آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-02:25م

أدب وثقافة


وطني لا زلت أحبك-قصة قصيرة

الأربعاء - 26 سبتمبر 2018 - 02:47 م بتوقيت عدن

وطني لا زلت أحبك-قصة قصيرة

عدن ((عدن الغد)) خاص:

أستيقظ علي في صباح يوم الجمعة الساعة السادسة وقد أعدت له أم محمد الفطور، ولازال أبناؤه مستغرقين في النوم، تناول فطوره مع زوجته في حوش داره، وكان يتناول فطوره ويتمتع برؤية الطيور وهي تحلق في السماء، ويستمتع أيضا بمناداة زوجته له: يا أبا محمد، 

ولكن زوجته لم تكن تشاركه تلك المتعة، فقال :
ما بك يا امرأة ؟
قالت : لماذا لا تكلم ولدك محمد ليكف عن إقلاق أمه ويعود إلى البيت؟
فقال :إذا عاد محمد فمن سيحمي الوطن من الطامعين والمجرمين ؟ ليبقى محمد حتى ينتهي آخر طامع في هذا الوطن .
ثم نهض وجهزت له أم محمد ملابسه وخرج إلى عمله.
إنه يعمل في بيع الأسماك ليطعم عائلته، ولديه بيت صغير يملكه، وبينما كان في سوق عمله فإذا بصديقه أبي عادل يسلم عليه ويجلس بجواره، ثم قال :
لقد ذهب ولدي عادل إلى الجبهة بعد تشجيع من ولدك، ألا يكفي أن فيها الكثير من الشباب يقاتلون هناك ؟
فقال أبو محمد :لقد ذهب ليشارك إخوته القتال فهو لا يقل شجاعة عن أخيه الشهيد خالد وهو أصغر منه سنا
فقال أبو عادل : إذن متى تظن أن هذه الحرب ستنتهي وقد طالت وأتعبت الناس ؟
فقال أبو محمد : سيكون قريبا بإذن الله .
عاد أبو محمد إلى بيته ومعه قليل من السمك فقال لأم محمد : ضيفي إلى الغداء هذا السمك، ثم تغدى وذهب للنوم، ورأى في منامه أن ولده محمدا يجري نحو العدو وهو يناديه : محمد، لا تتقدم سوف يحاصرونك، ولكن محمدا لا يسمع، فقام من نومه وهو خائف، فقال لزوجته : آتيني بالجوال، فأخذ يتصل على ولده محمد:
-- محمد ولدي أأنت بخير؟
--- أنا عادل يا أبا محمد
-- أين ولدي محمد ؟
عادل بعد تلعثم وتردد .
--- لقد لقد ....لقد أصيب محمد في رجله.
-- لا حول ولا قوة إلا بالله، وأين هو الآن؟
-- إنه في المستشفي يتلقى العلاجات الأولية.
-- إذن سآتي حالا .
-- لا ، لا تستطيع المجيء لأن منطقتنا تحت خط النار.
-- إذن ماذا يمكن أن أفعل ؟
--- فلتنتظر حتى أرد لك من القائد خبرا .
يغلق علي الجوال وقد ضج البيت بصراخ أم محمد، فقد كانت تستمع المحادثة التي دارت بينهما.
أخذ أبو محمد يهدئها ويقول :
لا تقلقي، إنها إصابة بسيطة في رجله، وسوف يكلم عادل القائد وسيأخذونه ليعالج في الخارج فهو جريح حرب ،
قالت أم محمد والدموع تسيل من عينيها :
أرجو أن يكون كلامك صحيح .
وفي الغد اتصل علي بعادل
-- ما أخبار ولدي محمد ؟
-- لقد أكد الطبيب أن إصابته عميقة، ويجب إرساله إلى الخارج لتلقي العلاج .
--' وهل كلمت القائد بذلك؟
--- لقد حاولت الدخول عليه لكنهم لم يسمحوا لي .
--- ألم تخبرهم بوضع ولدي ليدخلوك ؟
--- نعم لقد أخبرتهم وألحيت عليهم ولكن القائد مشغول.
--- فلتحاول مرة أخرى .
ومرت الأيام ولم يستطع عادل مقابلة القائد، بعذر أنه مشغول وقد ساءت حالة محمد كثيرا
فقال الطبيب : إذا لم تسارعوا في نقله إلى الخارج هذا الأسبوع فسنضطر إلى بتر رجله .
حينها قرر أبو محمد أن يسفره على حسابه الخاص وأخذ يجمع كل ما يملك لكنها لم تكف، حينها قرر أن يبيع بيته.
فلما علم جاره أبو عادل جاءه منزعجا وقال :لماذا ستبيع بيتك ؟
إذا كان بسبب عدم وجود المال الكافي لسفر ابنك فهذا ما كنت أجمعه خلال سنين .
قال علي : يا لك من جار وفي لكن لا أريد مالك فأنت مثلي ليس لديك إلا هذا، ولن تستطيع العيش بدونه .
ثم باع بيته بمبلغ زهيد ليستعجل في علاج ولده.
وبينما هم يستعدون للانطلاق للمطار جاءه جاره الشاب عادل وقد ترك الجبهة.
فقال له : خذ يا أبا محمد هذا المبلغ مني مساهمة في علاج صديقي محمد.
قال علي :من أين أتيت بهذا المال ؟
قال عادل :لقد بعت سلاحي .
قال علي :وكيف ستقاتل وأنت بغير سلاح ؟
قال عادل :لا تخف . لقد قررت أن لا أذهب الي القتال مرة أخرى، فوطن ستحميه لابد أن يحميك أما وطن لا يحميك فلا يستحق أن تدفع روحك ثمن لحمايته .

أسامة ناصر الوليدي