آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

أدب وثقافة


قصة قصيرة:يدي على قلبي

الجمعة - 28 ديسمبر 2018 - 04:25 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة:يدي على قلبي
تعبيرية

عدن(عدن الغد)خاص

          بقلم:  عصام مريسي

لم يكن قرار ولدهما مفاجئ ‘ فهو صاحب الشجاعة والرجولة التي بدت عليه مبكرة وعرف بمواقفة الوطنية وحبه للنضال وتمرده على الظلم والعدوان ، عندما أعلن قراره:

أمي أبي سوف أنضم إلى جبهات الدفاع عن المدينة

ترد الأم بصوت عالٍ أشبه بالصراخ:

هناك الكثر من يدافع عن المدينة ، أبقى معنا

ينهض من مكانه ليقبل رأس أمه ، وهو يحاول اقناعها بالموافقة حتى ينطلق ليتسلح ثم يندفع نحو الجبهات حول المدينة المحاصرة بجافل العدوان والمتآمرين من الداخل:

أمي لو كل واحد منا تنصل عن واجب الدفاع لغرقت مدينتنا في وحل الاحتلال والتبعية والذل ، وهذا الذي لن نرتضيه أبداً.

من بعيد تسمع أصوات الانفجارات وذوي المدافع التي مع توالي الزمن يتضاعف صوت ذويها وهي تهوي على بعض منازل المدينة الواقعة على ضواحيها ، ولم يلبث تمر ساعات إلا ودبَّ الهلع والخوف سكان ضواحي المدينة الذين بدأوا التدفق نحو وسط المدينة لتأويهم مدارسها وهم يتجرعون ألم الخوف والنزوح من منازلهم.

ينهض الشاب الممتلئ رجولة وشجاعة وحماسة وهو يلقي بنظرات استسماح من والديه وقبل أن يغادر عتبة منزله القائم في حي شعبي من أحياء المدينة وهتاف الشباب يزيد من حماسته :

الجهاد .. الجهاد يا شباب .. العدو يطوق الجانب الشرقي والجنوبي للمدينة , ويكاد يحكم سيطرته عليها من كل النواحي.

يعود الشاب البطل ليرتمي تحت قدمي والديه ويطلب منهما الأذن له بالجهاد، فتمتد يديهما إلى رأسه وهما يمرران أصابعهما على شعر رأسه وعينهما تتحدثان بلغة الصمت المشوب بالخوف والقلق والحروف تتلعثم على شفتيهما والأم تضع كلتا يديها على قلبها ،وبهجة عمرها ينطلق صوب الجبهة على مشارف المدينة ، يحتدم الصراع ويشتد ذوي المدافع والأنباء تتسارع عن ذكر قتلى وجرحى وأبواق سيارات السعاف لا تكاد تنقطع وما زالت أصوت الشباب تتدافع لتلبية واجب الدفاع عن المدينة :

أسرعوا .. أسرعوا ، لابد من تعزيز الجبهة الشرقية للمدينة هناك ضعف وقد يتمكن العدو من التسلل ، الأم القلقة تقف خلف النافذة تترقب الاخبار بعد أن غادر الأب للمساعدة في تقديم الدعم للمقاومين ، والأم تتنقل من نافذة من نوافذ منزلها إلى الأخرى علَّها تلمح محيا ولدها البطل يطل فتطل معه بهجتها ويطمئن قلبها القلق ويهدأ بين جوانحها.

ترتفع الأصوات من بعيد غير واضحة الكلمات حتى يقرب مصدر الصوت :

لقد اندحر العدو

وعينيها ترقب المشهد وتبحث عن ولدها في وسط زحام العائدين ، والشمس مقفلة ملونة السماء بالحمرة تلمح من بعيد بريق عيني ولدها وهو يهتف:

لقد دحرناهم .. وانتصرنا .. وحررنا المدين

يرفرف قلب الأم وينطلق قلبها وبصرها يعانق ملامح الولد العائد ليقفز الفؤاد القلق من بين كفيها ليستقر بين جانحيها ترفع كلتا يديها وهي تهتف:

ولدي .. ولدي , الحمد لله على عودتك سالماً

وهي في أشد الشوق لمعانقته وما أن يقبل حتى تخرج مسرعة لتفقده ومعانقته وهي تشم رائحة عرقه وتقبل كل جزء في جسده