آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:51م

أدب وثقافة


(ميس).. عرض مسرحي يدعونا للاستسلام لاعدائنا

الأحد - 23 ديسمبر 2018 - 03:20 م بتوقيت عدن

(ميس).. عرض مسرحي يدعونا للاستسلام لاعدائنا
صورة من العرض

كتب / مختار مقطري

 الف مبروك لفرقة محافظة تعز فوزها بجائزة افضل عرض مسرحي بالمهرجان الوطني للمسرح بعدن (12/10- 12/20) ، راجيا تقبل هذه الملاحظات. في رأيي المتواضع، ان النص المسرحي، يعد اهم اضلاع العرض المسرحي الناجح، ومن شروط هذا النص عدم الاسفاف وعدم نخليه عن القيم الدينية والسلوكيات الانسانية العظيمة والمقدسة.

فيعمد المخرج لريادة جرعة الابهار والبهرجة، ليشغل ذهن المتفرج عن الأخطاء القاتلة في النص، كما هو الحال في العرض المسرحي(ميس).ولو عرضا مسرحيا فيه من الابهار ما فيه، وكأنه عرضا مسرحيا اوربيا، تقوم فكرته في النص على الدفاع عن حقوق العاهرات او اباحة اللواط، هل يستحق هذا العرض المسرحي ان نمنحه جائزة وفي ميس، نحن ازاء حكاية الملكة اليمنية بلقيس، التي اشتهرت بالحكمة، وعظمها القران الكريم باعتبارها نموذجا لحكمة الملوك، وباعتبار حكمها نموذجا للعدل والشورى، ولاحظوا التشابه بين الاسمين.

بلقيس وميس في العرض المسرحي، توافق على تسليم مملكتها للاعداء المحاصرين لها، وان يكون الرد على قذائف مدافعهم بالورود، منتهى الضعف والانهزامية والتخلى عن الدفاع عن الوطن وارتضاء حياة الذل والخنوع والانكسار، فهل نص يحمل مثل هذه الافكار الانهزامية المخالفة للقيم والطبيعة الانسانية يمكن ان يكون نصا ناجحا، ويجعل العرض المسرحي افضل عرض في المهرجان.

والربط بين ميس والملكة بلقيس، في النص،هو تشويه للملكة بلقيس، التي اشتهرت بالعقل والذكاء والحكمة، فهل من العقل والذكاء والحكمة، ان تفرط بلقيس بمملكتها وتسلمها للاعداء، ولو انها فعلت ذلك لما اشتهرت بالحكمة، وخلد ذكرها القران الكريم بآيان تتلى الى يوم القيامة، لكن لجنة اجازة النصوص لم تنتبه لهذه المغالطة التاريخية، التي تخالف رسالة المسرح، فليس للمسرح ان يزيف التاريخ ويشوه الشخصيات التاريخية التي اصبحت شخصيات قومية والمغالطة التاريخية ان النص يقول عن النبي سليمان انه جاء لليمن غازيا، ويخبرنا القران الكريم ان النبي سليمان ارسل للملكة بلقيس رسالة مع طائر الهدهد، لما اخبره ان بلقيس وقومها يسجدون للشمس من دون الله (اذهب بكتابي هذا ثم القه اليهم وانظر ماذا يفعلون) وكان رد بلقيس على رسالته هو الاحتكام للشورى، اذ جمعت الملأ من قومها وشاورتهم في الامر، (يا ايها الملأ اني القي الي كتاب كريم.. انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم.. الا تعلوا علي واتوني مسلمين) فرد عليها الملأ بانهم اقوياء لا يهابون سليمان، لكنها تفوقت عليهم، فقد كانت تعلم ان لسليمان جيشا قويا، وان مملكتها لن تنجو من دمار، فآثرت السلم وليس الاستسلام، اذ ارسلت لسليمان هدية، وآمنت بالله، عن اقتناع لا خوفا منه، ولكنها لم تأمر باستقبال جنوده بالورود، وتسليم مملكتها له تسليما مهينا، كما فعلت ميس في النص.

وكان اولى بلجنة اجازة النصوص ان ترفض النص، لكن لأن الفرقة من تعز، فقد خشيت اللجنة ان يتم تفسير قرارها برفض النص تفسيرا سياسبا، وقد اخبرني مسؤولا كبيرا في وزارة الثقافة ان مشاركة فرق مسرحية من الشمال في المهرجان مسألة في غاية الاهمية كي لا يقال ان وزارة الثقافة اجازت واشرفت عاى مهرجان مسرحي انفصالب. وهذا ما تم فعلا، فلقد قبلت لجنة اجازة النصوص نص(ميس)من منطلق سياسي وليس وفقا لمعايير جودة النص، ومنها الا يكون نصا يشوه حقائق التاريخ والشخصيات التاريخية والا يدعو الى هدم قيم الوطنية، فهل من الوطنية ان نسلم اوطاننا للاعداء، واي اعداء، انهم في نص(ميس) اسرائيل والغرب واميركا. وواضح ان هذا النص يدعونا للتطبيع مع اسرائيل وليس للسلام، الذي ترفضه تل ابيب.

وعليه فإننا نقدر ان نتجنب غضب اسرائيل بأن نسلم لها اوطاننا، بالتطبيع، ويُقدم هذا النص الانهزامي في ظل تسارع بعض الدول العربية للتطبيع مع اسرائيل، وهو استسلام لا غبار عليه، وهو يعني تسليم الدول العربية لاسرائيل لتعبث بها وبشعوبها وتسيطر عليها لتقضي على الاسلام وعلى العروبة، واذا كان المؤلف يؤمن بالاستسلام لاسرائيل ولا يرى حلا غيره، فهذا من حقه، ولكن ليس من حقه ان يفرضه علينا في مهرجان مسرحي يقام بعدن، وقد تكون الدعوة اكبر، كتسليم مدننا الجنوبية لمليشيات الحوثي، وهذا تفسير ليس مستحيلا، فكان من الاولى ان يدعو هذا لجنة اجازة النصوص لرفص نص (ميس)،لا ان تسمح بتمرير مثل هذه الافكار في مهرجان يقام بعدن، ومن الواضح انها لم تقرأ النص قراءة متعمقة، او لم تقزأه نهائيا واجازته لان مؤلفه والفرقة التي ستقدمه من تعز، كي لايقال عنها انها لجنة غير وحدوية، ومخالفة لتوجهات الشرعية، ولا ننسَ ان اعضاء هذا اللجنة وكذا اعضاء لجنة اختيار الفائزين هم موظفون في وزارة الثقافة. مع معرفة واسعة في فن المسرح)( الايقاع تسارع ،الايقاع انخفض) مع مستوى ثقافي محدود. ان اللجان المشرفة على اي مهرجان للمسرح بعدن، تتعرض للانتقاد في كل مهرجان، ومع ذلك لا تتم مناقشة هذه المسالة بعد انتهاء المهرجان، وتتكون اللجان المشرفة على المهرجان مباشرة، مثل الاجازة والتقييم واختيار الفائزين من مخرجين ومؤلفين وممثلين، ليس لهم عروض مشاركة في المهرجان ذاته، فيتم اختيارهم في اللجان كتعويض لهم بالمكافآت المالية، حتى لو كانوا مرضى او يعانون من آثار تقدم العمر النفسية والمرضية.

وعليه ادعو الى ان تكون اللجان والمؤلفين والمخرجين والممثلين في اي مهرجان قادم كلها من الشباب، وكفاية الاخطاء الجسيمة التي ارتكبها ويرتكبها كهنة المسرح بعدن، في حق المسرح وفناني المسرح ومؤلفيه. في تحليله لمسرحية(ميس)، فطن الناقد المسرحي القدير عبدربه الهبثمي، الى سلبية وعدم منطقية ان توافق الملكة ميس على تسليم مملكتها للاعداء، لكنه اعتبر ذلك مجرد مثالية من المؤلف هائل المدابي، ولم يفطن، او انه تجاوز هذه المسألة عن عمد كي لا يفسد انبهاره بالابهار وجمال الديكور والملابس والفرقة التي يغني ويرقص ويمثل اعضاؤها، علما ان ذلك كله لا يصنع عرضا مسرحيا يستحق الفوز بجائزة، مالم يدعونا النص الى التمسك بالمثل العليا والثوابت الوطنية والتاريخية والقيم الانسانية العليا.كما انه لا يعطي الحق لعرض ميس ان يشارك في المنافسة، بسبب الدعم المادي الكبير الذي حصلت عليه الفرقة من بيت هائل انعم، يقال انه تسعة ملايين ريال، مقابل ميزانيات قليلة قدمت للفرق الاخرى، دفعت لها بالتقطير، مع تأخر تجهيز الديكور وتسليم الملابس والاكسسوارات، مما شغل المخرجين بالمتابعة، وضآلة مكافآت المؤلفين والمخرجين والممثلين، في حين ان الهيئة العربية للمسرح بالشارقة التي مولت المهرجان كانت سخية جدا في تمويلها للمهرجان، وهذه قضية تستحق المحاسبة والتحقيق، ولكن من يحاسب من؟ وفي عرض ميس قمران صناعيان يتجسسان على الجزيرة العربية، ويعترف الهيثمي بأنه لم يتمكن من قراءة العرض وهو الناقد المسرحي الحاذق بسبب ان العرض استعراضي غنائي شاعري مأسوي كوميدي، وكل ذلك تم لإلهاء الجمهور وناقد مثقف مثل الهيثمب عن خطورة ما في النص من افكار انهزامية وتطبيعية وتسيء لملكتنا التاريخية، وهي نموذج للحكمة والتعقل، بينما القمران الصناعيان فهما للدلالة على قوة العدو وتطوره العلمي، بما يعني اسرائيل والغرب وامريكا، يتجسسون على الجزيرة العربية والعرب المتخلفين في نظرهم او العرب البدو رعاة الغنم، بل وما يعنيه ذلك ان الجزيرة العربية هي منبع الاسلام ومهبط الوحي، ورغم ذلك يحاول المؤلف اقناعنا ان ميس ملكة عظيمة تخرس الالسن وتفقد الكلمات معانيها في حضورها، حسب تعبير الهيثمي، وهي تفتح ابواب مملكتها لاعدائها. ولاشك ان الابهار في العرض والرقص والغناء، هو الذي بهر لجنة التقييم فاختارت وفقا لذلك العرض المسرحي ميس كأفضل عرض مسرحي في المهرجان، مما يعني ان لجنة اجازة النصوص لم تقرأ النص ووافقت عليه كون الفرقة من تعز وبعد ذلك فعلت ذلك لجان التقييم واختيار الفائزيم . واذا كنت محقا بهذه القراءة، الا يدعوني ذلك للشك في جميع قرارات لجنة اختيار الفائزين، واتهامها بالمحاباة، وان قراراتها لم تكن قرارات علمية وفقا لمعايير فنية سليمة.