آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-03:25م

ملفات وتحقيقات


في ظل حكومة فاسدة : متقاعدون يصرخون : لهيب الأسعار يرتفع يومياً .. ورواتبنا لا تُسمن ولا تُغني من جوع

الثلاثاء - 23 أكتوبر 2018 - 09:59 ص بتوقيت عدن

في ظل حكومة فاسدة : متقاعدون يصرخون : لهيب الأسعار يرتفع  يومياً .. ورواتبنا لا تُسمن ولا تُغني من جوع

عدن(عدن الغد)خاص:

تقارير /  الخضر عبدالله :

ما زالت شريحة المتقاعدين  الجنوبيين التي قدمت لليمن الكثير من التضحيات ، تعاني منذ حرب صيف 94م من اهمال وعدم اهتمام واضحين من قبل الحكومات التي نشأت في ظل هذا الظلم , حيث تجاوزت الأوضاع المالية المتردية لهذه الشريحة المهمة، الحد الأعلى من الصبر . فقد ضرب المتقاعدون أعلى الأمثلة في التضحية والايثار من أجل تقدم هذا البلد، فأفنوا زهرة شبابهم وقدموا كل وقتهم في سبيل ذلك، وكانوا ينتظرون لقاء ذلك إنصافهم ومنحهم استحقاقاتهم التي تتناسب مع الجهود التي بذلوها طيلة السنوات التي سبقت إحالتهم على التقاعد، إلا أنهم وفي ظل هذه الحكومات المتعاقبة يتعرضون للظلم والاضطهاد نتيجة تأخر النظر في أحوالهم من قبل المسؤولين في الحكومة الحالية .

 

إن الحديث عن أحوال المتقاعدين بات موضوعاً حساساً وحيوياً بعد انتظار ممل وطويل وبعد التلاعب بمشاعرهم وتجاهل حاجاتهم، حتى صارت وسائل الإعلام المحلية تستغل موضوعهم لترويج الأخبار غير الدقيقة وغير الصحيحة التي أثرت سلبياً على معنوياتهم، الى حد فقدت فيه بعض هذه الوسائل مصداقيتها لدى هذه النخبة جراء نقلها أكثر من خبر مشكوك في صحته. أسئلة كثيرة لم تجد لها إجابة عن راتب موظف أفنى عمره في خدمة تجاوزت الثلاثين عاما، لكنه لا يحصل اليوم إلا على راتب تقاعدي لا يتجاوز ( 40 الف ) ، في الوقت الذي يتقاضى فيه من سنحت له الظروف وخدمته صلات القرابة مع المسؤولين بالحكومة المتعاقبة في ظل الفساد الغاشم، أضعاف مضاعفة لراتب المتقاعد، بالرغم من ان معظم هؤلاء لم يخدم أكثر من سنة! فأين العدالة وحق المواطنة التي لم تنصف موظفاً له هذه الخدمة الطويلة، وتفضل عليه بالراتب آخرين؟! ولتسليط الضوء على معاناة هذه الشريحة، التقت  صحيفة " عدن الغد " بعدد من المتقاعدين الذين تجاوزت خدمة معظمهم الأربعين عاماً،

 

وكان اول المتحدثين المدعو ( ابو احمد ) ـ الذي أحيل على التقاعد في الأول من تموز عام 2006 بعد بلوغه السن القانونية حيث قال : بصراحة أنا في حيرة من أمري، فكيف يمكن أن أتدبر إعالة أسرتي في ظل الارتفاع العالي لمستوى المعيشة الذي يقابله انخفاض كبير في الراتب الذي لا يسد الحد الادنى من المتطلبات الاساسية للعائلة لا سيما بعد حذف مخصصات ا الإضافي  بسبب التقاعد.

 

وتساءل ( ابو احمد ) باستغراب عن سر ظلم في تدني رواتب المتقاعدين وعدم أهتمام الحكومة بمعناتهم رغم تضحياتهم للوطن في ظل سنوات طويلة خدموا بها البلد  .. معربا عن امتعاضه وألمه الشديد من التعامل الروتيني للحكومة ، وعدم شعورهم بما يعانيه المتقاعد نتيجة في ظل ارتفاع كل شيء أمامه ولم يعد الراتب الشهري الضئيل  يفي بمتطلبات الأسرة .

 

بدوره قال المتقاعد / المقدم ( صالح قائد ) البالغ من العمر 65عاما ـ والذي كان يقف في طابور طويل أمام أحد مكاتب البريد لاستلام راتبه التقاعدي ـ : "نحن هنا مثل المتسولين ننتظر ونسمع كلاماً وتوبيخاً من هذا وذاك، لقد أفنيت عمري في خدمة بلدي وهذه هي النتيجة بضعة ريالات لا تسمن ولا تغني من جوع ولا توفر حتى متطلبات العلاج الذي أصبحنا نبحث عنه في المستشفيات الخاصة وبكلفة باهظة جدا\" ..

 

معربا عن خيبة أمله ازاء الوعود الكاذبة التي يطلقها المسؤولون في الحكومة الحالية بشأن معالجة أوضاع المتقاعدين التي لا تزال في أدراج هذه الحكومة الفاسدة بانتظار الوصول إلى حل لصراعاتهم على المناصب وتحقيق مصالحهم الشخصية .

 

وأشار ( صالح قائد ) الى ان المتقاعدين وخاصة الجنوبيين  يعانون الأمرين بالرغم من دعم التحالف مليارات الدولارات.. موضحا ان ما يحصل عليه من راتب بعد خدمة استمرت أكثر من 30 عاما لا يتناسب مع متطلبات الحياة الكثيرة، كما ان ما يحصل عليه المتقاعدون بصورة عامة لا يليق بهذه الشريحة من المجتمع التي تطمح ان تعيش بكرامة، وعدم التهميش أو كما يتمنى بعض المسؤولين المشاركين في العملية السياسية الحالية، التخلص من المتقاعدين باعتبارهم عالة على المجتمع والدولة!

 

العقيد-  (علي محمد) – متقاعد- تحدث قائلاَ" إن ما هو حاصل على أرض الواقع أن السلطة في بلادنا لم تكن جادة في النظر إلى تظلمات المتقاعدين العسكريين  والمدنيين في المحافظات الجنوبية,و إنما قامت بتهدئة الوضع بأسلوب مهادن ومخادع لتأمين مؤقتاَ خروج هؤلاء المتقاعدين في مسيرات احتجاجية .. والدليل على ذلك ما يتناقله المتقاعدون  أنفسهم هنا في الجنوب.

 

وأضاف " مرت الاعوام تل والأعوام ونحن المتقاعدون مهضومين حرمنا من حقوقنا رغم أننا خدمنا الوطن ما يقارب الثلاثون عاما , واليوم أصبح المستجد يستلم راتب  أكثر من العميد حيث استلم 70 الف ريال وهذا ظلم في حقوقنا نحن المتقاعدون ونأمل من الحكومة ترتيب أوضاعنا أسوءة بزملائنا الذين تحصلوا على حقوقهم .

 

يسلم محمد ردماني متقاعد  أشار قائلاَ" قبل الحرب المشؤومة سمعنا أخبار تقول بأن هناك لجنة تسجل المظلومين من المتقاعدين والمنقطعين في مدينة عدن في خورمكسر وظلنا نتابع هذه اللجنة أيام طويلة  ,وحتى هذه اللحظة لازلنا نحمل ملفاتنا ونتتبع أثار اللجنة التي باتت مخفية ولم نرى منها أي شيء إلا الوعود العرقوبية بحل العسكريين الجنوبيين وعبر صحيفتكم الغراء نناشد الجهات المعنية بأخذ مطالبنا بعين الاعتبار.

 

من جهته تساءل احد الموظفين ويدعى (أبو فوزي )  قائلا : لماذا يخسر الموظف عند إحالته الى التقاعد مبلغا كبيرا من راتبه ؟ ولماذا لا تكون الاستقطاعات قليلة لكي تشجع العديد من الموظفين الذين تبلغ خدمتهم 25 سنة فما فوق او الذين أكملوا الخمسين من العمر، على طلب الإحالة الى التقاعد ليفسحوا المجال أمام التعيينات الجديدة ؟.

 

ويقول ايضاً  : إن احتساب رواتب التقاعد لم يكن منصفاً مقارنة بالموظفين بعد الحرب، فقد احتسبوا التضخم الذي أصاب  الريال اليمني مقارنة بالدولار، فكانت الزيادة مناسبة للموظف نوعا ما، لكنها لم تكن منصفة بالنسبة للمتقاعد.. متسائلا : لماذا لا يكون التقاعد 80% من الراتب الوظيفي؟  أو إصدار قانون تقاعد خاص بهم , وعلى الحكومة الحالية بإعادة النظر في سلم رواتب المتقاعدين بشكل يتناسب مع أرتفاع الأسعار أوهبوط العملة الوطنية الذي تشهده المناطق الجنوبية ، وشمولهم بالتخصيصات، اسوة بالموظفين، وإلغاء التمايز بين المتقاعدين الجدد والقدامى .. مشيرا الى ان كل الحكومات في دول العالم تسعى الى وضع أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل تحقيق الاستقرار والأمان والرفاهية للجميع دون تمييز أحد على آخر.

 

وإزاء ذلك أعربت ـ ناشطة في مجال حقوق الإنسان ـ في حديث مماثل، عن أسفها العميق لما تعانيه شريحة المتقاعدين التي تعد أكبر الشرائح المتضررة في هذا البلد، جراء ارتفاع أسعار البضائع والخدمات الاساسية، وعدم تحقيق زيادات معقولة على رواتب هذه الشريحة المنسية، التي تركض وتلهث بهدف توفير أبسط مقومات الحياة لعوائلها..

 

مؤكدة أن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بشريحة المتقاعدين الذين يقدر عددهم  بمئات الآلاف متقاعد، ويعيل الواحد منهم ما معدله خمسة أشخاص . ستبقى اوضاع المتقاعدين الذين يشكلون ثلث الشعب اليمني  ـ اذا ما تم احتساب خمسة افراد لكل اسرة يعيلها المتقاعد ـ تتأرجح بين الوعود الكاذبة التي يطلقها بعض المسؤولين الحكوميين وبين الواقع الحقيقي الذي تعيشه هذه الشريحة التي ما زالت تعاني من قوانين جائرة وبطيئة لا تلبي الحد الادنى من مستلزمات الحياة المعيشية، في وقت تطمح فيه هذه الشريحة الى إلغاء فقرة المتقاعدين القدماء والجدد والتعامل مع الجميع، بدون تمييز، لاسيما وان معظمهم يعاني من أمراض مزمنة تتطلب علاج لا يتوفر في المستشفيات الحكومية، ما يزيد من الاعباء الثقيلة الاخرى التي يحملها المتقاعد بشكل خاص، والجنوبيون  بصفة عامة .