تقرير: عبد اللطيف سالمين :
منذ عقود خلت كان هذا الصرح الطبي شاهدا على إنقاذ حياة العديد من المرضى، بكفاءة عالية، وكمثال يحتذى به حين يتعلق الأمر بالصرح الطبي العظيم.
يعتبر مستشفى الصداقة التعليمي بعدن مستشفى مركزي يعالج فيه الكثير من المرضى من مختلف المحافظات منها أبين ولحج والضالع، يستقبل يوميا فيه العشرات من المرضى والمئات من المراجعين في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي لا يملك فيها الكثير من الناس إمكانية الذهاب إلى المستشفيات الخاصة بسبب تكاليفها الباهظة.
إلى أن الوضع تغير اليوم، وبات الموت بالنسبة للبعض أقل بائساً من زيارة هذا المستشفى للعلاج، خوفاً على حياتهم من الإهمال المخيف والخدمات الهزيلة ناهيك عن افتقار المستشفى لأدنى المقومات البسيطة لخدمة المرضى.
“عدن الغد” قامت بزيارة لهذا الصرح الطبي ورصدت العديد من المشاكل المؤسفة والغريبة التي تثير التساؤلات والجدل،نتعرف عليها في هذا التقرير التالي:
قسم التوليد وكر للقطط الضالة !!
إن إهمال قسم حساس مثل قسم النساء والتوليد يعد أمر في غاية الخطورة، وبجانب المشكلات الروتينية التي يعاني منها المستشفى لم يسلم قسم النساء والتوليد من تلك المشكلات، من انعدام التكييف، وغياب النظافة والتعقيم اللازم، وتقاعس الممرضات عن أداء مهامهم على أتم وجه.
هناك أيضاً مشكلة أخرى غريبة لا يستوعب العقل تواجدها في قسم حساس مثل قسم الولادة.. هي مشكلة قديمة جديدة، تتواجد في هذا الصرح الصحي، أمام صمت تام من جميع كوادر المستشفى.
في قسم التوليد، تجد القطط الضالة تتمشى بأشكال وأحجام مختلفة، وكأنها وجدت في ظل الإهمال المتعمد وكراً لها تسرح وتمرح فيه كما تشاء. ليس كل هذا وحسب لتجد القطط في مشيمات الأطفال حديثي الولادة وجبة دسمة لها تتغذى عليها.
ولا يخفى على احد الأضرار التي بالإمكان ان تسببه هذه القطط للأطفال والنساء الحوامل.
كل ذلك أمام عمال النظافة الذين يبدو انهم قد تخلو عن وظيفتهم الأساسية ووجدوا في السمسرة مصدر أخر لكسب المال، حيث يتقاضوا مبالغ مالية من المختبرات خارج المستشفى لإرسال المرضى لهم لعمل الفحوصات.
وفي حديثنا مع إحدى القابلات في قسم التوليد والتي رفضت الإفصاح عن اسمها خوفاً من المعاملة السيئة والتعسف من مقبل الإدارة تجاهها، تحدثت القابلة لـ”عدن الغد “ قائلة: “القطط في أقسام الولادة تشكل مشكلة كبيرة لنا، أتمنى أن يصل الأمر للجهات المعنية لتحقق في الموضوع او لتنهي هذه المشكلة.
الجميع في الإدارة يعلم بوجود القطط ويروهم أثناء تمشيهم بين الأقسام ولا احد يحرك ساكن.
وبدون أن نكلمهم الناس تشتكي دائماً وحدث في احد المرات أن قطة كانت ستنهش طفل.
وتابعت: “كان المدير الأول مهتم بالموضوع ويعد بإخراجهم، بينما المدير الجديد الذي لم يتعد وجوده الشهرين، لا يهتم بأمور المستشفى، لان نائبة المدير من تقوم بكل الإجراءات والمدير لا شأن له على الإطلاق بأي شيء”.
وأضافت: “أين الإدارة من كل هذا الإهمال وعدم الاهتمام بأمور الناس، المنضمات تدعم المستشفى بالمال، والعمليات بمبالغ مالية أيضاً، أين يذهب المال؟ في ظل الحالات العديدة التي تولد في قسم التوليد يومياً والعمليات”.
النساء في قسم التمديد يبكين من الحر ، ولا أحد قام بإحضار جهاز تكيف لهم، بعضهن عمليات وبعضهن يعانين من الضغط، نبكى على حالهن في هذا الحر ولا أحد يهتم لنا او لهم.
جميع الأقسام طالها الإهمال والتسيب
مشاكل عديدة ترصدها هنا وهناك، يكاد لا يخلو أي قسم من الأقسام من المشكلات المتكررة، من انقطاع المياه عن الحمامات وافتقارها للنظافة، والبعوض الذي ينتشر بكثافة مخيفة، يجعل من الزائرين والمرافقين بيئة خصبة للانتقال الأمراض.
ناهيك عن الخدمات الأساسية من التكيف والأجهزة والى ما ذلك يتكرر في كل قسم.
أوضاع الصرح الطبي في تدهور مستمر، والمطالبة بتوفير المعدات الضرورية والأدوات الطبية والنظافة والتعقيم، للقيام بعملهم الإنساني على أكمل وجه.
معاناة ليست وليدة اليوم، هي تراكمات للإهمال المستمر تجاه المستشفى مند سنين طويلة، والشكاوي والحالات الكثيرة التي تتضرر جراء هذا الإهمال يومياً ومع ذلك ما زال الأمر مستمر ولم يلقى الاهتمام اللازم لحل هذه المشكلة.
شح الأدوات في قسم الملاحظة والتمديد
قسم الملاحظة والتمديد هو القبلة الأولى للمرضى في المستشفى، غالباً ما تصل إليه حالات خطرة، تحتاج إلى رعاية طيبة جيدة، والاهتمام اللازم لمساعدة المريض في الخروج من وعكته الصحية.
ولكن ما إن تأتي احد الحالات المرضية، حتى تعاني من الإهمال، واللامبالاة من قبل الممرضين، أو يأتي الرد الشائع: تحول إلى اقرب مستشفى خاص.
وإثناء ذلك يعاني المريض الأمرين من غياب ادني مقومات المركز الصحي من نظافة واهتمام وتكيف وعبوات الأكسجين.
أثناء تجولنا في القسم، لرصد الاحتياجات اللازمة، تحدثت الممرضة س.ع قائلة: نحتاج جهاز بخار للأطفال، أخر جهاز لدينا سرق، اثناء انشغالنا بالعمل نترك جها البخار في السرير ويقوم النساء من اهل المرضى، باخده بين جلبابهم وسرقته.
تحدثنا مع الإدارة ان يقوموا بتلحيم الجهاز في السرير ووضع قفل عليه لكي نتجنب أمور السرقة في المستقبل , خاصة وان هذا رابع جهاز يسرق, والى الان لم يحرك أحد ساكن ويأتي بجهاز جديد.
وتابعت: عبوات الأكسجين بعضها تكون تحتاج لصيانة بسيطة في الأنبوب ولا أحد يحرك ساكن ، نقدم شكوانا ، والمرضى كذلك، ولكن لا حياة لمن تنادي، تخيل الان لا يوجد سوى أنبوبة واحدة تعمل فقط ، كيف بالإمكان تدارك المرضى بأنبوبة واحدة.
وأضافت: لا يخفي عليك الحر الذي تشعر به الان ويشعر به المرضى، ولا وجود لجهاز تكيف شغال في هذا الحر.
نحن تعبنا من الحديث والشكوى ولكن نتمنى ان يصل صوتنا إلى الجهات المختصة وتغير جزء من هذا الواقع المخزي لصرح كبير مثل هذا الصرح الطبي.
وفي السياق شكا المواطن عزيز محمد من الإهمال والتسيب الذي عانى منه اثناء تمديده في المستشفى لأيام، حيث عانى من إهمال طاقم المستشفى لحالته.
وأشار إلى ان الأطباء والممرضين لا يلتزمون بأوقات دوامهم الرسمي، ووصف معاملتهم للمرضى بالمعاملة القاسية التي تحوي جزء كبير من الامبالاة، وتابع:
تستنجد بالممرض ويخبرك ان دوامه الرسمي انتهى، وتمر الساعات وتراه يذهب من ممرض لآخر، وتصل الوقاحة بالبعض ان يطلب منك مبلغ مالي ليساعدك بحجة ان دوامه انتهى.
وأضاف: هل يعقل ان يسمى بمستشفى تعليمي، ولا يتواجد لديهم الأدوات البسيطة، حيث يضطر المرضى لشراء غالبية الأدوية من الصيدليات الخارجية، كل هذا وهناك العديد من المساعدات المالية الكبيرة تصل إلى المستشفى من منظمات دولية عديدة.
وناشد المواطن عبر صحيفة” عدن الغد” كلاً من وزير الصحة ومدير مكتب الوزارة بعدن من الاهتمام بالمستشفى ومراقبته عن قرب قبل ان ينهار أكثر من الانهيار الذي هو فيه، كونه الملاذ الأخير للناس البسيطة والفقراء.