آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-10:58م

ملفات وتحقيقات


هل ستعود مكانة المرأة في جنوب اليمن؟ (1----4).

الإثنين - 28 يناير 2019 - 04:34 م بتوقيت عدن

هل ستعود مكانة المرأة في جنوب اليمن؟ (1----4).

استطلاع/محمد مرشد عقابي:

الاخت فايزة زين جابر احمد تقول : لا اظن ان هناك من لا يشاطرني مشاعر الرغبة في العودة الى سنوات الستينات حين كانت عدن وبحسب تأكيدات الكثير من ابناءها اولى المدن العربية في الجزيرة والخليج مرجلاً للنضال السياسي والوطني واشعاعاً فكرياً وثقافياً واعلامياً وتنويرياً ومرتعاً للحركة النهضوية والحضارية ومؤئلاً للتجمعات السياسية والثقافية والاجتماعية وحضناً دافئاً لرجالاتها ونشطائها من الجنسين، وارجوا ان لا يظن بي احداً الظن ويسيء الفهم او يصور له عقله انني احن الى حياة الذل تحت نيران الاستعمار البريطاني معاذ الله ولكنني لا استطيع اخفي مشاعر الاحباط والانكسار التي اصبحت تغمرني كثيراً منذ سنوات عديدة وانا اجد نفسي وغيري الكثير رغم اننا نكابد ونضغط على انفسنا ونرسم امام اعيننا وميضاً من التفاؤل لأننا نؤمن بان الله تعالى معنا وان الله مع الصابرين.

 

وتابعت : ان النضال سياسياً كان او اجتماعياً او ثقافياً كانت له اهداف ومعان سامية، لعل اولها وابرزها حق الانسان في العيش الكريم وتحرره من الذل والمهانة والارتقاء به وتطوره وبناء الوطن وتوحيده ليكون سكناً للمواطنين كافة دون استثناء وهذا ما نفتقده نحن منذ عشرات السنين اي منذ عهد النظام البائد اضافة الى انعدام التوازن بين الناس بالقسطاط المستقيم.

 

وقالت : للاسف هناك تراجع خطير في نواحي الحركة النسائية في اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص ومن بين اسباب ذلك هو انحسار رقعة الحركات النقابية النسائية والطلابية والثقافية وانكماشها، ومن بين الامثلة على ذلك ان الحركة النسائية اليمنية التي انبثقت اولى ارهاصاتها في مدينة عدن في نهاية الاربعينات وتطورت لتصبح حركة نسائية منظمة بعد تأسيس جمعيتي المرأة العربية والعدنية للنساء في منتصف الخمسينات استطاعت ان ترتقي بالمرأة في هذه المدينة الحضارية وان تنشر الوعي بين صفوف النساء وان تؤكد للملا ان للمرأة حقاً مثل الرجل في التعليم بمستوياته كافة وفي كافة مناحي الحياة الاخرى منها حقها في العمل خارج البيت وفي مزاولة النشاط السياسي والحزبي والتنظيمي من خلال الاندماج والمشاركة في كل الاستحقاقات الوطنية والتنظيمية، والمذهل بان عدداً ضئيلاً من النساء قاد هذه الحركة النسائية الاولى في الجزيرة والخليج العربي فمن لا يعرف رقية محمد ناصر وسعيدة باشراحيل وماهية نجيب ونبيهة علي حسن ورضية احسان الله وفطوم سالم علي وناريمان وصافيناز خليفة وليلى الاعجم وفاطمة فكري وغيرهن من نسوة الجنوب المبرزات، علماً بان البعض من هؤلاء النساء الفاضلات فتح بيوته في بادئ الامر لممارسة مختلف الانشطة الاجتماعية ولم تكن هؤلاء الفاضلات يترددن لحظة في الانفاق على هذه النشاطات والفعاليات من مالهن الخاص، يدفعهن الى فعل ذلك حبهن لوطنهن ورغبتهن في المشاركة الفاعلة الى جانب الرجال في بناء الوطن وتطويره.

 

الاخت صافية عبد المجيد صالح جازم تقول : كانت الروح الوطنية هي الحافز لدى نسوة الجنوب للبذل والعطاء والتضحية بسخاء، فكانت نسوة الجنوب يؤمنا بغد افضل واجمل، كانت هذه القيم والمبادئ مغروسة بعمق في قلوبهن فقد تحققت الكثير من اهداف الحركة النسائية لعل ابرزها زيادة عدد مدارس البنات ليس في عدن فحسب وانما في مختلف امارات وسلطنات الجنوب حينذاك واقدام عدد من المعلمات العدنيات على التدريس هناك رغم مشقة السفر وصعوبة الحياة آنذاك في تلك المناطق الجنوبية، كذلك فتح المجال للتعليم العالي للبنت بل والسماح للفتاة العدنية بالسفر الى الخارج لتتلقى تعليمها العالي، كما فتح المجال لعمل المرأة في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص وتغيرت نسبياً النظرة الى المرأة نحو الايجاب.

 

وتابعت قائله : لا يعتقد احد ان الطريق كانت مفروشة بالورود امام الحركة النسائية وقياداتها بل العكس هو الصحيح فالمرأة في مدينة عدن وسائر بلاد الجنوب خاضت حروب المعاناة الاجتماعية داخل الاسرة وخارجها لان من الصعوبة بمكان اقناع مجتمع لا يعترف بتحرر المرأة من التخلف والأمية والتبعية الذكورية بأهمية دورها اسوة باخيها الرجل، فهذه السيدة ماهية نجيب التي طمحت الى انعتاق المرأة من قوقعتها بتوعيتها من خلال اصدار مجلة تعنى بشئونها وشئون اسرتها فبمجرد اشاعة خبر اصدار المجلة قبل عام من ذلك الوقت قذفت باقذف الالفاظ النابيه والعبارات المسيئة والخادشه للحياء ونعتت باسوا النعوت بل وتم تكفيرها وذلك من خلال بعض المنابر والابواق التي تدور مع عقارب ساعة المصلحة حيث دارت، بيد ان التحدي كان سيد الموقف وتحملت هذه السيدة العظيمة ام الصحفيات اليمنيات وعميدة الصحافة المعنية بشئون المرأة والاسرة في اليمن والجزيرة والخليج اساءات الآخرين ومضت في طريقها الشريف مخلفه في وراءها كل ما يقال حتى جاء اليوم الذي رفع من شأنها كل من كان يعارضها والغريب ان هذه السيدة التي اخفت حياتها من اجل رفع شأن المرأه اليمنية والجنوبية على وجه الخصوص لم يتم تذكرها وتكريمها من قبل الدولة التي لا تزال حتى اللحظة تنكر جهود مبدعيها وتتجاهل النوابغ الوطنية والابداعية في كل المجالات، ومن لا يعرف رضية احسان التي ذكرتها ايضاً سابقاً اختي الفاضلة فايزة في سهب حديثها فهذه المرأة النموذجية التي تشربت العمل السياسي منذ صباها فدخلت المعتقل مرات عدة إبان الاحتلال عقاباً لها على مشاركاتها في التظاهرات الشعبية مع غيرها من النساء كصافيناز خليفة ونجاة راجح وعائشة سعيد...الخ، وكان آخر مطافها المنفى القسري من عدن حيث امضت في مدينة تعز فترة من الزمن وانتقلت بعدئذ الى صنعاء وفي تعز كان لها الفضل في تأسيس جمعية نسائية كانت النواة الاولى لاتحاد نساء اليمن هناك.

 

واردفت : لقد كان للمرأة اليمنية عموماً مواقف مشرفة لازالت محفورة في الاذهان ومخلدة في جبين التأريخ ولسنا هنا بصدد التنقيب عنها ورصدها لان المساحة المسموحة لنا في هذه المساحة الصحفية قليلة ولا تفي بالغرض ككل لان ذلك يحتاج منا صفحات وصفحات الا انني اتساءل : اليس بعض من تراجيديا ومشهديات ذلك الزمان الجميل نتوق اليه ونتوجسه في حياتنا الراهنة؟ السنا بحاجة الى الروح الوطنية التي افتقدناها عند الكثيرين؟!.

 

الاخت نادية عبد السلام مغلس حسين تقول : السبب في تطور الحركة النسائية في بلادنا واسماع صوت المرأة الى اعلى المستويات في السلطة السياسية في عدن وفي مجلس العموم البريطاني وقتذاك وبالتالي تحقيق العديد من المكاسب والاهداف والطموحات يعود لسبب اعتقد لا تدركه المرأة اليمنية منذ الاستقلال الوطني ولا حتى بعد الوحدة اليمنية ولا في وقتنا الحاضر وهو التنافس الشريف بين العناصر النسائية القيادية في مختلف المؤسسات والجمعيات النسائية التي انشئت بعد تأسيس الجمعيتين المذكورتين آنفاً رغم اختلاف المشارب السياسية والدينية والمذهبية بينهن فقد كانت هناك نساء منضويات تحت اطر حزبية مختلفة آنذاك كما كان هناك من يعتنقن ديانات مختلفة ولكنهن كن جميعهن يدركن ان الساحة تجمع الكل وان البقاء للأفضل عملاً.

 

واستطردت بالقول : الطريف ان تلك الجمعيات النسائية كانت تتبادل فيما بينها تشجيع النشاطات الاجتماعية وكانت تربط بين اعضائها صداقات ولم يتم البتة استغلال المرأة في الصراع السياسي بين الاحزاب كما لم تسمح المرأة لنفسها بان تكون مطية في ايدي تلك الاحزاب كما لم تسمح بان تسيس الجمعيات النسائية التي أنشاتها من اجل النهوض بالمرأة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً لذا عاشت الحركة النسائية اليمنية متاججة عقداً من الزمن ثم خبئ وهجها في نهاية الستينات حين طغت السياسة على العمل الجماهيري المؤسسي وبدأت القرارات والتوجيهات السياسية والحزبية هي التي تحدد خطط ونهج وأهداف الحركة التي شلت تماماً ولا زالت حتى اليوم والدليل على ذلك ما آلت اليه الامور منذ تلك الفترة، اما بعد الوحدة اليمنية فانه لم يعقد اي مؤتمر انتخابي لاتحاد نساء اليمن مما ادى الى تشتت وتشرذم وضع المرأة  اليمنية زد على ذلك ما افق القيادات النسائية في شطري اليمن حين تم دمج الاتحادين بدون مؤتمر انتخابي في كيان واحد (الاتحاد العام لنساء اليمن) من مشاعر الحقد السياسي والغيرة والتنافر نتج عنها زرع الفتن ونسج المؤامرات ومحاولات التخلص من عناصر نسائية من كلا الطرفين كل ذلك ادى الى تفكك الاتحاد وانفراط عقده غير الموحد في الواقع، وتعيين قيادات اخرى بعضها لايفقه فن الادارة والقيادة وقد افرزت تلك المرحلة من حياة المرأة اليمنية تحرر فروع الاتحاد في محافظات الجمهورية من المركزية وتسلل الوهن والاضمحلال في جسد الاتحاد فبدأ العد التنازلي للعناصر النسائية الكفؤة والنشيطة ذات الخبرات والتجارب العالية في العمل التنظيمي والجماهيري التي ارتبطت بعلاقات ودية وندية مع الاطر النسائية النظيرة لها في الوطن العربي والعالم.

 

وتطرقت بالقول : من افرازات تلك المرحلة ايضاً التي لازالت نتائجها ماثله وظاهرة للعيان حتى يومنا هذا الصمت المريع على كثير من انتهاكات حقوق المرأة المتمثلة في بعض التشريعات القانونية غير العادلة واصدار فتاوي غريبة عفى عليها الزمن وبعيده كل البعد عن روح ديننا الاسلامي  الحنيف واللعب وراء الكواليس لحظر المرأة وحجب دورها من تسلم كراسي القيادة ومراكز القضاء وصنع القرار، فهل آن الاوآن ان تعي المرأة اليمنية دورها الحقيقي وهل حان الوقت بان تطوي صفحات التهميش والمهازل التي جعلت من وجودها في الحياة السياسية مجرد وجود صوري وهامشي وهل آن الاوآن لان تدرك المرأة اليمنية قيمتها وأهمية كيانها في هذا الوجود، وفي مواجهة تحديات المرحلة الراهنة والمقبلة وهل حان الوقت للمرأة  للخلاص من الوصاية الذكورية المفروضة عليها في اطار العمل الحزبي والسياسي والتنظيمي وان تبدأ بصقل مهاراتها وامكانياتها في حدود المتاح والممكن بمعزل عن هذه الوصاية بما يسهم في الارتقاء بمستويات حياتها في مختلف الصعد والاتجاهات بشكل يجعلها تفاخر بإبداعاتها بين الامم في كل الجوانب الفكرية والثقافية والعلمية دون الاكتفاء بالتفاخر الكلاسيكي والتقليدي بالملكتين بلقيس واروى والخروج من دائرة هذا التفاخر نحو آفاق ارحب تظهر فيها نساء آخريات بابداعات اخرى جديدة يشار اليها بالبنان وتخلدها صفحات التاريخ في ابهى الحلل.