آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:25م

ملفات وتحقيقات


توفر لقمة عيش للبسطاء وتدرّ (الملايين) على الشركات أطفال وشيوخ يبحثون عن مصدر رزقهم في مكب النفايات

الثلاثاء - 20 نوفمبر 2018 - 11:16 ص بتوقيت عدن

توفر لقمة عيش للبسطاء وتدرّ (الملايين) على الشركات أطفال وشيوخ يبحثون عن مصدر رزقهم في مكب النفايات

عدن(عدن الغد)خاص:

تقرير / الخضر عبدالله :

 

الكفاح من أجل لقمة العيش، ربما هو الوصف الأنسب لأولئك الذين يجمعون خردة الحديد والألمنيوم والعلب المستهلكة وما شابهها، وخصوصاً بعد انهيار الأسعار في سوق الخردة بنحو 50 في المئة نتيجة انعكاس تأثيرات الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي والمخلوع صالح.

ويكافح « سمير صالح » الذي يقوم بجمع الخردة من شارع إلى شارع ومن حافة إلى أخرى؛ ليعتاش منها وأسرته، فتصل قيمتها في المعدل اليومي، في نهاية كل نهار بنحو500 ريال تقريباً، وهو ما لا يكفي لوجبةٍ واحدة له فكيف يعمل ليعيل أسرته..؟

وفي الجهة المقابلة، فإن المحلات التي تشتري الخردة من سمير تجني الملايين من الدولارات بتصدير هذه الخردة  إلى الخارج، بمختلف أشكالها، حيث توفر شركات الخردة، طلبات ضخمة لشركات خارجية وتعقد معها صفقات كبيرة..

صعوبة جمع الخردة :

إلى ذلك، يقول "جميل عبده" البالغ من العمر 46 سنة إن جمع الخردة يزداد صعوبة، فليس من السهل أن تجمع بشكل يومي كميات من الخردة تغطي المصاريف والتكاليف.

وأوضح أنه عندما يجمع في اليوم 25 كيلو من الحديد أو قينات "قوارير" الماء أو علب المشروبات الغازية، فإنه سيبيعها، ليسد رمق جوع أطفاله، إلى جانب مصاريفه هو..

وأكد أن الفرد حتى يتمكن من تغطية مصاريفه يحتاج إلى جمع كميات كبيرة من خردة الحديد لا تقل عن 150 كيلو في اليوم الواحد، وهذه الكمية لا يمكن لأي شخص أن يحصل عليها بشكل مستمر يومياً وطوال السنة.

ويضيف: «يوم تجمع 5 كيلو، وفي بعض الأيام وهي قليلة، ربما تحصل على 200 كيلو».

خردة بأسعار مرتفعة :

وعن الخردة ذات الأسعار الأعلى مثل النحاس والألمنيوم، قال: «هذه الخردة لا تلقى في مكب النفايات مثل ما يلقى الحديد، وعبوات المياه وعلب المشروبات الغازية في إشارة إلى أن العديد من الناس بدأوا يلتفتون إلى جمع الخردة كدخل ثانوي، مؤكداً أن جمع الخردة لم يعد عملاً رئيسياً، ربما هو رئيسي للمحلات التي تشتريها، والشركات وتتربح من ورائها أموالاً طائلة..

إيجار المحل من الخردة

وهذا ما يؤكده أحد بائعي المواد الغذائية للأطفال (علب ماء ، عصير، مشروبات غازية...)، إذ يقول: «أنا أبيع على الأطفال، بعضهم يشرب علبة بيبسي، وعندما ينتهي منها أضعها في (كيس)، وخلال أسبوع أو أسبوعين، يمتلئ الكيس، فأبيعه بقيمة تساعدني على إيجار المحل».

وأضاف «جمع علب البيبسي وقينات الماء ليس عملياً، ولكن هذه العلب تُلقى داخل دكاني، وبالتالي من الطبيعي أن أستفيد منها، إذا كنت سأجني من ورائها بعض المال، بدون تعب».

ازدياد الصعوبات

وتزداد صعوبة العاملين في جمع الخردة مع انهيار الأسعار، فقد أكد أصحاب المحلات الخردة المنتشرة في مدينة عدن، أن أسعار الخردة انهارت، إذ هبط سعر كيلو الحديد من 100 ريال إلى 60 ريال.

وارجعوا انهيار سوق الخردة إلى انعكاس تأثيرات هبوط أسعار الذهب في الأسواق العالمية وكذا الحرب الشرسة التي خاضتها مدن الجنوب ..

ويقول عامل في أحد المحلات التي تشتري الخردة: الكل يجني بحسب ما يجمعه من خردة»، في إشارة إلى أن سوق الخردة تعتمد على ما يسمى «اقتصاديات الحجم الكبير»، فالشخص عندما يكون بين يديه أقل من كيلو حديد يحصل على شيء من المال لا يسد به حاجته، ولذلك قد تجده يرميه في القمامة؛ وربما لأن قيمة هذا المبلغ قد يكون غير مهم أو مجدٍ بالنسبة له.

ويواصل حديثه :" لكن الشخص الذي يكون بين يديه كيلو فما أعلى، فإن سعره قد يمكنه من توفير بعض حاجياته وأسرته، لأن المبلغ قد يكون لابأس به، وهو ما قد يدفع الشخص لبيعه بدلاً من رميه، إذا كان يهمه الأمر بالطبع.

الخردة والكفاح

وبحسب قول العامل، فإن هناك من يجمع الخردة في كفاح لتوفير لقمة العيش، وهناك من يجمع الخردة كمدخول إضافي أو ثانوي. ويشير إلى أن الفرد -أياً كان- الذي يقوم بجمع الخردة، عادة يكون مدخوله قليلاً، لأنه يجمع القليل، ولا يُقاس الحديث هنا على ضربات الحظ النادرة..

ويستمر بالحديث عن فئةٍ أخرى من الأفراد الذين يبيعون ما يجمعونه على المحلات، فيتم تجميع الخردة لدى أصحاب المحلات بكميات أكبر، وأصحاب المحلات يبيعونها على الشركات فتتجمع بكميات مضاعفة لدى الشركات التي تصدر هذه الخردة إلى الأسواق الخارجية، وتُجني من ورائها الملايين..

أطفال قوتهم من القمامة

وفي مشهد يبعث بالأسى، يبحث أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ7 سنوات، أجبرهم الفقر والعوز، على البحث عن قوت يومهم في مقالب القمامة بمدينة عدن.

وتجد العشرات من الأطفال يوميًا يبحثون في أكوام القمامة، عن زجاجات المياه المعدنية وعبوات المياه الغازية الفارغة، وقطع البلاستيك لبيعها لتجار الخردة بأسعار زهيدة للحصول على رزقهم منها والإنفاق على أسرهم.

ويحدثنا أحد الأطفال، في أن هناك المئات من الرجال وأولادهم، يعملون في جمع الخردة من أكوام القمامة لبيعها والاسترزاق منها، وليس لهم أي مصدر دخل سوى هذا العمل الشاق.

وأضاف أن الأطفال يقومون بتجميع المخلفات البلاستيكية والمعدنية في أجولة كبيرة، وحملها على ظهورهم لمسافات طويلة، ومن بين هؤلاء مئات الأطفال الذين تركوا مدارسهم سواء برغبتهم أو رغما عنهم لامتهان هذه المهنة، وكذلك لم تستثني هذه الظاهرة النساء أيضاً.