آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-12:40م

ملفات وتحقيقات


"عدن الغد" ترصد معاناة وأوضاع الفئات المهمشة :المهمشون .. الناس ينظرون إلينا بالنقص والاستحقار والضعف و كأننا مخلوقات غريبة

الإثنين - 01 أكتوبر 2018 - 09:27 ص بتوقيت عدن

"عدن الغد" ترصد معاناة وأوضاع الفئات المهمشة :المهمشون .. الناس ينظرون إلينا بالنقص والاستحقار والضعف و كأننا مخلوقات غريبة

عدن(عدن الغد)خاص:

يُقدّر عدد المهمشين في اليمن، بنحو 3.3 مليون، أي 11% من إجمالي عدد السكان، وفقا لإحصائية صادرة عن اتحاد المهمشين اليمنيين...وتعيش هذه الشريحة في مدنٍ عشوائية معزولة، ويعمل معظمهم عمّال نظافة، وفي مهن هامشية أخرى، ولايزال المجتمع يرفض اندماجهم والتعايش معهم , وهذه الفئة لم تلق نصيبا جيدا من الخدمات أو الاهتمام، ولم تحظ بنصيب من حقوق العيش الكريم، وهذه الفئات تكابد قساوة العيش ولا أحد يسأل عن حالها. . صحيفة "عدن الغد" استطلعت أوضاع تلك الفئات المهمشة وخرجت بهذه الحصيلة :

أستطلاع/ الخضر عبدالله :

تزدحم عشرات البيوت الصغيرة جدا من فئات المهمشين في بيوت من الطرابيل والحطب والكراتين، تتحول هذه العشش إلى نار حامية في الصيف، وترتعش أجسادهم من شدة برد الشتاء، حيث يصابون بالأمراض المتنوعة.. عندما علموا بوجود «عدن الغد » تجمعوا حولها.. فكانت أول متحدثين امرأة مسنة، حيث قالت:«هكذا نعيش معرضين للشمس والبرد والمطر والريح ولا يوجد لدينا أي مصدر دخل مثلما ترى أمامك.

كأننا مخلوقات غريبة:

أحد عاقل المهمشين لم يعرب عن اسمه تحدث إلينا بكلمات عفوية قائلا: " نحن بصراحة محتاجون لوحدة سكنية، ومحرومون من تبرعات وصدقات الجمعيات، وهناك محسوبية وظلم، فبعضنا لم يشعر بفرحة الأعياد الدينية او الوطنية، وحتى الوظائف نحن محرومون منها، فالناس ينظرون إلينا بالنقص والاستحقار والضعف كأننا مخلوقات غريبة".. وأضاف: :يتعيش بعضنا من النساء على التسول في شوارع أسواق المدينة ، والبعض الآخر يعملون في الأعمال الشاقة كترقيع الأحذية وتخريزها بأجر يومي، فنحن نعاني من تهميش وتمييز وظلم .

ظروفنا صعبة.

وتحدث احد المهمشين قائلا :" رغم أننا نعمل أعمال شاقة لكن لم نجد مصروف الأولاد، والأجر زهيد وبدون ضمانات ولاحقوق.. مضيفا:"لا نعرف السلطة ولا تعرفنا إلا أثناء الانتخابات لاستغلال واستخدام أصواتنا".. وأضاف " ومع ذلك لا نستطيع أن نعلم أولادنا ولا نعالجهم، فالكل يشكي ويبكي .

الأطفال محرمون من التعليم :

وعن حياة الأطفال الصغار في مخيمات وعشش المهمشين قال " إنهم محرمون من الدراسة، فهم أميون ويذهبون للعمل من أجل لقمة العيش تقليدا لآبائهم، حيث تقوم النساء بنقل الماء والاحتطاب".. وأضاف:" نحن لا نعرف مشاريع مياه ولا كهرباء أو غاز، أحيانا نشتري أدوات منزلية وعندما تأتي الحاجة نبيعها بثمن بخس..

لماذا هذا التعامل الدوني ؟ :

و تحدث مهمش آخر قائلا: " لا ندري لماذا هذا التعامل الدوني؟.. فنحن لسنا خطرا على السلطة وليس عندنا أي انتماءات حزبية أو مذهبية، حزبنا الأساسي هي بطوننا يطلع من طلع وينزل من نزل!!.. ومعروف أن المهمش في مجتمع اليمن لا يحق له أن يطمع في أي أدوار سياسية أو الترشيح للمجالس المحلية، وممنوع من المشاركة السياسية, ونحن نطالب عبر "عدن الغد " صوت الحق بحياة كريمة وخدمات أساسية".

ضحايا وجياع :

تتوزع جموع فئات المهمشين من حيث مواقعهم وتجمعاتهم على أطراف مدن مديريات المحافظات اليمنية, وهم يعانون من وطأة الاستبداد والتنكيل والتطفيش، فهناك عشرات الضحايا المعذبين يتم مداهمة منازلهم البسيطة، ويتعرضون لأنواع من الإهانات من قبل نافذين يستبعدونهم بالقوة ومن دون مقابل.. همومهم كثيرة وطويلة منهم من يعمل في صندوق النظافة برواتب ضعيفة لا تساوي مجهودهم تذهب كلها ديونا وأقساطا، ومنهم من يتمركزون أمام المخازن التجارية لنقل البضائع وإنزالها بمبالغ قليلة جدا، ومنهم من يعملون خرازين.

ومع ذلك هناك أعداد قاموا بتطوير أنفسهم وألحقوا أبناءهم في المدارس والوظائف في قطاع الصحة والتجنيد العسكري، ثم استطاعوا الانخراط في مؤسسات المجتمع كغيرهم من الشعب.. وأعجب من ذلك رفضهم الحديث عن حياتهم بتسجيل الاسم حتى لا يتعرضوا لأي عقاب.

وقال عشرات ممن قابلتهم صحيفة " عدن الغد ": " نحن فوق كل ذلك يتم إذلالنا واستعبادنا لأننا لا نملك قوة اجتماعية، فنحن مطحونون بالارتفاعات المتواصلة للأسعار التي شملت جميع المواد الغذائية والبضائع الاستهلاكية، وتلاعب مفتوح بأقواتنا .

نحن ضحايا الفساد والغلاء

مشاهد مسأوية كارثية تعكس طبيعة المعاناة التي يعيشها المهمشون جراء السياسات الاقتصادية الفاشلة، حيث يتدفق المئات من ساكني العشش إلى الشوراع والأسواق والمساجد، ومن العجزة والمعاقين بحثا عن لقمة خبز، وفي الأعياد الدينية والوطنية لم يشعروا بفرحة الأعياد، تزايدت في الآونة الأخيرة همومهم وقضاياهم بشكل مروع، فأحيانا تخرج أسر مع أطفالها يتسولون بفواتير المياه وروشتات الأدوية وتقارير طبية، وهو ما يعني انهيار الخدمات وغياب العدل الاجتماعي ..

الأولاد يذهبون إلى مقالب القمامة :

وتحدثت احدى المهمشات والدموع تنهمر من عينيها قائلة :"أولادي أحيانا يذهبون إلى مقالب القمامة يبحثون عن مخلفات البلاستيك والمعلبات المعدنية الفارغة حتى يجمعوا قيمة غداء وعشاء.. واليوم عددنا ثمانية كلنا ننام ونعيش في هذه العشة، حياتنا نكد وتعب ..

لقطات سريعة :

- حاول البعض من شباب المهمشين اعتراض "عدن الغد " لكيلا تنقل وتصور معاناتهم وعندما طلبنا منهم السبب قالوا : "الدولة جعلت من قضايا المهمشين وسيلة لتجميع واستلام مخصصات من المنظمات العالمية المانحة ودعمها لكنها لم تهتم بهم في الواقع الحياتي " .

رغم وصف صور ومشاهد واقعية من حياة فئات المهمشين إلا أنك تجدهم مهتمين بالفن الغنائي أكثر من اهتمامهم بالملبس والأكل، فلا تخلو عشة من عششهم من صوت مسجل أو إذاعة وطرب ويصب كل اهتمامهم الرسمي في متابعة أخبار الفن وجديد الأغاني والحفلات والألبومات ..

غالبية من قابلناهم من المهمشين طالبوا الاهتمام بنشر الصور الفوتغرافية أكثر من سرد وكتابة أحاديثهم كونهم أميين ولا يجيدون القراءة والكتابة.

ويرى الدكتور عادل الشرجبي، أستاذ علم الاجتماع ، أن استبعاد المهمشين وعدم اندماجهم في المجتمع يرجع إلى ثلاثة عوامل رئيسة: "الأول هيمنة الثقافة القبلية القائمة على التراتبية والتمييز على أساس المكانات الاجتماعية الموروثة، والثاني تحيز السياسات العامة لمصالح النخب على حساب مصالح الفئات الاجتماعية الضعيفة والمهمشة، والثالث استسلام المهمشين أنفسهم لأوضاعهم، وعدم السعي لتغييرها .