آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


تقرير: أبين .. الدراجات النارية ” مصدر رزقٍ لمكافحة الفقر والبطالة والجوع. وزيادة الطلب عليها باتت أسعارها تضاهي أسعار السيارات

الثلاثاء - 13 نوفمبر 2018 - 10:57 ص بتوقيت عدن

تقرير: أبين .. الدراجات النارية ” مصدر رزقٍ لمكافحة الفقر والبطالة والجوع. وزيادة الطلب عليها باتت  أسعارها تضاهي أسعار السيارات
سائق دراجة نارية وسط زنجبار -عدن الغد

عدن(عدن الغد)خاص:

 تقرير / الخضر عبدالله :

 

مع  تدني مستوى المعيشة  وتوقّف بعض الأعمال وتفشي الفقر والبطالة في أوساط المجتمع الجنوبي، أصبح "الدراجات النارية" مؤخراً، مصدر رزق مهم جدا للكثير من المواطنين، وزاد الطلب في الآونة الأخيرة بشكل كبير على شراء عليها  الأمر الذي رفع أسعارها بشكل جنوني بناءً على نظرية "كثرة الطلب وقلة العرض".

وباتت " الدراجات النارية " مطلبا للكثير من المواطنين سواء للعمل أو كبديل عن السيارة التي تستهلك كميات كبيرة من المحروقات، ويُعتبر حاليا مصدر دخل وحيد لبعض العائلات التي يعيلها، لمكافحة الفقر والبطالة والجوع.

ويعتبر المواطن / محمد الجذيني "الدراجة النارية " التي  يمتلكها مصدر دخله ولا يمكنه التفريط فيها، لأنه يستخدمه للتجول بين الأزقة والشوارع لنقل الركاب  ليأتي آخر اليوم وبيده بعض النقود التي تستر أهله وتوفر قوْتهم.

ويوضح "الجذيني " الذي يبلغ من العمر 28عاما لـ"عدن الغد " أنه اشترى  هذه الدراجة التي بحوزته بقيمة ( 300) ألف ريال يمني , ويحافظ عليها كنفسه ، لافتا إلى أنّ أحد الأشخاص أوقفه في الشارع قبل عدة أيام وطلب منه شراء  دراجته النارية ولكنه رفض بيعه.

وعن أسباب عدم قبول العرض بالبيع ، يشير "الجذيني " إلى أنه لا يرغب في بيعه على الإطلاق، ولا يستطيع التفريط به نظرا لكونه مصدر رزقه الوحيد.

رحلة البحث عن رزق

بينما يقول الشاب " علي محمد صالح " الذي يخرج من بيته في تمام الساعة السابعة من كل صباح، وينطلق عبر "دراجته النارية " الخاص به للبحث عن رزقه : "هذه الدراجة  أهم شيء في حياتي ، أهم من كل شيء لدي كونه مصدر رزقي الوحيد كي أستطع إخراج مصروف يومي".

ويضيف الشاب "علي" الذي يبلغ من العمر 26عاما لـ"عدن الغد" التي التقت به صدفةً في أحد شوارع مدينة أبين  : "قدم ليّ الكثير من التُجّار والجيران أيضا عروضا مغرية لشراء دراجتي الخاصة بي، مشيرا إلى أنه قام بشراءه قبل حوالي عام .."

 

ويشير إلى أنّ الكثير يضايقه في عروض الشراء المُقدمة، ولكنه لا يستطيع الاستغناء عن "هذه الدراجة النارية " لأنه مصدر رزقه الوحيد في ظل انتشار البطالة وقلة العمل ، موضحاً أنه يعمل على  نقل الحاجيات والأشخاص بمقابل مادي الذي يعينه على تحمّل مسؤولياته وستر أهله.

 

وينوه "علي " إلى أنّ "الدراجات النارية " نعمة من الله ومن يحصل عليها في هذه المرحلة "محظوظ" جدا، لافتا إلى أنّه يعيله في تحمل مسؤولياته تجاه بيته  وأسرته.

 

أما المواطن "محمد عبيد" أحد موزعي أنابيب الغاز للمنازل فتعمد تحويل "التك تك" الخاص بعمله إلى أنبوبة غاز بدلا من البنزين بسبب غلاء سعره في سوق السوداء، وشاركه في نفس الفكرة الشاب " جمال حوشان " أحد موزعي البضائع بالجملة لتوفير مصاريف الوقود.

 

أسعار تنافس السيارات..!

و اتسعت أعداد الدراجات النارية ذات العجلتين والثلاث عجلات  في مديريات محافظة أبين وبطبيعة الحال لا يُمكن إدخالها عبر التهريب  لأن الجانب العماني والسعودي مراقب الحدود ، وهذا الأمر رفع أسعار الدراجات النارية ورفع أيضاً قطع غيارها.

وفي هذا الصدد يقول "أبو معتز" وهو ميكانيكي ويُعتبر من أهم خبراء الدراجات النارية في مدينة أبين : "كنت في السابق أقوم بإصلاح أكثر من 40 دراجة نارية في اليوم الواحد، أما الآن فأصلح من 5-10 فقط بسبب ارتفاع أسعار قطع الغيار".

ويؤكد في حديث مع " عدن الغد" أن أسعار الدراجات النارية أصبحت مثل أسعار السيارات القديمة في أبين مثل سيارة الرينو والبيجو والسوبارو، مشيرا إلى أنه قام بتحويل غرفة من منزله وتجهيزها لنقل ورشة التصليح إليها حتى يوفر أجرة المحل الذي يستأجره بسبب قلة العمل وغلاء قيمة الإيجار.

أما "أبو معاذ" أحد تجار الدراجات النارية فأشار إلى أنه كان في السابق يبيع ويشتري في الأسبوع الواحد أكثر من 20 دراجة نارية، وكان يربح  الكثير من المال من عملية هذه التجارة، ولكن في هذه المرحلة أصبحت عملية البيع والشراء "شحيحة جدا" بسبب صعوبة الأوضاع والغلاء وعدم وجود سيولة لدى المواطنين في المحافظات الجنوبية. على حد قوله.

السعر قديما وحالياً

بدوره، يقول " صالح " أحد تجار الدراجات النارية أن الأسعار ارتفعت بشكل خيالي ، مشيرا إلى أن سعر الدراجة النارية بعجَلَين كان لا يتجاوز 200 ألف ريال يمني قبل الحرب.

أما بعد الحرب و تدمير ومنع التهريب فأصبح سعرها يتجاوز الـ 400 ألف ريال يمني!! ، وعند تركيب الدراجة النارية تصل التكلفة حوالي 10 ألف ريال يمني وربما أكثر نظرا لارتفاع أسعار الحديد وغيرها من معدات " الدراجات النارية ".

ويضيف "أبو صالح " : أسعار الدراجات النارية ذات ثلاث عجلات حسب أنواعها ، إذ يصل سعرها  400 ألف ، بينما كان في السابق لا يتجاوز 200 ألف.

وعند الحديث عن أسعار "قطع الغيار" يوضح "أبو صالح" أنّ أسعارها ارتفعت بشكل كبير، وعند طرح الأمثلة : أصبح سعر بطارية الدراجة النارية  يتجاوز الـ 1200 ألف ريال وأكثر ، بينما كان سعرها في السابق لا يتجاوز 5 ألف ريال ، وسعر كشاف الاضاءة والغمازات 500 ريال بينما أصبحت الآن تفوق الـ 2000 ريال، في حين تشهد الأسواق نقصا حادا في عرض الدراجات النارية وقطع الغيار بسبب  الحرب.

ويشير إلى وجود نقص حاد في قطع الغيار التابع للدراجات ذات ثلاث عجلات، موضحا أنّ بعض "الزبائن" اضطروا لشراء قطع غيار من  دول مجاورة عبر أحد أقاربهم بسبب عدم توفرها في السوق أو شحها أو غلائها بشكل كبير جدا لا يستطيع تحملّه المواطن العادي (البسيط).

يشار إلى أنّ ارتفاع أسعار قطع غيار الدراجات النارية وعدم توفرها في السوق أثّر بشكل كبير جدا على عمل أصحاب الدرجات ذات الثلاث عجلات وعلى عملهم أيضاً ، ولكن هؤلاء مضطرون لتحمل أعباء هذه القطع كي لا تتوقف حياتهم عن العمل، ويتهدد رزقهم بانعدام العمل، والعودة إلى الفقر والمعاناة وقسوة الأوضاع .