آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-12:05م

دولية وعالمية


“أرشيف الشر” يفضح الأسد.. الكشف عن وثائق سرية بشأن أوامر القتل والتعذيب

الإثنين - 24 سبتمبر 2018 - 06:17 ص بتوقيت عدن

“أرشيف الشر” يفضح الأسد.. الكشف عن وثائق سرية بشأن أوامر القتل والتعذيب

( عدن الغد) وكالات :

جمعت منظمة تعمل بتمويل بريطاني، أكثر من مليون صفحة من الوثائق، التي تُدين الرئيس السوريبشار الأسد ونظامه منذ السنة الأولى من الحرب الأهلية، وفقًا لما ذكرته صحيفة “التايمز” البريطانية.

 

وكشفت الصحيفة يوم الأحد، أن “الوثائق التي تحتوي على ما تقشعر له الأبدان، محفوظة داخل صناديق كرتونية وموضوعة على رفوف معدنية يبلغ عددها 265 رفًا تقع داخل قبو مقفل، ومراقب بواسطة كاميرات في مكان سري في مدينة أوروبية، إذ يُعد المكان أكبر مخبأ على الإطلاق لوثائق تم جمعها من حرب لا تزال مستمرة”.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق التي وصفتها بـ”أرشيف الشر” تحمل معظمها ختم النظام السوري، وبعضها يحمل توقيع الأسد شخصيًا، كما تتضمن محاضر اجتماعات سرية للغاية، تفصّل التعذيب والقتل الممنهج لما يعتبرهم النظام السوري أعداء له”.

 

الانطلاقة

وتعود فكرة “أرشفة الشر”، إلى شخص يدعى بيل وايلي (54 عامًا)، وهو جندي كندي سابق ومحقق في جرائم الحرب، أسس المشروع السري لجمع الأدلة على جرائم حرب الأسد.

 

وجمع وايلي من الأدلة ما يثبت “مئات المرات أن الأسد يسيطر تمامًا على كل ما يحدث في النظام، وهو مسؤول عن جرائم قتل تفوق أكثر بكثير تلك التي نفذها تنظيم داعش”، بحسب صحيفة “التايمز”.

 

وأوضحت الصحيفة نقلًا عن وايلي أنه “تم جمع الوثائق وتهريبها من قبل السوريين داخل البلاد، الأمر الذي كلّف البعض حياتهم، بينما لا يزال اثنان ممن تعاونوا مع وايلي، في معتقلات النظام”.

 

ويقطن الجندي الكندي السابق في مقر مجهول، حيثُ لا توجد لوحة تعريف على الباب أو هواتف على المكتب.

 

وأجري مسح رقمي لكل صفحة تم تهريبها، بهدف إنشاء أرشيف إلكتروني تتم حمايته برموز قبل أن يتم تخزينها بصناديق، وذلك في مشروع كلّف نحو 23 مليون يورو.

 

وبدأ المشروع مع بداية الأزمة السورية في العام 2011، بتمويل بريطاني وبالتعاون مع الجيش السوري الحر، حيث درب وايلي 60 متطوعًا لهذا الغرض.

 

وقال وايلي:”كان أكثر أمر رغبنا بأن يركز المتطوعون عليه الوثائق التي يصدرها النظام، لأن ما نحتاجه هو توفير أدلة تدين النظام”، مضيفًا أن الوثائق “تكشف كيف تتحرك الأوامر وصولًا للقمة.. وأصبح لدينا الآن تصور جيد للغاية عن كيفية عمل النظام السوري”.

 

الخلية المركزية

وكشفت الوثائق أنه في الأيام الأولى للاحتجاجات في شهر آذار/ مارس من العام 2011، أسس الأسد الخلية المركزية لإدارة الأزمة السورية “CCMC”  كنوع من مجلس وزارة حرب.

 

وكان أعضاء الخلية يجتمعون كل ليلة تقريبًا في مكتب في الطابق الأول من القيادة الإقليمية لحزب البعث وسط دمشق، ويناقشون إستراتيجيات لسحق المعارضة، الأمر الذي كان يتطلب معلومات تفصيلية عن كل عملية احتجاج، بحسب الوثائق المكشوفة.

 

وطالبت الخلية بتقارير من لجان الأمن، ووكلاء الاستخبارات في كل محافظة، وهو الأمر الذي كشفته الوثائق التي توضح أيضًا “كيف كانت تلك التقارير تنتقل بين أعلى وأسفل الهرم القيادي مع هبوط الأوامر وصعودها وفقًا للتقارير التي تظهر نجاح عملية القمع”.

 

ويقول وايلي:”السؤال هو من يتحكم في الخلية المركزية لإدارة الأزمة.. والأدلة الساحقة تكشف أنه الأسد، حتى لو لم يكن يحضر الاجتماعات، فإننا نعلم أنه تلقّى محاضر للاجتماعات، و وقّع على التوصيات”.

 

وعلى النقيض من التقارير المبكرة التي تفيد أن السلطة الحقيقية تكمن مع شقيقه ماهر وهو قائد الحرس الجمهوري، كشفت الأوراق -بحسب وايلي- أن “الأسد ليس زعيمًا صوريًا، بل لديه سلطة فعلية وقانونية وهو يمارسها”.

 

وبين أن “الكل يتحدث عن ماهر، لكننا لم نعثر على أي أدلة تدينه على الإطلاق، وعلى النقيض، لدينا الكثير على الأسد، والأمر يشبه اتهام الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش، الذي كان غير عملي ومعقد للغاية”.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن “أحد زملاء وايلي قال مؤخرًا، إن لديهم مواد أكثر من تلك المستخدمة في محاكمات نورنبيرغ، وهي من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر”.

 

ونوه وايلي إلى أنه “كان لدى محاكمات نورنبيرغ المزيد من الوثائق والسجلات، لأن الدولة الألمانية انهارت، لكن مع التكنولوجيا الحديثة، نحن أكثر قدرة على إنشاء قاعدة بيانات، ولم أرَ أبدًا مثل هذه القاعدة الوثائقية القوية لقضية في مسيرتي المهنية”.

 

القيصر

والوثائق المؤرشفة مدعمة بنحو 55 ألف صورة، عمل على تهريبها من سوريا ضابط في الشرطة العسكرية معروف بـ”القيصر” وهو اسم مستعار، حيث صوّر جثث المعتقلين التي يصل عددها أحيانًا إلى 50 جثة في اليوم الواحد، والتي تقوم أجهزة الأمن بإيصالها للمستشفيات العسكرية.

 

وتوضح الوثائق والصور أنه كان لكل جثة رقم فريد مكون من 4 خانات مكتوب على شريط لاصق أو مباشرة على جلد الجبهة بقلم تحديد سميك، إضافة إلى وجود رقم آخر يدل على فرع الاستخبارات الذي قتل فيه الفرد.

 

الأسد وليس داعش

وتشير  الصحيفة إلى أن “الكثير من المعتقلين تعرضوا قبل موتهم للضرب والتشويه والحرق والإصابة بأعيرة نارية، بحسب ما قاله الكثير من السوريين الهاربين، لكن دون دليل يؤكد ذلك.

 

وفي العام 2014، قامت منظمة وايلي، وهي لجنة العدالة والمساءلة الدولية “CIJA” بتوسيع نطاق تحقيقاتها لتشمل تنظيم داعش.

 

ووافقت حكومة بغداد مؤخرًا على منح وايلي حق الوصول إلى جميع الوثائق التي تم الوصول إليها في العراق، وهي في طريقها للحصول على تصريح من أجل رقمنتها.

 

وقال وايلي:”يحظى داعش بالاهتمام في الغرب بسبب طريقة ترويجه لأعماله عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وطرقه في قتل الناس مثل حرق الأحياء، لكن الغالبية الساحقة من الجرائم التي ارتكبت في سوريا كانت من قبل نظام الأسد، وليس تنظيم داعش”.

 

وأعرب الجندي السابق عن “قلقه من أنه بعد كل هذا العمل والمخاطرة، يبدو من غير المرجح أن الأسد سيواجه المحاكمة، خاصة بعدما أعدت المنظمة التي ينتمي إليها موجزًا قانونيًا مؤلفًا من 499 صفحة يقدم سجلًا للتعذيب الذي ترعاه الدولة، الذي بالكاد يمكن تخيله من حيث نطاقه ووحشيته”، على حد تعبير الصحيفة.

 

وأضاف وايلي:”كان الأمر محبطًا للغاية، لقد انتظرنا وقتًا طويلًا، ومن الواضح أننا عندما بدأنا، كنا نعتقد أننا سنشهد الإطاحة بالأسد وتقديمه للمحكمة الجنائية الدولية”.

 

انهيار وشيك

وتظهر الوثائق اللحظات التي أوشك فيها نظام الأسد على الانهيار، أولاها في العام 2013 عند تدخل حزب الله المدعوم من إيران لمساعدته، ثم في العام 2015 عند تدخل الروس بقوتهم الجوية.

 

وتقول الصحيفة إنه “بدلًا من إدانة الأسد القضائية، سيتم استخدام المعلومات في دعاوى قضائية مرتقبة في جميع أنحاء أوروبا لإدانة أشخاص في مستويات أدنى من الأسد في النظام، إضافة إلى عناصر داعش، حيث أن لدى المنظمة وحدة تتبع خاصة بها، حددت عددًا من الجناة الخطيرين جدًا من أجهزة الاستخبارات الأمنية، الذين دخلوا أوروبا”.

 

وقال وايلي:”سنشهد محاكمات الجناة في أوروبا، لكن هؤلاء جناة في المستوى الثالث في الحكومة، والمفارقة هي أننا سنقود للملاحقة القضائية أعضاء النظام ذوي المستوى المتوسط في أوروبا، في حين قد يفلت كبار اللاعبين في دمشق من العقاب”، على حد تعبيره.

 

واعترف وايلي أنه “أصبح من شبه المستحيل حاليًا الحصول على وثائق منبثقة عن النظام، حيثُ أن أحدثها هو من العام 2016 ولا يصله الآن سوى كميات قليلة غير مهمة”، لافتًا إلى أنه “سينهي تحقيقاته بشأن سوريا بحلول نهاية العام الجاري، وستتجه مؤسسته للتحقيقات في بورما وبوكو حرام في نيجيريا”.

 

واعتقد وايلي “أن الروس سيجدون في نهاية المطاف أن الأسد عائق، وسيقدّمونه من أجل التقارب مع الغرب لتخفيف العقوبات الاقتصادية”، مؤكدًا أن “العدالة قادمة للأسد، لكن لا أدري قد يستغرق الأمر سنتين أو 5 سنوات، لكنه لن يتجاوز الـ10 سنوات”.