آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-03:40م

أدب وثقافة


قصة قصيرة .. كوكب الشرق

الخميس - 13 ديسمبر 2018 - 01:46 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة .. كوكب الشرق

كتب / مختار مقطري

استيقظت من النوم في

ساعة مبكرة، لم تتجاوز السابعة صباحا، كان صوت ام كلثوم يأتيني من (الحافة) (1)، وهي تشدو:

وعايزنا نرجع زي زمان

قول للزمان ارجع يازمان

وبالرغم من أنني من عشاقها، إلا أن هذه الأغنية لا يصلح سماعها في الصباح، لكن ما جعلني أشعر بالقلق، صياح مضطرب وخائف، للمارة ولبعض الجيران، حاولت أن اعود للنوم، فأنا في اجازة، لكن الصياح المضطرب زاد، واختلط الصياح بالصياح بعبارات خائفة غير مفهومة.

تركت السرير، لأنظر من النافذة، الى (الحافة)، واعرف ما الذي يحدث، لكني لم استطع المشي، ليس لشللٍ أصاب ساقيّ، ولكن لعجزي عن ان أمشي الى الأمام، وكأن جدارا أمامي، ثم تأكد لي أني قادر على المشي الى الوراء، فمشيت، لكن بمشقة، وقد بدأت اشعر بالقلق، بل بالخوف، على أمل أن يفسر لي ما يحدث في (الحافة) ما أصابني.

فتحت النافذة، وتساءلت.. كيف كان صوت ام كلثوم والصياح المضطرب يدخل غرفتي والنافذة مغلقة.

نظرت الى(الحافة)، فإذا كل من فيها من الناس، يمشون الى الوراء، منهكين، وهم في حالة اضطرابٍ وخوفٍ شديد، هل زلزلت الارض زلزالها فغيرت اتجاهاتها؟  ما الذي يشدهم الى الوراء ويمنعهم من التقدم الى الأمام؟

 وبرغم اشتغالي بالصحافة، واهتمامي بالأدب والتأريخ، الا أنني تجاهلت ان اصور ما يحدث لأكتب عنه فيما بعد، شهادةً تاريخيةً عن حدث غريبٍ ومخيف.

كان الناس خائفين، يمشون للوراء، وصوت ام كلثوم كان مستمرا في شدوه الجميل:

وعايزنا نرجع زي زمان...

لكني لم استطع تحديد مصدره، الحاج عثمان صاحب بقالة (الأبرار) كان يصيح قائلا:

- قامت القيامة، فاستغفروا الله.

وقعت امرأة في حضن رجل، لأنها كانت اسرع منه في مشيها للوراء، وسقط عجوز داخل بالوعة مفتوحة، وطفل أعجبه ما يحدث،

فراح يدفع ما يخيل له انه سد سد منيع امامه، لينتصر عليه.

صاح صاحب معرض العبايات النسائية:

- سنعود للزمن الماضي الجميل.

فجاوبه مراد الحلاق:

- نعم.. معظم الرجال لا يحلقون ذقونهم هذه الأيام.

كان حسن (الدوبي) (2) يغسل ثيابا تبدو نظيفة وجديدة، لكني ضحكت، حين سمعت بائع المساويك يقول:

- ستعود زوجتي العجوز صبية كما كانت يوم تزوجتها، وستحتاج للمسواك.

وقال الشيخ منصور، صاحب مكتبة (الفاروق) لبيع الكتب الاسلامية، بصوت فيه تحدٍّ وثقة:

- تمنوا ان نعود لزمن الصحابة، رضوان الله عليهم اجمعين.

وكأن توفيق صاحب كشك (الأخلاق الحميدة)، لبيع الصحف والسجائر وكثير من المهربات، كان يرد عليه وهو يقول:

- تمنوا الستر، قبل ان ننتهي الى لا شيء، وبئس المآب.

اعجبني ما أرى وما اسمع، فقررت ان انزل (للحافة)، لأشارك الناس خوفهم ومعاناتهم وآمالهم وآلامهم، كانت ام كلثوم تترنم قائلة:

تعتب عليّ ليه

انا بإيديا إيه

فات المعاد

حاولت ان ادفع الجدار الذي تخيلته امامي، لأتكمن من ان امشي الى الأمام، لكني فشلت، شعرت بالتعب واليأس، وتوقف صوت ام كلثوم، ثم سمعت صوتا يقول:

 

- ماتت ام كلثوم.

---------------------

 

1) الحافة: الحارة باللهجة العامية.

(2) الدوبي: المكوجي باللهجة العامية.

-----------------------

 

 

عدن/ نوفمبر 2018

١٣‏/١٢‏/٢٠١٨ ٢:٣٢ ص - مختارمقطري: (نص غنائي)

 

جلسة الغائب

-----------------

 

كلمات الشاعر الغنائي الكبير صالح الظفاري

.........................

 

مالنا من جلسة الغائب نصيب

غير عطره لي مع الريح استذاب

 

كل شئ من حولنا أصبح غريب

من بعد ما لوح لنا بكف الغياب

 

غاب لكن ظل روحه لن يغيب

كرهت يوم الصد وجفاء الاغتراب

 

لي عيون اتعودت شوفه قريب

من السهن اتعطفت طول الرقاب

 

بالمكان اللي جلس لازال طيب

كل ما ثأره الهوى الجرح طاب

 

طاب لكنه عيا فيه الطبيب

والدواء ساعة لقاء تحمل عتاب