آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:59ص

أدب وثقافة


على غفلة

الجمعة - 08 فبراير 2019 - 02:20 م بتوقيت عدن

على غفلة

كتب/رفيدة عبد الحفيظ

 

أن يصطحبني أبي في جولة حول المدينة بسيارةٍ مفتوحة النوافذ، تاركةً

خصلات شعري يطايرها الريح كيفما شاء، أمرٌ لا بد منه في نهاية الامتحانات.

إذ كان النظر إلى الأضواء و لافتات المحلات، و سماع صوت الريح المحتك

بالسيارات في الخطوط السريعة أو بأعمدة الإنارة التي نمر بها مسرعين، من

مكاني في المقعد الأمامي، كافٍ جداً لإمتاعي!

لا أذكر أنني كنتُ أعبأ بالوقت حتى في الساعات المتأخرة من الليل، ولا

كنتُ أعرف البتة أن للخروج ساعة لا ينبغي التأخر عنها، كل الذي أعرفه أن

معه كل وقت كان يصلح للخروج!

 

في الثمان السنوات الأخيرة.. فصلت بيني و بينه حدوداً دولية، و قسراً

قُطعت تلك العادة معه!

فجأة علمتُ أن الخروج أصبح له وقت، و للعودة وقت، و أنني نشأتُ - بلا

درايةٍ مني - سيئةً في حفظ الشوارع من فرط اعتمادي عليه؛ لأن الطريق الذي

أمشيه صباحاً، دائماً ما تتبدّل ملامحه إذا سلكتُه ليلاً، فأمشي مرتابة و

أنا أهمسُ لي بما قالته بلقيس لسليمان :

-كأنهُ هو!

 

لكنني.. كنتُ ماهرة طيلة السنوات الثمان في ضبط نفسي دائماً إذما أسرفت

إحداهن بالحديث عن أبيها

و قوية.. للحد الذي يبقيني مصطبرة على حديثها دون أن أحاول تغييره

إلا أن المنزل في نهاية ذلك اليوم قد تفنن في إثارة الشجن بلا سبب!

 

في مساء البارحة..

قال لي:

 -فين بتروحي؟

قلتُ باستغراب :

-فين باروح!

-يلا مش خلصتي امتحانات؟.. هيا خارجين

( وللحظة شعرت بأن ثمان سنواتٍ من عمري مرت أمامي بسرعة فائقة كادت تطاير

خصلات شعري معها، حتى أعادت إلى أنفي رائحة تلك الشوارع التي جلناها

معاً)

-والله!

-والله روحي البسي

 

عشر دقائق أخرى، وكنا في الخارج.. في ساعةٍ غير مهماً أن أدري كم كانت

وقتذاك طالما أنني معه

كان قد دفع بالـ "menu" إلي قائلاً :

-أنا قده طلبي هو هو.. اسبرسو