آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-08:00م

ملفات وتحقيقات


وسط غضب يمني.. مراوغات أممية ودول كبرى تنقذ الحوثي في الحديدة

السبت - 17 نوفمبر 2018 - 11:07 م بتوقيت عدن

وسط غضب يمني.. مراوغات أممية ودول كبرى تنقذ الحوثي في الحديدة

القسم السياسي بصحيفة

تقرير/ محمد فهد الجنيدي

 

أنقذت الأمم المتحدة وبريطانيا جماعة الحوثيين في آخر اللحظات بساحل اليمن الغربي، حيث تخوض القوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي مواجهات عنيفة مع الجماعة المدعومة من طهران منذُ عدة أيام احرزت خلالها تقدماً كبيراً في مدينة الحديدة، وباتت قرب ميناء المدينة.

الضغوطات الأممية والبريطانية المتواصلة على التحالف العربي أفضت إلى وقف القتال في المدينة الساحلية يوم الأربعاء الماضي، بحسب وكالات أنباء دولية، وذلك بهدف عرقلة تقدم القوات نحو الميناء.

 

- تدخل علني

كانت زيارة وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الإثنين الماضي الى الرياض وابوظبي ولقاءه مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد ابوظبي محمد بن زايد، بمثابة انقاذ لجماعة الحوثيين بعدما احست المملكة المتحدة بضغوطات كبيرة وهزيمة للجماعة كادت أن تحقق لولا التدخل الأممي البريطاني.

وقالت الخارجية البريطانية إن الحل للأزمة في اليمن بات على مرمى النظر، لكن لا شيء اوحى بذلك على أرض الواقع فالجماعة لا تؤمن إلا بلغة السلاح والكسر العسكري.

وطالما تدخلت بريطانيا لحل الأزمة اليمنية لكن تدخلها هذا يقتصر على اعطاء الحوثيين عمرا افتراضيا آخر.

وكشفت معارك الحديدة عن تدخل علني بريطاني هو الأول من نوعه لإيقاف القتال منذُ اندلاع الحرب في البلاد.

 

- إنسانية كاذبة

على الرغم من ادعاءات الأمم المتحدة وبريطانيا إيقاف التصعيد العسكري، وربطه بالوضع الإنساني إلا أنهما باتا يتاجرا بمعاناة اليمنيين تحت مسمى الإنسانية، وذلك بإعطاء جماعة الحوثيين فرصة سانحة لممارسة المزيد من الجرائم ضد الإنسانية.

كان الوزير البريطاني هانت قال عشية زيارته الى ابوظبي والرياض إن “الخسائر البشرية للحرب في اليمن لا تُحصى، بين ملايين النازحين ومجاعة وانتشار أمراض وحمام دم مستمر منذ سنوات”، مؤكدا أن “الحل الوحيد الآن هو قرار سياسي بوضع السلاح جانبا واتباع السلام”.

ويبدو التدخل البريطاني من أجل حل سياسي للأزمة اليمنية كحقنة مخدرة لا تدوم طويلا، لكنها تعطي جماعة الحوثيين وقتاً كافياً للنهوض من جديد، كما أن المملكة المتحدة أكبر متاجر بالأسلحة حول العالم.

 

- تفخيخ للمستقبل

قال السياسي الجنوبي واعد باذيب ان الأزمة الإنسانية هي نتاج طبيعي للحرب الضروس، موضحا ان السلام الشامل بمعالجة أسباب الحرب هو ترياق السلام الوحيد، اما السلام وهدنة السلاح لن توقف الحرب بل ستزيدها تعقيدا وتأجيلاً في أحسن الظروف وتفخيخ للمستقبل.

وأضاف باذيب بالقول: "مجددا سلام سيغفل أسباب الحرب ولا يحمل معه السيادة قاصر وبلا امد، سلام لا يعالج قضايا الحرب وفي مقدمته الحل العادل لقضية الجنوب ليس سلام بل حروب مؤجلة".

وتابع: "على الأقل سلام يضاهي التضحيات الذي قدمت قرابين ويحمل معه أحلامنا وأطفالنا بمستقبل وتعايش".

 

- ترسيخ للانقلاب

وانتقد الكاتب والسياسي علي البخيتي، الضغوطات التي تمارسها بعض القوى الغربية، لوقف الحرب على الحوثيين في اليمن.

وقال البخيتي"، إنه كلما ضاق الخناق على الحوثيين، وتداعت سلطتهم، وسقطت مناطق مهمة من أيديهم وأوشك انقلابهم على السقوط، تداعى البعض لمناصرتهم بشكل أو بآخر وبدواعي إنسانية.

وتمنّى البخيتي لو أنه رأى كل هذا الحراك من بعض القوى الغربية عندما اقتحم الحوثيون صنعاء، وأسقطوا النظام والدولة، ونشروا الحرب في كل مكان.

وتساءل البخيتي، أيهما بدأ قبل الآخر، انقلاب الحوثيين أم الحرب؟، مضيفاً: "من أراد الخير لليمن عليه السعي لإنهاء الانقلاب أولاً"، مبيناً أن القفز لمعالجة النتائج قبل إنهاء السبب خطأ فادح ودعم وترسيخ للانقلاب".

 

- ترتيب أوضاع

واستطرد البخيتي قائلاً: "نحن مع ترشيد الحرب والضغط على كل الأطراف لتجنيب المدن والمدنيين والمنشآت والاقتصاد ويلات الحرب"، مؤكداً أنه لا أحد يريد استمرار الحرب، وأن وقفها قبل إسقاط انقلاب الحوثيين يعني إتاحة المجال أمامهم لترتيب أوضاعهم، وترسيخ انقلابهم وتجنيد المزيد من المقاتلين.

وأشار إلى أن ذلك "يرفع من كلفة تحرير اليمن من سلطة هذه الجماعة المتخلفة"؛ مشدداً أن على سفراء دول مجلس الأمن إدراك أن مساعيهم جريمة بحق اليمن واليمنيين.

وقال البخيتي: "على الأمم المتحدة ومبعوثها السيد غريفيث وسفراء دول مجلس الأمن إدراك أن مساعيهم لوقف إطلاق النار قبل إنهاء الانقلاب جريمة بحق الشعب اليمني؛ نقدر نواياهم الطيبة؛ لكن نحن من ندفع ثمن بقاء سلطة الحوثيين"، مطالباً إياهم بالضغط لإنهاء الانقلاب والعودة لما قبله؛ وستنتهي الحرب من تلقاء نفسها.

ولفت إلى أن توقف العمليات الهجومية في الحديدة، مؤقت لإتاحة فرصة للمنظمات الإنسانية لإجلاء كوادرها ونقل بعض الجرحى، وكذلك لفتح ممرات لمن يرغبون في النزوح، مبيناً أن العمليات ستُستأنف قريباً، ولن تنتهي إلا بتحرير الحديدة وكامل الشريط الساحلي، وكذا بإسقاط سلطتهم، لأنهم هم من فرض خيار الحرب على اليمنيين.

 

- نفي حوثي للسلام

وبدت مؤشرات السلام التي تدعيها بريطانيا والأمم المتحدة أشبه بالوهم على الشعب اليمني والتحالف العربي.

وعلى غير المتوقع، نفى عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي، علمهم بوقف إطلاق النار في الحديدة من جهة التحالف قائلا: إن الحجج متعارضة، مرة بدعوى الألغام، ومرة بدعوى وجود اتفاق، ومرة بدعاوي إنسانية، مؤكدا ان ذبك بمثابة إعلان للهزيمة بصورة تحفظ ماء الوجه، خصوصا وأنهم سبق وأدعوا دخلوها وأنهم يخوضون حرب شوارع (على حد قوله).

وجدد البخيتي الدعوة للقوات المشتركة باعتزال المعركة واعدا بتوفير طريق آمن لعودتهم إلى بيوتهم معززين مكرمين وبأسلحتهم الشخصية سواء كانوا من المحافظات الشمالية أو الجنوبية وأن عليهم أن يستفيدوا من العفو العام الذي أعلن عنه المتحدث باسم جيشهم.

 

- مضي في استعادة البلاد

من جانبه، دعا السياسي اليمني فهد طالب الشرفي العالم إلى ادراك ان الشعب اليمني كله يرفض محاولة إنقاذ مليشيا الحوثية.

وقال الشرفي: "على العالم ان يدرك ان الشعب اليمني كله يرفض محاولة إنقاذ مليشيا الحوثية؛ وان الضغوط لن تجدي ؛ فأبطال اليمن ماضون لاستعادة مناطقهم وحريتهم وكرامتهم تحت اي راية".

واوضح الشرفي، ان من مصلحة المجتمع الدولي وجود التحالف والشرعية كقائد ومشرف.

 

- تهدئة بلا ضغوطات

إلى ذلك ربط متحدث الحوثيين محمد عبدالسلام تهدئة التحالف في الحديدة بعدم وجود ضغوطات وإنما لطبيعة المعركة على الأرض.

وقال عبدالسلام، انه وفي كل جولة من جولات التحالف على اليمن التصعيد يبدأ ويخف أو يتلاشى أغلبها بدون إعلان تهدئة وإنما نظراً لطبيعة المعركة على الأرض ويحاول التحالف تقديم الموضوع أنه بناء على ضغوط دولية أو إنسانية وهذا افتراء فالحقيقة هو الاستعداد لجولة جديدة يحتاج التجهيز لها وقت إضافي كالعادة.

واوضح انهم ‏لا يلمسون تواصلاً سياسياً جاداً عن حلول سياسية حقيقية أو تهدئة فعلية وإنما كلام في الاعلام واتفاقات بين دول ما وصفها "بالعدوان" نفسها أو ما يسمى بالرباعية والتي هي السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا وهي الجهات ذاتها التي تشن الحرب بشكل مباشر وبارز خاصة في معركة الساحل الغربي باعترافهم هم (على حد قوله).

 

- الحوثي: هذه شروطنا للسلام

‏وأكد متحدث الحوثيين ان الحل السياسي في اليمن هو الخيار الصحيح وكان اليمنيون على وشك تنفيذه بشهادة جمال بن عمر.

ولفت إلى أنه لو هناك جدية حقيقية لدعم الحوار السياسي لتوقف الحرب لتم فك الحصار والبدء الفوري في حل سياسي شامل منصف وعادل لا يستثني احدا او يستهدف أي مكون يحافظ على وحدة وسلامة وسيادة اليمن وهويتها الوطنية.

 

- غضب يمني

وتوالت ردود الأفعال الغاضبة بين اليمنيين على خلفية توقف القتال في مدينة الحديدة، خصوصا وانهم كانوا يترقبون إعلان تحرير المدينة الساحلية بشغف.

ويرى اليمنيون أن جماعة الحوثيين لن تدخل في مفاوضات سلام جادة تنهي الصراع، من خلال تعنت الجماعة للعام الرابع على التوالي، مالم يتم كسر شوكة الجماعة عسكريا.

 

- ياسين نعمان: التراجع عن استعادة الحديدة قرار خاطئ

ويؤكد السياسي البارز والسفير اليمني في المملكة المتحدة البريطانية الدكتور ياسين سعيد نعمان أن أي تراجع عن استعادة الحديدة هو قرار خاطئ بكل المقاييس ولن يسهم في تحقيق السلام وإنما في استمرار الحرب ومواصلة التدمير والمعاناة الانسانية.

وقال السفير الدكتور ياسين سعيد نعمان في منشور له على فيسبوك أمس إن كل دعوة تهدئة تصدر عن المجتمع الدولي ويستجيب لها التحالف والشرعية يسجلها الحوثيون انتصاراً لأنها غالباً ما تكون عامل إنقاذ لهم.

وأضاف بالقول: "لا يقوم الحوثيون ببلع ألسنتهم كما يفعل أولئك الذين يتمتعون بقدر من الحياء حينما يواجهون نفس الموقف ، بل يرفرفون بطيش الطائر المبلول ، وينثرون ما علق به من قاذورات في كل اتجاه . لاحظوا تصريحاتهم عن الانتصارات في الحديدة بعد ضغوط الدبلوماسية الدولية بوقف عمليات استعادتها .. آمل أن قدراً من هذه النثرات قد بلل وجه الدبلوماسية الدولية لتعرف على "إِيش نحن صابرين".

وتساءل عن الوقت الذي سيدرك فيه الكل أن استعادة الدولة بحاجة لاجتياز الهوة، حيث قال: "متى سندرك أن استعادة الدولة يحتاج الى اجتياز الهوة التي تفصل بين السلام الحقيقي وطيش السفهاء الذين يوظفون دعوات السلام لاستعادة النفس ومواصلة الحشد لتدمير البلاد".

واختتم الدكتور ياسين سعيد نعمان منشوره بالقول: "التراجع عن استعادة الحديدة ، إذا صح ، هو قرار خاطئ بكل المقاييس ولن يسهم في تحقيق السلام وإنما في استمرار الحرب ومواصلة التدمير والمعاناة الانسانية".

 

الحكومة اليمنية: لا هدنة مع المليشيات

اوضحت الحكومة اليمنية عدم وجود أي هدنة في محافظة الحديدة مع الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة إيرانياً .

واكدت أن تحرير المدينة يعد هدفاً استراتيجياً وقومياً ووطنياً لحماية اليمن والممرات الدولية من عبث هذه الجماعة الإرهابية.

 واكد المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي إن «الحديث عن هدنة مع الميليشيات الحوثية في الحديدة غير صحيح» .

لافتاً الى أن  «تحرير الحديدة بالنسبة لنا أصبح هدفاً استراتيجياً وقومياً وأمنياً ووطنياً لحماية اليمن والممرات الدولية».

واشار بادي لـ«الشرق الأوسط» إلى زيارة وفد أممي للحديدة أمس للاطلاع على الأوضاع هناك يضم المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ومنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن.

وخيم نوع من الهدوء أمس على جبهات القتال في الحديدة لليوم الثاني على التوالي، في وقت عمد المتمردون الحوثيون إلى وضع ألغام قرب مداخل ميناء المدينة الذي يشكل شريان حياة لملايين السكان.