آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


نظام البديل في مدارس أبين .. بين مطرقة الحاجة .. وسندان الظلم..

الثلاثاء - 04 ديسمبر 2018 - 09:24 م بتوقيت عدن

نظام البديل في مدارس أبين .. بين مطرقة الحاجة .. وسندان الظلم..

العين(عدن الغد) خاص

- البديل: هل سيصبح معلم أساسي في ظل تهرب المعلم الرسمي..

- إدارات مكاتب التربية هل تستطيع فرض هيبتها بإنهاء ظاهرة البديل..

- البديل يمتلك قدرة وكفاء أفضل بكثير من بعض المعلمين الرسميين،فهل يشفع له ذلك..؟

 

تقرير – فهد البرشاء
منذ العام 2011م ومدارس محافظة أبين تعيش حالة من الركود بعد أن مُنيت بدفعات متتالية من معلمي الدفع (المسبق) دون أن يكون لديهم مؤهلات ما أدى إلى تدني ملحوظ في مستويات الطلاب وأداء المدارس بعد أن كانت مدارس محافظة أبين تشهد تحسناً محلوظ في العملية التعليمية رغم ماشابها من الشوائب والظواهر الدخيلة إلا أنها حافظت على شيء من (ماء) الوجه..
إلا أنه وبعد أن فتحت الدولة (مصراعيها) للنطيحة والمتردية للإلتحاق بسلك التربية والتعليم بات وضع مدارس محافظة أبين إن لم يكن الجنوب بشكل عام في وضع يرثى له ويندى له الجبين, وأضحت من السيء للاسواء دون أن يحاول أحد إنتشالها من هذا الواقع المزري الذي ذهب ضحيته فلذات الأكباد الذين لايجيد معظمهم كتابة (اسمه) أو قرأت أبسط الكلمات وأيسرها..
ومما زاد الطين ( بله ) أن جميع من التحقوا بسلك التربية والتعليم بنظام الدفع (المسبق) أو بنظام الوساطات والوجاهات في جميع المدارس لايحملون إلا مؤهل ثانوية (عميا) ما أضطر معظمهم للإستعان (بالبديل) مقابل (فتات) لايسمن ولايغني من جوع, وليس هم وحسب بل أن غالبية المعلمين (الرسميين) أيضاً تعاملوا بذات النظام وتركوا المدارس لأنشغالهم بأعمال أخرى تدر عليهم (ذهابا) وتركوا مهنة التعليم, ليكابد البديل ذلك العناء والجهد مقابل (الفتات)..
وهذا ما جعل من البديل في مدارس أبين بين مطرقة الحاجة له ليغطي الشاغر في المدارس وبين سندان الظلم الذي طاله من خلال إعطاءه مبلغ زهيد لايرتقي لعمله وجهده في الحقل التعليمي, ناهيك عن تدني مستوى بعض (البدلاء) وعدم تمكنهم من أداء رسالة التعليم بشكل أرقى وأسمى..
- مسكن موضعي
يُجمع بعض التربويين أن نظام البديل ماهو إلا حل (ترقيعي) لن يصل للغاية والهدف, وهو بمثابة (مسكًن) يُحقن به الطلاب ولكن النتيجة في النهاية تكون كارثية, وبالمقابل يدركون تماماً أن إدارات التربية في عموم مديريات محافظة أبين لن تستطيع أن تفرض (هيبتها) وسلطتها وتلزم المعلم الرسمي على الإلتزام والحضور, إما لإنشغاله بعمل آخر أو لغرض في (نفوسهم) لا يعلمه إلا من دخل هذا الحقل الذي يعتبره البعض (مشبوها)..


- المعلم البديل بمثابة حمار شغل
يقول الأستاذ / عارف وهو معلم بديل بأحد مدارس مديرية لودر أن المعلم البديل يعمل بوتيرة عالية وجهد منقطع النظير ليغطي العجز الحاصل في الكثير من المدارس بعد أن ترك معظم المعلمين (الرسميين) التدريس في المدارس وأشتغلوا بأعمال أخرى يكسبون من خلفها رواتب مغرية جداً..
ويضيف : ولعل ما جعل الإدارات المدرسية تلجا لهذا الحل الذي لايصح قانوناً هو عدم مقدرة إدارات مكاتب التربية إلزام المعلم الرسمي بالحضور ومزاولة عمله وهذا ما أضطر معظم الإدارات المدرسية للتعامل مع البديل كمعلم أساسي يقوم بالعمل والتدريس..
وأردف بالقول: ولكن الملاحظ في معظم المدارس أن البديل بالنسبة لهم بمثابة (حمار شغل) حيث يتم تحميله ما لايطيق ويعمل فوق إمكانيته وطاقته وقدرته مقابل فتات لايسمن ولايغني من جوع, ولعل مايجبر المعلم البديل على القبول بهذا الفتات هو الوضع المعيشي والإقتصادي الذي تعيشه البلد منذ سنوات ويعاني منه الغالبية العظمى من أبناء الوطن..

المعلم البديل يساعد على الفساد
من جانبه يقول الأكاديمي بجامعة أبين الأستاذ/فهمي الصلاحي أن وجود المعلم البديل غير شرعي ويرتكب حرام وأثم أمام الله لانه بوجوده أتاح للمعلم الرسمي للمادة الحجة الكافية غير يزاول مهنة أخرى مع الحفاظ على مبالغ المعاشات التأمينية له دون أدنى جهد يذكر, بل وحافظ على وظيفته من خلال المعلم البديل..
ويضيف: ثم أن المعلم البديل هو من قبل على نفسه بهذا المبلغ الفتات, ليس هذا وحسب بل ليس له أي حقوق قانونية لدى الوزارة ولايحمل عقد مع المؤسسة التعليمية لضمان حقه..
ويردف: لاتحاول إقناعي أن الحاجة والعوز هي من أجبرت البديل على قبول العمل بهذا الفتات, فهو يساعد على الفساد من حيث لايشعر بقبوله التغطية مكان معلم لايخاف الله وترك الرسالة السامية والهامة وهي التعليم..

- البديل .. لايمتلك الصفة القانونية
يقول رئيس قسم التدريب والتأهيل بمكتب التربية بمديرية لودر الأستاذ/ عبدالله مبرم من المؤسف أن ينادي المثقفون والإعلاميون والتربويون أو بعضاً منهم إلى تشريع البديل في مدارسنا , ويدعون إلى أن يكون له صفة قانونية, ولاندري إلى ماذا يستندون في ذلك..
ويضيف : المعلم الأساسي هو الذي تعاقد مع الدولة بعقد قانوني وشرعي ويعتبر محاسباً أمام الله أولاً ثم أمام الجهة التي تعاقد معها إذا أخل بأي من شروط هذا العقد, إذن فماهي الصفة التي يحملها (البديل) بعيداً عن كونه مظلوم أو غير ذلك, وبعيداً عن تعاطفنا معه..
ويردف بالقول: إن وجود فئتين في المدرسة فئة تحمل أسم موظف رسمي وفئة أخرى تحمل أسم البديل يمثل أكبر ظاهرة من مظاهر الغش والخداع للطلاب والمجتمع كله, حتى وأن فُرضت علينا هذه الظاهرة وأصبحت أمراً واقعاً كما يقول البعض, فهذا لايعني أننا نسير في الطريق الصحيح, فهي ظاهرة من ظواهر الفساد المستشري في مجتمعنا, ولا ينبغي أن نبحث عن مخارج وحلول ترسخ هذه الظاهرة وتشرعنها مع علمنا أنها مخالفة شرعية وقانونية..

 

- البديل ظاهرة عامة ويعاني إجحاف

أما الأستاذ/ سعيد محمد الصالحي مدير مكتب التربية بمديرية مودية فقد الحديث بالقول : ظاهرة عامة عانت وتعاني منها معظم مرافق ومكاتب الدولة ولعلها اشد اخطراً وتأثيراً في مرفق التربية والتعليم وذلك كون التربية تتم فيها جميع الصناعات المهنية والفنية فهي مهنة صناعة المهن فاصبح البديل من اكبر واعظم التحديات والصعوبات والعوائق اللتي تواجهنا في مجال التربية مما انعكس سلباً على الاداء التعليمي والتربوي بمدارسنا ومن اكبر السلبيات للبديل
ويستطرد قائلاً: ان البديل في الغالب غير مؤهل تاهيل تربوياً ولم يتحصل على الدورات التاهلية ولايسمح له في الغالب حضور تلك الدورات
ويؤكد أن المبلغ الذي يتقاضاه البديل زهيد جداً فيقول: أن المبالغ المالية اللتي يحصلون عليها ضعيفة وبالتالي يسعى للحصول على اعمال اخرى لتغطية العجز المادي مما ينعكس سلباً على ادائة التربوي اللذي يتطلب وضع مادي ونفسي ومعنوي جيد جدا وهو معدوم هنا


ومن الايجابيات - ومهما بلغت ايجابياته تظل سالبة هي :
- الحصول على بعض التخصصات المطلوبة
- بعض البدلاء يحملون مؤهل تربوياً اعلى ممن يعمل بديلاً له
ولكن وان كان ذلك ايجابياً الا ان فيه من الاجحاف والظلم للبديل مافيه وباستطاعة جهات الاختصاص توظيفهم بدل ان يتركوا لاستغلال

ومن وجهة نظري الشخصية فان الحلول تكمن في :
- ان تقف وزارة التربية والتعليم موقفاً جاداًمن هذه الظاهرة ومحاربتهاوالغائها والعمل على تحسين الاداءالتعليمي والتربوي
مادياً ونفسياً ومعنوياً وتاهلياً
- اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه من لم يعود للتدريس بايقاف راتبه او فصله عن العمل او استبداله وبالمرتب كاملاً
- ونظراً لما تعانية العملية التعليمية من هذه الظاهرة يتحتم على كلاً من مدراء العموم ومدراء المكاتب التعاون والتنسيق مع الوزارة للحد من هذه الظاهرة الغير مرغوب فيها وذلك بالرفع بمن يتخلفون او يتغيبون عن عملهم بصورة مستمرة
والدفع نحو اعادة المعلمين الى عملهم وتاهيلهم ليواكبوا ما تم اخذه من التاهيل وهم بعيداً عن الحقل التربوي

في الاخير نتمنى الا تظل هذه الظاهر تقض مضاجعنا وتؤرق اعيننا
آملين القضاء عليها في اسرع وقت ممكن..

-خلو ضمير المعلم من الإحساس بالمسئولية

من جانبها شاركتنا الحديث الأستاذة الاستاذة / ايمان مسلم - مدير ادارة الطفولة المبكرة ورائدة مجتمعية، عن ظاهرة البديل في مدارس محافظة ابين فكان حديثها: ظاهرة المعلم البديل ظاهرة مدمرة بحد داتها ولها اثر كبير بهدم العملية التعليمية وقص جذورها وانتشارها في المحافظة وخاصة اغلب المديريات بالمحافظة
لقد انتشرت ظاهرة البديل بشكل مزري جدا وسببها يعود الى تفشي الفساد والرشوة وخلو ضمير المعلم من الاحساس بالمسؤلية وقتل معنى الانسانية والمهنة السامية للمعلم المثالي والقدوة وهذه الظاهرة اثرها كبير ومباشر على التعليم والعملية التربوية وعلى أبناءنا في المستقبل..

وتضيف :بدلا من ان ننشئ جيل مثقف وواعي يقدر ويقدس مهنة التعليم ويقتدي بمعلمية، لان تفشي هذه الظاهرة سينشئ جيل فاشل ومحبط يفكر كيف يجد بديل قبل ان يتخرج ..

وتستطرد بالقول ظاهرة البديل مثلها مثل ظاهرة الغش فهي مرض مزمن لابد من استئصاله والتخلص منه بشكل جذري وإعادة مهنة التعليم الى اصلها ومعناها السامي والمقدس..
وتقول : يعتقد الكل ان من يبحث عن بديل امر عادي وسهل كونه مغترب او مشغول بمهنة اخرى او يدرس بمدرسة خاصة وهذا ليس عذرا ولا سببا كافيا للبحث عن بديل فأن كنت يامعلم غير قادر على إعطاء المهنة حقها فاتركها لمن يقدر قيمتها ويستحقها..
وتختتم حديثها بالقول:لابد من إنهاء ظاهرة البديل وتوظيف من هم احق بمهنة التعليم باستبدالهم بمن يبحثون عن البديل لتعطيل العملية التعليمية وإعطاء مرتباتهم كاملة حتى يكون عبرة لمن لايعتبر ، وعلينا أن التعليم مهنة سامية لاتقاضى بثمن ولاتقدر بقيمة..


- البديل ..يمتلك قدرة ومستوى أفضل من بعض المعلمين..


يقول الأستاذ/ صالح حسين مبروك مدير أحد مدارس مديرية لودر أن البديل ظاهرة عامة تفشت بشكل كبير في مدارس محافظة أبين وذلك يعود لغياب المعلم الرسمي عن المدارس وتهربه من اداء عملة ورسالته المنوطة به..

وأضاف : والملاحظ أن هذه الظاهرة منتشرة وبكثرة حتى في عواصم المدن ولم يستطع أحد القضاء عليها نظراً لغياب هيبة القانون في البلد، مما ساعد على تفشي هذه الظاهرة، ومع ذلك فإننا نلاحظ أن بعض البدلاء يمتلكون كفاءة وقدرة ومستوى يضاهي أو قد يفوق المعلم الرسمي..

وأردف : طالما وأت هذه الظاهرة لماذا لايتم تقنينها ومنحها الصفة القانونية كي ينال البديل حقه الكامل بدل الفتات الذي يتقاضاه،ويُرفع راتب البديل كأقل حق يمكن منحه أياه ..