آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-02:08ص

ملفات وتحقيقات


(عدن الغد) تفتح ملف الزواج المبكر في اليمن:مختصون : الزواج المبكر ظاهرة خطيرة تهدد الفتيات وتشكل عبء على التنمية الاقتصادية للبلد

الثلاثاء - 06 نوفمبر 2018 - 09:47 ص بتوقيت عدن

(عدن الغد) تفتح ملف الزواج المبكر في اليمن:مختصون : الزواج المبكر ظاهرة خطيرة تهدد الفتيات وتشكل عبء على التنمية الاقتصادية للبلد

عدن(عدن الغد)خاص:

تعد اليمن من أكثر البلدان النامية على مستوى العالم معاناة من انتشار ظاهرة زواج القاصرات، فالزواج في هذا البلد الذي يعد أحد بلدان العالم الثالث ومن بين أسوأ دول العالم في هذا المستوى من حيث انتشار النزاعات والصراعات المسلحة والحروب الأهلية والقبلية وتوسع رقع التخلف والجهل والفقر فيه تأتي هذه الظاهرة  المتنامية باطراد لتسطو على عادات وتقاليد هذا البلد الغرب آسيوي المسلم الذي تطحنه من كل جانب ظروف الحياة الصعبة والمؤامرات والحروب لتكتمل حلقات البؤس والمعاناة والمآسي عند اهاليه.

اليمن الذي تحاصره ويلات المكايدات السياسية والدسائس والمؤامرات الاجنبية لم يعد للفتاة الصغيرة في هذا البلد موقع تراعى فيه حقوقها التي المكفولة شرعاً وقانوناً بل أصبحت الصغيرة مسلوبة الارادة في هذا البلد ومقيدة بأحكام وأعراف قبلية قلصت من من تواجد الأحكام السماوية وطغت على كل القوانين والانظمة، حيث تتحمل فيه هذه المرأة وهي في عمر الزهور مسؤولية ادارة شؤون المنزل وتربية الاولاد انها بحق جريمة من جرائم انتهاك حقوق الإنسان والطفولة في هذا المتخلف والفقير الذي تعبث به الايادي المقيتة، (عدن الغد) ناقشت مع عدد من المختصين قضية زواج الفتيات الصغيرات في اليمن الذين بدورهم أكدوا وجود العديد من التقارير الحكومية واخرى للمنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن والتي تحدثت بمجملها بالاحصائيات الرقمية عن مدى وبشاعة جريمة الزواج المبكر الذي يعد صورة من صور انتهاك حقوق المرأة في المجتمع اليمني حيث اوضحت تلك المداخلات معاناة هذه الشريحة من الفتيات، عن هذه القضية وتداعياتها نقف في هذا التحقيق أمام جملة من الأرقام والاحصائيات فتابعونا.



تحقيق/محمد مرشد عقابي:



الباحث الاجتماعي سعدان محمود علي يقول عن هذة المشكلة : تقارير عدد من المنظمات تؤكد أن معدل وفيات الأمهات اثناء الولادة من أهم المؤشرات الصحية التي تدل على المستوى الصحي في دولة معينة، لذا تبنت منظمة الأمم المتحدة هذا المؤشر كأحد المقاييس التي تدخل في قياس معدل التنمية البشرية.

 

وقال  : حسب نتائج المسح اليمني لصحة الاسرة والذي اجري قبل اندلاع الحرب الاخيرة التي شنتها جماعة الحوثي على الدولة كان معدل وفيات الأمهات في اليمن هو 547 في كل مائة الف حالة ولادة أي تتوفى 5.47 امرأة من كل ألف حالة ولادة في اليمن وكان حينها ترتيب اليمن 163 من بين 177 دولة في العالم بحسب تقارير التنمية البشرية الصادرة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ورقم 18 بين 20 دولة عربية أي أنها كانت في ذاك الوقت تتذيل قائمة الدول العربية والاجنبية اما اليوم وفي ظل الحرب والصراع المسلح وحالة الفقر والجوع وانتشار أمراض سوء التغذية عند النساء فالوضع قد تحول من سيئ الى أسوأ وزادت معاناة ومآسي هذه الشريحة من المجتمع اليمني.

 

واضاف : تشير نتائج المسح اليمني لصحة الاسرة الذي اجري في اواخر العام 2012 إلى أن %80 من حالات وفيات الأمهات النفسانية عند الولادة كانت فترات الأمومة غير الآمنة قبل 18 سنة وبعد سن 40 سنة وهذا يوضح العلاقة بين معدل وفيات الأمهات أثناء الولادة بالحمل والإنجاب المبكر.



أما د.فائز محسن علوان الباحث في شؤون الحمل والانجاب والعلاقات الجنسية فيقول : أثبتت الكثير من الدراسات في مختلف أنحاء العالم العلاقة الطردية المباشرة بين الحمل والإنجاب المبكر وارتفاع معدل وفيات الأمهات أثناء الوضع أو الولادة، حيث تتوفى 9 نساء يومياً في اليمن نتيجةً لمخاطر الحمل والانجاب هذا الكلام ليس جزافاً إنما بنائاً على تقارير جهات حكومية مختصة ومنظمات دولية.

 

وقال : تبين احصائيات وزارة الصحة والسكان والتي اصدرت مؤخراً وفيات الفتيات اللاتي تتراوح اعمارهن بين العاشرة والثامنة عشرة اثناء الحمل والولادة تكون اكبر بمقدار خمس مرات من احتمالات الوفاة بين الشابات اللاتي تتراوح اعمارهن بين العشرين والرابعة والعشرين.

 

ومضى قائلاً : يعتبر ايضاً معدل وفيات الاطفال حديثي الولادة من المؤشرات الصحية المهمة ذات الدلالة على المستوى الصحي في دول معينة لذلك تبنته منظمة الأمم المتحدة كواحد من المؤشرات التي تدخل في قياس معدل التنمية البشرية بحسب عدد من تقاريرها التي صدرت عن البرنامج الانمائي الذي يؤكد ايضاً بان معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة وسط أفقر %30 من السكان في اليمن قد بلغ 253 حالة حالة وفاة لكل ألف طفل فيما بلغ نفس المعدل 80 لكل ألف طفل وسط اغنى %30 من سكان اليمن وبلغ متوسط معدل وفيات الرضع 90 لكل ألف مولود وهو معدل عال مقارنة بالدول النامية الاخرى والمنطقة العربية ككل، وهناك 235 حالة وفاة لكل ألف طفل وبلغ متوسط معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 117 لكل ألف طفل وهو معدل عال مقارنة بالدول النامية الاخرى ودول المنطقة العربية والوضع يزداد كارثية وسوءً هذه الأيام التي تتفاقم فيها الحالة الصحية والمعيشية للمجتمع اليمني نتيجة الازمة الاقتصادية الخانقة والحرب التي أهلكت الأخضر واليابس وانهكت الجميع.

 

الباحث عبد المعز محجوب نوفل تداخل معنا بالحديث حول هذه القضية حيث قال : رجوعاً الى الدراسات والبحوث نجد هناك ارتباط وثيق بين معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة والأطفال دون سن الخامسة من جهة والحمل والإنجاب المبكر من جهة اخرى، حيث تشير الاحصائيات الصحية الى ارتفاع معدل وفيات الرضع بنسبة %45 للأمهات المراهقات وترتفع نسبة وفيات الأطفال أثناء عامهم الأول إلى %55 وقد اثبتت الابحاث العلمية التي اجريت بهذا الخصوص أن الحمل والإنجاب المبكر يؤدي الى زيادة احتمال الولادة المبكر قبل اكتمال فترة الحمل مما يؤدي إلى نزول الجنين غير مكتمل النمو أو مبتسراً غير قادر على متابعة الحياة، ما لم يجد مكاناً في مراكز الحضانات بجانب تكلفتها الباهظة.

 

الأخ أحمد عوض جويبر ناقد اجتماعي وباحث في مجال الزواج المبكر يقول : تزيد الولادة المبكرة من احتمال حدوث وفاة للرضيع بل تعد من أهم أسبابها وذلك بسبب قلة مقاومة الجسم وعدم اكتمال نموه، كما يساهم الزواج المبكر في زيادة معدل الخصوبة في متوسط عدد المواليد للأم الواحدة وقصر الفترة الزمنية بين كل مولود وآخر الذي يليه.

 

واضاف : اشارت الكثير من الاحصائيات الرقمية الصحية إلى أن %40 من المواليد في الجمهورية اليمنية يولدون في فترات تقل عن 24 شهراً بين حمل وآخر وهذا يزيد من احتمال وفاة المواليد حيث يتعرض المولود لكثير من المضاعفات بسبب الحمل والإنجاب المبكر مثل نقص الوزن عن المعدل الطبيعي عند الولادة %35 من الأطفال حديثي الولادة في اليمن يعانون من نقص الوزن الطبيعي عند الولادة اضافة الى اصابة ما يزيد عن %80 من الأطفال دون الخامسة بأمراض سوء التغذية الحاد الوخيم والحاد المتوسط ويرجع السبب الرئيس وراء ذلك إلى الحمل والإنجاب المبكر.

 

وتابع بالقول : تؤكد احصائيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة والسكان وكذا تقارير عدد من المنظمات والهيئات الدولية أن %75 من حالات الحمل والإنجاب المبكر يصاحبها نقص وزن المولود ونسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من نقص الوزن %87 صنفوا كأطفال مصابون بأمراض سوء التغذية، حيث يؤدي نقص الوزن عند الولادة الى مضاعفات صحية مثل سوء التغذية وفقر الدم والتقزم وأمراض الجهاز العصبي والتخلف العقلي كما يزيد من احتمالات التعرض لأبسط العدوى والوفاة،

 

وقال : ثبت بحسب تلك المؤشرات الاحصائية ان الاطفال الذين يولدون لأمهات صغيرات السن يكونون أقل ذكاء وأضعف بنية من الآخرين، وبحسب نتائج دراسة وأبحاث اسباب عزوف وتسرب الفتيات من التعليم الاساسي في بعض مدارس الجمهورية اليمنية وجد أن السبب وراء ذلك يرجع الى نية الاهل في الدفع بهن الى الزواج المبكر حيث ان مايقارب %60 من الطالبات المتسربات من التعليم لهذه المراحل تقف نوايا الزواج وراء تخلفهم عن الدراسة، وتؤكد الإحصائيات التي أجريت حول ذلك أن %35 من الفتيات و %5 من الاولاد يتم تزويجهم واعمارهم بين 15-----18 سنة مما يؤدي الى تسرب ما لايقل عن %65 منهم عن التعليم،

 

الشخصية التربوية والناشط الحقوقي سنان دحان سالم يقول بخصوص هذه المسألة : الزواج المبكر يؤدي الى انخفاض معدلات التحاق البنات بسلك التعليم وزيادة نسبة تسربهم من المراحل الدراسية يؤدي الى توسع رقعة الأمية بين النساء خاصة والمجتمع ككل بحكم أن المرأة تمثل نصف المجتمع إن لم تكن المجتمع بكله.

 

وأضاف : توجد علاقة عكسية بين مستوى تعليم الفتاة ومعدل الخصوبة لعدم معرفة الأم الأمية بوسائل تنظيم الأسرة حيث تقدر نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة بين الأميات %19.5 مقارنة بنسبة %48.3 بين المتعلمات، لذا فان زيادة نسبة الخصوبة بين النساء الأميات يؤدي الى عدد اكبر من الاطفال مما يزيد من المضاعفات الصحية للأم والطفل على حد سواء ويضاعف من مشكلة الفقر.

 

أما الباحث الاجتماعي اشرف عبد الحق المقري فكان آخر المتداخلين الذين تناول أطراف الحديث معنا حول هذه القضية وأوضح قائلاً : الزواج المبكر يعد من أهم الأسباب التي تعيق الفتى عن استكمال مشروع بناء المستقبل في حياته ومن بين المسببات التي تقف وراء عدم إكمال مشواره التعليمي بسبب تحمله أعباء ومسؤولية الاسرة خاصة وهو في سن مبكر وهذا الامر يعمق من الآم جراح الفقر لدى اليمني الذي بالكاد يحصل على قوت يومه ولا يتعدى متوسط دخله الشهري 30 دولار.

 

واردف بالقول : أثبتت العديد من الدراسات والبحوث وجود ارتباط وثيق بين الزواج المبكر والفقر فالزواج المبكر يزيد من معدلات الخصوبة وبالتالي يزيد من عدد أفراد الاسرة مما يزيدها من ضيق حالها وشظف عيشها مع العلم أن الله هو الرازق والمتكفل والميسر لكن هذه المعادلة أو الفرضية توضح مدى الارتباط الوثيق بين حجم الأسرة اليمنية والفقر، حيث يتضح من ارتفاع نسبة الفقر وبشكل حاد مع كبر حجم الأسرة خصوصاً هذه الايام التي يشهد فيها الوطن موجة غلاء فاحش وغير مسبوق للاسعار وانهيار تام لصرف العملة المحلية مقابل العملات الاجنبية تتزامن مع اشتداد وتيرة المعارك القتالية والحروب في أنحاء متفرقة من البلد، حيث ترتفع نسب الفقر والمجاعة عند غالبية الأسر اليمنية بمعدل يفوق %80 في الاسر المكونة من خمسة أشخاص و%95 عند الأسر التي يزيد أفرادها عن الخمسة خصوصاً في المحافظات والمناطق المنكوبة التي تعاني الصراع المسلح بينما يصل في الوقت الراهن معدل الفقر عند كافة الاسر اليمنية مايزيد عن %98 الى %100 خصوصاً في المناطق التي يدور فيها النزاع المسلح.

 

واختتم قائلاً : الزواج المبكر يحد من فرص التعليم لكلاً من الجنسين مما يتسبب بحرمانهم من اكتساب الخبرات والمهارات والقدرات المطلوبة في سوق العمل وبالتالي يؤدي الى فقر الأسرة فهناك مايقارب %90 من الفقراء أميون او لم يكملوا تعليمهم الأولي ويضاعف ذلك حجم الأسرة المتصاعد وبالتالي يزداد حجم مسؤولية الإعالة وتزداد حدة الفقر وهذا الأمر يحد من فرص المرأة في العمل مما ينعكس سلباً على معيشة الأسرة ودخلها ويؤثر على المجتمع بأسره.