آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-04:27م

أدب وثقافة


إنها أنثى (قصة قصيرة) قلم

الإثنين - 24 سبتمبر 2018 - 03:26 م بتوقيت عدن

إنها أنثى (قصة قصيرة) قلم
"تعبيرية"

كتب/عصام عبدالله مسعد مريسي

ما إن اقترب موعد الولادة حتى تأزمت النفوس وارتفعت وثيرة القلق والخوف من انهيار العلاقات وسريان الضياع والفرقة التي فد تهدد المنزل وافتراق الأم التي لا حيلة لها ولا ذنب غير أنها ترزق بمواليد إناث ، الزوجة أم البنات تعيش حالة من القلق كلما مرت الأيام وحان موعد الطلق وهي تعاني من ألامه تخاطب أمها علها تواسيها:

ما الحل إن كان المولود أنثى ..

الأم تطمئن أبنتها ، وقبل أن تتفوه الأم بكلمات تواسي فيها ابنتها . تستدرك أم البنات قائلة لأمها :

لقد توعد بالطلاق إن كان المولود أنثى

تمدِّ الأم العجوز يدها لتمسح على رأس أبنتها أم البنات وتشدُّ من أزرها:

لا تقلقي .. حبيبتي ، سيجعل الله لنا مخرج

يشتد الطلق وتتقارب لحظات قدوم المولود الجديد الذي بنوعه سيعمق علاقات الزوجين ويشد من كيان الأسرة أو سيفرقها ويسري فيها الشتات ، وأم البنات تعاني ويشتد عليها الألم :

اّه .. اّه .. هذه المرة الألم شديد

الجميع خارج الغرفة التي تتمخض فيها أم البنات ينتظرون الخبر الزوج في حالة من القلق يقلب كفيه ، يجلس لبرهةً حتى ينهض نحو باب الغرفة المغلق علها يسمع ما يسر نفسه والجدة تبشره كما يتخيل:

إنه ولد .. لقد رزقت بذكر سيحمل اسمك

لكن البشارة تأخرت ولم تخرج الجدة لتبشره فيعود ليجلس مرةً أخرى على متكئة في غرفة الجلوس ، يسحب عود سيجارة من محفظته وقبل أن يشعل النار فيه يرميه من فوره نحو طفاية السيجارة ويتجه بنظره نحو صالة المنزل الممتلئة بنساء العائلة اللاتي جئن للمساعدة وحولهم بناته الست وكلما أحصاهم وجد العدد تضاعف إلى السبع هذا الاحساس الهبه وزاد من قلقه مع تأخر الجدة في الخروج والإعلان عن نوع المولود.

الصمت قد استحكم لحظات المخاض ولم يكسره إلا صرخات المولود الجديد ينهض الزوج المتلهف لمعرفة نوع مولده الجديد ليقف خلف باب الغرفة التي تمخضت فيه زوجته لكن الخبر تأخر ولم يستطع الانتظار يحاول فتح الباب والدخول فإذا بزوجته تنظر إليه وهي شاره ببصرها نحو أركان الغرفة ثم تتجه به نحو المولود الجديد وتحدق ببصرها نحو والدتها علها تتلطف بنقل الخبر, تحاول الجدة الأم نقل الخبر:

مبارك يا أبو البنات  

ترتسم الفرحة على وجهه  وتنفرج شفتيه لتبدي شيء من أسنانه التي عليها غبرة القات ودكانة الشمة , فتستحي الجدة من نقل الخبر وتصرف بصرها نحو المولود وابنتها وتبدو على ملامح وجهها الهم والكدر وهي تحاول اخفاؤهما في ابتسامة صفراء تشدو من تجاعيد وجنتيها، يرتفع صراخ المولود، يقترب منه ليلقي نظرة عليه يتفحصه  فإذا بالمولود انثى وليس ثمة اّلة الذكورة، من فوره ينهض وهو ثائر وبكلمات ساخطة على المقادير:

أنتِ لا تعرفين إلا انجاب الاناث .. أنتِ طالق  ,, طالق

كلماته تقع كالصاعقة على مسامع الزوجة والجدة الأم , مسرعاً يحاول ترك المنزل وفي طريقه يصطدم بكل الحاضرين وبناته الست في صمت مما يبدو من ابيهم وقبل أن يفارق المنزل يقف على عتبة الباب ثم يستدير وهو يصرخ:

عندما أعود لا أريد أن أراك في المنزل .. عودي إلى منزل أبوك

الصمت مازال هو سيد الحاضرين ومدامع الزوجة امتلأت بالدموع وبناتها يسرعن يلتففن حولها ليمسحن دموعها فتشعر بشيء من الراحة فتضمهن إليها والجدة الأم تشهد الموقف في صمت وحزن عميقين.