انفسهم من اجل الحصول على ربع الفساد الذي يؤدي الى الاضرار بالنمو الاقتصادي وبالتنمية الاجتماعية، ويتبدى كل ذلك في العقود التي تجريها الدولة مع الشركات والمقاولين والتي تحمل في طياتها كل الاعيب الغش وتتجسد النتيجة السياسية الاولى للفساد بالتسبب في اضعاف الدولة وافقادها هيبتها، وعند ذاك تتهاوى الرقابة والمتابعة وينتشر جو الفساد، اما الحكم على مدى قوة او ضعف الدولة فيمكن ملاحظته من مدى الغموض او الشفافية في معاملات الدولة الاقتصادية وفي مدى اتباع الاجراءات والنظم الموضوعة في التعيينات وفي قصور او فعالية اجهزة الرقابة.

 

واضاف : يمكن ان تكون مفردة الفساد مضلله احياناً نظراً الى حمولتها الاخلاقية، التي توحي بان اصل الظاهرة يرجع الى خراب ضمائر بعض الافراد او كثير منهم او حتى كلهم، لكن عند استخدام هذه المفردة ينبغي التركيز على الفساد بوصفة علاقة اجتماعية وسياسية ويتصل بجملة موازين القوى الاجتماعية وعلاقات الطبقات ونمط التراكم المادي في اي مجتمع، وتؤكد الدراسات المتخصصة وجود علاقة قوية بين نسبة الانفاق العسكري والفساد اي ان الحكومات الاكثر فساداً تميل الى الانفاق العسكري الاكبر بسبب انعدام الرقابة الفعالة على هذا النوع من الفساد، ويرى المختصون ان المتراكم من اجمالي الدخل القومي العربي للنصف الاخير من القرن المنصرم يقدر بنحو ثلاثة الآف مليار دولار اي (ثلاثة تريليونات دولار) ويقدر ماصرف على التسليح من هذا المبلغ بحدود الف مليار دولار ضف الى ذلك ماشهدت الاعوام السبع الاخيرة من احداث وحروب فيما يسمى بالربيع العربي والذي شهد استنزاف موارد الكثير من دول العالم الثالث التي تعاني اصلاً من الفقر والفساد، اما عملية اعمار البنى التحتية وما خصص للقطاعات الصناعية والزراعية والخدمية فقد استهلك بحدود الف مليار دولار اخرى في الفترة ذاتها، اما الالف الثالثة فيقدر انها ذهبت الى اشخاص ومؤسسات عملوا وسعوا من اجل تسهيل وتسيير العمليات والاعمال المطلوبة للشقين الاولين، وهذا يعني ان ثلث ثروة الأمة نهبت وحجبت عن مشروعات التنمية نتيجة الفساد وماتزال تنهب على نفس الطريقة، ويسبب الفساد المزيد من الفقر وانعدام العدالة في الحصول على وظائف الدولة، نظراً لعدم حصول طالبيها على الدعم المعروف المصدر، ويمثل الفساد الشر الاساسي الذي تنتجه انظمتنا السياسية العربية الحالية وهو يكشف عن وجهه القبيح في كل مكان ويحدث آثاره المدمرة في مناطق عالمنا الفقيرة ومن بينها بلادنا اليمن حيث يدع الملايين من البشر اسرى البؤس والفقر والمرض والصراعات وسائر اشكال الاستغلال الوحشية.

 

اديب عبد العالم انور سعيد يقول : اساءة استعمال المال في السياسة يمكن ان يعكس ويحدث مشاكل كبيرة للدول الديمقراطية ويؤدي الآداء المشوه للاحزاب السياسية وللأفراد عند اساءة استعمال المال الى انعدام الثقة في المجالس السياسية وفي النشاطات التي تقوم بها وهناك مشاكل كثيرة تخص المال السياسي والفساد، وتقع في صلب ما يعرف بالفساد السياسي مع ان التمويل السياسي الفساد امران منفصلان لكن عندما يختلط الامران معاً فان الفساد يبرز حتماً ذلك ان المكونات التي تجمع بين الفساد والتمويل السياسي والمكونات التي تجمعهما امور غير معروفة تماماً، ويعتبر الكثير ان الفساد في التمويل السياسي يعني اساءة استعمال الاموال في الحقل السياسي، وذلك بواسطة الاحزاب السياسية وللمرشحين في ايام الاستحقاقات الديمقراطية كالانتخابات مثلاً يتم تسخير ذلك لمصلحة المرشح، اوحزب سياسي معين، او جماعة سياسية محددة، واهم النشاطات الخاصة باساءة استخدام الاموال العامة في المجال السياسي تتجسد في الانفاق غير المشروع بما فيه شراء الاصوات، والتمويل من مصادر غير معروفة، وبيع المقابلات الدعائية، او الوصول الى الاعلام الاكثر انتشاراً واساءة استعمال مصادر الدولة مصادر الدولة المالية، وتدخل الاثرياء واصحاب رؤوس الاموال في دعم السياسيين اضافة الى النشاطات الخارجة عن قواعد التمويل السياسي المعروفة، واجبار القطاع الخاص على دفع اموال للحماية من اجراءات الدولة، وتخفيض الاموال المخصصة لاحزاب المعارضة.

 

واضاف : يقر كثير من الخبراء في هذا المجال بوجوب عقبات وموانع كثيرة لامكانية التحقق من وجهة صرف الاموال ويطالبون بوضع قوانين وقواعد جديدة لكيفية صرف الاموال والوجهة التي تتوجه اليها، عبر الاستعانة بسلسلة القوانين والاجراءات لبعض الدول المتقدمة التي استعملتها ونجحت في هذا الجانب، واهم تلك الاجراءات كيفية الاعلان عن وجهة الصرف ومراقبة الاحزاب السياسية مع الاعتبار ان الاعلان عن الاموال مهم جداً بالنسبة للناشطين وللسياسيين على السواء، لكن تطبيق القوانين في ما يخص المال السياسي صعب التحقيق اذا لم يلازمه الفرض الذي يمنع وحدة الفساد السياسي.

 

نزاز كمال عبدالله احمد يقول : الفساد السياسي هو اساءة استخدام السلطة من قبل القادة السياسيين من اجل تحقيق الربح الخاص وزيادة قوتهم وثروتهم، ولايحتاج الفساد السياسي الى دفع الاموال مباشرة بل قد يتخذ شكل تجارة النفوذ لمنح الافضليات التي قد تسمم الحياة السياسية والديمقراطية، ويشمل الفساد السياسي مجموعة من الجرائم التي يرتكبها القادة السياسيون عبر توليهم مناصبهم الرسمية او بعد تركهم لها، وتختلف هذه الجرائم عن التجاوزات الادارية التي يرتكبها الموظفون الرسميون الذين يمثلون الى حد ما المصلحة العامة.

 

واضاف : يشكل الفساد السياسي عقبة امام الشفافية في الحياة العامة، كما يشكل فقدان الثقة بالسياسيين والاحزاب السياسية تحدياً قوياً للقيم الديمقراطية، وهي امور تعمقت في معظم بلدان العالم في العقود الماضية من بينها اليمن، وتشمل وسائل مكافحة الفساد السياسي جملة من الاجراءات التالية تتمثل في وضع قواعد للتمويل السياسي ووضع قوانين لمراقبة الانفاق السياسي وخاصة فيما يتعلق بشراء الذمم وكسب التحالفات وشراء الاصوات، ووضع رقابة خاصة على القطاع الخاص فيما يتعلق بصفقات الاسلحة والنفط، كما تشمل الاجراءات التدابير الآيلة الى خفض تضارب المصالح، ووضع رقابة على الموظفين الذين يتمتعون بالحصانة وخاصة في مؤسسات القطاع العام.

 

واختتم : الفساد السياسي اخطر بكثير من الفساد الاقتصادي كونه يرتبط عادة بتفصيل قوانين الانتخابات وتمويل حملات اعلامية تضمن لبعض السياسيين الاستيلاء دون وجه حق على مناصب حكومية رفيعة لا يستحقونها، لانعدام المواهب القيادية فيهم، وقد وصل الفساد منذ تسعينات القرن الماضي درجات غير مسبوقة في جميع انحاء العالم لذلك تزايد الوعي بضرورة مكافحته، وبينت الابحاث العديدة التي نشرت من قبل المؤسسات الدولية المتخصصة بمكافحة الفساد الكلفة الباهظة التي يتطلبها القضاء على الفساد، كما بينت دوره في اعاقة النمو وتخريب التنمية على المستوى الاقتصادي وانعكاس ذلك على الوضع الاجتماعي في البلدان التي تعاني منه ومن بينها اليمن.