آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-08:22م

أدب وثقافة


الحداثة والشكل الشعري في شعر الشعراء الشباب في عدن

الجمعة - 05 أكتوبر 2018 - 09:20 م بتوقيت عدن

الحداثة والشكل الشعري في شعر الشعراء الشباب في عدن

عدن ( عدن الغد) خاص:

كتب/ أحمد سعيد العفيف 

 

 

 فيما يتعلق بالمشهد الشعري لدى الشعراء الشباب في عدن واليمن عامة فيما يخص الحداثة، هناك طفرة أدبية يمثلها شعراء شباب لديهم إصرارا مهووسا ومحموما لمطاولة الإبداع  ليس فقط على المستوى اليمني وإنما على المستوى الإقليمي والعربي أيضا، وانطباعي عنهم هو عدم وجود تراكم كاف في التجربة الأدبية المعاصرة، لكن إصرارهم- على تجاوز واقعهم الثقافي والاجتماعي المتخلف- يعطيهم شرعية القول، لذا يجب أن نعطيهم الوقت حتى نرى هذا التراكم والتقابل والتلاقح قد أعطى ثماره.

 

فنجد –مثلا- المهرجانات الشعرية على الرغم من بعض مثالبها إلا أنها تمثل فرصة للغربلة والمقارنة، لذا ينبغي أن نكثر من الفعاليات الأدبية.

 

ونحن نرى أن هؤلاء الشباب الواثق من نفسه وثقافته وموهبته عاشوا أو بالأصح يحاولون أن يعيشوا ويمارسوا العلاقة بين الكلمات والموسيقى حتى تكونت لديهم حساسية فنية جديدة وصارت لهم رؤاهم الشعرية التي يعانون في طريقهم للتعبير عنها ومن اجل تكوينها، وبالرغم من هذا الاحساس الواعي بالقضية فإن حالة من اليأس والاحباط تلف الواقع الشعري، وتعكس حالة مماثلة من اليأس والإحباط في الواقع العام، هذا الواقع الذي يحكي حالة انشطار حادة بين القديم والجديد، بين الناهض والجامد وقد كان الشعر –حسب ما يرى المقالح- دائما هو المقياس الروحي والنفسي لواقع ما، والصوت الأكثر قدرة على التقاط حالات التصادم والانشطار، ليس من خلال تعبيره عنها أو تجسيده لها وحسب، وإنما من خلال انكفاءاته ونكوصه كذلك، ومن خلال فتح الدروب أمام كل أشكال التجريب.

 

وهنا تبرز لدينا اشكالية قائمة في المشهد الشعري الراهن وهو التجديد في الشكل والمضمون. وهي قضية قديمة جديدة وستظل قائمة.

 

فبعضهم يرى أن التجديد في الشعر في المحتوى بالأفكار الجديدة بالصورة  وبعضهم يرى التطور في المضمون يقتضي بالضرورة التطور بالشكل

 

وأن المعاني الجديدة تتطلب أشكالا جديدة للتعبير عنها، وهذا ما نراه نحن أيضا، ولا نعلم من أين اكتسب الشكل الشعري القديم قداسته، ولماذا لا نتقبل التطور في الشكل الشعري كنتيجة حتمية للتطور الحاصل في كل مناحي الحياة، لماذا تقبلنا وبدون أي إشكال التطور الحاصل في الموسيقى على مر العصور، أليست الموسيقى نشاط روحي والشعر كذلك، ما الذي جعل الأول خلاقا ومبدعا في شكله ومضمونه متجددا في كل زمان ومكان، ويجعل الآخر مبدعا في شكله ومضمونه لمرة واحدة  في الزمن، ثم يصبح بعد ذلك مبدعا في مضمونه فقط، أما الشكل فينبغي أن يبقى على القالب القديم لا يتغير، مع انه في غالب الأحيان لا يبدع في الشكل ولا حتى في المضمون، مجرد اجترار رتيب للماضي والنمطية والتكرار.

 

لكن المفارقة التي فاجأتني في المشهد الشعري الحالي هو ميول الأنثى نحو الحداثة والقصيدة الجديدة والأجد، بينما وجدنا الذكر وهو الأكثر ثقافة يتخندق في الشكل القديم، رغم اننا لا ننكر عليهم التجديد في المضمون والصورة في أحايين كثيرة، لكن ما فاجأني أني لم أجد شاعرة واحدة تكتب العمودي، بينما لم أجد من الذكور من ينافسهن في القصيدة الجديدة، باستثناء حضرموت طبعا، والحروري، نجد أكثرهم حداثة وقف عند التفعيلة أي الشعر الحر على رأسهم الرائع رائد القاضي وأبو بكر الهاشمي

 

لماذا يا ترى؟ سؤال يطرح نفسه

 

ربما أن الثقافة العربية لم تتجاوز بعد المرحلة الرومانسية، وليس أدل على ذلك أن نجد ابا القاسم الشابي يمثل قاسما مشتركا بين معظم من تأثروا بهم كما تقول سيرهم الذاتية التي كتبوها. بينما نجد درويش يمثل قاسما مشتركا بين شعراء التفعيلة وقصيدة النثر.

 

كما ينبغي لنا الاعتراف بأن الابداع الأدبي المتطور تجاوز النقد والنقاد وبخطى متسارعة، ونحن بحاجة ماسة إلى حراك نقدي عارم يبذل جهدا كبيرا لاحتواء هذا الدفق المتسارع الذي تجاوز النوع الأدبي حتى أصبحت بعض النصوص بلا هوية.

 

ملاحظة: أرجو ألا يفهم كلامي أنني ضد الشكل الشعري القديم بشكل كلي، لكن أن يحصر الشاعر المعاصر نتاجه كله في الشكل القديم فهذا يدل على أنه غير مستوعب لمعطيات العصر الذي يعيش فيه، فنقول له جرب الأشكال الشعرية الحديثة كالشعراء الكبار الذين كتبوا التفعيلة والحر والعمود أيضا، لكننا نجد العكس أن الشاعر المقتدر على الشعر الحر يحاول أحيانا يرضي أصحاب القديم فينظم على الشكل القديم فيهبط مستواه الفني، قرأت للشاعر رائد القاضي روائع في الشعر الحر فإذا قرأت له في العمود تجد الفارق كبيرا في المستوى الفني.